العدد : ١٧٠٨١ - السبت ٢٨ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٧ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٨١ - السبت ٢٨ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٧ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

الثقافي

الفنان حسين عبدعلي في قفص الإبداع

السبت ٢٠ مايو ٢٠٢٣ - 02:00

التمثيل‭ ‬هو‭ ‬الخروج‭ ‬عن‭ ‬طبيعة‭ ‬حياة‭ ‬مؤدي‭ ‬الدور‭ (‬الممثل‭) ‬وانسلاخ‭ ‬تام‭ ‬عن‭ ‬شخصيته‭ ‬في‭ ‬رهف‭ ‬الحياة‭ ‬والدخول‭ ‬في‭ ‬شخصية‭ ‬أخرى‭ ‬كتبها‭ ‬مؤلف‭ ‬في‭ ‬نص‭ ‬مسرحي‭ (‬مسرحية‭) ‬بفكرة‭ ‬وقصة‭ ‬وشخوص‭ ‬وربما‭ ‬زمن‭ ‬معين‭ ‬نبعت‭ ‬من‭ ‬جوف‭ ‬دماغه‭ ‬وهي‭ ‬في‭ ‬الحقيقة‭ ‬جزء‭ ‬خيالي‭ ‬محدد‭.. ‬له‭ ‬بداية‭ ‬اقتطعت‭ ‬من‭ ‬زمن‭ ‬ما‭.. ‬من‭ ‬حياة‭ ‬إنسان‭ ‬يتحدث‭ ‬بشخصيته‭ ‬الخيالية‭ ‬رسمها‭ ‬هو‭ ‬المؤلف‭ ‬بكيان‭ ‬مرئي‭ ‬ومسموع‭ ‬نابعة‭ ‬من‭ ‬فكره‭ ‬بمقومات‭ ‬وصفات‭ ‬مختلفة‭ ‬ذات‭ ‬معنى‭ ‬عاش‭ ‬معها‭ ‬يقلب‭ ‬في‭ ‬صفحات‭ ‬حياتها‭ ‬ذات‭ ‬اليمين‭ ‬وذات‭ ‬الشمال‭ ‬حتى‭ ‬تتلقف‭ ‬هذه‭ ‬الشخصية‭ ‬خشبة‭ ‬المسرح‭ ‬لتتحول‭ ‬إلى‭ ‬لحم‭ ‬وعظام‭ ‬ودم‭ ‬وما‭ ‬أن‭ ‬ينتهي‭ ‬عرض‭ ‬المسرحية‭ ‬حتى‭ ‬تصبح‭ ‬سرابا‭ ‬مرة‭ ‬ثانية،‭ ‬حروفا‭ ‬على‭ ‬ورق‭.‬

الفنان‭ ‬حسين‭ ‬عبد‭ ‬علي‭ ‬عندما‭ ‬يعرض‭ ‬عليه‭ ‬أي‭ ‬عمل‭ ‬مسرحي‭ ‬لأي‭ ‬مؤلف‭ ‬كان‭ ‬يتلقى‭ ‬من‭ ‬النص‭ ‬ومن‭ ‬المخرج‭ ‬ومن‭ ‬خياله‭ ‬المفتوح‭ ‬وما‭ ‬تفرض‭ ‬عليه‭ ‬الشخصية‭ ‬الروح‭ ‬الحقيقية‭ ‬للشخصية‭ ‬فيجمع‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬تلقاه‭ ‬مسيطراً‭ ‬عليه‭ ‬بقدرته‭ ‬الفنية‭ ‬الإبداعية‭ ‬ليتحول‭ ‬إلى‭ ‬مخلوق‭ ‬كيميائي‭ ‬يصنع‭ ‬منها‭ ‬تركيبة‭ ‬وكياناً‭ ‬في‭ ‬أعماقه‭ ‬ويقدمها‭ ‬على‭ ‬خشبة‭ ‬المسرح‭ ‬وجبة‭ ‬فنية‭ ‬متكاملة‭ ‬الإبداع‭ ‬دسمة‭ ‬الشكل‭ ‬لذيذة‭ ‬المشاهدة‭ ‬جاذبة‭ ‬للسمع‭ ‬والأبصار‭ ‬ويقينيا‭ ‬بأن‭ ‬هذا‭ ‬الفنان‭ ‬بدأ‭ ‬مشواره‭ ‬الفني‭ ‬المسرحي‭ ‬مكتز‭ ‬الرغبة‭ ‬في‭ ‬التمثيل‭ ‬ومؤكدا‭ ‬أنه‭ ‬عمل‭ ‬على‭ ‬تكوين‭ ‬نفسه‭ ‬كممثل‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التدريب‭ ‬العالي‭ ‬المحترف‭ ‬والمتابعة‭ ‬والإصرار‭ ‬بهدف‭ ‬أن‭ ‬يتبوأ‭ ‬رصيداً‭ ‬محترماً‭ ‬ومتقناً‭ ‬في‭ ‬العروض‭ ‬التي‭ ‬يتلقاها‭ ‬بصفات‭ ‬الممثل‭ ‬المحترف‭ ‬والمتمكن‭ ‬من‭ ‬أدواته‭ ‬المسرحية‭ ‬وكان‭ ‬آخرها‭ ‬مسرحية‭ ‬طفل‭ ‬زائد‭ ‬عن‭ ‬الحاجة‭ . ‬جسد‭ ‬حسين‭ ‬عبد‭ ‬علي‭ ‬ومازال‭ ‬ينتظر‭ ‬من‭ ‬المخرجين‭ ‬أيضاً‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬أقوى‭ ‬وأصعب‭ ‬في‭ ‬أداء‭ ‬دور‭ ‬يتحداه‭ ‬ليطلق‭ ‬عنان‭ ‬فنه‭ ‬المخزون‭ ‬في‭ ‬خلال‭ ‬هذا‭ ‬النص‭ ‬وأنا‭ ‬حقيقة‭ ‬أعرف‭ ‬أنه‭ ‬يتصف‭ ‬بالممثل‭ ‬والمحارب‭ ‬الشرس‭ ‬الذي‭ ‬يقف‭ ‬على‭ ‬الخشبة‭ ‬مواجهاً‭ ‬ومستعداً‭ ‬لتقديم‭ ‬أي‭ ‬نوع‭ ‬عليها‭ ‬يحاكي‭ ‬العرض‭ ‬الذى‭ ‬يقدمه‭ ‬للمشاهدين‭ ‬بحيلة‭ ‬الفنان‭ ‬المراوغ‭ ‬لهذا‭ ‬النص‭ ‬فنراه‭ ‬يفوز‭ ‬على‭ ‬شخصيته‭ ‬التي‭ ‬رشح‭ ‬لها،‭ ‬لقد‭ ‬استطاع‭ ‬حسين‭ ‬عبد‭ ‬علي‭ ‬أن‭ ‬يتلون‭ ‬كالحرباء‭ ‬ويمكر‭ ‬ويتحايل‭ ‬على‭ ‬أدواره‭ ‬ويوقعها‭ ‬في‭ ‬شباك‭ ‬إبداعه‭ ‬بل‭ ‬بؤرة‭ ‬الإبداع‭ ‬الذي‭ ‬يتصف‭ ‬به‭ ‬بسبب‭ ‬عقله‭ ‬الواعي‭ ‬وجسده‭ ‬المطواع‭ ‬وإيماءته‭ ‬وسرعة‭ ‬بديهيته‭ ‬على‭ ‬الخشبة‭ ‬وبجميع‭ ‬هذه‭ ‬الصفات‭ ‬يقودها‭ ‬كفارس‭ ‬ممتط‭ ‬دوره‭ ‬متمكن‭ ‬من‭ ‬خطته‭ ‬ماسك‭ ‬بعنان‭ ‬عربة‭ ‬خيوله‭ ‬في‭ ‬حلبة‭ ‬العرض‭ ‬التي‭ ‬تسمى‭ ‬خشبة‭ ‬المسرح‭. ‬شارك‭ ‬الفنان‭ ‬حسين‭ ‬عبدعلي‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬المسرحيات‭ ‬حضرت‭ ‬معظمها‭ ‬وحتى‭ ‬تدريباته‭ ‬وكان‭ ‬ما‭ ‬توقعته‭ ‬لقد‭ ‬تابعته‭ ‬منذ‭ ‬أن‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬بدايته‭ ‬فرأيته‭ ‬أداة‭ ‬طوع‭ ‬غالباً‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬تحت‭ ‬سيطرة‭ ‬الأستاذ‭ ‬القائد‭ ‬الفني‭ ‬عبدالله‭ ‬السعداوي‭ ‬والأستاذ‭ ‬المبدع‭ ‬إبراهيم‭ ‬خلفان‭ ‬وغيرهم‭ ‬من‭ ‬المخرجين‭ ‬المبدعين‭ ‬وهم‭ ‬الذين‭ ‬غرسوا‭ ‬في‭ ‬صدره‭ ‬سهام‭ ‬حب‭ ‬المسرح‭ ‬والتمثيل‭ ‬وولعه‭ ‬به‭ ‬ولم‭ ‬يتخلص‭ ‬منها،‭ ‬وها‭ ‬هو‭ ‬الآن‭ ‬في‭ ‬عمره‭ ‬هذا‭ ‬يقدم‭ ‬رحيق‭ ‬ما‭ ‬تعلمه‭ ‬وما‭ ‬تدرب‭ ‬عليه،‭ ‬فنستشعر‭ ‬ونحن‭ ‬نراه‭ ‬على‭ ‬الخشبة‭ ‬بأنه‭ ‬أداة‭ ‬تمثيلية‭ ‬ذهبية‭ ‬كتحفة‭ ‬لا‭ ‬ولن‭ ‬تتغير‭ ‬سوى‭ ‬إلى‭ ‬الأفضل‭ ‬دائماً‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا