العدد : ١٧٠٨١ - السبت ٢٨ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٧ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٨١ - السبت ٢٨ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٧ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

7 أكتوبر وبعد عام.. من تفكيك المليشيات إلى تفكيك الشرق الأوسط!

{ على‭ ‬ضوء‭ ‬مناسبتين‭ ‬مهمتين‭ ‬أو‭ ‬مفصليتين‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬هما‭ ‬ذكرى‭ ‬أكتوبر‭ ‬73،‭ ‬وقد‭ ‬مر‭ ‬عليها‭ (‬51عاما‭) ‬ومناسبة‭ ‬طوفان‭ ‬الأقصى‭ ‬في‭ ‬7‭ ‬أكتوبر،‭ ‬التي‭ ‬أنهت‭ ‬بالأمس‭ ‬عاما‭ ‬كاملا‭ ‬من‭ ‬ردة‭ ‬فعل‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬عليها،‭ ‬متمثلة‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬التي‭ ‬رآها‭ ‬العالم‭ ‬بالبث‭ ‬المباشر‭! ‬يتضح‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬لم‭ ‬تنجح‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬معه‭ ‬بالحرب،‭ ‬مثلما‭ ‬هي‭ ‬غير‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬فرض‭ ‬السلام‭ ‬عليه،‭ ‬رغم‭ ‬الاتفاقيات‭ ‬منذ‭ ‬كامب‭ ‬ديفيد‭ ‬بين‭ ‬الكيان‭ ‬ودول‭ ‬عربية‭! ‬ورغم‭ ‬مبادرة‭ ‬السلام‭ ‬العربية‭ ‬‮«‬التي‭ ‬تم‭ ‬طرحها‭ ‬2002‭! ‬لحل‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭! ‬لأن‭ ‬الجميع‭ ‬يعرف‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬سلام‭ ‬ولا‭ ‬استقرار‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬حل‭ ‬عادل‭ ‬لقضية‭ ‬شعب‭ ‬اغتصبت‭ ‬أرضه،‭ ‬ولا‭ ‬يراد‭ ‬من‭ ‬المجتمع‭ ‬الاستعماري‭ ‬الغربي‭ ‬حتى‭ ‬إعادة‭ ‬بعض‭ ‬حقوقه‭ ‬إليه‭ ‬منذ‭ ‬1948‭!‬

{ خلال‭ ‬76‭ ‬عاما‭ ‬وبعد‭ ‬اتفاقيات‭ (‬كامب‭ ‬ديفيد‭ ‬وأوسلو‭ ‬ووادي‭ ‬عربة‭) ‬واتفاقيات‭ ‬أخرى‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬عربية،‭ ‬توجه‭ ‬العرب‭ ‬تحت‭ ‬اختلال‭ ‬موازين‭ ‬القوى‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬العالمي،‭ ‬ووقوف‭ ‬الغرب‭ ‬الاستعماري‭ ‬حامياً‭ ‬لظهر‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني،‭ ‬إلى‭ ‬معادلة‭ ‬السلام،‭ ‬التي‭ ‬وبعد‭ ‬مرور‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬سبعة‭ ‬عقود‭ ‬لا‭ ‬يريد‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬الاعتراف‭ ‬بها‭ ‬لحل‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬السلام‭ ‬مقابل‭ ‬الأرض،‭ ‬لأنه‭ ‬يريد‭ ‬الاستمرار‭ ‬وفق‭ ‬معادلته‭ ‬الخاصة‭ ‬وهي‭ ‬السلام‭ ‬المجاني‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬العرب،‭ ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته‭ ‬التوسع‭ ‬في‭ ‬الجغرافيا‭ ‬العربية‭! ‬

{ في‭ ‬عام‭ ‬1979‭ ‬حدث‭ ‬أمر‭ ‬مفصلي‭ ‬آخر‭ ‬غيَّر‭ ‬بدوره‭ ‬من‭ ‬وجه‭ ‬المنطقة،‭ ‬وهو‭ ‬قيام‭ ‬الثورة‭ ‬الإيرانية‭ ‬التي‭ ‬انتهت‭ ‬بصعود‭ ‬‮«‬النظام‭ ‬الثيوقراطي‮»‬‭ ‬‮«‬أو‭ ‬حكم‭ ‬الملالي‮»‬‭ ‬منذ‭ ‬مجيء‭ ‬‮«‬الخميني‮»‬،‭ ‬مستنداً‭ ‬على‭ ‬رؤية‭ ‬خطيرة‭ ‬حول‭ ‬تصدير‭ ‬الثورة‭ ‬إلى‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭! ‬وسرعان‭ ‬ما‭ ‬أنشأ‭ ‬المليشيات‭ ‬لذلك‭ ‬وكان‭ ‬أولها‭ ‬‮«‬حزب‭ ‬إيران‭ ‬اللبناني‮»‬‭ ‬ليتناسل‭ (‬التأسيس‭ ‬المليشياوي‭) ‬إلى‭ ‬دول‭ ‬أخرى‭ ‬منها‭ ‬العراق‭ ‬واليمن‭ ‬ودول‭ ‬خليجية،‭ ‬والأساس‭ ‬فيها‭ ‬هو‭ ‬مشروع‭ ‬الحلم‭ ‬الفارسي‭ ‬في‭ ‬استعادة‭ ‬إمبراطوريته‭ ‬الغابرة‭! ‬إلى‭ ‬هنا‭ ‬والجميع‭ ‬يعرف‭ ‬ذلك،‭ ‬ويعرف‭ ‬أيضاً‭ ‬أن‭ ‬المنطقة‭ ‬واجهت‭ ‬مشروعين‭ ‬يراهما‭ ‬البعض‭ ‬متنافسين‭. ‬ويراهما‭ ‬البعض‭ ‬الآخر‭ ‬‮«‬متخادمين‮»‬‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الصهيونية‭ ‬العالمية‭! ‬فيما‭ ‬مشاريع‭ ‬الغرب‭ ‬الاستعمارية‭ ‬تواصلت‭ ‬عبر‭ ‬العقود،‭ ‬وأنتجت‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الحروب‭ ‬والتدخلات‭ ‬وإقامة‭ ‬القواعد‭ ‬العسكرية،‭ ‬وصولاً‭ ‬إلى‭ ‬احتلال‭ ‬العراق،‭ ‬ثم‭ ‬حيثيات‭ ‬ما‭ ‬سُمي‭ ‬بالربيع‭ ‬العربي‭! ‬لتدخل‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬ضعف‭ ‬متواصل‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬غياب‭ ‬مشروع‭ ‬عربي‭ ‬إستراتيجي،‭ ‬لمواجهة‭ ‬المخططات‭ ‬الاستعمارية،‭ ‬وأطماع‭ ‬المشروعين‭ ‬الصهيوني‭ ‬والإيراني‭! ‬والأخير‭ ‬أي‭ ‬‮«‬الإيراني‮»‬‭ ‬بعد‭ ‬تسليم‭ ‬العراق‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬المحتل‭ ‬الأمريكي‭ ‬عمل‭ ‬على‭ ‬تفكيك‭ ‬دول‭ ‬عربية‭ ‬بالطائفية‭ ‬وبالمليشيات،‭ ‬ما‭ ‬جعل‭ ‬الأرض‭ ‬ممتدة‭ ‬ليعاود‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬حلمه‭ ‬التوسعي‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬الأخيرة‭ ‬والراهنة،‭ ‬وبدعم‭ ‬أمريكي‭ ‬بريطاني‭! ‬

{ اعتقد‭ ‬البعض‭ ‬ولا‭ ‬يزال‭ ‬يعتقد‭ ‬أن‭ ‬هدف‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬هو‭ ‬تفكيك‭ ‬المليشيات،‭ ‬خاصة‭ ‬بعد‭ ‬7‭ ‬أكتوبر،‭ ‬وحيث‭ ‬كان‭ ‬الشعار‭ ‬هو‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬حماس‭ ‬وتفكيكها،‭ ‬وصولاً‭ ‬منذ‭ ‬أسابيع‭ ‬إلى‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬لبنان‭ ‬وتفكيك‭ ‬‮«‬حزب‭ ‬إيران‭ ‬اللبناني‮»‬‭ ‬ورفع‭ ‬سقف‭ ‬التفكيك‭ ‬إلى‭ ‬مليشيات‭ ‬العراق‭ ‬واليمن،‭ ‬ولكن‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الاعتقاد‭ ‬تنافسه‭ ‬رؤيةٌ‭ ‬صهيونية‭ ‬جديدة‭ ‬منذ‭ ‬حلم‭ ‬‮«‬بيريز‮»‬‭ ‬في‭ ‬شرق‭ ‬أوسط‭ ‬جديد،‭ ‬ثم‭ ‬مشروع‭ ‬أمريكا‭ ‬الذي‭ ‬طرحته‭ ‬‮«‬كوندليزا‭ ‬رايس‮»‬‭ ‬حول‭ ‬‮«‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬الكبير‮»‬،‭ ‬لتعود‭ ‬ذات‭ ‬النغمة‭ ‬القديمة‭ ‬الجديدة‭ ‬على‭ ‬لسان‭ ‬‮«‬نتنياهو‮»‬‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬تغيير‭ ‬وجه‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭! ‬وهو‭ ‬التغيير‭ ‬الذي‭ ‬يتضح‭ ‬في‭ ‬الخريطة‭ ‬التي‭ ‬يحملها‭ ‬مرتين‭ ‬إلى‭ ‬الجمعية‭ ‬العمومية‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬وسبق‭ ‬أن‭ ‬علقنا‭ ‬عليها‭! ‬

{ الآن‭ ‬القصة‭ ‬تجاوزت‭ ‬كما‭ ‬يبدو‭ ‬من‭ ‬التصريحات‭ ‬الصهيونية‭ ‬في‭ ‬الكيان‭ ‬وفي‭ ‬أمريكا،‭ ‬مسألة‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬ومسألة‭ ‬المليشيات‭ ‬التي‭ ‬يستمر‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬إبادته‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬والضفة‭ ‬ونقلها‭ ‬إلى‭ ‬لبنان،‭ ‬بأن‭ ‬الهدف‭ ‬الصهيوني‭ ‬هو‭ (‬تفكيك‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭) ‬حسب‭ ‬خارطة‭ ‬التوسع‭ ‬الصهيوني‭!‬،‭ ‬وليس‭ ‬فقط‭ ‬تفكيك‭ ‬المليشيات‭ ‬والقضاء‭ ‬على‭ ‬أية‭ ‬مقاومة‭ ‬شعبية‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬البلاد‭ ‬العربية،‭ ‬إن‭ ‬أنجز‭ ‬هذا‭ ‬الكيان‭ ‬مهمة‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬أذرع‭ ‬إيران‭ ‬كما‭ ‬يقول‭! ‬

في‭ ‬الأيام‭ ‬الأخيرة‭ ‬تصاعدت‭ ‬النبرة‭ ‬الأمريكية‭ ‬أيضاً‭ ‬حول‭ ‬ضرورة‭ ‬التوسع‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭ ‬كحصيلة‭ ‬أبعد‭! ‬‮«‬ترامب‮»‬‭ ‬صرح‭ ‬علانية‭ ‬بذلك،‭ ‬ويراهن‭ ‬الكيان‭ ‬على‭ ‬فوزه‭ ‬لتنفيذ‭ ‬مخطط‭ ‬التوسع‭! ‬وهناك‭ ‬متنفذون‭ ‬أمريكيون‭ ‬يصرحون‭ ‬بذات‭ ‬المعنى،‭ (‬توسع‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬وإنه‭ ‬ضرورة‭ ‬اساسية‭) ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭! ‬مما‭ ‬يضع‭ ‬المشهد‭ ‬العربي‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬التوافق‭ ‬الأمريكي‭ (‬جمهوريون‭ ‬وديموقراطيون‭) ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬الحروب‭ ‬التي‭ ‬تشنها‭ ‬‮«‬إسرائيل‮»‬‭ ‬اليوم،‭ ‬وهي‭ ‬حروب‭ ‬إبادة‭ ‬بحجة‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬المليشيات‭!‬،‭ ‬بل‭ ‬يتفقون‭ ‬على‭ ‬‮«‬التوسع‭ ‬الجغرافي‮»‬‭ ‬الكيان‭ ‬الذي‭ ‬لن‭ ‬يقتصر‭ ‬على‭ ‬فلسطين‭ ‬كلها‭ ‬ولبنان،‭ ‬بل‭ ‬سوريا‭ ‬والعراق‭ ‬والأردن،‭ ‬ليجر‭ ‬‮«‬الحبل‭ ‬الجغرافي‮»‬‭ ‬امتداده‭ ‬إلى‭ ‬دول‭ ‬عربية‭ ‬أخرى،‭ ‬حسب‭ ‬الخرافة‭ ‬والأساطير‭ ‬الصهيونية‭!‬

{ وبعد‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬‭ ‬قال‭ ‬المرشح‭ ‬الرئاسي‭ ‬‮«‬تيم‭ ‬والز‮»‬‭ ‬حاكم‭ ‬‮«‬مينيسوتا‮»‬‭ ‬ونائب‭ ‬المرشحة‭ ‬الرئاسية‭ ‬‮«‬كاميلا‭ ‬هاريس‮»‬‭ ‬قال‭ ‬مؤكدا‭: (‬ان‭ ‬توسع‭ ‬دولة‭ ‬الاحتلال‭ ‬أمر‭ ‬ضروري‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭) ‬فيما‭ ‬‮«‬نتنياهو‮»‬‭ ‬ومنذ‭ ‬مدة‭ ‬طويلة‭ ‬يعزف‭ ‬على‭ ‬ذات‭ ‬اللحن‭ ‬التوسعي‭ ‬بحجة‭ ‬وراء‭ ‬حجة‭ ‬وكأنه‭ ‬يمهد‭ ‬للاستعمار‭ ‬الصهيوني‭ ‬لعديد‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭ ‬وللحديث‭ ‬بقية‭!‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا