العدد : ١٧٠٨١ - السبت ٢٨ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٧ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٨١ - السبت ٢٨ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٧ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

سوريا بين فرحة التغيير وهواجس القادم!

{‭ ‬الأحداث‭ ‬المتسارعة‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬خلال‭ ‬أيام‭ ‬معدودة‭ ‬أثارت‭ ‬استغراب‭ ‬العالم،‭ ‬بل‭ ‬وحتى‭ ‬المعارضة‭ ‬المسلحة‭ ‬نفسها‭! ‬يراها‭ ‬البعض‭ ‬تشي‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬الاحتمالات‭ ‬وخاصة‭ ‬بما‭ ‬شابها‭ ‬من‭ ‬غرابة‭ ‬في‭ ‬سرعة‭ ‬حركتها‭ ‬التي‭ ‬وقعت‭ ‬خلالها‭ ‬في‭ ‬غضون‭ ‬أيام،‭ ‬أكبر‭ ‬المدن‭ ‬السورية‭ ‬مثل‭ ‬حلب‭ ‬وإدلب‭ ‬وحماة‭ ‬وبعدها‭ ‬حمص‭ ‬حتى‭ ‬إذا‭ ‬اقتربت‭ ‬من‭ ‬دمشق‭ ‬تسارعت‭ ‬الأحداث‭ ‬أكثر‭ ‬وخلال‭ ‬ساعات‭ ‬دخلت‭ ‬قوات‭ ‬هيئة‭ ‬تحرير‭ ‬الشام‭ ‬داخل‭ ‬دمشق‭ ‬إعلانا‭ ‬بسقوط‭ ‬نظام‭ ‬عائلة‭ ‬الأسد‭ ‬الذي‭ ‬دام‭ ‬54‭ ‬عاما‭ ‬فيما‭ ‬دام‭ ‬نظام‭ ‬بشار‭ ‬24‭ ‬عاما‭ ‬من‭ ‬2000‭ ‬إلى‭ ‬2024‭ ‬لتتضح‭ ‬أن‭ ‬إشاعات‭ ‬هروبه‭ ‬أصبحت‭ ‬مؤكدة‭ ‬بإعلان‭ ‬روسيا‭ ‬أنه‭ ‬تم‭ ‬قبول‭ ‬لجوئه‭ ‬هو‭ ‬وعائلته‭ ‬في‭ ‬موسكو‭!‬

{‭ ‬تحولات‭ ‬سريعة‭ ‬لكأنه‭ ‬مخاض‭ ‬طويل‭ ‬لثورة‭ ‬الشعب‭ ‬السوري‭ ‬التي‭ ‬دامت‭ ‬منذ‭ ‬2011‭ ‬وأوشك‭ ‬النظام‭ ‬على‭ ‬السقوط‭ ‬في‭ ‬2015‭ ‬لولا‭ ‬التدخلات‭ ‬الإيرانية‭ ‬وحزب‭ ‬الله‭ ‬وروسيا‭! ‬فإذا‭ ‬بالمشهد‭ ‬يتغير‭ ‬فجأة‭ ‬بعد‭ ‬إبرام‭ ‬اتفاق‭ ‬الهدنة‭ ‬بين‭ ‬لبنان‭ ‬والكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬فيبزغ‭ ‬فجأة‭ ‬في‭ ‬الإعلام‭ ‬العالمي‭ ‬اسم‭ ‬الجولاني‭ ‬الذي‭ ‬يقود‭ ‬هيئة‭ ‬تحرير‭ ‬الشام‭ ‬فيدخل‭ ‬المدن‭ ‬السورية‭ ‬بعنوان‭ ‬التحرير‭ ‬فيما‭ ‬الجيش‭ ‬السوري‭ ‬يترك‭ ‬مساحات‭ ‬وجوده‭ ‬فارغة‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬دمشق‭ ‬وضواحيها‭ ‬ولكأن‭ ‬دخول‭ ‬الجولاني‭ ‬كان‭ ‬متفقا‭ ‬عليه‭! ‬ومر‭ ‬بسلاسة‭ ‬دون‭ ‬مقاومة‭ ‬حقيقية‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬شبه‭ ‬حقيقية‭ ‬من‭ ‬الجيش‭ ‬السوري‭!‬

{‭ ‬بهجة‭ ‬الشعب‭ ‬السوري‭ ‬عمت‭ ‬الشوارع‭ ‬والمدن‭ ‬كلها‭ ‬وتحولت‭ ‬ساحة‭ ‬الأمويين‭ ‬إلى‭ ‬إعلان‭ ‬البهجة‭ ‬العارمة،‭ ‬فيما‭ ‬كانت‭ ‬السجون‭ ‬والمعتقلات‭ ‬وأهمها‭ ‬سجن‭ ‬صيدنايا‭ ‬التي‭ ‬تكاثرت‭ ‬الحكايات‭ ‬المأساوية‭ ‬فيه‭ ‬وحوله‭ ‬وما‭ ‬شابه‭ ‬من‭ ‬ظلام‭ ‬التعذيب‭ ‬والأسر‭ ‬والإعدامات‭ ‬واغتصاب‭ ‬حرائر‭ ‬سوريا‭! ‬بل‭ ‬إن‭ ‬الكاميرات‭ ‬كشفت‭ ‬عن‭ ‬معتقلات‭ ‬أخرى‭ ‬كثيرة‭ ‬منها‭ ‬سجن‭ ‬أسفل‭ ‬السفارة‭ ‬الإيرانية‭! ‬وسجن‭ ‬أسفل‭ ‬مكتب‭ ‬ماهر‭ ‬الأسد‭ ‬أخ‭ ‬الرئيس‭ ‬السابق‭ ‬بشار‭! ‬ولكأن‭ ‬تلك‭ ‬السجون‭ ‬في‭ ‬أقببتها‭ ‬وظلامية‭ ‬ما‭ ‬دار‭ ‬فيها‭ ‬اختزلت‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬عذابات‭ ‬ومكابدات‭ ‬الشعب‭ ‬السوري‭ ‬الذي‭ ‬تحول‭ ‬أغلبه‭ ‬بين‭ ‬لاجئ‭ ‬ونازح‭ ‬ومهاجر‭ ‬ومن‭ ‬بقي‭ ‬عاش‭ ‬مرارة‭ ‬الجوع‭ ‬والحصار‭ ‬وحياة‭ ‬الخيام‭ ‬والأمكنة‭ ‬المدمرة‭ ‬دون‭ ‬سقف‭ ‬يأويه‭!‬

{‭ ‬لذلك‭ ‬كانت‭ ‬فرحة‭ ‬الشعب‭ ‬السوري‭ ‬بسقوط‭ ‬نظام‭ ‬الأسد‭ ‬فرحة‭ ‬استثنائية‭ ‬طال‭ ‬أمد‭ ‬انتظارها،‭ ‬وشاركت‭ ‬كل‭ ‬الشعوب‭ ‬العربية‭ ‬تلك‭ ‬الفرحة‭ ‬لبزوغ‭ ‬فجر‭ ‬جديد‭ ‬لسوريا‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬مرتهنة‭ ‬لنظام‭ ‬دموي‭ ‬ولجرائم‭ ‬إيران‭ ‬وأذرعها‭ ‬خاصة‭ ‬حزب‭ ‬اللات‭ ‬ولمصالح‭ ‬إقليمية‭ ‬ودولية‭ ‬عاثت‭ ‬إرهابا‭ ‬وفسادا‭ ‬وإفسادا‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬حياة‭ ‬الشعب‭ ‬السوري‭ ‬الذي‭ ‬يستحق‭ ‬بجدارة‭ ‬صبره‭ ‬وتاريخه‭ ‬وحضارته‭ ‬ما‭ ‬ينتظره‭ ‬في‭ ‬وطنه‭! ‬وما‭ ‬وعدت‭ ‬به‭ ‬المعارضة‭ ‬بعد‭ ‬إسقاط‭ ‬النظام‭ ‬من‭ ‬التغيير‭ ‬الإيجابي‭ ‬في‭ ‬هيكلية‭ ‬الدستور‭ ‬وعودة‭ ‬السيادة‭ ‬والاستقلال‭ ‬ووحدة‭ ‬الشعب‭ ‬والأراضي‭ ‬السورية‭.‬

{‭ ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬نشوة‭ ‬الشعب‭ ‬السوري‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يملك‭ ‬إلا‭ ‬التفاؤل‭ ‬بصناعة‭ ‬مستقبله‭ ‬الجديد‭ ‬وبدعم‭ ‬سعودي‭ ‬خليجي‭ ‬منتظر‭ ‬إلى‭ ‬حين‭ ‬اكتمال‭ ‬عودته‭ ‬إلى‭ ‬الحضن‭ ‬العربي،‭ ‬وانكشاف‭ ‬الغموض‭ ‬حول‭ ‬القادم‭ ‬ومدى‭ ‬قدرة‭ ‬المعارضة‭ ‬‮«‬هيئة‭ ‬تحرير‭ ‬الشام‮»‬‭ ‬على‭ ‬تنفيذ‭ ‬الوعود‭ ‬بعد‭ ‬دخولها‭ ‬السلطة‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬صراعات‭ ‬المليشيات‭ ‬وفوضى‭ ‬المشهد‭ ‬بتدخلات‭ ‬مرشحة‭ ‬من‭ ‬أمريكا‭ ‬والكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬وتركيا‭! ‬بما‭ ‬يضع‭ ‬القاطرة‭ ‬السورية‭ ‬على‭ ‬خط‭ ‬التقسيم‭!‬

{‭ ‬والهواجس‭ ‬الأخرى‭ ‬التي‭ ‬تثير‭ ‬القلق‭ ‬تطل‭ ‬برأسها‭ ‬اليوم‭ ‬خوفا‭ ‬من‭ ‬تحول‭ ‬سوريا‭ ‬إلى‭ ‬بؤرة‭ ‬إرهاب‭ ‬جديد‭ ‬تعج‭ ‬بالفصائل‭ ‬والمليشيات‭! ‬وتهدد‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬استقراره‭ ‬ووحدة‭ ‬سوريا‭ ‬وإنما‭ ‬الدول‭ ‬المجاورة‭! ‬أو‭ ‬أن‭ ‬يصل‭ ‬صراعها‭ ‬المستقبلي‭ ‬إلى‭ ‬نشوب‭ ‬حرب‭ ‬أهلية‭! ‬وخاصة‭ ‬أن‭ ‬اليد‭ ‬التركية‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬واليد‭ ‬الأمريكية‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى‭ ‬واليد‭ ‬الصهيونية‭ ‬للكيان‭ ‬متشابكة‭ ‬مع‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬فصائل‭ ‬هيئة‭ ‬تحرير‭ ‬الشام‭ ‬والمخاوف‭ ‬من‭ ‬عودة‭ ‬داعش‭ ‬فزاعة‭ ‬للتدخلات‭ ‬الدولية‭ ‬بحجة‭ ‬محاربة‭ ‬الإرهاب‭ ‬وحيث‭ ‬الجولاني‭ ‬تاريخيا‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬عناصر‭ ‬القاعدة‭ ‬مرة‭ ‬وداعش‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬ثم‭ ‬تنظيم‭ ‬النصرة‭ ‬الذي‭ ‬انشق‭ ‬عنها‭ ‬جميعا‭ ‬الجولاني‭ ‬ليشكل‭ ‬جبهة‭ ‬تحرير‭ ‬الشام‭ ‬ثم‭ ‬هيئة‭ ‬تحرير‭ ‬الشام‭ ‬التي‭ ‬تضم‭ ‬27‭ ‬تنظيما‭ ‬مليشياويا‭! ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬وغيره‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الصراع‭ ‬الدولي‭ ‬بين‭ ‬روسيا‭ ‬وأمريكا‭ ‬والأطماع‭ ‬التركية‭ ‬وأطماع‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬الذي‭ ‬سارع‭ ‬بدخول‭ ‬أرض‭ ‬سوريا‭ ‬بحجة‭ ‬أمنها‭! ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬تحركات‭ ‬إيرانية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬وكلائها‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬خسرت‭ ‬سوريا،‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬يثير‭ ‬هواجس‭ ‬القلق‭ ‬من‭ ‬القادم‭ ‬ولنا‭ ‬حولها‭ ‬وقفة‭ ‬أخرى‭! ‬ودون‭ ‬التقليل‭ ‬من‭ ‬الفرح‭ ‬المستحق‭ ‬الذي‭ ‬يعيشه‭ ‬الشعب‭ ‬السوري‭ ‬حاليا‭!‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا