العدد : ١٧٠٨٢ - الأحد ٢٩ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٨ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٨٢ - الأحد ٢٩ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٨ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

الثقافي

يجعلون من الصامت حياة :
رسائل بصرية تركها فنانو النحت في ملتقى «هند كاليري» الفائت

السبت ١٠ يونيو ٢٠٢٣ - 02:00

كتابة‭ ‬وتغطية‭ ‬‭ ‬على‭ ‬باقر

 

وأنا‭ ‬أتذوق‭ ‬فنيًّا‭ ‬المجسمات‭ ‬التي‭ ‬ينحتها‭ ‬الفنانون‭ ‬وأمر‭ ‬بينهم،‭ ‬وأتأمل‭ ‬في‭ ‬تعبيراتهم‭ ‬ونظراتهم‭ ‬إلى‭ ‬منحوتاتهم‭ ‬التي‭ ‬تتعلق‭ ‬بالإنسان‭ ‬ما‭ ‬أروعهم‭! ‬وهم‭ ‬يظهرون‭ ‬تفاصيل‭ ‬دقيقة‭ ‬تعبر‭ ‬عن‭ ‬حركة‭ ‬منحوتاتهم‭ ‬بأفكارهم‭ ‬وتمرسهم‭ ‬يحولون‭ ‬جماد‭ ‬وصمت‭ ‬الطين‭ ‬إلى‭ ‬شكل‭ ‬يوحي‭ ‬بالحركة‭.. ‬أخذت‭ ‬راحة‭ ‬وأحببت‭ ‬أن‭ ‬أستنطق‭ ‬فنانين‭ ‬آخرين‭ ‬رأيتهم‭ ‬يضيفون‭ ‬قطعا‭ ‬من‭ ‬الطين‭ ‬إلى‭ ‬منحوتاتهم‭ ‬ويبنون‭ ‬تشكيلا‭ ‬في‭ ‬منحوتاتهم‭ ‬يضفي‭ ‬عليها‭ ‬قسمات‭ ‬وتعابير‭ ‬تنمُّ‭ ‬عن‭ ‬عمق‭ ‬الحالة‭ ‬وحركة‭ ‬الجسد‭. ‬وجدت‭ ‬نفسي‭ ‬منساقا‭ ‬إلى‭ ‬تلك‭ ‬العلوم‭ ‬الفنية‭ ‬فهي‭ ‬غذاء‭ ‬لفكري‭ ‬ولتذوقي‭ ‬الجمالي،‭ ‬فكنت‭ ‬أطابق‭ ‬ما‭ ‬أقرأ‭ ‬حول‭ ‬هذا‭ ‬العلم‭ ‬الفنِّي‭ ‬وبين‭ ‬ما‭ ‬أشاهده‭ ‬في‭ ‬ملتقى‭ ‬‮«‬هند‭ ‬كاليري‮»‬‭ ‬للفنان‭ ‬علي‭ ‬المحميد‭ ‬الذي‭ ‬احتضن‭ ‬هؤلاء‭ ‬الفنانين‭ ‬النحاتين‭ ‬البحرينيين‭ ‬وزملاءهم‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬خلال‭ ‬أربعة‭ ‬أيام‭ ‬وهم‭ ‬يغوصون‭ ‬في‭ ‬عمق‭ ‬الإنسان‭ ‬ذكرا‭ ‬أو‭ ‬أنثى‭. ‬

انتابني‭ ‬الخيال‭ ‬وأن‭ ‬أشاهد‭ ‬حركة‭ ‬أيديهم‭ ‬على‭ ‬الطين‭ ‬اللَّين‭.‬

وأدركت‭ ‬أن‭ ‬هؤلاء‭ ‬الفنانين‭ ‬يبحرون‭ ‬في‭ ‬أعماق‭ ‬المجسَّم‭ ‬النَّحتي‭ ‬ويشكلون‭ ‬ما‭ ‬يتأثرون‭ ‬فيه‭ ‬في‭ ‬واقعهم‭ ‬الاجتماعي‭ ‬وأروع‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬النَّحت‭ ‬قدرة‭ ‬الفنَّان‭ ‬النَّحات‭ ‬في‭ ‬إبراز‭ ‬الحركة‭ ‬وقدرته‭ ‬على‭ ‬إبراز‭ ‬التفاصيل‭ ‬في‭ ‬التَّمثال‭ ‬التي‭ ‬تعبر‭ ‬عن‭ ‬دواخلها‭. ‬

توجهت‭ ‬إلى‭ ‬الفنانة‭ ‬البحرينية‭ ‬غادة‭ ‬عباس‭ ‬الخزعلي‭ ‬مدرسة‭ ‬الخزف‭ ‬في‭ ‬مدارس‭ ‬وزارة‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم‭ ‬ومتقاعدة‭ ‬حالياً،‭ ‬متفرغة‭ ‬للأعمال‭ ‬الخزفيَّة،‭ ‬وهي‭ ‬تنحت‭ ‬فتاة‭ ‬رائعة‭ ‬بالطين‭ ‬وقفت‭ ‬متأملا‭ ‬وبصمت‭ ‬أتابع‭ ‬لمساتها‭ ‬الفنية،‭ ‬كنت‭ ‬أتحسس‭ ‬جمال‭ ‬المنحوتة‭ ‬وإتقانها‭.. ‬فنظرت‭ ‬لي‭ ‬بابتسامة‭ ‬ترحيب‭ ‬وقالت‭: ‬‮«‬فتاتي‭ ‬التي‭ ‬أنحتها‭ ‬ليست‭ ‬من‭ ‬الواقع‭ ‬الذي‭ ‬عايشته‭ ‬وإنما‭ ‬هي‭ ‬منحوتة‭ ‬أفاض‭ ‬بها‭ ‬خيالي‭.. ‬تخيلتها‭ ‬بحسي‭ ‬الفني‭ ‬أنها‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬السكينة‭ ‬والهدوء،‭ ‬هكذا‭ ‬أنا‭ ‬رأيتها‭ ‬بقلبي‭ ‬وفكري‭ ‬فنحتها‭.. ‬انظر‭ ‬إليها‭.. ‬إنَّها‭ ‬تحيط‭ ‬بها‭ ‬عناصر‭ ‬طبيعية،‭ ‬سأضع‭ ‬في‭ ‬يدها‭ ‬عصفوراً‭ ‬أو‭ ‬حمامة‭.. ‬حدِّق‭ ‬يا‭ ‬أستاذ‭ ‬في‭ ‬تفاصيلها‭ ‬إنها‭ ‬تعكس‭ ‬جمال‭ ‬المرأة‭ ‬التي‭ ‬تتصف‭ ‬بالهدوء‭ ‬والسكينة‭.. ‬وحتى‭ ‬تظهر‭ ‬فكرتي‭ ‬التي‭ ‬أريد‭ ‬توصيلها‭ ‬يجب‭ ‬عليَّ‭ ‬أن‭ ‬أتقن‭ ‬تعابير‭ ‬الوجه‭ ‬والأشياء‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تبدو‭ ‬بسيطة‭ ‬في‭ ‬لبسها‭ ‬وحركة‭ ‬يدها‭ ‬ووضعية‭ ‬جلوسها‮»‬‭.‬

سألتها‭: ‬هل‭ ‬لك‭ ‬مشاركات‭ ‬فنية‭ ‬في‭ ‬معارض‭ ‬أخرى؟‭ ‬فأجابت‭: ‬‮«‬شاركت‭ ‬في‭ ‬ملتقيات‭ ‬فنية،‭ ‬معظمها‭ ‬في‭ ‬فن‭ ‬الخزف،‭ ‬كنت‭ ‬أنحت‭ ‬أعمالاً‭ ‬فنية‭ ‬صغيرة‭ ‬بالخزف،‭ ‬وأقوم‭ ‬بمراحل‭ ‬الحرق‭ ‬لطين‭ ‬و«بلكليز‮»‬‭ ‬الدهان‭ ‬اللامع،‭ ‬وشاركتُ‭ ‬في‭ ‬المعارض‭ ‬الفنية‭ ‬السنوية‭ ‬في‭ ‬وطني‭ ‬البحرين‭ ‬وفي‭ ‬ملتقيات‭ ‬فنية‭ ‬بالكويت‭ ‬وسلطنة‭ ‬عُمان‭ ‬وبكوني‭ ‬عضوة‭ ‬في‭ ‬جمعية‭ ‬البحرين‭ ‬للفن‭ ‬المعاصر‭ ‬شاركت‭ ‬في‭ ‬الملتقى‭ ‬الفني‭ ‬الأول‭ ‬الذي‭ ‬نظمته‭ ‬جمعية‭ ‬البحرين‭ ‬للفن‭ ‬المعاصر‭ ‬مؤخراً‭.‬

لم‭ ‬يسبق‭ ‬لي‭ ‬النحت‭ ‬بالطين‭ ‬وإنما‭ ‬الخزف،‭ ‬لذا‭ ‬كنت‭ ‬خائفة‭ ‬ًمن‭ ‬الفشل‭ ‬في‭ ‬البداية،‭ ‬ولكنَّ‭ ‬الأستاذ‭ ‬الفنَّان‭ ‬على‭ ‬المحميد‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬شجَّعني‭ ‬حينما‭ ‬عرض‭ ‬عليَّ‭ ‬الفكرة‭ ‬وقال‭: ‬ستحققين‭ ‬الاستفادة‭ ‬والحقيقة‭ ‬استفدت‭ ‬كثيراَ‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تجربتي‭ ‬في‭ ‬نحت‭ ‬عملي‭ ‬الفنِّي‭ ‬هذا‭ ‬بالحجم‭ ‬الطبيعي‭ ‬وعرفت‭ ‬الخطوات‭ ‬التي‭ ‬نبدأ‭ ‬بها‭ ‬هي‭ ‬إعداد‭ ‬الهيكل‭ ‬الحديدي‭ ‬ولم‭ ‬يقصر‭ ‬أخوتي‭ ‬الفنانون‭ ‬وقفوا‭ ‬معي‭ ‬وساعدوني‭ ‬في‭ ‬إعداد‭ ‬الهيكل،‭ ‬وما‭ ‬زلت‭ ‬متعلقة‭ ‬بنصائحهم‭. ‬يعدُّ‭ ‬هذا‭ ‬هند‭ ‬كاليري‭ ‬للفنان‭ ‬المحميد‭ ‬الملهم‭ ‬لي‭ ‬في‭ ‬النَّحت‭ ‬فهو‭ ‬بمثابة‭ ‬مدرسة‭ ‬تثري‭ ‬الفنانين‭ ‬التشكيليين‮»‬‭.‬

في‭ ‬رواق‭ ‬فني‭ ‬آخر‭ ‬كنت‭ ‬أشاهد‭ ‬منحوتة‭ ‬فنية‭ ‬جميلة‭ ‬راقصة‭ ‬مختلفة‭ ‬بلونها‭ ‬الأبيض‭ ‬فأدركت‭ ‬أنها‭ ‬صُبت‭ ‬بالجبس‭ ‬في‭ ‬قالب‭ ‬من‭ ‬الفيبر‭ ‬جلاس‭ ‬وأدركت‭ ‬أنها‭ ‬من‭ ‬عمل‭ ‬الفناَّن‭ ‬الدكتور‭ ‬المصري‭ ‬أسامة‭ ‬السرويُّ،‭ ‬وهو‭ ‬أستاذ‭ ‬النَّحت‭ ‬المتفرغ،‭ ‬وكان‭ ‬أستاذاَ‭ ‬بكلية‭ ‬التربية‭ ‬الفنية‭ ‬بجامعة‭ ‬حلوان‭ ‬والمستشار‭ ‬الثقافي‭ ‬الأسبق‭ ‬بالسَّفارة‭ ‬المصرية‭ ‬في‭ ‬موسكو‭. ‬التفت‭ ‬لي‭ ‬قائلاً‭: ‬‮«‬هذا‭ ‬عملي‭ ‬الفنِّي‭ ‬في‭ ‬الملتقى‭ ‬وأنا‭ ‬اليوم‭ ‬أتفاعل‭ ‬مع‭ ‬أصدقائي‭ ‬الفنانين‭ ‬النَّحاتين‭ ‬البحرينيين‭. ‬اخترت‭ ‬موضوعا‭ ‬مختلفاً،‭ ‬تناولتُ‭ ‬فن‭ ‬الباليه‭ ‬الذي‭ ‬أتأثر‭ ‬به‭ ‬كثيراً،‭ ‬فهو‭ ‬محبب‭ ‬إلى‭ ‬قلبي‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬صياغة‭ ‬فن‭ ‬البالية‭ ‬بالنحت‭ ‬يعدُّ‭ ‬عملاً‭ ‬صعباً‭ ‬والصعوبة‭ ‬تكمن‭ ‬فيه‭ ‬لأنه‭ ‬يعتمد‭ ‬على‭ ‬التوازن‭ ‬والرشاقة‭ ‬والرِّقة‭ ‬في‭ ‬المنحوتة‭ ‬والخفَّة‭ ‬على‭ ‬الأرض‭. ‬فنُّ‭ ‬الباليه‭ ‬عكس‭ ‬الجاذبية‭ ‬الأرضية‭ ‬كما‭ ‬ترى،‭ ‬وهذا‭ ‬القانون‭ ‬عكس‭ ‬النَّحت‭ ‬لأن‭ ‬النَّحت‭ ‬من‭ ‬سماته‭ ‬الاستقرار‭ ‬ورسوخ‭ ‬الكتلة‭. ‬فأنا‭ ‬عملت‭ ‬راقصة‭ ‬الباليه‭ ‬وهي‭ ‬تهبط‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬بحركة‭ ‬طيران،‭ ‬فصورت‭ ‬لحظة‭ ‬الهبوط،‭ ‬فتجد‭ ‬رجلها‭ ‬اليسرى‭ ‬تكاد‭ ‬تلامس‭ ‬الأرض‭ ‬والباقي‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ ‬وهنا‭ ‬تغلبت‭ ‬على‭ ‬فكرة‭ ‬التَّوازن‭ ‬في‭ ‬النَّحت‭ ‬بالتوازن‭ ‬المعكوس‭ ‬مستدلاً‭ ‬بالشجرة‭ ‬فهي‭ ‬تنبت‭ ‬في‭ ‬الأرض‭ ‬بساق‭ ‬وتتفرع‭ ‬أغصانها‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ ‬ولكن‭ ‬تبقى‭ ‬واقفة‭ ‬على‭ ‬نقطة‭ ‬الساق‭ ‬كفكرة‭ ‬الهرم‭ ‬المقلوب‮»‬‭. ‬

سألته‭: ‬ما‭ ‬مقترحك‭ ‬كأستاذ‭ ‬جامعي‭ ‬لكي‭ ‬يستمر‭ ‬التواصل‭ ‬بين‭ ‬فناني‭ ‬الوطن‭ ‬العربي‭ ‬في‭ ‬الملتقيات‭ ‬الفنية‭ ‬في‭ ‬بلدان‭ ‬أمتنا‭ ‬العربية؟‭ ‬فأجاب‭: ‬‮«‬إنني‭ ‬آمل‭ ‬أن‭ ‬نتمكن‭ ‬من‭ ‬استثمار‭ ‬هذا‭ ‬الملتقي‭ ‬الخليجي‭ ‬الأول‭ ‬الذي‭ ‬نظمته‭ ‬جمعية‭ ‬البحرين‭ ‬للفن‭ ‬المعاصر‭ ‬وذلك‭ ‬بإقامة‭ ‬اتحاد‭ ‬عربي‭ ‬للفنانين‭ ‬التشكيليين‭ ‬أسوة‭ ‬باتحاد‭ ‬المحامين‭ ‬العرب‭ ‬واتحاد‭ ‬الصحفيين‭ ‬العرب‭ ‬واتحاد‭ ‬البرلمانيين‭ ‬العرب،‭ ‬فنحن‭ ‬أيضا‭ ‬كفنانين‭ ‬لنا‭ ‬قضايانا‭ ‬المشتركة‭ ‬وتجد‭ ‬لدينا‭ ‬آمالا‭ ‬وطموحات‭ ‬واحدة‭ ‬ومستقبلنا‭ ‬ومعاناتنا‭ ‬مشتركة‭ ‬أيضاً،‭ ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬الاتحاد‭ ‬سنتمكن‭ ‬من‭ ‬إقامة‭ ‬هذه‭ ‬الملتقيات‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬البلدان‭ ‬العربية‮»‬‭. ‬وعبَّرَ‭ ‬الفنان‭ ‬الدكتور‭ ‬السرويُّ‭ ‬عن‭ ‬سروره‭ ‬في‭ ‬ملتقي‭ ‬هند‭ ‬كاليري‭ ‬قائلاً‭: ‬‮«‬أرى‭ ‬أن‭ ‬الفنان‭ ‬علي‭ ‬المحميد‭ ‬رجل‭ ‬فدائي‭ ‬فعلاً،‭ ‬فنَّان‭ ‬يتصف‭ ‬بالسَّخاء‭ ‬فقد‭ ‬أعطى‭ ‬من‭ ‬ماله‭ ‬ووقته‭ ‬وجهده‭ ‬وخبراته‭ ‬وعلاقاته‭ ‬العامة‭ ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬يملكه‭ ‬من‭ ‬إمكانات‭ ‬فقد‭ ‬وفَّر‭ ‬للفنانين‭ ‬للخامات‭ ‬ما‭ ‬يلزم‭ ‬من‭ ‬أدوات،‭ ‬فهو‭ ‬فنان‭ ‬كبير‭ ‬وشعلة‭ ‬من‭ ‬النَّشاط‭ ‬فيستحق‭ ‬كل‭ ‬التقدير‭ ‬والاحترام‮»‬‭.‬

لاحظت‭ ‬الأستاذ‭ ‬الفنان‭ ‬محسن‭ ‬غريب‭ ‬جاء‭ ‬إلى‭ ‬الملتقى،‭ ‬فاغتنمت‭ ‬هذه‭ ‬الفرصة‭ ‬وسألته‭: ‬وجدتك‭ ‬في‭ ‬الملتقى‭ ‬الخليجي‭ ‬الأول‭ ‬تعمل‭ ‬ورشة‭ ‬حيَّة‭ ‬في‭ ‬الرَّسم‭ ‬للفنانين،‭ ‬ألديك‭ ‬درس‭ ‬تود‭ ‬إيضاحه‭. ‬فقال‭: ‬‮«‬اشتغلت‭ ‬مدة‭ ‬سبع‭ ‬عشرة‭ ‬سنة‭ ‬في‭ ‬التقنية‭ ‬اللونية‭ ‬مع‭ ‬الخط‭ ‬العربي،‭ ‬كيف‭ ‬نوظف‭ ‬الخط‭ ‬العربي‭ ‬في‭ ‬الصورة‭ ‬دون‭ ‬تشويه‭ ‬أو‭ ‬تقليل‭ ‬من‭ ‬مستوى‭ ‬جمالها‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬التقنيات‭ ‬اللونية‭. ‬هذا‭ ‬التكنيك‭ ‬والخبرة‭ ‬التي‭ ‬لديَّ‭ ‬وجدتها‭ ‬أنفع‭ ‬شيء‭ ‬أقدمه‭ ‬لزملائي‭ ‬الفنانين‮»‬‭.‬

وحاورته‭ ‬عن‭ ‬مشاركاته‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬وخارجها،‭ ‬ارتسمت‭ ‬على‭ ‬وجهه‭ ‬ابتسامته‭ ‬المعهودة‭ ‬فقال‭: ‬‮«‬شاركت‭ ‬في‭ ‬ملتقيات‭ ‬كثيرة‭ ‬منها‭ ‬بنغلادش‭ ‬والمغرب‭ ‬ومعارض‭ ‬في‭ ‬ألمانيا‭ ‬وعملت‭ ‬تسعين‭ ‬ورشة‭ ‬في‭ ‬الخليج‭ ‬وخارجه‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬ثماني‭ ‬سنوات،‭ ‬كنت‭ ‬أقدم‭ ‬في‭ ‬ورشاتي‭ ‬بتقنيات‭ ‬مختلفة‭ ‬ومحاور‭ ‬مختلفة‭ ‬لأحقق‭ ‬أكبر‭ ‬استفادة‭ ‬للفنانين‭ ‬والهواة،‭ ‬فمعظم‭ ‬مشاركاتي‭ ‬الورشية‭ ‬خارج‭ ‬البحرين‭ ‬تتناول‭ ‬أعمال‭ ‬النَّحت‭ ‬الميداني‭ ‬والرَّسم‭ ‬والخط‭ ‬العربي،‭ ‬فالملتقيات‭ ‬هي‭ ‬بمثابة‭ ‬مدرسة‭ ‬عظيمة‭ ‬يتعلم‭ ‬منها‭ ‬الإنسان‭. ‬ولعل‭ ‬الملتقى‭ ‬الخليجي‭ ‬الأول‭ ‬خير‭ ‬مثال‭ ‬فقد‭ ‬ضمَّ‭ ‬عددا‭ ‬كبيرا‭ ‬من‭ ‬الفنانين‭ ‬وأعتبره‭ ‬بكل‭ ‬مصداقية‭ ‬من‭ ‬أفضل‭ ‬الملتقيات‭ ‬التي‭ ‬رأيتها،‭ ‬فهو‭ ‬في‭ ‬حقيقته‭ ‬أربعة‭ ‬ملتقيات‭ ‬في‭ ‬ملتقىً‭ ‬واحد،‭ ‬يزخر‭ ‬بالنحت‭ ‬بأنواعه‭ ‬والرَّسم‭ ‬بأنواعه‭ ‬والخزف‭ ‬والطباعة‮»‬‭.‬

أما‭ ‬الأستاذ‭ ‬الفنان‭ ‬أحمد‭ ‬عبدالتواب‭ ‬فنان‭ ‬مصري‭ ‬فكان‭ ‬يقف‭ ‬بجانب‭ ‬عمله‭ ‬في‭ ‬النحت‭ ‬ويتأمل‭ ‬فيه‭ ‬ويضيف‭ ‬شيئاً‭ ‬من‭ ‬لمساته‭ ‬الفنية‭ ‬فقطعت‭ ‬حبل‭ ‬تأملاته‭ ‬مستأذنا‭ ‬إياه‭ ‬في‭ ‬حديث‭ ‬قصير‭ ‬عن‭ ‬منحوتته‭ ‬فقلت‭ ‬له‭: ‬أرى‭ ‬عملك‭ ‬الفني‭ ‬مختلفاً‭ ‬ورائعاً،‭ ‬فما‭ ‬الأسلوب‭ ‬الفني‭ ‬الذي‭ ‬تنتمي‭ ‬إليه‭ ‬منحوتتك؟‭. ‬فابتسم‭ ‬قائلا‭: ‬‮«‬تجسيمي‭ ‬النَّحتي‭ ‬يعبر‭ ‬عن‭ ‬الجسد‭ ‬البشري‭ ‬فكما‭ ‬ترى‭ ‬أنه‭ ‬تمثال‭ ‬لفتاة‭ ‬نستشف‭ ‬منها‭ ‬شكلها‭ ‬رشيقة‭ ‬أما‭ ‬الأسلوب‭ ‬الذي‭ ‬اتبعته‭ ‬في‭ ‬النَّحت‭ ‬فهو‭ ‬الأسلوب‭ ‬الهندسي‭ ‬وأدخلت‭ ‬جزءا‭ ‬من‭ ‬العضويات‭ ‬في‭ ‬الهندسة‭ ‬الموجودة‭ ‬فيه،‭ ‬وبذلك‭ ‬اعتمدت‭ ‬في‭ ‬بنائه‭ ‬على‭ ‬الشَّكل‭ ‬المخروطي‭ ‬مع‭ ‬أشكال‭ ‬هندسية‭ ‬أخرى‭ ‬منها‭: ‬المثلث‭ ‬والمستطيل،‭ ‬يوجد‭ ‬في‭ ‬نحتي‭ ‬الفنِّي‭ ‬تناغم‭ ‬و‭ ‬تداخل‭ ‬المجسمات‭ ‬الهندسية‭ ‬مع‭ ‬بعضها‭ ‬وربما‭ ‬تجد‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬تأثراً‭ ‬بالبيئة‭ ‬فقد‭ ‬يتشابه‭ ‬لحد‭ ‬ما‭ ‬مع‭ ‬شكل‭ ‬الملكة‭ ‬الفرعونية‭ ‬‮«‬نفرتيتي‮»‬‭ ‬ولكن‭ ‬لستُ‭ ‬متعمداً،‭ ‬ولكننا‭ ‬مصريون‭ ‬متشبعون‭ ‬بالتاريخ‭ ‬الفرعوني‮»‬‭.‬

وتحدث‭ ‬لي‭ ‬على‭ ‬مشاركاته‭ ‬في‭ ‬بلده‭ ‬مصر‭. ‬فأردف‭ ‬قائلا‭: ‬‮«‬أنا‭ ‬في‭ ‬الحركة‭ ‬الفنية‭ ‬الرَّسمية‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬1999،‭ ‬حيث‭ ‬أقيم‭ ‬أول‭ ‬معرض‭ ‬احترافي‭ ‬نظمته‭ ‬وزارة‭ ‬الثقافة‭ ‬وبعدها‭ ‬توالت‭ ‬المعارض،‭ ‬وما‭ ‬يميز‭ ‬مصر‭ ‬أن‭ ‬عدد‭ ‬سكانها‭ ‬كبير‭ ‬وبها‭ ‬طبقات‭ ‬اجتماعية‭ ‬متباينة‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬الاقتصادية‭ ‬ما‭ ‬يدفع‭ ‬يعض‭ ‬المواطنين‭ ‬إلى‭ ‬اقتناء‭ ‬الأعمال‭ ‬الفنية‭ ‬المتميزة‮»‬‭.‬

أما‭ ‬الفنان‭ ‬مهدي‭ ‬البناي‭ ‬فذكر‭ ‬لي‭ ‬وهو‭ ‬يعمل‭ ‬في‭ ‬منحوتته‭: ‬أنه‭ ‬فنَّان‭ ‬بحريني‭ ‬يزاول‭ ‬الفن‭ ‬من‭ ‬بعد‭ ‬تخرجه‭ ‬قبل‭ ‬خمسة‭ ‬وثلاثين‭ ‬عاماً،‭ ‬تخصصه‭ ‬الخزف‭ ‬ولكن‭ ‬النَّحت‭ ‬شدَّه‭ ‬إليه‭ ‬وسيطر‭ ‬عليه‭ ‬فأسر‭ ‬لبَّه‭ ‬وبذلك‭ ‬تفوق‭ ‬على‭ ‬الخزف‭. ‬فأصبح‭ ‬حبيس‭ ‬الانبهار‭ ‬في‭ ‬تفاصيل‭ ‬الجسم‭ ‬الإنساني‭ ‬والحيواني‭ ‬وأردف‭ ‬قائلا‭: ‬‮«‬دائماً‭ ‬ما‭ ‬استعمل‭ ‬الجسم‭ ‬الإنساني‭ ‬والحيواني‭ ‬في‭ ‬أعمالي‮»‬‭ ‬وقال‭: ‬‮«‬عملت‭ ‬معرضاً‭ ‬تراثياً‭ ‬للأشياء‭ ‬التي‭ ‬نمارسها‭ ‬في‭ ‬صغرنا‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬الكجه‭ ‬أو‭ ‬الصَّيدة‮»‬‭.‬

وأشار‭ ‬الفنان‭ ‬أحمد‭ ‬عبدالتواب‭ ‬أن‭ ‬الفنون‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭ ‬والفن‭ ‬التشكيلي‭ ‬بشكل‭ ‬خاص‭ ‬واللقاءات‭ ‬الفنية‭ ‬تثري‭ ‬الثقافة‭ ‬العامة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬بلد‭ ‬ومن‭ ‬خلاله‭ ‬تتوطد‭ ‬العلاقات‭ ‬ولذلك‭ ‬نقول‭ ‬للفنان‭ ‬الأستاذ‭ ‬علي‭ ‬المحميد‭ ‬كثر‭ ‬الله‭ ‬من‭ ‬أمثالك‭ ‬ونامل‭ ‬من‭ ‬الشركات‭ ‬ورجال‭ ‬الأعمال‭ ‬الدعم‭ ‬والمساندة،‭ ‬فالفنان‭ ‬المحميد‭ ‬يدعم‭ ‬الفن‭ ‬البحريني‭ ‬بجهوده‭ ‬ويسهم‭ ‬في‭ ‬إثراء‭ ‬الثقافة‭ ‬واحتضان‭ ‬الفنانين‭ ‬والمواهب‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الفن‭ ‬التشكيلي‭ ‬ليبقى‭ ‬وطنه‭ ‬متوهجاً‭ ‬بالعطاء‭ ‬الفني‭ ‬ليحقق‭ ‬تقدما‭ ‬في‭ ‬نهضة‭ ‬وطنه‭ ‬الفنية‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا