العدد : ١٧٠٨٢ - الأحد ٢٩ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٨ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٨٢ - الأحد ٢٩ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٨ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

الثقافي

نبض: المسرح ليس وحيداً في الألم!

بقلم: علي الستراوي

السبت ٢٢ يوليو ٢٠٢٣ - 02:00

من‭ ‬أشد‭ ‬الهموم‭ ‬وأقساها،‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ (‬الفنان‭) ‬بين‭ ‬مخلب‭ ‬الأحلام‭ ‬وبين‭ ‬واقع‭ ‬شديد‭ ‬القسوة‭ ‬على‭ ‬حلمه،‭ ‬في‭ ‬موضع‭ ‬لا‭ ‬يحسد‭ ‬عليه،‭ ‬أعني‭ ‬الفنان‭ ‬ذا‭ ‬الصفة‭ ‬الإبداعية‭ ‬الشاملة‭ ‬الموزع‭ ‬بين‭ ‬رسالة‭ ‬مناط‭ ‬منه‭ ‬ايصالها‭ ‬وبين‭ ‬حلم‭ ‬جائع‭ ‬يرفرف‭ ‬كعصفور‭ ‬مذبوح‭ ‬من‭ ‬شدة‭ ‬العطش‭ ‬في‭ ‬قسوة‭ ‬الصيف‭. ‬

‭(‬فنان‭) ‬في‭ ‬المسرح‭ ‬والفن‭ ‬التشكيلي‭ ‬والسينما‭ ‬والموسيقى،‭ ‬وما‭ ‬يجمع‭ ‬ويرتبط‭ ‬بهذه‭ ‬الصفات‭ ‬التي‭ ‬تطوق‭ ‬المبدع‭ ‬وتعصره‭ ‬كي‭ ‬يصل‭ ‬برسالته‭ ‬إلى‭ ‬الجمهور‭ ‬الكبير،‭ ‬بمعنى‭ ‬شمولية‭ (‬المثقف‭) ‬اديب‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬القصة‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬الشعر‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬والرواية‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬النقد‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬الأعلام‭ ‬وما‭ ‬يرتبط‭ ‬بالأدب‭ ‬ضمن‭ ‬شمولية‭ ‬الجمع‭ ‬الحاضن‭ ‬للجميع‭ ‬عبر‭ ‬رسائل‭ ‬المبدع‭ ‬المعاصر‭.‬

هؤلاء‭ ‬كل‭ ‬عبر‭ ‬رسالته‭ ‬الإبداعية‭ ‬يأكل‭ ‬من‭ ‬جسده‭ ‬ومن‭ ‬عينيه‭ ‬ليضيء‭ ‬ظلمة‭ ‬ما‭ ‬يحيطه‭ ‬إلى‭ ‬ضوء‭ ‬كبير‭ ‬يُفرح‭ ‬به‭ ‬الآخرين‭. ‬

هؤلاء‭ ‬المبدعون،‭ ‬يحبرون‭ ‬ليل‭ ‬الظلمة‭ ‬بألوان‭ ‬الأمل،‭ ‬دون‭ ‬ان‭ ‬يطلبوا‭ ‬مقابلا‭ ‬يحميهم‭ ‬من‭ ‬تقلبات‭ ‬العصر،‭ ‬وشدة‭ ‬قسوة‭ ‬الغلاء‭.‬

فالمسرحي‭ ‬يريد‭ ‬صندوقا‭ ‬يدعمه‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬يشعر‭ ‬بالجوع‭ ‬والضياع‭ ‬وايضاً‭ ‬الأديب‭ ‬يريد‭ ‬كما‭ ‬يريد‭ ‬المسرحي،‭ ‬وهذا‭ ‬ينطبع‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬المبدعين‭ ‬الذين‭ ‬هم‭ ‬نواة‭ ‬الحلم‭ ‬لأي‭ ‬مشروع‭ ‬رائد‭ ‬في‭ ‬الثقافة‭ ‬المعاصرة،‭ ‬يتمنون‭ ‬أن‭ ‬يُوجد‭ ‬لهم‭ ‬صندوق‭ ‬داعم‭ ‬يغنيهم‭ ‬عن‭ ‬التسول‭ ‬ويبقيهم‭ ‬ضمن‭ ‬خارطة‭ ‬مسيرة‭ ‬المبدعين‭.‬

ومنذ‭ ‬سنوات‭ ‬عبر‭ ‬هذه‭ ‬الزاوية‭ ‬تطرقت‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬الظاهرة‭ ‬المؤلمة‭ ‬والمتعبة‭ ‬للمبدع،‭ ‬مطالباً‭ ‬أن‭ ‬ينظر‭ ‬في‭ ‬امرهم‭ ‬وأن‭ ‬يضوع‭ ‬لهم‭ ‬صندوق‭ ‬داعم‭ ‬لإبداعاتهم‭ ‬وقت‭ ‬ما‭ ‬هم‭ ‬يعتازون‭ ‬له،‭ ‬صندوق‭ ‬يساعد‭ ‬المسرحي‭ ‬في‭ ‬قسوة‭ ‬جوعه‭ ‬وبطالته‭ ‬وايضاً‭ ‬الأديب‭ ‬والإعلامي‭ ‬في‭ ‬دعمه‭ ‬وقت‭ ‬الحاجة،‭ ‬فالكثير‭ ‬من‭ ‬الأدباء‭ ‬يطبع‭ ‬نتاجاتهم‭ ‬عبر‭ ‬اخذ‭ ‬قروض‭ ‬تساعدهم‭ ‬على‭ ‬طباعة‭ ‬نتاجاتهم،‭ ‬وهذا‭ ‬ايضاً‭ ‬منطبق‭ ‬على‭ ‬المسرحي،‭ ‬فأي‭ ‬عمل‭ ‬مسرحي‭ ‬يراد‭ ‬له‭ ‬ان‭ ‬يظهر‭ ‬يحتاج‭ ‬لأموال‭ ‬تسير‭ ‬عجلاته،‭ ‬فمن‭ ‬اين‭ ‬يأتي‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬غياب‭ ‬هذا‭ ‬الصندوق‭ ‬الداعم؟‭ ‬

الأحلام‭ ‬وحدها‭ ‬لا‭ ‬تبني‭ ‬بيتاً،‭ ‬والمال‭ ‬وحده‭ ‬لا‭ ‬يعطي‭ ‬مبدعاً،‭ ‬الكل‭ ‬يكمل‭ ‬الآخر،‭ ‬وجود‭ ‬الدعم‭ ‬للمبدع‭ ‬يعطيه‭ ‬اصرارا‭ ‬على‭ ‬الإنتاجية‭ ‬والعمل‭ ‬الدؤوب‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬كلل،‭ ‬فالرسائل‭ ‬تكمل‭ ‬بعضها‭ ‬في‭ ‬الدعم‭ ‬الثابت‭ ‬لكل‭ ‬مبدع،‭ ‬ولا‭ ‬يأتي‭ ‬هذا‭ ‬الدعم‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬تكاتف‭ ‬الجميع‭ ‬في‭ ‬الوطن‭ ‬الواحد،‭ ‬مبني‭ ‬على‭ ‬دراسة‭ ‬واقع‭ ‬الحركة‭ ‬الأدبية‭ ‬والمسرحية‭ ‬وحاجة‭ ‬المبدع‭ ‬الى‭ ‬الدعم‭ ‬والأسناد‭.‬

واعتقد‭ ‬جازماً‭ ‬أن‭ ‬وجود‭ ‬صندوق‭ ‬دائم‭ ‬في‭ ‬الحراك‭ ‬الثقافي،‭ ‬للمسرحي‭ ‬والموسيقي‭ ‬والتشكيلي‭ ‬والخطاطون‭ ‬والنقاد‭ ‬والمؤلفون‭ ‬في‭ ‬ادبيات‭ ‬السرد‭ ‬والشعر‭ ‬والأدب،‭ ‬هم‭ ‬بحاجة‭ ‬الى‭ ‬وجود‭ ‬هذا‭ ‬الصندوق‭ ‬الذي‭ ‬سوف‭ ‬يحميهم‭ ‬من‭ ‬الجوع‭ ‬والضياع‭ ‬وسوف‭ ‬يطور‭ ‬من‭ ‬مهاراتهم‭ ‬الإبداعية،‭ ‬ويعطي‭ ‬كل‭ ‬ذي‭ ‬حق‭ ‬حقه‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬منة‭ ‬على‭ ‬أحد،‭ ‬لأنه‭ ‬صندوق‭ ‬مدعوم‭ ‬من‭ ‬القادرين‭ ‬على‭ ‬تغذية‭ ‬هذا‭ ‬الصندوق‭ ‬بريعهم‭ ‬في‭ ‬دفع‭ ‬رسائل‭ ‬المبدع،‭ ‬فلا‭ ‬نرى‭ ‬من‭ ‬يقول‭: ‬ضاعت‭ ‬رسائل‭ ‬سنوات‭ ‬دراستي‭ ‬للفن‭ ‬ولا‭ ‬نرى‭ ‬من‭ ‬يقول‭: ‬تعبت‭ ‬عيناي‭ ‬من‭ ‬السهر‭ ‬وبقيت‭ ‬مخطوطاتي‭ ‬رهينة‭ ‬محبس‭ ‬مكتبي‭.‬

دعونا‭ ‬نعمهم‭ ‬سويا،‭ ‬فالمجتمعات‭ ‬لا‭ ‬تنمو‭ ‬رسائل‭ ‬أبنائها‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬راع‭ ‬يحميها‭ ‬من‭ ‬قسوة‭ ‬الأزمنة‭!‬

a‭.‬astrawi@gmali‭.‬com

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا