العدد : ١٧٠٨١ - السبت ٢٨ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٧ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٨١ - السبت ٢٨ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٧ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

الثقافي

هشاشة مسرح الطفل الأخير!

بقلم: رضا الستراوي

السبت ٢٦ أكتوبر ٢٠٢٤ - 02:00

سأبدأُ‭ ‬بإلقاء‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬جعبتي‭ ‬منذ‭ ‬نقطة‭ ‬البداية‭ ‬التي‭ ‬شدتني‭ ‬لكتابة‭ ‬هذا‭ ‬المقال،‭ ‬من‭ ‬هناك‭ ‬أقف‭ ‬مبديا‭ ‬ملاحظتي‭ ‬التي‭ ‬أرى‭ ‬فيها‭ ‬تغلغل‭ ‬واندماج‭ ‬بعض‭ ‬مسارحنا‭ ‬في‭ ‬المسرحيات‭ ‬الغنائية‭ ‬والاستعراض‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬نعتده،‭ ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬حواري‭ ‬الأخير‭ ‬مع‭ ‬الفنانة‭ ‬الكويتية‭ ‬شجون‭ ‬الهاجري‭ ‬الذي‭ ‬تم‭ ‬نشره‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬أخبار‭ ‬الخليج‭ ‬في‭ ‬ملحقها‭ ‬‮«‬الثقافي‮»‬‭ ‬العدد‭ ‬‮«‬17004‮»‬‭ ‬المصادف‭ ‬يوم‭ ‬السبت‭ ‬12‭ ‬أكتوبر‭ ‬2024،‭ ‬سألتها‭ ‬سؤالاً‭ ‬شائكاً‭ ‬عن‭ ‬المسرحيات‭ ‬الغنائية‭ ‬في‭ ‬الكويت‭ ‬ومنتقديها،‭ ‬فكان‭ ‬ردها‭ ‬بأن‭ ‬منذ‭ ‬ولادة‭ ‬مسرح‭ ‬الطفل‭ ‬في‭ ‬الكويت‭ ‬وهو‭ ‬مسرح‭ ‬غنائي‭ ‬وليس‭ ‬بالشيء‭ ‬الجديد‭ ‬والدخيل‭ ‬على‭ ‬مجتمعنا،‭ ‬ومن‭ ‬ينتقد‭ ‬هذه‭ ‬المسرحيات‭ ‬فهو‭ ‬للأسف‭ ‬بنظرها‭ (‬تفكير‭ ‬سطحي‭ ‬وهجوم‭ ‬لمجرد‭ ‬الهجوم‭)!‬

بعيداً‭ ‬عن‭ ‬اتفاقي‭ ‬أو‭ ‬رفضي‭ ‬لما‭ ‬أوردته‭ ‬شجون‭ ‬في‭ ‬إجابتها‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬السؤال‭ ‬لأنه‭ ‬بالتأكيد‭ ‬مسرح‭ ‬الطفل‭ ‬الكويتي‭ ‬وبرغم‭ ‬وجود‭ ‬الأغاني‭ ‬والاستعراض‭ ‬فيه‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬كنا‭ ‬معتادين‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مسارح‭ ‬الطفل‭ ‬الخليجية‭ ‬وليس‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬الكويت،‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬مختلفة‭ ‬شكلاً‭ ‬ومضموناً‭ ‬عما‭ ‬نراه‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬خضم‭ ‬المسرحيات‭ ‬المعروضة‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬الراهنة‭. ‬ولكن‭ ‬سؤالي‭ ‬الجوهري‭ ‬يبقى‭ ‬بعيداً‭ ‬عن‭ ‬الساحة‭ ‬الفنية‭ ‬الكويتية‭ ‬متجها‭ ‬به‭ ‬إلى‭ ‬ساحتنا‭ ‬الفنية‭ ‬البحرينية‭ ‬وروادها‭ ‬‮«‬من‭ ‬أدخل‭ ‬المسرحيات‭ ‬الغنائية‭ ‬في‭ ‬البحرين؟‮»‬‭.‬

فلم‭ ‬تشهد‭ ‬خشبات‭ ‬المسارح‭ ‬البحرينية‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬العروض‭ ‬التي‭ ‬نشاهدها‭ ‬اليوم‭ ‬مكتسية‭ ‬بزيها‭ ‬هذا،‭ ‬فمنذ‭ ‬انطلاقة‭ ‬المسرح‭ ‬البحريني‭ ‬بشكله‭ ‬الأولي‭ ‬كعروض‭ ‬مدرسية‭ ‬بعد‭ ‬عام‭ ‬1919‭ ‬م،‭ ‬ثم‭ ‬مسرح‭ ‬الأندية‭ ‬الوطنية‭ ‬الذي‭ ‬برز‭ ‬خلال‭ ‬1940‭ ‬إلى‭ ‬1950،‭ ‬وبعدها‭ ‬مسرح‭ ‬الفرق‭ ‬التمثيلية‭ ‬الأهلية‭ ‬عام‭ ‬1955،‭ ‬حتى‭ ‬ظهور‭ ‬المسارح‭ ‬الحديثة‭ ‬المدعومة‭ ‬من‭ ‬الدولة‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1970‭ ‬حتى‭ ‬هذه‭ ‬اللحظة،‭ ‬لم‭ ‬تضم‭ ‬هذه‭ ‬المسارح‭ ‬ما‭ ‬نراه‭ ‬من‭ ‬عبث‭ ‬وتهريج‭ ‬مغلف‭ ‬بثيمة‭ ‬تكنّى‭ ‬بمسرح‭ ‬الطفل‭!‬

فمنذ‭ ‬خروجنا‭ ‬لهذه‭ ‬الدنيا‭ ‬وترحيب‭ ‬بصرنا‭ ‬بضوئها‭ ‬لأول‭ ‬مرة،‭ ‬لم‭ ‬نرَ‭ ‬هذه‭ ‬البانوراما‭ ‬التصويرية‭ ‬للطفل،‭ ‬فقوام‭ ‬مسرح‭ ‬الطفل‭ ‬الذي‭ ‬عهدناه‭ ‬كان‭ ‬وما‭ ‬زال‭ ‬وأتمنى‭ ‬أن‭ ‬يبقى‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬أهداف‭ ‬ثابتة‭ ‬تشق‭ ‬طريقها‭ ‬لتنوير‭ ‬فكر‭ ‬الطفل‭ ‬وزرع‭ ‬التسامي‭ ‬والفكر‭ ‬القويم‭ ‬لكي‭ ‬تحصده‭ ‬غداً،‭ ‬لا‭ ‬لترى‭ ‬سلبياته‭.‬

فعلى‭ ‬هامش‭ ‬تلك‭ ‬المسرحيات‭ ‬الغنائية‭ ‬والاستعراضية‭ ‬التي‭ ‬عرضت‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬الأخيرة‭ ‬لدينا‭ ‬رغم‭ ‬كثرتها‭ ‬نسبياً،‭ ‬مسرحية‭ ‬‮«‬mute‮»‬‭ ‬الأخيرة‭ ‬لمجموعة‭ ‬‮«‬تياتروز‮»‬‭ ‬للمخرج‭ ‬البحريني‭ ‬الشاب‭ ‬عبد‭ ‬الرحمن‭ ‬العطاوي‭ ‬ابن‭ ‬المخرج‭ ‬البحريني‭ ‬نضال‭ ‬العطاوي‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬مشرفاً‭ ‬عام‭ ‬للمسرحية،‭ ‬وتأليف‭ ‬الشابة‭ ‬والممثلة‭ ‬ندى‭ ‬المالود،‭ ‬وكلمات‭ ‬وأغاني‭ ‬الكاتب‭ ‬الكويتي‭ ‬عثمان‭ ‬الشطي،‭ ‬والتي‭ ‬عرضت‭ ‬على‭ ‬مسرح‭ ‬مركز‭ ‬المحرق‭ ‬الشبابي‭ ‬النموذجي‭ ‬في‭ ‬السادس‭ ‬من‭ ‬سبتمبر‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬العام،‭ ‬فهذا‭ ‬العرض‭ ‬المسرحي‭ ‬رغم‭ ‬ما‭ ‬احتواه‭ ‬من‭ ‬فكرة‭ ‬نابضة‭ ‬بالحياة‭ ‬متشحة‭ ‬بقلم‭ ‬المالود‭ ‬المبدع‭ ‬رغم‭ ‬نعومة‭ ‬أظفارها‭ ‬ومجموعة‭ ‬من‭ ‬الممثلين‭ ‬الشباب‭ ‬الموهوبين‭ ‬والمنخرطين‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬المسرح‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يخلو‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬جوانبه‭ ‬من‭ ‬الضعف‭ ‬أو‭ ‬كما‭ ‬يكنى‭ ‬محلياً‭ ‬التقليد‭ (‬الأعمى‭)!‬،‭ ‬ويرجع‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬صغر‭ ‬أعمار‭ ‬بعض‭ ‬القائمين‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬العمل‭ ‬وتوجههم‭ ‬وتأثرهم‭ ‬بالخارج،‭ ‬ورغم‭ ‬احترامي‭ ‬للقائمين‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬العمل‭ ‬فرداً‭ ‬فردا،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬نقدي‭ ‬هذا‭ ‬كان‭ ‬موجهاً‭ ‬للعمل‭ ‬وليس‭ ‬للشخوص‭ ‬الذين‭ ‬أكن‭ ‬لهم‭ ‬كل‭ ‬الاحترام‭ ‬وبالخصوص‭ ‬المخرج‭ ‬البحريني‭ ‬نضال‭ ‬العطاوي‭ ‬والكاتب‭ ‬الكويتي‭ ‬عثمان‭ ‬الشطي‭.‬

تلك‭ ‬البذرة‭ ‬التي‭ ‬ألقيتُ‭ ‬عليها‭ ‬الضوء‭ ‬هي‭ ‬لتبيان‭ ‬هشاشة‭ ‬هذه‭ ‬المسرحيات‭ ‬والتقليد‭ ‬الأعمى‭ ‬للمسرحيات‭ ‬الكويتية‭ ‬الأخيرة،‭ ‬وهفوات‭ ‬وقعنا‭ ‬فيها‭ ‬كصناع‭ ‬مسرح‭ ‬ظننا‭ ‬فيها‭ ‬أن‭ ‬جلب‭ ‬تلك‭ ‬الفكرة‭ ‬وزرعها‭ ‬هنا‭ ‬بنكهة‭ ‬بحرينية‭ ‬قد‭ ‬تحوز‭ ‬إعجاب‭ ‬الجمهور‭ ‬المهتم‭ ‬بالشأن‭ ‬المسرحي،‭ ‬لكنها‭ ‬مضت‭ ‬دون‭ ‬ذلك‭ ‬وتحت‭ ‬أنظار‭ ‬واستنكار‭ ‬المنتقدين‭ ‬والجمهور‭ ‬ذاته،‭ ‬ويبقى‭ ‬سؤالنا‭ ‬قائماً‭ ‬لهذه‭ ‬اللحظة‭ ‬يراد‭ ‬له‭ ‬مجيبا،‭ ‬من‭ ‬أدخل‭ ‬المسرحيات‭ ‬الغنائية‭ ‬في‭ ‬البحرين؟

 

r.alstrawi10@gmail.com

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا