العدد : ١٧٠٨١ - السبت ٢٨ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٧ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٨١ - السبت ٢٨ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٧ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

سوريا جديدة من دون مليشيات ومن دون تدخلات أجنبية!

‭ ‬{‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬حلم‭ ‬الشعب‭ ‬السوري‭ ‬بعد‭ ‬سقوط‭ ‬نظام‭ ‬الأسد‭ ‬هو‭ ‬بناء‭ ‬سوريا‭ ‬مدنية‭ ‬تعددية‭ ‬بكامل‭ ‬أرضها‭ ‬ووحدة‭ ‬شعبها‭ ‬وأن‭ ‬ينجلي‭ ‬عن‭ ‬سمائها‭ ‬سحاب‭ ‬مليشيات‭ ‬التأسلم‭ ‬السياسي‭ ‬أيا‭ ‬كان‭ ‬عنوانها‭ ‬شيعيا‭ ‬أو‭ ‬إخوانيا‭! ‬وأن‭ ‬تعيش‭ ‬سوريا‭ ‬الموحدة‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬التدخلات‭ ‬الأجنبية‭ ‬المتصارعة‭ ‬على‭ ‬أرضها‭ ‬بين‭ ‬أطماع‭ ‬في‭ ‬ثرواتها‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬جغرافيتها‭ ‬فإن‭ ‬سوريا‭ ‬الحلم‭ ‬للشعب‭ ‬السوري‭ ‬يبدو‭ ‬أنها‭ ‬بعيدة‭ ‬عن‭ ‬التحقق‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭! ‬ولكأن‭ ‬مظاهرات‭ ‬الشعب‭ ‬السوري‭ ‬في‭ ‬دمشق‭ ‬ومدن‭ ‬أخرى‭ ‬بعد‭ ‬سقوط‭ ‬النظام‭ ‬بحثا‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬الحلم‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬مؤجلا‭ ‬وسط‭ ‬الضبابية‭ ‬التي‭ ‬تحيط‭ ‬بأحمد‭ ‬الشرع‭ ‬رغم‭ ‬رسائله‭ ‬الأولى‭ ‬المطمئنة‭! ‬وبدء‭ ‬توافد‭ ‬وفود‭ ‬القوى‭ ‬الأجنبية‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬أمريكا‭ ‬للبحث‭ ‬عن‭ ‬مصالحها‭ ‬أو‭ ‬أطماعها‭ ‬فيما‭ ‬ترامب‭ ‬الرئيس‭ ‬المقبل‭ ‬يصرح‭ ‬بأن‭ ‬مفاتيح‭ ‬سوريا‭ ‬بيد‭ ‬تركيا‭! ‬ويؤكدها‭ ‬الرئيس‭ ‬التركي‭ ‬أردوجان‭ ‬بمفردات‭ ‬تدخلاته‭ ‬الخطابية‭ ‬وكأن‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬هو‭ ‬فتح‭ ‬لتركيا‭ ‬والحلم‭ ‬العثماني‭ ‬والرغبة‭ ‬بزيارة‭ ‬دمشق‭ ‬والصلاة‭ ‬في‭ ‬جامع‭ ‬الأمويين‭!‬

{‭ ‬الجولاني‭ ‬أو‭ ‬أحمد‭ ‬الشرع‭ ‬لا‭ ‬أحد‭ ‬يجزم‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬كان‭ ‬خطابه‭ ‬الجديد‭ ‬ينم‭ ‬عن‭ ‬تحول‭ ‬أم‭ ‬عن‭ ‬لبس‭ ‬لقناع‭ ‬جديد‭ ‬لأداء‭ ‬دور‭ ‬مطلوب‭ ‬من‭ ‬الداعم‭ ‬التركي‭ ‬ومن‭ ‬التوافق‭ ‬مع‭ ‬أمريكا‭ ‬لرفع‭ ‬اسمه‭ ‬وفصيله‭ ‬المليشياوي‭ ‬من‭ ‬قائمة‭ ‬الإرهاب‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬لذلك‭ ‬التفاهم‭ ‬ثمن‭ ‬يدفعه‭ ‬الحكم‭ ‬الجديد‭ ‬الذي‭ ‬قدم‭ ‬أوراق‭ ‬له‭ ‬‮«‬الشرع‮»‬‭ ‬اعتماده‭ ‬مسبقا‭ ‬للرئاسة‭ ‬في‭ ‬أول‭ ‬انتخابات‭ ‬قادمة‭ ‬لحكومة‭ ‬انتقالية‭ ‬وخاصة‭ ‬أنه‭ ‬جرى‭ ‬تلميعه‭ ‬ليصبح‭ ‬هو‭ ‬الرئيس‭ ‬وحينها‭ ‬كما‭ ‬يرى‭ ‬كثيرون‭ ‬سيظهر‭ ‬وجهه‭ ‬الحقيقي‭!‬

{‭ ‬تلك‭ ‬الأيام‭ ‬التي‭ ‬هزت‭ ‬سوريا‭ ‬وأسقطت‭ ‬نظام‭ ‬الأسد‭ ‬وبالوجوه‭ ‬التي‭ ‬دخلت‭ ‬الحكومة‭ ‬المؤقتة‭ ‬يتضح‭ ‬بعض‭ ‬ملامح‭ ‬القادم‭ ‬حيث‭ ‬الصبغة‭ ‬الإخوانية‭ ‬تدهن‭ ‬بدهانها‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬وجه‭ ‬سوريا‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬الحلم‭ ‬الشعبي‭ ‬السوري‭ ‬الذي‭ ‬ينتابه‭ ‬القلق‭ ‬وله‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬بما‭ ‬ستفرزه‭ ‬المرحلة‭ ‬القادمة‭ ‬من‭ ‬نمطية‭ ‬حكم‭ ‬جديد‭ ‬وكيف‭ ‬سيكون‭ ‬الدستور‭ ‬الجديد‭ ‬وهل‭ ‬بالإمكان‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬وحدة‭ ‬الشعب‭ ‬السوري‭ ‬ووحدة‭ ‬أراضيه‭ ‬واحتواء‭ ‬التنوع‭ ‬الذي‭ ‬فيه‭! ‬وإن‭ ‬كانت‭ ‬اليد‭ ‬الأمريكية‭ ‬والإسرائيلية‭ ‬والتركية‭ ‬والروسية‭ ‬ستضع‭ ‬ثقلها‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬الجديدة‭ ‬بحسب‭ ‬أجنداتها‭ ‬المختلفة‭ ‬والضاغطة‭ ‬والمتحالفة‭ ‬وإن‭ ‬كنا‭ ‬أمام‭ ‬النسخة‭ ‬الثانية‭ ‬من‭ ‬الخريف‭ ‬العربي‭ ‬الذي‭ ‬بدأ‭ ‬مساره‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬من‭ ‬فلسطين‭ ‬ثم‭ ‬لبنان‭ ‬وصولا‭ ‬إلى‭ ‬سوريا‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭! ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الإنهاك‭ ‬الذي‭ ‬أصاب‭ ‬البلد‭ ‬والشعب‭ ‬منذ‭ ‬2011‭! ‬أسئلة‭ ‬تبحث‭ ‬عن‭ ‬إجابة‭ ‬وستبقى‭ ‬مؤرقة‭ ‬حتى‭ ‬تتضح‭ ‬أوراق‭ ‬اللعب‭ ‬على‭ ‬رقعة‭ ‬الشطرنج‭ ‬ولعبة‭ ‬الأمم‭ ‬في‭ ‬الجغرافيا‭ ‬السورية‭ ‬والعربية‭!‬

{‭ ‬بايدن‭ ‬وإدارته‭ ‬التي‭ ‬ستوقع‭ ‬على‭ ‬أوراق‭ ‬الرحيل‭ ‬قريبا‭ ‬من‭ ‬الواضح‭ ‬أنه‭ ‬وإدارته‭ ‬لم‭ ‬يتركوا‭ ‬الأمر‭ ‬للإدارة‭ ‬القادمة‭ ‬برئاسة‭ ‬ترامب‭ ‬بل‭ ‬سرعان‭ ‬ما‭ ‬تم‭ ‬اللعب‭ ‬على‭ ‬مخطط‭ ‬أوباما‭ ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬امتداد‭ ‬له‭ ‬وهو‭ ‬مخطط‭ ‬psdll‭ ‬الذي‭ ‬تم‭ ‬وضعه‭ ‬لسيرورة‭ ‬الخريف‭ ‬العربي‭ ‬نسخة‭ ‬2011‭ ‬وحيث‭ ‬اللعب‭ ‬كان‭ ‬على‭ ‬ورقة‭ ‬التأسلم‭ ‬السياسي‭ ‬الشيعي‭ ‬والإخواني‭ ‬لتفتيت‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬وإشاعة‭ ‬الفوضى‭ ‬فيها‭ ‬وها‭ ‬هم‭ ‬الإخوان‭ ‬الذين‭ ‬تم‭ ‬دحرهم‭ ‬في‭ ‬مصر‭ ‬2012‭ ‬وفي‭ ‬تونس‭ ‬يعودون‭ ‬إلى‭ ‬الحكم‭ ‬من‭ ‬البوابة‭ ‬السورية‭ ‬وبصيغة‭ ‬مليشياوية‭ ‬أسقطت‭ ‬النظام‭ ‬السوري‭ ‬المجرم‭ ‬وأدارت‭ ‬خطاباتها‭ ‬الأولى‭ ‬بحرفية‭ ‬من‭ ‬يلعب‭ ‬على‭ ‬بث‭ ‬روح‭ ‬الطمأنينة‭ ‬وكلهم‭ ‬يفعلون‭ ‬ذلك‭ ‬قبل‭ ‬تسلم‭ ‬الحكم‭! ‬فإذا‭ ‬ما‭ ‬تسلموا‭ ‬الحكم‭ ‬ظهرت‭ ‬الأوراق‭ ‬القذرة‭ ‬التي‭ ‬توجههم‭ ‬إلى‭ ‬السطح‭!‬

{‭ ‬ولعل‭ ‬من‭ ‬اللافت‭ ‬ما‭ ‬قاله‭ ‬الرئيس‭ ‬المصري‭ ‬عبد‭ ‬الفتاح‭ ‬السيسي‭ ‬مع‭ ‬تصاعد‭ ‬الأحداث‭ ‬إن‭ ‬ما‭ ‬نعيشه‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬يشبه‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬1967،‭ ‬والقصد‭ ‬واضح‭ ‬وخاصة‭ ‬مع‭ ‬توسع‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬في‭ ‬جغرافيا‭ ‬فلسطين‭ ‬المحتلة‭ ‬ولبنان‭ ‬وسوريا‭! ‬وتصريحات‭ ‬إسرائيلية‭ ‬متعددة‭ ‬حول‭ ‬أن‭ ‬التهديد‭ ‬سيأتينا‭ ‬من‭ ‬سيناء‭!‬

كثيرون‭ ‬يتساءلون‭ ‬عن‭ ‬الدور‭ ‬العربي‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬وألا‭ ‬يكون‭ ‬تكرارا‭ ‬لما‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬وخاصة‭ ‬بعد‭ ‬2003‭! ‬وخاصة‭ ‬مع‭ ‬تلميحات‭ ‬أمريكية‭ ‬على‭ ‬لسان‭ ‬بلينكن‭ ‬بأن‭ ‬المنطقة‭ ‬يبدو‭ ‬أنها‭ ‬ذاهبة‭ ‬إلى‭ ‬التقسيم‭!‬

المليشيات‭ ‬التابعة‭ ‬لإيران‭ ‬أدت‭ ‬دورها‭ ‬في‭ ‬فوضى‭ ‬المنطقة‭ ‬كما‭ ‬اتضح‭ ‬وانتهى‭ ‬دورها‭ ‬والآن‭ ‬دور‭ ‬إعادة‭ ‬تدوير‭ ‬الإخوان‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬لترتيب‭ ‬فوضى‭ ‬جديدة‭ ‬تحقق‭ ‬الحلم‭ ‬الصهيوني‭ ‬في‭ ‬الخارطة‭ ‬العربية‭! ‬حتى‭ ‬وإن‭ ‬بدت‭ ‬التصريحات‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬الحكومة‭ ‬المؤقتة‭ ‬أو‭ ‬الشرع‭ ‬تقدم‭ ‬أوراق‭ ‬طمأنينة‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬زائفة‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬ينتبه‭ ‬الشعب‭ ‬السوري‭ ‬لبلده‭ ‬ومستقبله‭ ‬وسريعا‭!‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا