يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
«أخبار» نهاية العالم
يقول الخبر إن قوات الاحتلال الإسرائيلي أحرقت مستشفى كمال عدوان في غزة بالكامل.
ويقول الخبر إن قوات الاحتلال لم تكتف بهذا بل اعتقلت أكثر من 350 شخصا كانوا داخل المستشفى، بينهم 180 من الكوادر الطبية و75 جريحا ومريضا مع مرافقيهم، واقتادتهم إلى جهة مجهولة.
حتى صحيفة إسرائيلية مثل صحيفة «ها آرتس» لم تستطع الصمت عن هول هذه الجريمة، وقدمت وصفا لها وكتبت تقول: «الجيش الإسرائيلي أمر المرضى والجرحى وأعضاء الطاقم الطبي بإخلاء المستشفى، ما أدى إلى تجمع عشرات الأشخاص «في حالة من الذهول والبرد الشديد في ساحة المستشفى.. الجنود أجبروا هؤلاء الأشخاص على خلع ملابسهم والسير في مشهد وصف بالإذلال، حيث ظهروا في مقاطع فيديو وهم يقفون عراة بين الأنقاض والدبابات، بينما بقي خلفهم مرضى يحتضرون وبعض أفراد الطاقم الطبي الذين رفضوا مغادرة المكان».
ويقول الخبر إنه بعد حرق مستشفى كمال عدوان خرج النظام الصحي بالكامل عن الخدمة في شمال غزة، أي لم يعد هناك أي ملجأ صحي لأهل غزة.
ويقول الخبر إن خمسة أطفال رضع توفوا في غزة بسبب البرد القارس وبسبب عجز الأمهات الجوعى عن تغذيتهم.
هذه نماذج من عشرات الأخبار الشبيهة التي يتابعها العالم يوميا عما يجري في غزة.
هذه ليست مجرد «أخبار». هذه جرائم لم يشهدها التاريخ وتعجز أي كلمات عن توصيفها. حتى تعبيرات مثل جرائم حرب وإبادة أو القتل الجماعي لا تكفي لوصف كل هذه الهمجية وكل هذه الوحشية. لا يمكن أن تكفي لوصف حرق مستشفى بالكامل والحكم على المرضى بالموت بهذا الشكل الوحشي، ولا يمكن أن تكفي لوصف ترك رضع يموتون بردا وجوعا.
الجريمة الكبرى أن العالم كله أصبح يتعامل مع هذه الجرائم الوحشية على أنها مجرد «أخبار» كما لو كان حدوثها أمرا عاديا. أقصى ما أصبح العالم يفعله هو أن يتحسر البعض على الضحايا وعلى ما يجري، أو يصدر البعض بيانات إدانة عابرة، أو يدعو إلى وقف الحرب.. وهكذا.
العالم يفعل هذا على الرغم من عشرات التقارير الدولية الموثقة التي أصدرتها منظمات ومؤسسات دولية توثق فيها كل أبعاد حرب إبادة غزة، وعن الجرائم التي يرتكبها الاحتلال الاسرائيلي، ورغم التوصيات التي قدمتها هذه التقارير والصرخات التي أطلقتها كي يتم تنفيذها.
والعالم يفعل هذا رغم قرارات المحاكم الدولية التي أدانت الجرائم الإسرائيلية وأصدرت أوامر باعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير الدفاع لارتكابهما جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
ولأن هذا هو ما يكتفي العالم بأن يفعله من الطبيعي أن تتواصل كل هذه الهمجية بلا توقف وأن تصل إلى هذا الحد من الوحشية الذي تنقله الأخبار.. تتواصل هذه الجرائم لأن العالم لا يحرك ساكنا ولأن دولا كبرى على رأسها أمريكا تواصل دعم كل هذه الجرائم بالسلاح وبالحماية السياسية من دون أي إحساس بالخجل.
هذه الأخبار هي «أخبار نهاية العالم». هي إعلان نهائي بوفاة النظام العالمي الحالي.
النظام العالمي الذي يسمح بكل هذه الجرائم ويعجز عن وقفها يجب أن يموت.
النظام العالمي الذي لا يفعل شيئا في مواجهة حرق مستشفى بالكامل، وقتل رضع بردا وجوعا يجب أن يموت.
إلى أن يشهد العالم نظاما عالميا جديدا أكثر عدلا وإنصافا وإنسانية يحترم حياة البشر والكرامة الإنسانية، سنظل نشهد مثل هذه الجرائم الوحشية في فلسطين وغيرها.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك