العدد : ١٧٠٨٢ - الأحد ٢٩ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٨ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٨٢ - الأحد ٢٩ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٨ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

أزمة أوكرانيا وخطة الطريق الصينية!

{‭ ‬تناقلت‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬والزيارة‭ ‬الأخيرة‭ ‬للرئيس‭ ‬الصيني‭ ‬لموسكو‭ ‬أن‭ ‬الصين‭ ‬ستتحرك‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬القادمة‭ ‬للدخول‭ ‬على‭ ‬خط‭ ‬الأزمة‭ ‬الأوكرانية،‭ ‬وأنها‭ ‬قدّمت‭ (‬خطة‭ ‬الطريق‭ ‬الصينية‭) ‬لإنهاء‭ ‬الحرب‭ ‬مع‭ ‬أوكرانيا‭! ‬وأن‭ ‬الرئيس‭ ‬الروسي‭ ‬‮«‬بوتين‮»‬‭ ‬وافق‭ ‬على‭ ‬تلك‭ ‬الخطة‭! ‬والسؤال‭ ‬هناك‭: ‬هل‭ ‬سيوافق‭ ‬‮«‬زيلينسكي‮»‬‭ ‬على‭ ‬الخطة،‭ ‬أم‭ ‬أن‭ ‬حرب‭ ‬أمريكا‭ ‬بالوكالة‭ ‬من‭ ‬خلاله،‭ ‬ستمنعه‭ ‬من‭ ‬قبول‭ ‬أي‭ ‬حوار،‭ ‬لأنها‭ ‬تريد‭ ‬استمرار‭ ‬الحرب؟‭! ‬وهل‭ ‬التحولات‭ ‬العالمية‭ ‬التي‭ ‬تقودها‭ ‬الصين‭ ‬وروسيا‭ ‬حالياً‭ ‬تجاه‭ ‬‮«‬تعددّية‭ ‬الأقطاب‮»‬‭ ‬لنظام‭ ‬عالمي‭ ‬جديد،‭ ‬ستجعل‭ ‬العالم‭ ‬متجهاً‭ ‬إلى‭ ‬الاستقرار‭ ‬والسلام،‭ ‬أم‭ ‬أن‭ ‬آلة‭ ‬الحرب‭ ‬الأمريكية‭ ‬الغربية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬حلف‭ ‬‮«‬الناتو‮»‬‭ ‬ستعمل‭ ‬على‭ ‬إفشال‭ ‬أي‭ ‬خطة‭ ‬أو‭ ‬خطط‭ ‬للسلام‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬وخاصة‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬الرعاية‭ ‬صينية؟‭!‬

{‭ ‬العالم‭ ‬كله‭ ‬وصل‭ ‬إلى‭ ‬مرحلة‭ ‬الضجر‭ ‬من‭ ‬مسارات‭ ‬الحروب‭ ‬والصراعات‭ ‬والفتن‭ ‬والأزمات،‭ ‬التي‭ ‬تثيرها‭ (‬الدولة‭ ‬العميقة‭ ‬العالمية‭) ‬في‭ ‬كل‭ ‬المناطق‭ ‬وتحوّلها‭ ‬إلى‭ ‬بؤر‭ ‬نارية‭! ‬حتى‭ ‬تتحكم‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬تلك‭ ‬الحروب‭ ‬والأزمات‭ ‬التي‭ ‬تقف‭ ‬خلفها‭ (‬الشركات‭ ‬العولمية‭ ‬الكبرى‭) ‬التي‭ ‬وحدها‭ ‬تكسب‭ ‬المليارات‭ ‬والتريليونات‭ ‬من‭ ‬الأزمات‭ ‬العالمية‭! ‬فيما‭ ‬العالم‭ ‬دولاً‭ ‬وشعوباً‭ ‬تدفع‭ ‬الثمن‭ ‬من‭ ‬حياتها‭ ‬ومصائرها‭ ‬وتنميتها‭ ‬وأمنها‭ ‬واستقرارها‭!‬

{‭ ‬‮«‬النظام‭ ‬العالمي‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬يقوده‭ ‬الغرب‭ ‬برئاسة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬أثبت‭ ‬أنه‭ ‬أسوأ‭ ‬‮«‬نظام‭ ‬دولي‮»‬‭ ‬أسهم‭ ‬في‭ ‬جعل‭ ‬الصراعات‭ ‬والأزمات‭ ‬والحروب‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬الهيمنة،‭ ‬مادة‭ ‬غذائه‭ ‬اليومية‭! ‬وأثبت‭ ‬أنه‭ ‬غير‭ ‬معني‭ ‬بكل‭ ‬الشعارات‭ ‬الزائفة‭ ‬التي‭ ‬رفعها‭ ‬طوال‭ ‬عقود‭ ‬طويلة،‭ ‬إلاّ‭ ‬كأداة‭ ‬ابتزاز‭ ‬للدول‭ ‬والشعوب‭! ‬وأثبتت‭ ‬أن‭ ‬المصير‭ ‬البشري‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬هو‭ ‬آخر‭ ‬شيء‭ ‬يضع‭ ‬له‭ ‬أي‭ ‬اعتبار‭! ‬وأن‭ ‬حروبه‭ ‬التي‭ ‬بدأت‭ ‬بالحروب‭ ‬التقليدية،‭ ‬انتقلت‭ ‬إلى‭ ‬حروب‭ (‬الجيل‭ ‬الرابع‭ ‬والخامس‭) ‬وبأدوات‭ ‬ناعمة‭ ‬في‭ ‬ظاهرها،‭ ‬وأكثر‭ ‬ضراوة‭ ‬من‭ ‬الحروب‭ ‬التقليدية‭ ‬في‭ ‬باطنها‭! ‬لأنها‭ ‬أصبحت‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬استخدام‭ ‬العلم‭ ‬وتطوراته‭ ‬للشرّ،‭ ‬وأن‭ ‬حروبه‭ ‬أصبحت‭ (‬بيولوجية‭) ‬بإمكانها‭ ‬أن‭ ‬تقتل‭ ‬مئات‭ ‬الملايين‭ ‬دفعة‭ ‬واحدة،‭ ‬فيما‭ ‬هي‭ ‬تتفرج‭ ‬من‭ ‬خلف‭ ‬الستار‭! ‬وأن‭ ‬الوثائق‭ ‬التي‭ ‬كشفتها‭ ‬روسيا‭ ‬عن‭ ‬الأوبئة‭ ‬خلال‭ (‬قرن‭ ‬من‭ ‬الزمن‭) ‬تثبت‭ ‬ذلك،‭ ‬رغم‭ ‬التعتيم‭ ‬العالمي‭ ‬حولها‭! ‬لأن‭ ‬كل‭ ‬المؤسسات‭ ‬الدولية‭ ‬أدوات‭ ‬في‭ ‬جوهرها،‭ ‬وتعمل‭ ‬على‭ ‬خدمة‭ ‬‮«‬الدولة‭ ‬العميقة‮»‬‭ ‬وشرورها‭ ‬في‭ ‬العالم‭!‬

{‭ ‬الصين‭ ‬تريد‭ ‬عالماً‭ ‬يتجه‭ ‬إلى‭ ‬الاستقرار‭ ‬والسلام‭ ‬والتنمية،‭ ‬وسواء‭ ‬فيما‭ ‬تطرحه‭ ‬من‭ ‬رؤية‭ ‬أو‭ ‬سلوكيات،‭ ‬يثبت‭ ‬ذلك‭ ‬التوجه‭! ‬هي‭ ‬تريد‭ ‬إخماد‭ ‬كل‭ ‬نيران‭ ‬الحروب‭ ‬التي‭ ‬تشعلها‭ ‬أمريكا‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬واليوم‭ ‬بالوكالة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬لأنها‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬إنجاح‭ ‬مشروعها‭ ‬العالمي‭ ‬في‭ (‬خط‭ ‬الحرير‭ ‬الجديد‭) ‬الذي‭ ‬سيجمع‭ ‬دولاً‭ ‬ومناطق‭ ‬كثيرة‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬وربطها‭ ‬بشبكة‭ ‬ذلك‭ ‬الطريق‭ ‬الدولي،‭ ‬لتنشأ‭ ‬من‭ ‬خلاله‭ ‬شبكة‭ (‬روابط‭ ‬تنموية‭) ‬بين‭ ‬دول‭ ‬العالم‭! ‬وهذا‭ ‬لا‭ ‬يتحقق‭ ‬إلا‭ ‬بوجود‭ ‬استقرار‭ ‬وسلام‭ ‬في‭ ‬الخارطة‭ ‬الدولية،‭ ‬لكي‭ ‬تستمر‭ (‬الدورة‭ ‬التنموية‭ ‬التكاملية‭) ‬في‭ ‬العالم‭ ‬حسب‭ ‬رؤيتها‭! ‬ولذلك‭ ‬فإن‭ (‬النظام‭ ‬الغربي‭ ‬الدولي‭) ‬لا‭ ‬يريد‭ ‬السماح‭ ‬لذلك،‭ ‬ويعتبر‭ (‬الرؤية‭ ‬الصينية‭) ‬مناقضة‭ ‬ومنافية‭ ‬لمصالح‭ ‬تسيّده‭ ‬على‭ ‬العالم‭! ‬ولذلك‭ ‬أيضاً‭ ‬يعتبر‭ ‬‮«‬الصين‮»‬‭ ‬ألد‭ ‬أعدائه‭ ‬خاصة‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬المحور‭ ‬‮«‬الأنجلو‭ ‬ساكسوني‮»‬‭ ‬أو‭ ‬الحلف‭ ‬الأمريكي‭ ‬‭ ‬البريطاني‭!‬

{‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬التحوّلات‭ ‬العالمية‭ ‬تثبت‭ ‬‮«‬الصين‮»‬‭ ‬اليوم‭ ‬أنها‭ ‬تأخذ‭ ‬مقعدها‭ ‬كدولة‭ ‬أولى‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬اقتصادياً‭ ‬وسياسياً‭ ‬أيضاً،‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬تراجع‭ ‬مصداقية‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬كله،‭ ‬ومن‭ ‬خلفها‭ ‬‮«‬النظام‭ ‬العالمي‮»‬‭ ‬المستبّد‭ ‬الذي‭ ‬تتزعمّه،‭ ‬ومن‭ ‬خلاله‭ ‬تدير‭ ‬الأزمات‭ ‬العالمية‭ ‬والمتغيرات‭ ‬الجيوستراتيجية‭ ‬كما‭ ‬ترغب‭ ‬وحدها‭! ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬جعل‭ ‬أغلب‭ ‬الدول‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬باستثناء‭ ‬الغرب‭ ‬التابع‭ ‬لأمريكا،‭ ‬يتطلع‭ ‬إلى‭ (‬الدور‭ ‬الصيني‭) ‬في‭ ‬إخماد‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأزمات‭ ‬الكبرى‭ ‬التي‭ ‬صنعتها‭ ‬‮«‬الدولة‭ ‬العميقة‮»‬‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬لتبقى‭ ‬وحدها‭ ‬على‭ ‬كرسي‭ ‬الزعامة‭ ‬العالمية،‭ ‬ومن‭ ‬دون‭ ‬مراعاة‭ ‬لمصالح‭ ‬الدول‭ ‬والشعوب‭!‬

{‭ ‬ولهذا،‭ ‬فإن‭ ‬‮«‬الخطة‭ ‬الصينية‮»‬‭ ‬لإنهاء‭ ‬الحرب‭ ‬الأوكرانية‭ ‬ستواجه‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬العراقيل‭ ‬‮«‬الأمريكية‭ - ‬الغربية‮»‬،‭ ‬لأنها‭ ‬تحديداً‭ ‬تصبّ‭ ‬الماء‭ ‬على‭ ‬نار‭ ‬الحرب‭ ‬والأزمة،‭ ‬فيما‭ ‬يريد‭ ‬‮«‬الناتو‮»‬‭ ‬استمرار‭ ‬تلك‭ ‬الحرب‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كانت‭ ‬آثارها‭ ‬تنعكس‭ ‬على‭ ‬الشعب‭ ‬الأمريكي‭ ‬والشعوب‭ ‬الأوروبية‭ ‬بشكل‭ ‬سلبي‭ ‬كبير،‭ ‬يتضح‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الأزمات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والتضخم‭ ‬والتراجع‭ ‬التنموي،‭ ‬وكل‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬مصالح‭ ‬‮«‬الدولة‭ ‬العميقة‮»‬‭ ‬وأمريكا،‭ ‬والمجمّع‭ ‬الصناعي‭ ‬‭ ‬العسكري‭ ‬فيها‭!‬

ولكن‭ ‬الصين‭ ‬قادمة‭ ‬بقوة‭ ‬إلى‭ ‬كل‭ ‬العالم،‭ ‬ومعها‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬دوله‭ ‬التي‭ ‬ملّت‭ ‬من‭ ‬الغطرسة‭ ‬الغربية‭ ‬وأنانيتها‭ ‬وجشعها‭ ‬واستهتارها‭ ‬بالمصالح‭ ‬العالمية‭ ‬لتكريس‭ ‬هيمنتها‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬وجه‭ ‬حق،‭ ‬ومن‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬مصداقية‭!‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا