العدد : ١٧٠٨٢ - الأحد ٢٩ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٨ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٨٢ - الأحد ٢٩ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٨ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

الثقافي

قـرصنة الكتاب الورقـي من دون حـل!

بقلم : أحــمَــد الـمُـؤذّن

السبت ١٥ يوليو ٢٠٢٣ - 02:00

في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬نستميت‭ ‬فيه‭ ‬بالدفاع‭ ‬عـن‭ ‬أهميـة‭ ‬الكتاب‭ ‬الورقـي‭ ‬وأنـه‭ ‬‮«‬لــن‮»‬‭ ‬ينتهـي‭ ‬كوعــاء‭ ‬حاضن‭ ‬للثقافة‭ ‬والأدب‭ ‬والعطاء‭ ‬الحضاري‭ ‬الإنساني،‭ ‬فقد‭ ‬قطعت‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬أشواطـًا‭ ‬خرافيـة‭ ‬رهيبــة‭ ‬في‭ ‬تعدد‭ ‬وسائلـها‭ ‬وسهلت‭ ‬على‭ ‬قراصنـة‭ ‬الشبكة‭ ‬إتاحـة‭ ‬مؤلفات‭ ‬الأدباء‭ ‬على‭ ‬شكـل‭ ‬نسخ‭ ‬مجانيـة‭ ‬منتشرة‭ ‬ومن‭ ‬السهل‭ ‬الوصول‭ ‬إليها‭ ‬بكبسـة‭ ‬زر‭!‬

حقيقيـة‭ ‬الوضع‭ ‬الصعب‭ ‬والراهـن‭ ‬الذي‭ ‬نعيشـه‭ ‬الآن‭ ‬للأسف‭ ‬لا‭ ‬يلقــى‭ ‬الحلول‭ ‬التي‭ ‬تعالج‭ ‬حـرج‭ ‬المأزق‭ ‬العويص‭ ‬من‭ ‬سـرقات‭ ‬للملكـية‭ ‬الأدبية‭ ‬يتكبـد‭ ‬خسارتها‭ ‬بالأساس‭ ‬الكاتب‭ ‬المحلي‭ ‬أو‭ ‬العربي‭ ‬الذي‭ (‬يسلخ‭ ‬من‭ ‬جلده‭ ‬كيما‭ ‬ينشر‭ ‬مصنفه‭ ‬الأدبي‭) ‬وقبل‭ ‬أن‭ ‬يتمكـن‭ ‬من‭ ‬تصريف‭ ‬كتابـه‭ ‬عـند‭ ‬المكتبات‭ ‬في‭ ‬السوق‭ ‬،‭ ‬تحل‭ ‬عليـه‭ ‬لعنـة‭ ‬القراصنة‭ ‬الذين‭ ‬يسرقون‭ ‬جهـده‭ ‬في‭ ‬وضـح‭ ‬النهار‭!‬

الأكثر‭ ‬فداحـة‭ ‬في‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬الوضع‭ ‬التعس،‭ ‬منتدى‭ ‬إلكتروني‭ ‬‮«‬يدعي‭ ‬‮«‬أهمية‭ ‬الثقافة‭ ‬وضرورة‭ ‬دعــم‭ ‬الكاتب‭ ‬العربي‭ ‬بعدما‭ ‬قام‭ ‬بقرصنة‭ ‬روايـة‭ ‬من‭ ‬كاتبها‭ ‬وقدمها‭ ‬مجانـًا‭ ‬للقراء‭ ‬حول‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬وكـل‭ ‬الكون،‭ ‬ألصق‭ ‬نصيحـة‭ ‬سمجـة‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬الكتاب‭ ‬ليبرر‭ ‬فعل‭ ‬السرقـة‭ ‬التي‭ ‬نفذها،‭ ‬يشير‭ ‬فيها‭ ‬لعموم‭ ‬القراء‭.. ‬‮«‬في‭ ‬حال‭ ‬أعـجبتك‭ ‬الرواية‭ ‬قُــم‭ ‬بشراء‭ ‬الرواية‭ ‬لتدعـم‭ ‬الكاتب‮»‬‭!‬

ماذا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يُـقال‭ ‬في‭ ‬هكذا‭ ‬تصرف‭ ‬غـريب‭ ‬من‭ ‬قراصنـة‭ ‬الكتب‭ ‬غـريبيّ‭ ‬الأطـوار،‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬المستغرب‭ ‬تكـدس‭ ‬الكتب‭ ‬في‭ ‬المكتبات‭ ‬ومعارض‭ ‬الكتاب،‭ ‬حيث‭ ‬درجت‭ ‬الجماهير‭ ‬على‭ ‬الفرجـة‭ ‬المجانية،‭ ‬بكبسـة‭ ‬زر‭ ‬يستطيع‭ ‬المـرء‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬كتاب‭ ‬وهنا‭ ‬لا‭ ‬أحـد‭ ‬يدفع‭ ‬فواتير‭ ‬الخسارة‭ ‬غير‭ ‬الناشر‭ ‬والمؤلف،‭ ‬وهذا‭ ‬الأخير‭ ‬كتبـه‭ ‬تظل‭ ‬مكدسـة‭ ‬لديـه‭ ‬ويأتيه‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬من‭ ‬يلومـه‭ ‬بعدها‭ ‬غير‭ ‬مكترثٍ‭ ‬بمشاعـره‭ ‬أو‭ ‬يضع‭ ‬له‭ ‬أي‭ ‬اعـتبار‭ ‬في‭ ‬المسألة‭.. (‬يا‭ ‬أستاذ‭ ‬الكتابة‭ ‬لا‭ ‬تـؤكلك‭ ‬خبـزًا‭)!‬

بالنتيجـة‭.. ‬وزارات‭ ‬الثقافة‭ ‬والإعلام‭ ‬في‭ ‬الوطـن‭ ‬العربي‭ ‬مطالبـة‭ ‬اليوم‭ ‬بتحديث‭ ‬البنيـة‭ ‬القانونيـة‭ ‬الكفيلة‭ ‬بحماية‭ ‬المنتج‭ ‬الثقافي‭ ‬العربي‭ ‬من‭ ‬اللصوصية‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تركها‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الحال‭ ‬تصادر‭ ‬من‭ ‬المؤلف‭ ‬والناشر‭ ‬العربي‭ ‬حقوقهما‭ ‬بهذا‭ ‬الشكـل‭ ‬التعـسفي،‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬آليات‭ ‬عمـل‭ ‬محددة‭ ‬عن‭ ‬طريقها‭ ‬يمكن‭ ‬تشريع‭ ‬قوانين‭ ‬جديدة‭ ‬تتصدى‭ ‬لمثل‭ ‬هذا‭ ‬الوضع‭ ‬وتحد‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬من‭ ‬القرصنة‭ ‬التي‭ ‬وصلت‭ ‬إلى‭ ‬حـد‭ ‬تحويل‭ ‬كتب‭ ‬مؤلف‭ ‬بحريني‭  (......) ‬لملفات‭ ‬صوتية‭ ‬وبيعها‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬عـلمـه‭ ‬والتكسب‭ ‬من‭ ‬وراء‭ ‬ظهره؟‭!‬

إن‭ ‬مواكبـة‭ ‬تحديات‭ ‬العصر‭ ‬باتت‭ ‬ضرورية‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬المجالات‭ ‬فكيف‭ ‬الحال‭ ‬ونحن‭ ‬نتحدث‭ ‬عن‭ ‬حقوق‭ ‬الملكيـة‭ ‬الفكرية‭ ‬في‭ ‬شقها‭ ‬المرئي‭ ‬والسمعي‭ ‬والتي‭ ‬شاهدنا‭ ‬لها‭ ‬بعض‭ ‬الغارات‭ ‬التي‭ ‬شنتها‭ ‬عناصر‭ ‬رسميـة‭ ‬متخفيـة‭ ‬ذات‭ ‬يوم‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬شعبي،‭ ‬حيث‭ ‬صادرت‭ ‬‮«‬بسطـات‮»‬‭ ‬تبيع‭ ‬الأفلام‭ ‬والمسرحيات‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬المصنفات‭ ‬الفنيـة‭ ‬المنسوخـة،‭ ‬تنفيـذًا‭ ‬للقانون‭.‬

فماذا‭ ‬عـن‭ ‬الكتاب‭ ‬الورقي‭ ‬من‭ ‬يحمي‭ ‬وجـوده‭ ‬من‭ ‬القرصنة؟‭ ‬متى‭ ‬يتعلم‭ ‬المجتمع‭ ‬أن‭ ‬الكتاب‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬يكـون‭ ‬سلعـة‭ ‬ثقافيـة‭ ‬لها‭ ‬تقديرها‭ ‬واحترامها؟‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬وزارات‭ ‬الإعلام‭ ‬والثقافة‭ ‬العربية‭ ‬يترتب‭ ‬عليها‭ ‬مخاطبـة‭ (‬غـوغـل،‭ ‬مايكروفست،‭ ‬آبـل،‭ ‬يوتيوب،‭ ‬فيسبوك‭) ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬المواقع‭ ‬الإلكترونية‭ ‬ومحركات‭ ‬البحث‭ ‬على‭ ‬الشبكـة‭ ‬بضرورة‭ ‬وقف‭ ‬هذا‭ ‬العبث‭ ‬وعـدم‭ ‬تقديـم‭ ‬العون‭ ‬لهؤلاء‭ ‬اللصوص‭ ‬الذي‭ ‬وصل‭ ‬بهم‭ ‬الأمـر‭ ‬سهولة‭ ‬قرصة‭ ‬أي‭ ‬منتج‭ ‬فكري‭ ‬أو‭ ‬أدبي‭ ‬حتى‭ ‬قبل‭ ‬مضي‭ ‬عـام‭ ‬واحد‭ ‬على‭ ‬الطبعة‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬الكتاب‭!‬

نحتاج‭ ‬إلى‭ ‬تحرك‭ ‬سريع‭ ‬بهذا‭ ‬الخصوص‭ ‬وإلا‭ ‬فسنجد‭ ‬هؤلاء‭ ‬الكتاب‭ ‬والمثقفين‭ ‬بمختلف‭ ‬توجهاتهم‭ ‬وقاماتهم‭ ‬يعزفون‭ ‬عن‭ ‬الكتابة‭ ‬والتأليف‭ ‬وهذا‭ ‬‮«‬متوقع‮»‬‭ ‬لكون‭ ‬الثقافة‭ ‬وفـق‭ ‬خسائر‭ ‬الواقع‭ ‬الذي‭ ‬نمر‭ ‬في‭ ‬جحيمـه‭ ‬اليوم‭ ‬باتت‭ ‬غـير‭ ‬ذات‭ ‬جدوى‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬البعيـد،‭ ‬وخصوصا‭ ‬أن‭ ‬الكاتب‭ ‬في‭ ‬الوطن‭ ‬العربي‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬مألوف‭ (‬دائمـًا‭ ‬ما‭ ‬يموت‭ ‬معـدمـًا‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف‭) ‬كتحصيل‭ ‬حاصل‭ ‬فلا‭ ‬تزيدوه‭ ‬هـمـًّا‭ ‬وتحاصرونه‭ ‬بالمزيد‭ ‬من‭ ‬الغربـة،‭ ‬ففيـه‭ ‬ما‭ ‬يكـفيــه‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا