العدد : ١٧٠٨٢ - الأحد ٢٩ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٨ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٨٢ - الأحد ٢٩ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٨ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

الثقافي

من يدوسون جمـر المعاناة؟

بقلم: أحـمَـد المـؤذّن

السبت ١٥ يونيو ٢٠٢٤ - 02:00

من‭ ‬غير‭ ‬المجدي‭ ‬هذا‭ ‬الذي‭ ‬يتكرر‭ ‬حدوثه‭ ‬للمثقف‭ ‬البحريني‭! ‬

تصرمت‭ ‬أعـواما‭ ‬طويلة‭ ‬على‭ ‬ساحتنا‭ ‬الثقافية‭ ‬وشاب‭ ‬شعر‭ ‬لحانـا‭ ‬وها‭ ‬نحن‭ ‬مكانك‭ ‬سـر‭ ‬فيما‭ ‬يخص‭ ‬دعـم‭ ‬الكاتب‭ ‬والمثقف‭. ‬مناسبة‭ ‬اثارة‭ ‬هذا‭ ‬الكلام‭ ‬ما‭ ‬تفضل‭ ‬به‭ ‬أحد‭ ‬الأخوة‭ ‬الكتاب‭ ‬من‭ ‬خيبـة‭ ‬أملـه‭ ‬في‭ ‬عـدم‭ ‬قدرته‭ ‬على‭ ‬تلبية‭ ‬دعـوة‭ ‬لحضور‭ ‬مؤتمر‭ ‬أدبي‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬عربية‭ ‬شقيقـة‭ ‬لكونها‭ ‬لا‭ ‬تشمل‭ ‬كلفة‭ ‬تذاكـر‭ ‬السفر‭. ‬وهذا‭ ‬شائع‭ ‬الحدوث‭ ‬خصوصاً‭ ‬لدى‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تتمتع‭ ‬وزارات‭ ‬الثقافة‭ ‬فيها‭ ‬بموازنات‭ ‬مالية‭ ‬عالية،‭ ‬حيث‭ ‬ترى‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬أن‭ ‬الكاتب‭ ‬الخليجي‭ ‬مرفه‭ ‬ماديـاً‭ ‬وشراء‭ ‬تذكرة‭ ‬سفر‭ ‬لديـه‭ ‬ميسر‭ ‬وبسيط‭.‬

بينما‭ ‬حقيقـة‭ ‬الواقع‭ ‬أن‭ ‬المثقف‭ ‬البحريني‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الخصوص،‭ ‬رجل‭ ‬مطحـون‭ ‬بالكاد‭ ‬يتدبر‭ ‬معيشته‭ ‬في‭ ‬طاحونة‭ ‬الحياة،‭ ‬جهات‭ ‬الثقافة‭ ‬تتخلى‭ ‬عـنه‭ ‬وكثيرا‭ ‬ما‭ ‬يتحمل‭ ‬نفقات‭ ‬سفره‭ ‬ابتغاء‭ ‬رفع‭ ‬رايـة‭ ‬وطنـه‭ ‬في‭ ‬دمشق‭ ‬أو‭ ‬القاهرة‭ ‬أو‭ ‬الشارقة‭ ...‬إلخ‭ ‬من‭ ‬عواصم‭ ‬الدنيا،‭ ‬حيث‭ ‬تستمر‭ ‬ذات‭ ‬المعاناة‭ ‬فأين‭ ‬هُم‭ ‬نوابنا‭ ‬في‭ ‬المجلس‭ ‬النيابي‭ ‬أو‭ ‬مجلس‭ ‬الشورى‭ ‬من‭ ‬هكذا‭ ‬واقع‭ ‬يمر‭ ‬بنفقـه‭ ‬المثقف‭ ‬البحريني؟

من‭ ‬ينصف‭ ‬المثقف‭ ‬البحريني‭ ‬ويعطيـه‭ ‬مكانته‭ ‬التي‭ ‬يستحقها؟‭ ‬لماذا‭ ‬لا‭ ‬نجد‭ ‬ولا‭ ‬مقترح‭ ‬برغبـة‭ ‬يُرفع‭ ‬إلى‭ ‬الحكومة‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬الاقتراح‭ ‬بأهمية‭ ‬إلزام‭ ‬هيئـة‭ ‬الثقافة‭ ‬والتراث‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬استحداث‭ ‬آلية‭ ‬لتمويل‭ ‬تذاكر‭ ‬سفر‭ ‬تتوجه‭ ‬لدعـم‭ ‬الكاتب‭ ‬والمثقف‭ ‬المحلي‭ ‬بالاتفاق‭ ‬مع‭ ‬ناقلتنا‭ ‬الوطنية‭ ‬طيران‭ ‬الخليج‭.‬

دول‭ ‬كثيرة‭ ‬عربية‭ ‬وصديقة‭ ‬من‭ ‬مختلف‭ ‬بقاع‭ ‬العالم‭ ‬تعتبر‭ ‬كتابها‭ ‬ومثقفيها‭ ‬سفراء‭ ‬فوق‭ ‬العادة‭ ‬لبلدانها‭ ‬وتخصهم‭ ‬بالامتيازات‭ ‬وكذا‭ ‬تخصص‭ ‬لهم‭ ‬يوماً‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬كيما‭ ‬تحتفل‭ ‬بهم‭ ‬وتقدرهم‭.. ‬فما‭ ‬بال‭ ‬المشرع‭ ‬القانوني،‭ ‬النائب،‭ ‬المسؤول،‭ ‬الوزير،‭ ‬كل‭ ‬هؤلاء‭ ‬الذين‭ ‬يعنيهم‭ ‬الأمر‭ ‬في‭ ‬فحوى‭ ‬مقالتي‭ ‬هنا‭ ‬بمملكتنا‭ ‬الغاليـة‭ ‬ولا‭ ‬أحد‭ ‬يكترث‭ ‬بسد‭ ‬هذه‭ ‬الفجوة‭ ‬ويُترك‭ ‬المثقف‭ ‬شبه‭ ‬معـزول‭ ‬عن‭ ‬محيطـه‭ ‬الثقافي‭ ‬العربي‭ ‬لما‭ ‬تقصر‭ ‬يده‭ ‬ويهرب‭ ‬الدينار‭ ‬من‭ ‬محفظـته‭ ‬فتعز‭ ‬عليه‭ ‬كرامته‭ ‬ولا‭ ‬يستجدي‭ ‬إحسان‭ ‬هذه‭ ‬الجهة‭ ‬أو‭ ‬تلك‭ ‬حتى‭ ‬يتقي‭ ‬حرج‭ ‬المطالبة‭ ‬بحقه‭ ‬من‭ ‬التقدير،‭ ‬على‭ ‬الرغـم‭ ‬من‭ ‬أنه‭ ‬يمثل‭ ‬بلده‭ ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬الحق‭ ‬الأصيل‭ ‬ليس‭ ‬ثمـة‭ ‬منة‭ ‬أو‭ ‬صدقة‭ ‬لـ‭.. ‬سواءً‭ ‬لأسرة‭ ‬الأدباء‭ ‬والكتاب‭ ‬أو‭ ‬لهيئـة‭ ‬الثقافة‭ ‬أو‭ ‬وزارة‭ ‬الإعلام،‭ ‬فكما‭ ‬يحق‭ ‬لمختلف‭ ‬القطاعات‭ ‬الانتاجية‭ ‬من‭ ‬صناعـية،‭ ‬رياضية،‭ ‬تراثية،‭ ‬سياحية‭ ‬تمثيل‭ ‬الوطـن‭ ‬فالثقافـة‭ ‬لا‭ ‬تنفصل‭ ‬عـن‭ ‬بقية‭ ‬المشهد‭ ‬الرسمي‭ ‬وتحتاج‭ ‬إلى‭ ‬اعادة‭ ‬نظر‭ ‬من‭ ‬الزاوية‭ ‬التي‭ ‬طرحناها‭ ‬على‭ ‬أمل‭ ‬أن‭ ‬يصل‭ ‬النداء‭ ‬ويخترق‭ ‬جدار‭ ‬العزلـة‭ ‬الذي‭ ‬رمينا‭ ‬خلفـة‭ ‬الكاتب‭ ‬البحريني‭ ‬ونسيناه‭. ‬هذه‭ ‬رسالة‭ ‬مفتوحـة‭ ‬سبق‭ ‬أن‭ ‬كـررنا‭ ‬إرسالها‭ ‬منذُ‭ ‬سنوات‭ ‬ولا‭ ‬نزال‭ ‬نعيد‭ ‬كتابة‭ ‬سطورها‭ ‬على‭ ‬ذات‭ ‬المنوال‭ ‬فربما‭ ‬ثمـة‭ ‬ضوء‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬النفق‭.. ‬المسألة‭ ‬جوهرية‭ ‬لها‭ ‬أبعاد‭ ‬مختلفـة‭ ‬ولا‭ ‬يقرأ‭ ‬هذه‭ ‬الأبعاد‭ ‬غـير‭ ‬الكاتب‭ ‬والمثقف‭ ‬والذي‭ ‬يعرف‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬غـيره‭ ‬ماذا‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬تغيب‭ ‬الساحة‭ ‬الثقافية‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬عن‭ ‬عـرس‭ ‬ثقافي‭ ‬عربي‭ ‬في‭ ‬القاهرة‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬أو‭ ‬مهرجان‭ ‬مسرحي‭ ‬عربي‭ ‬في‭ ‬عـمّـان‭ ‬أو‭ ‬تجمع‭ ‬أدباء‭ ‬في‭ ‬الرباط‭.. ‬إلخ‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الفاعليات‭ ‬الثقافية‭ ‬طوال‭ ‬العام‭.‬

حيث‭ ‬جرت‭ ‬العادة‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬يشاركـون‭ ‬هنا‭ ‬وهناك‭ ‬مجموعـة‭ ‬معروفة‭ ‬لديها‭ ‬نفـوذ‭ ‬ثقافي‭ ‬ويُبسط‭ ‬أسفل‭ ‬أقدامها‭ ‬البساط‭ ‬الأحمـر،‭ ‬تبقى‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬يتصدر‭ ‬تمثيل‭ ‬البلد‭ ‬بحكم‭ ‬الامتيازات‭ ‬الإدارية‭ ‬وسطوة‭ ‬العلاقات‭ ‬العامة‭ ‬التي‭ ‬تمسك‭ ‬بزمامها‭ ‬في‭ ‬مشهدنا‭ ‬الثقافي‭ ‬ولا‭ ‬تعود‭ ‬تفكر‭ ‬في‭ ‬رفاق‭ ‬الكلمـة‭ ‬حسب‭ ‬ترتيب‭ ‬صراع‭ ‬أنانية‭ ‬المنفعـة‭ ‬كما‭ ‬نعرفها‭ ‬في‭ ‬اللهجة‭ ‬المصرية‭ ‬ذات‭ ‬الإيقاع‭ ‬اللغوي‭ ‬الصادم‭ ‬والصريح‭ ‬والطريف‭ ‬في‭ ‬آن‭ ‬وهي‭ ‬تشخص‭ ‬واقعـنا‭ ‬المؤسف‭..  ‬‮«‬أنا‭ ‬في‭ ‬الأول‭ ‬وكل‭ ‬اللي‭ ‬ورايا‭ ‬يولعـوا‭ ‬بكاز‮»‬‭!! ‬

‮«‬لا‮»‬‭ ‬ففي‭ ‬رؤيتنا‭ ‬أن‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬الواقع‭ ‬نحـن‭ ‬قادرين‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أدنى‭ ‬شـك‭ ‬على‭ ‬اختراقـه‭ ‬وتغييره‭ ‬ليس‭ ‬بالكلام‭ ‬‮«‬الثورجي‮»‬‭ ‬ولا‭ ‬ضمن‭ ‬وقفـة‭ ‬اعتصام‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬احـتجاج‭ ‬ولا‭ ‬تحريض‭ ‬ضد‭ ‬هذه‭ ‬الجهـة‭ ‬أو‭ ‬تلك‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬نقع‭ ‬في‭ ‬المحظور‭.. ‬يكفينا‭ ‬هنا‭ ‬معشر‭ ‬الكتاب‭ ‬والمثقفيـن،‭ ‬بالذات‭ ‬من‭ ‬يدوسون‭ ‬جمـر‭ ‬المعاناة‭ ‬صامتين‭ ‬أن‭ ‬يفكوا‭ ‬قيد‭ ‬صمتهم‭ ‬حتى‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬صفحاتهم‭ ‬الفيسبوكيـة‭ ‬أو‭ ‬بأي‭ ‬وسيلة‭ ‬أخرى‭ ‬متاحـة‭ ‬لإثارة‭ ‬الموضوع‭ ‬والإصرار‭ ‬عليه‭ ‬بنفس‭ ‬طـويل‭.. ‬فما‭ ‬ضاع‭ ‬حـق‭ ‬وراءه‭ ‬مُطالب‭. ‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا