العدد : ١٧٠٨٢ - الأحد ٢٩ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٨ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٨٢ - الأحد ٢٩ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٨ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

الثقافي

نبض: أبي آية في السهاد!

بقلم: علي الستراوي

السبت ٠٨ يوليو ٢٠٢٣ - 02:00

أبي‭.. ‬

طوى‭ ‬الزمان‭ ‬ولا‭ ‬غبت‭.. ‬

ولا‭ ‬أوقظنا‭ ‬الليل‭ ‬دون‭ ‬فجرك

ولم‭ ‬يكن‭ ‬طيفك‭ ‬محض‭ ‬سراب‭ ‬

شاغلني‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬بالأمس‭ ‬فيك‭ ‬ظلاً‭.. ‬

بهياً‭ ‬يسامرني‭ ‬بالوفاء

على‭ ‬حدقتي‭ ‬يثيرُ‭ ‬الدموع‭.. ‬

ويقرأُ‭ ‬ما‭ ‬يقلقني‭ ‬في‭ ‬الحياة

سؤالٌ‭ ‬لا‭ ‬يغادرني‭.. ‬

دون‭ ‬وجهك‭ ‬في‭ ‬الصباح‭ ‬

أبي‭ ‬يا‭ ‬نداء‭ ‬المحبين‭ ‬

ويا‭ ‬صحوة‭ ‬ليس‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬حدود‭ ‬

وليس‭ ‬لها‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬مني‭.. ‬

عنادٌ‭ ‬وجهل‭ ‬الصغار‭ ‬

أبي‭.. ‬

يستعجلني‭ ‬منك‭ ‬حبورٌ‭ ‬رقيق‭ ‬

كنتَ‭ ‬على‭ ‬اعرافه‭ ‬يانع‭ ‬كعذق‭ ‬نخلٍ‭.. ‬

سامق‭ ‬في‭ ‬العطاء‭.. ‬

تجرُ‭ ‬على‭ ‬ظهرك‭ ‬سنين‭ ‬عجاف‭ ‬

أبي‭..‬

والمدى‭ ‬ساحة‭ ‬لعبٍ‭ ‬بين‭ ‬عينك‭.. ‬

وبين‭ ‬شفتيك‭ ‬يراقصني‭ ‬هواك

كسؤالٍ‭ ‬بعيد‭ ‬المنال‭.. ‬

واقع‭ ‬بين‭ ‬غربتين‭.. ‬

وجعُ‭ ‬لفقد‭ ‬غليظ‭ ‬السياط‭..‬

نائم‭ ‬فوق‭ ‬صدرك‭ ‬لا‭ ‬يطاق

أبي‭: ‬هو‭ ‬الماء‭ ‬

آسنٌ‭ ‬بين‭ ‬قدمين‭ ‬متعبتين‭.. ‬

عالقٌ‭ ‬بها‭ ‬الطين‭ ‬سنوات‭ ‬طوال‭!‬

حُفاء‭.. ‬بينها‭ ‬ثقلٌ‭ ‬حبيس‭.. ‬

وبيني‭ ‬وبينك‭ ‬بوحُ‭ ‬الهوى‭..‬

يقرعُ‭ ‬قلبي‭ ‬بنبض‭ ‬شديد‭.. ‬

ثقيلٌ‭ ‬عليّ‭.. ‬

كصخرِ‭ ‬الزمان‭.. ‬

أو‭ ‬ما‭ ‬استحي‭ ‬أن‭ ‬يقال‭:‬

كأني‭ ‬بك‭ ‬هنا‭.. ‬

لم‭ ‬يغيبَكَ‭ ‬الموت‭.. ‬

ولم‭ ‬تكسرنا‭ ‬في‭ ‬حبك‭ ‬قسوة‭ ‬العناد

ولم‭ ‬يختصم‭ ‬في‭ ‬حضرتك‭ ‬الجدال‭ ‬

غادرتنا‭.. ‬

ولم‭ ‬تغادرنا‭ ‬سُفنُ‭ ‬المرفأ‭ ‬سنواتك‭ ‬الحُبلى

جئتك‭ ‬والرمل‭ ‬قد‭ ‬طفح‭ ‬فوق‭ ‬قبرك

والطائرُ‭ ‬الحيران‭ ‬أنا‭ ‬يا‭ ‬أبي‭.. ‬

أصحو‭ ‬مع‭ ‬الفجر‭ ‬أبحثُ‭ ‬عنكَ

وأقرعُ‭ ‬باب‭ ‬الدار‭ ‬التي‭ ‬خلت‭ ‬منك‭..‬

وغاب‭ ‬عنها‭ ‬صوتك‭ ‬الحنون‭.. ‬

لا‭ ‬الباب‭ ‬قد‭ ‬أحكم‭ ‬مزلاجه‭.. ‬

ولا‭ ‬بَعدك‭ ‬استراح‭ ‬الصغير‭.. ‬

تقدمتُ‭ ‬يوم‭ ‬تقدم‭ ‬طيفك

ويوم‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬لنا‭ ‬في‭ ‬الفناء‭ ‬دليل

تهنا‭ ‬وكان‭ ‬الرشد‭ ‬في‭ ‬محياك‭ ‬صباً

أبي‭ ‬يا‭ ‬صحوة‭ ‬الغائبين‭.. ‬

ويا‭ ‬سلال‭ ‬الرطب‭ ‬والمعنى‭ ‬العتيد

أشتاق‭ ‬لطلتك‭ ‬في‭ ‬الصباح‭ ‬قمراً

وفي‭ ‬المساء‭ ‬صحوة‭ ‬من‭ ‬أصيل‭.. ‬

هي‭ ‬الشمس‭ ‬قد‭ ‬أدركت‭ ‬يا‭ ‬أبي‭..‬

أي‭ ‬قيدٍ‭ ‬اوقف‭ ‬خُطاها‭! ‬

يوم‭ ‬امتطيت‭ ‬صهوة‭ ‬ريح‭ ‬الشمال

لتسقي‭ ‬ظمأنا‭ ‬من‭ ‬عرق‭ ‬السنوات‭ ‬العجاف‭.. ‬

كأس‭ ‬من‭ ‬حليب‭ ‬الشفاء‭..‬

وكأس‭ ‬من‭ ‬زعفران‭ ‬الحياة

أبي‭ ‬يا‭ ‬بسملة‭ ‬لا‭ ‬تغيب‭.. ‬

ويا‭ ‬آية‭ ‬من‭ ‬التقوى‭.. ‬

أراك‭ ‬بقربي‭ ‬ترددها‭..‬

بسملة‭ ‬تعيدنا‭ ‬للرشاد‭..‬

لأنك‭ ‬أكسجين‭ ‬الرضى

وعنفوان‭ ‬يتجدد‭.. ‬ولا‭ ‬يموت

تجرُ‭ ‬عربتك‭ ‬بين‭ ‬العتالين‭ ‬

أو‭ ‬تداعبُ‭ ‬زنبيلاً‭ ‬ثقل‭ ‬بما‭ ‬فيه‭ ‬من‭ ‬التعب‭.. ‬

ثابتٌ‭ ‬فوق‭ ‬رأسك‭ ‬لا‭ ‬يميل‭.. ‬

يقاسي‭ ‬حفيف‭ ‬الهواء‭..‬

أعاصير‭ ‬أزمنة‭ ‬أدركتها‭ ‬في‭ ‬الشقاء

ترددها‭ ‬في‭ ‬سهاد‭ ‬الغياب‭.. ‬

بصوتٍ‭ ‬ضعيف

ونبضٍ‭ ‬خفيف‭.. ‬

قلبٌ‭ ‬يحركني‭ ‬بُنيّ‭.. ‬

ويعلو‭ ‬بي‭ ‬فوق‭ ‬صاريات‭ ‬الحياة‭.. ‬

فارساً‭ ‬يشق‭ ‬الحُجب‭.. ‬

ويحلبُ‭ ‬نوق‭ ‬المسير‭ ‬الطويل‭.. ‬

لنحيا‭ ‬كشجر‭ ‬السنديان‭.. ‬

لا‭ ‬ننكسرُ‭ ‬ولا‭ ‬نجوع‭!‬

a‭.‬astrawi@gmail‭.‬com

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا