العدد : ١٧٠٨١ - السبت ٢٨ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٧ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٨١ - السبت ٢٨ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٧ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

الحياة جميلة بالبشر!

{‭ ‬خلق‭ ‬الله‭ ‬الخليقة‭ ‬من‭ ‬سماوات‭ ‬وأرض‭ ‬وما‭ ‬بينهما‭ ‬ومن‭ ‬مخلوقات‭ ‬مختلفة‭ ‬وكثيرة‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬وفي‭ ‬باطنها‭ ‬وفي‭ ‬البحار‭ ‬وأعماقها‭ ‬السحيقة‭! ‬وخلق‭ ‬الملائكة‭ ‬والشياطين‭ ‬والجن‭ ‬وأمما‭ ‬أخرى‭ ‬لا‭ ‬نعرفها‭! ‬خلق‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬ليجعل‭ ‬الله‭ ‬الإنسان‭ ‬أكرم‭ ‬خلقه‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬وخليفته‭ ‬فيها‭ ‬وليجعل‭ ‬الملائكة‭ ‬تسجد‭ ‬لآدم‭ ‬إلا‭ ‬إبليس‭ ‬الذي‭ ‬أبى‭ ‬واستكبر‭! ‬مما‭ ‬يدل‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬الأهمية‭ ‬التي‭ ‬أولاها‭ ‬الله‭ ‬للإنسان‭ ‬الذي‭ ‬حباه‭ ‬بالإرادة‭ ‬والاختيار‭ ‬بين‭ ‬الخير‭ ‬والشر‭ ‬مثلما‭ ‬حباه‭ ‬الله‭ ‬بالسيادة‭ ‬على‭ ‬بقية‭ ‬المخلوقات،‭ ‬بل‭ ‬سخر‭ ‬له‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬وملأ‭ ‬الأرض‭ ‬بالنعم‭ ‬والجمال‭ ‬ولكن‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته‭ ‬حذره‭ ‬من‭ ‬الشيطان‭ ‬وأساليبه‭ ‬وخطواته‭ ‬وأنه‭ ‬العدو‭ ‬اللدود‭ ‬للإنسان‭ ‬الذي‭ ‬نظر‭ ‬إليه‭ ‬بغرور‭ ‬وتكبر‭ ‬فأقسم‭ ‬أن‭ ‬يتربص‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬حين‭ ‬وبكل‭ ‬الطرق‭ ‬التي‭ ‬تغوي‭ ‬أولياءه‭ ‬ليكون‭ ‬الجحيم‭ ‬مصيرهم‭ ‬معا‭!‬

{‭ ‬هذا‭ ‬خلق‭ ‬الله‭ ‬وآياته‭ ‬التي‭ ‬دعا‭ ‬الإنسان‭ ‬للتفكر‭ ‬فيها‭ ‬والحياة‭ ‬جميلة‭ ‬بالبشر‭ ‬ومكتملة‭ ‬في‭ ‬مغزاها‭ ‬وحكمة‭ ‬الخلق‭ ‬بهم‭ ‬لا‭ ‬بغيرهم‭ ‬على‭ ‬الأرض‭! ‬رغم‭ ‬اختلافاتهم‭ ‬وخطاياهم‭ ‬وتناقضاتهم‭ ‬وتقلبهم‭ ‬بين‭ ‬الخير‭ ‬والشر‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الله‭ ‬جعل‭ ‬باب‭ ‬التوبة‭ ‬مفتوحا‭ ‬لهم‭! ‬والحياة‭ ‬ليست‭ ‬حياة‭ ‬حقيقية‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬سيادة‭ ‬البشر‭ ‬والإنسان‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬عداهم‭ ‬من‭ ‬مخلوقات‭! ‬وبهم‭ ‬الحياة‭ ‬تأخذ‭ ‬طبيعتها‭ ‬وتأخذ‭ ‬مساراتها‭ ‬وتنشأ‭ ‬الحضارات‭ ‬باختلاف‭ ‬الثقافات‭ ‬والدين‭ ‬والمعتقدات‭ ‬وصعود‭ ‬أمم‭ ‬وهبوطها،‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬بميزان‭ ‬وتوازن‭ ‬بين‭ ‬الخير‭ ‬والشر،‭ ‬حتى‭ ‬جاء‭ ‬هذا‭ ‬الزمن‭ ‬الموصوف‭ ‬بآخر‭ ‬الزمان‭ ‬ومعه‭ ‬التحذيرات‭ ‬والنبوءات‭ ‬حول‭ ‬طغيان‭ ‬الشر‭ ‬وسقوط‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬براثن‭ ‬الدجال‭ ‬والدجل‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬وصلنا‭ ‬إلى‭ ‬تحكم‭ ‬نخبة‭ ‬شيطانية‭ ‬بالعالم‭ ‬والبشرية‭ ‬عبر‭ ‬التحكم‭ ‬في‭ ‬العلم‭ ‬والتكنولوجيا‭ ‬وفي‭ ‬المال‭ ‬والاقتصاد‭ ‬والتجارة‭ ‬والإعلام‭ ‬والقيم‭ ‬ونشر‭ ‬القيم‭ ‬الشيطانية‭ ‬والأساليب‭ ‬الشريرة‭ ‬للقضاء‭ ‬على‭ ‬الإنسان‭ ‬وفطرته‭ ‬ككائن‭ ‬كرمه‭ ‬الله‭! ‬والقضاء‭ ‬على‭ ‬البشرية‭ ‬وتقليصها‭ ‬من‭ ‬8‭ ‬مليارات‭ ‬إلى‭ ‬مليار‭ ‬واحد،‭ ‬وهو‭ ‬المليار‭ ‬المدجن‭ ‬أيضا‭ ‬بالشيفرات‭ ‬والشرائح‭ ‬واللقاحات‭ ‬الجينية‭ ‬ليكون‭ ‬بينها‭ ‬الإنسان‭ ‬‭ ‬الروبوت‭! ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الشر‭ ‬الأكبر‭ ‬في‭ ‬استبدال‭ ‬الحياة‭ ‬الطبيعية‭ ‬بالحياة‭ ‬الافتراضية،‭ ‬وصناعة‭ ‬مليارات‭ ‬الروبوتات‭ ‬لتحل‭ ‬محل‭ ‬مليارات‭ ‬البشر‭ ‬الذين‭ ‬يتم‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬إفنائهم‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬يخطر‭ ‬على‭ ‬بال‭ ‬وما‭ ‬لا‭ ‬يخطر‭ ‬على‭ ‬بال‭! ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬ناقشناه‭ ‬في‭ ‬مقال‭ ‬سابق،‭ ‬وحيث‭ ‬يتم‭ ‬العمل‭ ‬بشكل‭ ‬مطرد‭ ‬أيضا‭ ‬على‭ ‬انسلاخ‭ ‬الإنسان‭ ‬من‭ ‬إنسانيته‭ ‬وفطرته‭ ‬وقيمه‭ ‬وأخلاقه‭ ‬ودينه‭ ‬ودفعه‭ ‬نحو‭ ‬الانحلال‭ ‬والخلاعية‭ ‬والتهتك‭ ‬ومسخ‭ ‬طبيعة‭ ‬الإنسان‭ ‬البيولوجية‭ ‬بأجناس‭ ‬جديدة‭ ‬يتم‭ ‬التلاعب‭ ‬بها‭ ‬جينيا‭ ‬وهرمونيا‭! ‬والتلاعب‭ ‬بالشريط‭ ‬الجيني‭ ‬لإخراج‭ ‬مخلوقات‭ ‬مركبة‭ ‬ومشوهة‭ ‬ومبرمجة‭ ‬لا‭ ‬هي‭ ‬بالإنسان‭ ‬ولا‭ ‬بالحيوان‭ ‬ولا‭ ‬بالآلة‭!‬

{‭ ‬نحن‭ ‬في‭ ‬الزمن‭ ‬الأخطر‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭ ‬على‭ ‬الإنسان‭ ‬منذ‭ ‬بدء‭ ‬البشرية‭ ‬حيث‭ ‬يراد‭ ‬استبدال‭ ‬خلق‭ ‬الله‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬بما‭ ‬يصنعه‭ ‬الأشرار‭ ‬وفق‭ ‬معتقدات‭ ‬شيطانية‭ ‬يتحكم‭ ‬فيها‭ ‬الدجال‭ ‬وأتباعه‭! ‬ولولا‭ ‬اليقين‭ ‬بأن‭ ‬الله‭ ‬محيط‭ ‬بهم‭ ‬وبكل‭ ‬خلقه‭ ‬وأنهم‭ ‬يمكرون‭ ‬ويمكر‭ ‬الله‭ ‬بهم،‭ ‬لبلغ‭ ‬السواد‭ ‬وبلغت‭ ‬الظلامية‭ ‬الشيطانية‭ ‬آخر‭ ‬مآربها‭ ‬في‭ ‬إفناء‭ ‬البشر،‭ ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬تكون‭ ‬الحياة‭ ‬حياة‭ ‬من‭ ‬دونهم،‭ ‬مهما‭ ‬صنعوا‭ ‬من‭ ‬روبوتات‭ ‬بالمليارات‭ ‬ومهما‭ ‬طوروا‭ ‬تكنولوجيات‭ ‬التحكم‭ ‬والسيطرة‭ ‬على‭ ‬العالم،‭ ‬ومهما‭ ‬تمادوا‭ ‬في‭ ‬الشر‭ ‬والإفساد‭! ‬فإنهم‭ ‬لن‭ ‬يخرجوا‭ ‬أبدا‭ ‬عن‭ ‬إرادة‭ ‬الله‭ ‬وقدرته‭ ‬على‭ ‬تدميرها‭ ‬متى‭ ‬ما‭ ‬شاء‭ ‬فالأمر‭ ‬عنده‭ (‬كن‭ ‬فيكون‭) ‬والحكمة‭ ‬الإلهية‭ ‬في‭ ‬بلوغ‭ ‬الشر‭ ‬أقصى‭ ‬حدوده‭ ‬لا‭ ‬يعلمها‭ ‬إلا‭ ‬الله‭ ‬وحده‭! ‬وهذا‭ ‬هو‭ ‬يقين‭ ‬كل‭ ‬المؤمنين‭ ‬الصالحين‭ ‬والمصلحين‭.‬

{‭ ‬هؤلاء‭ ‬الذين‭ ‬يعملون‭ ‬بخفاء‭ ‬وعلن‭ ‬على‭ ‬إفناء‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬خلقه‭ ‬الله‭ ‬من‭ ‬أجناس‭ ‬وطبائع‭ ‬واختلافات‭ ‬بحسابات‭ ‬الله‭ ‬وموازينه‭ ‬الدقيقة‭ ‬هم‭ ‬المجموعة‭ ‬نفسها‭ ‬التي‭ ‬تعمل‭ ‬بخفاء‭ ‬منذ‭ ‬آلاف‭ ‬السنين‭ ‬وولاؤهم‭ ‬للشيطان‭ ‬لكي‭ ‬يصلوا‭ ‬إلى‭ ‬المرحلة‭ ‬التي‭ ‬بدأت‭ ‬الآن‭ ‬ومنذ‭ ‬عقود‭! ‬حولوا‭ ‬العلم‭ ‬إلى‭ ‬علم‭ ‬شرير‭ ‬وحولوا‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬إلى‭ ‬أداة‭ ‬تحكم‭ ‬وسيطرة‭! ‬وحولوا‭ ‬النفوذ‭ ‬المالي‭ ‬والاقتصادي‭ ‬والإعلامي‭ ‬إلى‭ ‬أدوات‭ ‬تدمير‭ ‬للدول‭ ‬والشعوب‭ ‬ووظفوا‭ ‬التدافع‭ ‬الطبيعي‭ ‬بين‭ ‬الأمم‭ ‬إلى‭ ‬أزمات‭ ‬مفتعلة‭ ‬وحروب‭ ‬وإبادة‭! ‬وهم‭ ‬يدركون‭ ‬تماما‭ ‬أنهم‭ ‬يعكسون‭ ‬ويقلبون‭ ‬الصورة،‭ ‬صورة‭ ‬الخلق‭ ‬والخليقة‭ ‬كما‭ ‬أرادها‭ ‬الله‭ ‬إلى‭ ‬نقائضها‭ ‬الشريرة‭ ‬والفوضوية‭! ‬والشيطان‭ ‬كما‭ ‬وعد‭ ‬نفسه‭ ‬أمام‭ ‬الله‭ ‬أنه‭ ‬سيعمل‭ ‬على‭ ‬تغيير‭ ‬الخلق‭ ‬بالتلاعب‭ ‬بإرادة‭ ‬الإنسان‭ ‬والدجل‭ ‬عليه‭! ‬وهذا‭ ‬هو‭ ‬سلطانه‭ ‬إلا‭ ‬المصلحين‭ ‬والمؤمنين‭ ‬فلا‭ ‬سلطان‭ ‬له‭ ‬عليهم‭! ‬وهذا‭ ‬هو‭ ‬الامتحان‭ ‬الأكبر‭ ‬والأهم‭ ‬والأقسى‭ ‬للإنسان‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬الزمان‭ ‬حين‭ ‬يبلغ‭ ‬الدجل‭ ‬حدوده‭ ‬القصوى‭ ‬وكما‭ ‬نراه‭ ‬الآن‭! ‬

{‭ ‬أجمل‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحياة‭ ‬هو‭ ‬الإنسان‭ ‬نفسه‭! ‬رغم‭ ‬صراعاته‭ ‬وتقلباته‭ ‬وطبائعه‭ ‬بين‭ ‬الخير‭ ‬والشر‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬أيضا‭ ‬الإنسان‭ ‬القادر‭ ‬على‭ ‬السمو‭ ‬بنفسه‭ ‬وعلى‭ ‬الانتصار‭ ‬لفطرته‭ ‬وعلى‭ ‬الابتكار‭ ‬وإنشاء‭ ‬الحضارات‭ ‬منذ‭ ‬القدم،‭ ‬وعلى‭ ‬المكابدة‭ ‬والمجاهدة‭ ‬لتعمير‭ ‬الأرض‭ ‬حتى‭ ‬جاءت‭ ‬النخبة‭ ‬الشيطانية‭ ‬لتعمل‭ ‬بتسارع‭ ‬على‭ ‬إزالة‭ ‬مجد‭ ‬الإنسان‭ ‬هذا‭ ‬بصناعة‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬والروبوتات،‭ ‬ونشر‭ ‬الإلحاد‭ ‬والانحلال‭ ‬والشذوذ‭ ‬والأجناس‭ ‬المهجنة‭! ‬وجعل‭ ‬الحياة‭ ‬خاضعة‭ ‬لمستقبل‭ ‬آلي‭ ‬ظلامي‭ ‬تحت‭ ‬حكم‭ ‬نخبة‭ ‬شريرة‭ ‬ومستبدة‭ ‬تصنع‭ ‬لنفسها‭ ‬ألوهية‭ ‬زائفة،‭ ‬هل‭ ‬سيثور‭ ‬الإنسان‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يريد‭ ‬هؤلاء‭ ‬من‭ ‬إيصاله‭ ‬إليه‭ ‬بعد‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬أكثر‭ ‬بني‭ ‬جنسه؟‭! ‬هل‭ ‬سيكشف‭ ‬الستار‭ ‬عن‭ ‬الترويج‭ ‬الشيطاني‭ ‬لكل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬مخالف‭ ‬لله‭ ‬وللطبيعة‭ ‬وللإنسان‭ ‬وتسمية‭ ‬ذلك‭ ‬بالتطور‭ ‬والحداثة‭ ‬وخدمة‭ ‬البشر‭ ‬بالآلات‭ ‬والتكنولوجيا؟‭! ‬وهل‭ ‬هؤلاء‭ ‬الذين‭ ‬يعملون‭ ‬على‭ ‬فناء‭ ‬الإنسان‭ ‬اقترب‭ ‬فناؤهم‭ ‬قبل‭ ‬غيرهم‭ ‬بقدرة‭ ‬الله‭ ‬وحيث‭ ‬لا‭ ‬حياة‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬خلقه‭ ‬كما‭ ‬خلقهم‭ ‬هو‭ ‬ولا‭ ‬أحد‭ ‬سواه؟‭! ‬الله‭ ‬أعلم‭.‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا