العدد : ١٧٠٨٢ - الأحد ٢٩ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٨ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٨٢ - الأحد ٢٩ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٨ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

كيان خارج العالم والتاريخ!

{‭ ‬من‭ ‬الملاحظ‭ ‬أنه‭ ‬ومنذ‭ ‬بدايات‭ ‬القرن‭ ‬العشرين،‭ ‬التي‭ ‬أفرزت‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الأولى،‭ ‬ثم‭ ‬تقسيم‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬وصولا‭ ‬إلى‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية،‭ ‬وتأسيس‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭!‬،‭ ‬لتتوالى‭ ‬الحروب‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬الصراع‭ ‬العربي‭ ‬الصهيوني‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬رغم‭ ‬الانعطافة‭ ‬العربية‭ ‬الكبرى‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬نحو‭ ‬السلام‭ ‬والاعتراف‭ ‬بوجود‭ ‬هذا‭ ‬الكيان‭ ‬الغاصب‭ ‬لأرض‭ ‬عربية‭ ‬هي‭ ‬فلسطين،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الحروب‭ ‬والأزمات‭ ‬والصراعات‭ ‬لم‭ ‬تنته‭ ‬قط‭! ‬بل‭ ‬جاءت‭ ‬جميعها‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬إضعاف‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ (‬لحفظ‭ ‬أمن‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬وتقويته‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬استعماري‭ ‬استنزافي‭! ‬وضع‭ ‬أمن‭ ‬الكيان‭ ‬مقابل‭ ‬إضعاف‭ ‬العرب‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الاستحواذ‭ ‬على‭ ‬الموقع‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬والثروات‭ ‬العربية‭ ‬النفطية‭ ‬والطاقية‭ ‬الأخرى‭ ‬كالغاز،‭ ‬وتحويل‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬بالضغوط‭ ‬إلى‭ ‬دول‭ ‬استهلاكية‭ ‬بالدرجة‭ ‬الأولى‭ ‬بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬دولاً‭ ‬منتجة‭!‬

{‭ ‬رغم‭ ‬الاتفاقيات‭ ‬العربية‭ ‬‭ ‬‮«‬الإسرائيلية‮»‬‭ ‬مثل‭ (‬كامب‭ ‬ديفيد‭ ‬ووادي‭ ‬عربة‭ ‬وأوسلو‭) ‬ورغم‭ ‬طرح‭ (‬المبادرة‭ ‬السعودية‭ ‬العربية‭ ‬للسلام‭ ‬2002‭) ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الكيان‭ ‬العنصري‭ ‬بقي‭ ‬رافضًا‭ ‬لحلّ‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬حلاّ‭ ‬عادلاً،‭ ‬ومصرًا‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يبقى‭ ‬شوكة‭ ‬في‭ ‬خاصرة‭ ‬العرب‭ ‬والعالم‭ ‬كله،‭ ‬وخارج‭ ‬التاريخ،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬ممارساته‭ ‬اللاإنسانية‭ ‬والعنصرية‭ ‬وجرائم‭ ‬الحرب‭ ‬ضدّ‭ ‬الشعب‭ ‬الذي‭ ‬اغتصب‭ ‬أرضه‭!‬

{‭ ‬76‭ ‬عامًا‭ ‬ونطاق‭ ‬الجرائم‭ ‬والإبادة‭ ‬يتسعّ‭ ‬كل‭ ‬يوم،‭ ‬وهدف‭ ‬تصفية‭ ‬القضية‭ ‬والمقاومة‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬قد‭ ‬وجّه‭ ‬‮«‬الكيان‮»‬‭ ‬إليه‭ ‬بوصلته‭ ‬طوال‭ ‬العقود‭ ‬الماضية،‭ ‬حتى‭ ‬وصل‭ ‬إلى‭ ‬أبشع‭ ‬حرب‭ ‬إبادة‭ ‬وتدمير‭ ‬منذ‭ ‬أكتوبر‭ ‬الماضي‭ ‬إلى‭ ‬الآن‭! ‬رافضًا‭ ‬القانون‭ ‬الدولي،‭ ‬ورافضًا‭ ‬مطالب‭ ‬شعوب‭ ‬العالم‭ ‬بوقف‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬هذه‭ ‬والتطهير‭ ‬العرِقي،‭ ‬ورافضًا‭ ‬صراخ‭ ‬الضمير‭ ‬الإنساني،‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬يحتمل‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬القتل‭ ‬اليومي‭ ‬والوحشية‭ ‬والإبادة‭!‬،‭ ‬ليسجلّ‭ ‬هذا‭ ‬الكيان‭ ‬سابقة‭ ‬في‭ ‬التاريخ‭ ‬البشري‭ ‬وفي‭ ‬العالم‭ ‬منذ‭ ‬نشوئه‭ ‬الاستعماري‭ ‬والاستيطاني‭ ‬وحتى‭ ‬اليوم‭ ‬متفوقًا‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬أساليب‭ ‬الوحشيات‭ ‬الاستعمارية‭!  ‬

{‭ ‬التاريخ‭ ‬سجل‭ ‬الأساطير‭ ‬والخرافات‭ ‬وتزوير‭ ‬الوثائق‭ ‬التي‭ ‬ينشأ‭ ‬على‭ ‬أساسها‭ ‬هذا‭ ‬الكيان‭ ‬الاستيطاني،‭ (‬باختراع‭ ‬صهيوني‭ ‬حوّل‭ ‬اليهودية‭ ‬كما‭ ‬نعرف‭ ‬كدين‭ ‬إلى‭ ‬قومية‭ ‬عِرقية،‭ ‬ثم‭ ‬حوّل‭ ‬العِرقية‭ ‬إلى‭ ‬عنصرية‭ ‬صهيونية‭)! ‬لتستمر‭ ‬معاناة‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬والمنطقة‭ ‬العربية،‭ ‬ولتتحوّل‭ ‬المعاناة‭ ‬إلى‭ ‬معاناة‭ ‬إنسانية‭ ‬عامة‭ ‬تجوب‭ ‬شوارع‭ ‬العالم‭ ‬كلها‭ ‬اليوم‭ ‬نابذة‭ ‬للخلفية‭ ‬الصهيونية‭ ‬التي‭ ‬يقوم‭ ‬على‭ ‬أساسها‭ ‬هذا‭ ‬الكيان،‭ ‬ونابذة‭ ‬للدعم‭ ‬الاستعماري‭ ‬الغربي‭ ‬لجرائم‭ ‬الحرب‭ ‬والإبادة‭ ‬التي‭ ‬قام‭ ‬ويقوم‭ ‬بها،‭ ‬ولتتجلىّ‭ ‬لكل‭ ‬شعوب‭ ‬العالم‭ ‬حقيقة‭ ‬هذا‭ ‬الكيان‭ ‬الاستلابي،‭ ‬وحقيقة‭ ‬‮«‬الصهيونية‭ ‬العالمية‮»‬‭ ‬التي‭ ‬تستلب‭ ‬أيضًا‭ ‬كل‭ ‬شعوب‭ ‬الغرب‭ ‬والعالم‭!‬،‭ ‬ولتفاجأ‭ ‬الشعوب‭ ‬والبشرية،‭ ‬بأن‭ ‬هذا‭ (‬الكيان‭ ‬شاذ‭ ‬عن‭ ‬قوانين‭ ‬العالم‭ ‬والإنسانية‭ ‬والسياسة‭ ‬العالمية‭ ‬المرتجاة،‭ ‬وشاذ‭ ‬عن‭ ‬الحضارة‭ ‬الإنسانية‭ ‬والمدنية‭ ‬رغم‭ ‬ادعاءات‭ ‬تطوّره‭ ‬العلمي‭ ‬والديموقراطي‭)!‬

{‭ ‬لم‭ ‬يشهد‭ ‬التاريخ‭ ‬البشري‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مراحل‭ ‬تطوّره‭ ‬إلا‭ ‬بعض‭ ‬الحوادث‭ ‬الجيوستراتيجية‭ ‬النادرة‭ ‬مثل‭ (‬قيام‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬ونشوئها‭) ‬على‭ ‬جماجم‭ ‬السكان‭ ‬الأصليين‭ ‬من‭ ‬الهنود‭ ‬الحمر‭!‬،‭ ‬ثم‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬أستراليا‭ ‬من‭ ‬سطوة‭ ‬البيض‭ ‬على‭ ‬السكان‭ ‬المحليين‭ ‬استعماريًا،‭ ‬حتى‭ ‬تحوّلت‭ ‬السطوة‭ ‬إلى‭ ‬أمر‭ ‬واقع‭! ‬وما‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬جنوب‭ ‬إفريقيا‭ ‬من‭ ‬هيمنة‭ ‬استعمارية‭ ‬للجنس‭ ‬الأبيض‭ ‬وفصل‭ ‬عنصري‭!‬،‭ ‬وكانت‭ ‬تلك‭ ‬الأحداث‭ ‬تدور‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الاستلابات‭ ‬الاستعمارية‭ ‬للدول‭ ‬والشعوب‭ ‬في‭ ‬قارات‭ ‬العالم‭ ‬كله‭ ‬فيما‭ ‬الوعي‭ ‬الشعبي‭ ‬العالمي‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬متواصلاً‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الثورة‭ ‬التكنولوجية،‭ ‬حتى‭ ‬جاء‭ ‬هذا‭ ‬الكيان‭ ‬العنصري،‭ ‬ليختزل‭ ‬في‭ ‬نفسه‭ ‬كل‭ ‬الممارسات‭ ‬السابقة‭ ‬من‭ ‬وحشية‭ ‬عنصرية‭ ‬واستيطانية،‭ ‬وقتل‭ ‬وإبادة،‭ ‬ولتنكشف‭ ‬كل‭ ‬أوراقه‭ ‬اللاحضارية‭ ‬واللاإنسانية‭ ‬واللاأخلاقية‭ ‬خلال‭ ‬الشهور‭ ‬الماضية‭ ‬من‭ ‬العدوان‭ ‬الهمجي‭ ‬على‭ ‬غزة،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬ثورة‭ ‬وعي‭ ‬شعبية‭ ‬عالمية‭ ‬ضدّه‭ ‬بدأت‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ ‬نفسه‭!‬،‭ ‬وفي‭ ‬مدن‭ ‬العالم‭ ‬الأخرى،‭ ‬وليرتفع‭ ‬شعار‭ ‬مخيف‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬الكيان‭ ‬والصهيونية‭ ‬وأنظمة‭ ‬الغرب‭ ‬وهو‭ ‬شعار‭ (‬فلسطين‭ ‬من‭ ‬النهر‭ ‬إلى‭ ‬البحر‭) ‬تعبيرًا‭ ‬عن‭ ‬الرفض‭ ‬الشعبي‭ ‬العالمي‭ ‬لوجود‭ ‬هذا‭ ‬الكيان‭ (‬باعتباره‭ ‬نشاز‭ ‬عالمي‭ ‬وإنساني‭ ‬وتاريخي‭) ‬ولتصعد‭ ‬أوراق‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬للمرة‭ ‬الأولى‭ ‬منذ‭ ‬اغتصاب‭ ‬فلسطين،‭ ‬فتتحول‭ ‬إلى‭ ‬قضية‭ ‬شعوب‭ ‬العالم‭ ‬كلها،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تخاذل‭ ‬العرب‭ ‬والمسلمون‭ ‬في‭ ‬نُصرة‭ ‬غزة‭ ‬وما‭ ‬تواجهه‭ ‬من‭ ‬حرب‭ ‬إبادة‭ ‬وتطهير‭ ‬عِرقي‭!‬

{‭ ‬هذا‭ ‬الكيان‭ ‬الغريب‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬غريب‭ ‬عن‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية،‭ ‬بل‭ ‬عن‭ ‬العالم‭ ‬كله،‭ ‬ولن‭ ‬يعود‭ ‬أبدًا‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬قبل‭ ‬7‭ ‬أكتوبر‭ ‬والعدوان‭ ‬على‭ ‬غزة‭! ‬لأن‭ ‬وجوده‭ ‬أصبح‭ ‬مؤرقًا‭ ‬لكل‭ ‬العالم‭ ‬وقوانينه‭ ‬وما‭ ‬يطمح‭ ‬إليه‭ ‬من‭ ‬مبادئ‭ ‬وقيم‭ ‬إنسانية،‭ ‬فقد‭ ‬سجل‭ ‬لنفسه‭ ‬رغم‭ ‬كل‭ ‬ادعاءاته‭ ‬الزائفة،‭ ‬والمظلومية‭ ‬التي‭ ‬لبسها‭ ‬طوال‭ ‬عقود‭ ‬طويلة،‭ ‬أنه‭ ‬منبوذ‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬من‭ ‬شعوب‭ ‬العالم‭ ‬الحرّة،‭ ‬وليس‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬طردت‭ ‬اليهود‭ ‬من‭ ‬جغرافيتها‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ ‬عبر‭ ‬القرون‭ ‬الماضية‭! (‬العالم‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬حرّاً،‭ ‬إلا‭ ‬إذا‭ ‬تحرّر‭ ‬من‭ ‬الخلفية‭ ‬الأيديولوجية‭ ‬للصهيونية‭ ‬التي‭ ‬أنشأت‭ ‬هذا‭ ‬الكيان‭)‬،‭ ‬حتى‭ ‬أصبحت‭ ‬حرية‭ ‬غزة‭ ‬وفلسطين‭ ‬أيقونة‭ ‬لحرية‭ ‬العالم‭ ‬كله،‭ ‬لتتخلص‭ ‬من‭ ‬الأساطير‭ ‬والخرافات‭ ‬والعِرقية‭ ‬العنصرية‭ (‬اليهود‭ ‬والأغيار‭) ‬والتي‭ ‬جعلت‭ ‬البشرية‭ ‬كلها‭ (‬أغيار‭) ‬لخدمة‭ ‬الصهاينة‭!‬

ولكأن‭ ‬لعبة‭ ‬السيّد‭ ‬والعبيد‭ ‬قد‭ ‬تحولت‭ ‬إلى‭ (‬لعبة‭ ‬عالمية‭) ‬حيث‭ ‬‮«‬السيّد‭ ‬الصهيوني‭ ‬اليهودي‮»‬‭ ‬وبقية‭ ‬العالم‭ ‬كله‭ ‬هم‭ ‬العبيد‭!‬

ولهذا‭ ‬فإن‭ ‬وعي‭ ‬الشعوب‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ ‬بفحوى‭ ‬تلك‭ ‬العبودية‭ ‬يتصاعد،‭ ‬ويرفضها،‭ ‬ويعمل‭ ‬على‭ ‬التحرر‭ ‬منها،‭ ‬بدءًا‭ ‬من‭ ‬كيان‭ ‬أثبت‭ ‬أنه‭ ‬خارج‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬عرفته‭ ‬البشرية،‭ ‬وأنه‭ ‬غير‭ ‬قابل‭ ‬للتعايش‭ ‬والسلام‭!‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا