العدد : ١٧٠٨٢ - الأحد ٢٩ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٨ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٨٢ - الأحد ٢٩ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٨ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

الثقافي

الممثل حسن محمد و«آخر حبَّة»!

السبت ١٠ يونيو ٢٠٢٣ - 02:00

لم‭ ‬يكُن‭ ‬نجم‭ ‬الشاشة‭ ‬السينمائية‭ ‬المصرية‭ ‬‮«‬عبدالسلام‭ ‬النابلسي‮»‬‭ ‬ممثلاً‭ ‬وحسب؛‭ ‬بل‭ ‬كان‭ ‬ذا‭ ‬حسٍ‭ ‬أدبي‭ ‬رفيع‭ ‬تجلَّى‭ ‬في‭ ‬زاوية‭ ‬صحفية‭ ‬كان‭ ‬يكتبها‭ ‬بانتظام‭ ‬على‭ ‬صفحات‭ ‬مجلة‭ ‬‮«‬المصوَّر‮»‬‭ ‬المصريَّة‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭: ‬‮«‬نجومٌ‭ ‬على‭ ‬الأرض‮»‬،‭ ‬وبعد‭ ‬اضطراره‭ ‬مغادرة‭ ‬مصر‭ ‬إلى‭ ‬لُبنان‭ ‬أواخر‭ ‬سنوات‭ ‬حياته‭ ‬بسبب‭ ‬مُشكلات‭ ‬مع‭ ‬مصلحة‭ ‬الضرائب‭ ‬المصريَّة‭ ‬انتقلت‭ ‬معه‭ ‬تلك‭ ‬الزاوية‭ ‬بنفس‭ ‬العنوان‭ ‬إلى‭ ‬مجلَّة‭ ‬‮«‬الشبكة‮»‬‭ ‬اللبنانيَّة‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬يرأس‭ ‬تحريرها‭ ‬ذاك‭ ‬الوقت‭ ‬الإعلامي‭/ ‬جورج‭ ‬إبراهيم‭ ‬الخوري‭.‬

بأسلوب‭ ‬‮«‬النابلسي‮»‬‭ ‬الشاعري،‭ ‬الذي‭ ‬درسَ‭ ‬الأدب‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬والده‭ ‬وفي‭ ‬الأزهر،‭ ‬واستزاد‭ ‬من‭ ‬الثقافة‭ ‬الأدبيَّة‭ ‬حين‭ ‬عمل‭ ‬في‭ ‬مهنة‭ ‬الصحافة‭ ‬الفنية‭ ‬زمنًا‭ ‬قبل‭ ‬التفرغ‭ ‬لمهنة‭ ‬التمثيل،‭ ‬كان‭ ‬يكتب‭ ‬عن‭ ‬زملائه‭ ‬من‭ ‬نجوم‭ ‬الفن،‭ ‬ولو‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬النجم‭ ‬الأديب‭ ‬يعيش‭ ‬اليوم‭ ‬بيننا‭ ‬وفي‭ ‬مُجتمعنا‭ ‬لا‭ ‬أظنهُ‭ ‬يُغفلُ‭ ‬الكتابة‭ ‬عن‭ ‬نجمٍ‭ ‬بحريني‭ ‬شاب‭ ‬يملك‭ ‬من‭ ‬الموهبة‭ ‬الفائقة‭ ‬والمهارة‭ ‬المصقولة‭ ‬بالخبرة‭ ‬منذ‭ ‬الطفولة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭ ‬ما‭ ‬يجعله‭ ‬مُستحقًا‭ ‬الكتابة‭ ‬عنه،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬بعد‭ ‬النجاح‭ ‬الساحق‭ ‬الذي‭ ‬حققه‭ ‬آخر‭ ‬أعماله‭ ‬الفنيَّة‭ ‬لهذا‭ ‬العام،‭ ‬مسرحيَّة‭ ‬‮«‬آخر‭ ‬حبَّة‮»‬‭.‬

انهمرت‭ ‬الجماهير‭ ‬على‭ ‬تذاكر‭ ‬‮«‬آخر‭ ‬حبَّة‮»‬‭ ‬انهمارًا‭ ‬جعلها‭ ‬تنفد‭ ‬سريعًا،‭ ‬وصيَّر‭ ‬الحجز‭ ‬يتطلَّب‭ ‬سباقًا‭ ‬مع‭ ‬الزَّمن،‭ ‬ولولا‭ ‬موافقة‭ ‬فريق‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬تمديد‭ ‬بضعة‭ ‬عروضٍ‭ ‬قليلة‭ ‬نزولاً‭ ‬عند‭ ‬رغبة‭ ‬الجماهير‭ ‬لما‭ ‬تمكنتُ‭ ‬من‭ ‬حضورها‭ ‬الذي‭ ‬تحوَّل‭ ‬إلى‭ ‬حلمٍ‭ ‬بعيد‭ ‬المنال‭ ‬لكثيرين‭! ‬كان‭ ‬حظي‭ ‬طيبًا‭ ‬فتمكنتُ‭ ‬من‭ ‬حجز‭ ‬مقعدٍ‭ ‬في‭ ‬منتصف‭ ‬صالة‭ ‬المسرح‭ ‬خلال‭ ‬العرض‭ ‬العشرين‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬العرض‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬الأخير،‭ ‬ولا‭ ‬بُد‭ ‬وأن‭ ‬كل‭ ‬مُلمٍ‭ ‬بأحوال‭ ‬المسرح‭ ‬الخليجي‭ ‬بوجهٍ‭ ‬عام‭ ‬والبحريني‭ ‬بوجهٍ‭ ‬خاص‭ ‬خلال‭ ‬الأعوام‭ ‬الأخيرة‭ ‬يُدرك‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الكم‭ ‬من‭ ‬العروض‭ ‬يعني‭ ‬تحقيق‭ ‬رقم‭ ‬قياسي‭ ‬يُشبه‭ ‬مُعجزة‭!‬

كان‭ ‬من‭ ‬اللافت‭ ‬توافُد‭ ‬الجمهور‭ ‬على‭ ‬المسرحيَّة‭ ‬من‭ ‬مُختلف‭ ‬الطبقات‭ ‬المُجتمعيَّة‭ ‬ثقافيًا‭ ‬وفكريًا‭ ‬وماديًا،‭ ‬رأيتُ‭ ‬أشخاصًا‭ ‬ينم‭ ‬مظهرهم‭ ‬عن‭ ‬استغنائهم‭ ‬عن‭ ‬بعض‭ ‬مظاهر‭ ‬الرفاهية‭ ‬الأخرى‭ ‬في‭ ‬حياتهم‭ ‬لتوفير‭ ‬رسوم‭ ‬تذكرة‭ ‬المسرحيَّة،‭ ‬وأشخاصًا‭ ‬لا‭ ‬يبدو‭ ‬أنهم‭ ‬من‭ ‬هواة‭ ‬مُتابعة‭ ‬الأعمال‭ ‬الفنيَّة،‭ ‬وأشخاصًا‭ ‬بشخصيَّاتٍ‭ ‬من‭ ‬مُختلف‭ ‬الأنماط‭ ‬والتوجُّهات‭ ‬العامَّة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تُبصر‭ ‬الفرق‭ ‬بينها‭ ‬وبين‭ ‬غيرها‭ ‬إلا‭ ‬عين‭ ‬روائي‭ ‬خبير‭ ‬أو‭ ‬فنَّانٌ‭ ‬مُحترف‭ ‬أو‭ ‬مُلمٌ‭ ‬بتنوع‭ ‬النماذج‭ ‬البشريَّة،‭ ‬ومع‭ ‬هذا‭ ‬اتفق‭ ‬كل‭ ‬هؤلاء‭ ‬‭ ‬في‭ ‬ظاهرةٍ‭ ‬نادرة‭ ‬‭ ‬على‭ ‬الاجتماع‭ ‬وحضور‭ ‬مسرحيَّةٍ‭ ‬فنيَّة،‭ ‬ما‭ ‬يؤكد‭ ‬أن‭ ‬وراء‭ ‬هذا‭ ‬النجاحِ‭ ‬سرًا‭ ‬كان‭ ‬سببًا‭ ‬في‭ ‬تحققه‭ ‬لهذا‭ ‬الفريق‭ ‬بينما‭ ‬لم‭ ‬يتحقق‭ ‬لغيرهم‭ ‬من‭ ‬المُجتهدين‭! ‬ولا‭ ‬تكاد‭ ‬المسرحيَّة‭ ‬تُشارف‭ ‬على‭ ‬النهاية‭ ‬حتى‭ ‬يصل‭ ‬المُشاهد‭ ‬المُلم‭ ‬بفن‭ ‬المسرح‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬السر‭ ‬هو‭ ‬الممثل‭ ‬‮«‬حسن‭ ‬محمد‮»‬‭.‬

لا‭ ‬يمكن‭ ‬لنجمٍ‭ ‬تحقيق‭ ‬النجاح‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬فريقٍ‭ ‬مُتعاون‭ ‬مُجتهد،‭ ‬ولا‭ ‬شك‭ ‬في‭ ‬روح‭ ‬التعاون‭ ‬الملحوظة‭ ‬بين‭ ‬أفراد‭ ‬فريق‭ ‬مسرح‭ ‬‮«‬مافيا‭ ‬سكراب‮»‬،‭ ‬لكن‭ ‬هذا‭ ‬التعاون‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬سيُحقق‭ ‬نجاحًا‭ ‬مماثلاً‭ ‬لو‭ ‬تم‭ ‬استبدال‭ ‬‮«‬حسن‭ ‬محمد‮»‬‭ ‬بممثلٍ‭ ‬آخر،‭ ‬فهذا‭ ‬الشاب‭ ‬يمتاز‭ ‬بإشعاعٍ‭ ‬نادرٍ‭ ‬من‭ ‬الموهبة‭ ‬التي‭ ‬تتحول‭ ‬إلى‭ ‬طاقة‭ ‬سحرية‭ ‬تجتذب‭ ‬أسماع‭ ‬وأبصار‭ ‬المُشاهدين،‭ ‬إن‭ ‬موهبتهُ‭ ‬من‭ ‬ذاك‭ ‬النوع‭ ‬المُلح‭ ‬إلى‭ ‬درجة‭ ‬أنهُ‭ ‬لو‭ ‬حُبس‭ ‬في‭ ‬غرفةٍ‭ ‬بمُفرده‭ ‬فسيُمثل‭ ‬لأجل‭ ‬ولعِه‭ ‬بالتمثيل،‭ ‬ولو‭ ‬تم‭ ‬تقييد‭ ‬يديه‭ ‬وقدميه‭ ‬وربط‭ ‬عصابة‭ ‬على‭ ‬عينيه‭ ‬فسيُطلق‭ ‬العنان‭ ‬لمُخيلته‭ ‬كي‭ ‬يُمثل‭ ‬داخل‭ ‬عقله‭!‬

كان‭ ‬هذا‭ ‬النجم‭ ‬واعدًا‭ ‬صاعدًا‭ ‬منذ‭ ‬إطلالته‭ ‬عبر‭ ‬الشاشة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬برنامج‭ ‬‮«‬صانعو‭ ‬التاريخ‮»‬،‭ ‬ومازالت‭ ‬نجاحاتهُ‭ ‬تُسافر‭ ‬بين‭ ‬الغيوم‭ ‬على‭ ‬أجنحة‭ ‬المُسلسلات‭ ‬الخليجية،‭ ‬لكن‭ ‬تجربتهُ‭ ‬الأخيرة‭ ‬على‭ ‬المسرح‭ ‬أفصَحَت‭ ‬عن‭ ‬نُضجٍ‭ ‬لافتٍ‭ ‬في‭ ‬شخصيته‭ ‬كإنسان‭ ‬انعكَسَ‭ ‬على‭ ‬أدائه‭ ‬كمُمثل،‭ ‬لقد‭ ‬نقشَت‭ ‬أحداث‭ ‬الزمن‭ ‬بصماتها‭ ‬على‭ ‬روحه‭ ‬فصَقَلَتها‭ ‬وصَنَعَت‭ ‬منها‭ ‬للفن‭ ‬البحريني‭ ‬والخليجي‭ ‬كنزًا‭ ‬لا‭ ‬يُمكن‭ ‬تجاهله‭.‬

zainabahrani@gmail‭.‬com

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا