العدد : ١٧٠٨١ - السبت ٢٨ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٧ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٨١ - السبت ٢٨ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٧ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

أمن الخليج العربي واستقراره والمنطقة العربية!

‭ ‬{‭ ‬قمة‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬في‭ ‬الكويت‭ ‬جاءت‭ ‬والتحديات‭ ‬السياسية‭ ‬والأمنية‭ ‬تزداد‭ ‬صعوبة‭ ‬مع‭ ‬دخول‭ ‬سوريا‭ ‬مجددا‭ ‬إلى‭ ‬خط‭ ‬الأزمة‭ ‬أو‭ ‬الفوضى‭ ‬بما‭ ‬يعيد‭ ‬المشهد‭ ‬إلى‭ ‬الأجواء‭ ‬الساخنة‭ ‬في‭ ‬2011‭! ‬والتي‭ ‬أدت‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬إلى‭ ‬تدمير‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬بنيتها‭ ‬التحتية‭ ‬ونزوح‭ ‬الملايين‭ ‬من‭ ‬شعبها‭ ‬وخروج‭ ‬ملايين‭ ‬أخرى‭ ‬إلى‭ ‬بلدان‭ ‬اللجوء‭! ‬ولعل‭ ‬الدرس‭ ‬القاسي‭ ‬الذي‭ ‬أخذته‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬من‭ ‬فوضى‭ ‬أحداث‭ ‬ما‭ ‬سمي‭ ‬بالربيع‭ ‬العربي‭ ‬والذي‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬ترسيخ‭ ‬الفوضى‭ ‬والمتغيرات‭ ‬الجيوسياسية‭ ‬ودمار‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬وخروجها‭ ‬من‭ ‬دائرة‭ ‬الأمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬اليوم‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬حريصة‭ ‬على‭ ‬التصدي‭ ‬لكل‭ ‬التحديات‭ ‬السياسية‭ ‬والأمنية‭ ‬وتحقيق‭ ‬الاستقرار‭ ‬لأنها‭ ‬وحدها‭ ‬اليوم‭ ‬وبعد‭ ‬إعادة‭ ‬مخططات‭ ‬التدمير‭ ‬التي‭ ‬نالت‭ ‬غزة‭ ‬منها‭ ‬النصيب‭ ‬الأكبر،‭ ‬ثم‭ ‬لبنان‭ ‬واليوم‭ ‬سوريا‭ ‬تقف‭ ‬وحدها‭ ‬متماسكة‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬فيما‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭ ‬تتدحرج‭ ‬مجددا‭ ‬نحو‭ ‬ساحة‭ ‬الأزمات‭ ‬الكبرى‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يعرف‭ ‬أحد‭ ‬من‭ ‬سيكون‭ ‬عليه‭ ‬الدور‭ ‬بعد‭ ‬فلسطين‭ ‬ولبنان‭ ‬وسوريا‭ ‬واستهداف‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬فيها‭ ‬بشكل‭ ‬متعمد‭ ‬وإحداث‭ ‬التدمير‭ ‬الكامل‭ ‬وقتل‭ ‬المدنيين‭ ‬بما‭ ‬لا‭ ‬يتناسب‭ ‬مع‭ ‬حجة‭ ‬مواجهة‭ ‬إيران‭ ‬ومليشياتها‭!‬

{‭ ‬من‭ ‬المهم‭ ‬بذل‭ ‬كل‭ ‬المساعي‭ ‬الخليجية‭ ‬والعربية‭ ‬لوضع‭ ‬الحلول‭ ‬السلمية‭ ‬العادلة‭ ‬سواء‭ ‬بما‭ ‬يخص‭ ‬فلسطين‭ ‬والشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬أو‭ ‬بما‭ ‬يخص‭ ‬وحدة‭ ‬الأراضي‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ ‬وسوريا‭ ‬وضمان‭ ‬السيادة‭ ‬على‭ ‬كامل‭ ‬الأراضي‭ ‬في‭ ‬البلدين‭ ‬وتحقيق‭ ‬الأمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬والتنمية‭ ‬لأن‭ ‬الخليج‭ ‬القوي‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يحافظ‭ ‬على‭ ‬قوته‭ ‬إلا‭ ‬باستقرار‭ ‬المنطقة‭ ‬وفك‭ ‬الأزمات‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬المحيطة‭ ‬به‭! ‬والمنطق‭ ‬يقول‭ ‬إن‭ ‬الحلقات‭ ‬المتراصة‭ ‬إن‭ ‬ضعفت‭ ‬أو‭ ‬تدمرت‭ ‬فلن‭ ‬يبقى‭ ‬للحلقة‭ ‬القوية‭ ‬قدرتها‭ ‬على‭ ‬البقاء‭ ‬بشكل‭ ‬قوي‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الضعف‭ ‬والإضعاف‭ ‬المتعمد‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬المصالح‭ ‬الدولية‭ ‬المتضاربة‭ ‬التي‭ ‬ما‭ ‬إن‭ ‬تفكك‭ ‬الحلقات‭ ‬العربية‭ ‬الأضعف‭ ‬حتى‭ ‬تلتفت‭ ‬إلى‭ ‬استهداف‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬نفسه‭! ‬وهذا‭ ‬يؤكد‭ ‬أن‭ ‬الأمن‭ ‬العربي‭ ‬مترابط‭ ‬رغم‭ ‬كل‭ ‬المقولات‭ ‬التي‭ ‬تضع‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬العربي‭ ‬على‭ ‬رف‭ ‬التهميش‭ ‬والنسيان‭! ‬ومن‭ ‬لا‭ ‬يصدِّق‭ ‬فليراجع‭ ‬خطابات‭ ‬الصهاينة‭!‬

{‭ ‬لكي‭ ‬يبقى‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬آمنا‭ ‬ومستقرا‭ ‬فإن‭ ‬دوره‭ ‬تجاه‭ ‬نفسه‭ ‬يرتبط‭ ‬بدوره‭ ‬العربي‭ ‬والإقليمي‭ ‬والدولي‭! ‬وحيث‭ ‬كما‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬إعلان‭ ‬الكويت‭ ‬أول‭ ‬شهر‭ ‬ديسمبر‭ ‬وهو‭ ‬يعطي‭ ‬القيمة‭ ‬الحقيقية‭ ‬لتعزيز‭ ‬وتحقيق‭ ‬التكامل‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬والسياسي،‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬الهوية‭ ‬والموروث‭ ‬الخليجي‭ ‬والثقافة‭ ‬العربية‭ ‬الأصيلة‭ ‬ومنظومة‭ ‬القيم‭ ‬الإسلامية‭ ‬وتعزيز‭ ‬التكامل‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬والابتكار‭ ‬والاقتصاد‭ ‬الرقمي‭ ‬وإعطاء‭ ‬الأهمية‭ ‬لدور‭ ‬الجامعات‭ ‬ومراكز‭ ‬الأبحاث‭ ‬والمفكرين‭ ‬وقادة‭ ‬الرأي‭ ‬فإن‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬يحتاج‭ ‬اليوم‭ ‬وبناء‭ ‬على‭ ‬المنجزات‭ ‬الخليجية‭ ‬السابقة‭ ‬إلى‭ ‬الانتقال‭ ‬من‭ ‬التعاون‭ ‬إلى‭ ‬الاتحاد‭ ‬والتكامل‭ ‬الحقيقي‭ ‬وخاصة‭ ‬أن‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬ضعف‭ ‬وانهيار‭ ‬الوسط‭ ‬العربي‭ ‬المحيط‭ ‬وحده‭ ‬الصامد‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬كما‭ ‬قلنا،‭ ‬ووحده‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬رغم‭ ‬كل‭ ‬الصعوبات‭ ‬والثغرات‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬يبقي‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬قائما‭ ‬وناجحا‭ ‬ككيان‭ ‬عربي‭ ‬وحدوي‭!‬

{‭ ‬مع‭ ‬تجربة‭ ‬الفوضى‭ ‬الأولى‭ ‬التي‭ ‬أطلقتها‭ ‬كوندليزا‭ ‬رايس،‭ ‬وخرجت‭ ‬دول‭ ‬عربية‭ ‬بسببها‭ ‬من‭ ‬قائمة‭ ‬الاستقرار‭ ‬إلى‭ ‬قائمة‭ ‬الدول‭ ‬الضعيفة‭ ‬والمنهارة‭ ‬فإن‭ ‬تجربة‭ ‬الفوضى‭ ‬الثانية‭ ‬التي‭ ‬أطلقها‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬قبل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬وصلت‭ ‬اليوم‭ ‬إلى‭ ‬المحطة‭ ‬السورية‭ ‬وقطار‭ ‬التدمير‭ ‬سائر‭ ‬في‭ ‬طريقه‭ ‬بقوة‭ ‬نحو‭ ‬تنفيذ‭ ‬خارطة‭ ‬نتنياهو‭ ‬وتصريحات‭ ‬متطرفي‭ ‬حكومته‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬جغرافيا‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭! ‬وخاصة‭ ‬مع‭ ‬وصول‭ ‬ترامب‭ ‬بنسخته‭ ‬الثانية‭ ‬وقد‭ ‬صرح‭ ‬بدعم‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬تطلعاته‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬تدمير‭ ‬ليس‭ ‬غزة‭ ‬وحدها‭ ‬بما‭ ‬لم‭ ‬يشهده‭ ‬التاريخ‭ ‬سابقا،‭ ‬وإنما‭ ‬بدفع‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬أو‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬ثمن‭ ‬الجحيم‭!‬

{‭ ‬من‭ ‬هنا‭ ‬تنبع‭ ‬الأهمية‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬يبقى‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬قويا‭ ‬ومتماسكا‭ ‬ومتوحدا‭ ‬في‭ ‬رؤيته‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬تجاه‭ ‬التحديات‭ ‬القادمة‭ ‬والتحرك‭ ‬الجماعي‭ ‬خليجيا‭ ‬وعربيا‭ ‬وإسلاميا‭ ‬للضغط‭ ‬الحقيقي‭ ‬لتحقيق‭ ‬السلام‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭ ‬ولبنان‭ ‬وسوريا،‭ ‬بل‭ ‬وفي‭ ‬السودان‭ ‬وليبيا‭ ‬وبقية‭ ‬حلقات‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬التي‭ ‬دخلت‭ ‬ساحة‭ ‬التدمير‭ ‬الممنهج‭ ‬لإمكانياتها‭ ‬وسيادتها‭ ‬واستقلالها‭! ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬المعرفة‭ ‬المؤكدة‭ ‬أن‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬لكي‭ ‬يبقى‭ ‬آمنا‭ ‬ومستقرا‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬تحقيق‭ ‬الأمن‭ ‬العربي‭ ‬واستقراره‭ ‬دوله‭! ‬ولابد‭ ‬من‭ ‬رؤية‭ ‬خليجية‭ ‬موحدة‭ ‬وتوحيد‭ ‬المواقف‭ ‬من‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬القادمة،‭ ‬ومن‭ ‬نسخة‭ ‬ترامب‭ ‬الجديدة‭! ‬الذي‭ ‬يبدو‭ ‬أنه‭ ‬قادم‭ ‬بموقف‭ ‬أمريكي‭ ‬منحاز‭ ‬تماما‭ ‬للتطرف‭ ‬الصهيوني‭ ‬ومخططات‭ ‬كيانه‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭! ‬وحتى‭ ‬لا‭ ‬تنفرط‭ ‬حبات‭ ‬المسبحة‭ ‬فتتدحرج‭ ‬في‭ ‬القادم‭ ‬من‭ ‬الأيام‭ ‬دولا‭ ‬عربية‭ ‬أخرى‭ ‬بعد‭ ‬سوريا‭ ‬وحيث‭ ‬حجج‭ ‬التدمير‭ ‬الصهيونية‭ ‬تبتكر‭ ‬كل‭ ‬مرة‭ ‬أسبابا‭ ‬جديدة‭ ‬لاستهداف‭ ‬دولنا‭! ‬وهي‭ ‬ذاتها‭ ‬التي‭ ‬تصنع‭ ‬الإرهاب‭ ‬وتدعم‭ ‬المليشيات‭ ‬ثم‭ ‬تأتي‭ ‬لتدمر‭ ‬دولنا‭ ‬بحجة‭ ‬محاربتها‭!‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا