العدد : ١٧٠٩٠ - الاثنين ٠٦ يناير ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٦ رجب ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٩٠ - الاثنين ٠٦ يناير ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٦ رجب ١٤٤٦هـ

يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره

«أخبار» نهاية العالم

يقول‭ ‬الخبر‭ ‬إن‭ ‬قوات‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬أحرقت‭ ‬مستشفى‭ ‬كمال‭ ‬عدوان‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬بالكامل‭. ‬

ويقول‭ ‬الخبر‭ ‬إن‭ ‬قوات‭ ‬الاحتلال‭ ‬لم‭ ‬تكتف‭ ‬بهذا‭ ‬بل‭ ‬اعتقلت‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬350‭ ‬شخصا‭ ‬كانوا‭ ‬داخل‭ ‬المستشفى،‭ ‬بينهم‭ ‬180‭ ‬من‭ ‬الكوادر‭ ‬الطبية‭ ‬و75‭ ‬جريحا‭ ‬ومريضا‭ ‬مع‭ ‬مرافقيهم،‭ ‬واقتادتهم‭ ‬إلى‭ ‬جهة‭ ‬مجهولة‭.‬

حتى‭ ‬صحيفة‭ ‬إسرائيلية‭ ‬مثل‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬ها‭ ‬آرتس‮»‬‭ ‬لم‭ ‬تستطع‭ ‬الصمت‭ ‬عن‭ ‬هول‭ ‬هذه‭ ‬الجريمة،‭ ‬وقدمت‭ ‬وصفا‭ ‬لها‭ ‬وكتبت‭ ‬تقول‭: ‬‮«‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬أمر‭ ‬المرضى‭ ‬والجرحى‭ ‬وأعضاء‭ ‬الطاقم‭ ‬الطبي‭ ‬بإخلاء‭ ‬المستشفى،‭ ‬ما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬تجمع‭ ‬عشرات‭ ‬الأشخاص‭ ‬‮«‬في‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الذهول‭ ‬والبرد‭ ‬الشديد‭ ‬في‭ ‬ساحة‭ ‬المستشفى‭.. ‬الجنود‭ ‬أجبروا‭ ‬هؤلاء‭ ‬الأشخاص‭ ‬على‭ ‬خلع‭ ‬ملابسهم‭ ‬والسير‭ ‬في‭ ‬مشهد‭ ‬وصف‭ ‬بالإذلال،‭ ‬حيث‭ ‬ظهروا‭ ‬في‭ ‬مقاطع‭ ‬فيديو‭ ‬وهم‭ ‬يقفون‭ ‬عراة‭ ‬بين‭ ‬الأنقاض‭ ‬والدبابات،‭ ‬بينما‭ ‬بقي‭ ‬خلفهم‭ ‬مرضى‭ ‬يحتضرون‭ ‬وبعض‭ ‬أفراد‭ ‬الطاقم‭ ‬الطبي‭ ‬الذين‭ ‬رفضوا‭ ‬مغادرة‭ ‬المكان‮»‬‭.‬

ويقول‭ ‬الخبر‭ ‬إنه‭ ‬بعد‭ ‬حرق‭ ‬مستشفى‭ ‬كمال‭ ‬عدوان‭ ‬خرج‭ ‬النظام‭ ‬الصحي‭ ‬بالكامل‭ ‬عن‭ ‬الخدمة‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬غزة،‭ ‬أي‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬هناك‭ ‬أي‭ ‬ملجأ‭ ‬صحي‭ ‬لأهل‭ ‬غزة‭.‬

ويقول‭ ‬الخبر‭ ‬إن‭ ‬خمسة‭ ‬أطفال‭ ‬رضع‭ ‬توفوا‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬بسبب‭ ‬البرد‭ ‬القارس‭ ‬وبسبب‭ ‬عجز‭ ‬الأمهات‭ ‬الجوعى‭ ‬عن‭ ‬تغذيتهم‭.‬

هذه‭ ‬نماذج‭ ‬من‭ ‬عشرات‭ ‬الأخبار‭ ‬الشبيهة‭ ‬التي‭ ‬يتابعها‭ ‬العالم‭ ‬يوميا‭ ‬عما‭ ‬يجري‭ ‬في‭ ‬غزة‭.‬

هذه‭ ‬ليست‭ ‬مجرد‭ ‬‮«‬أخبار‮»‬‭. ‬هذه‭ ‬جرائم‭ ‬لم‭ ‬يشهدها‭ ‬التاريخ‭ ‬وتعجز‭ ‬أي‭ ‬كلمات‭ ‬عن‭ ‬توصيفها‭. ‬حتى‭ ‬تعبيرات‭ ‬مثل‭ ‬جرائم‭ ‬حرب‭ ‬وإبادة‭ ‬أو‭ ‬القتل‭ ‬الجماعي‭ ‬لا‭ ‬تكفي‭ ‬لوصف‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الهمجية‭ ‬وكل‭ ‬هذه‭ ‬الوحشية‭. ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تكفي‭ ‬لوصف‭ ‬حرق‭ ‬مستشفى‭ ‬بالكامل‭ ‬والحكم‭ ‬على‭ ‬المرضى‭ ‬بالموت‭ ‬بهذا‭ ‬الشكل‭ ‬الوحشي،‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تكفي‭ ‬لوصف‭ ‬ترك‭ ‬رضع‭ ‬يموتون‭ ‬بردا‭ ‬وجوعا‭.‬

الجريمة‭ ‬الكبرى‭ ‬أن‭ ‬العالم‭ ‬كله‭ ‬أصبح‭ ‬يتعامل‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬الجرائم‭ ‬الوحشية‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬مجرد‭ ‬‮«‬أخبار‮»‬‭ ‬كما‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬حدوثها‭ ‬أمرا‭ ‬عاديا‭. ‬أقصى‭ ‬ما‭ ‬أصبح‭ ‬العالم‭ ‬يفعله‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬يتحسر‭ ‬البعض‭ ‬على‭ ‬الضحايا‭ ‬وعلى‭ ‬ما‭ ‬يجري،‭ ‬أو‭ ‬يصدر‭ ‬البعض‭ ‬بيانات‭ ‬إدانة‭ ‬عابرة،‭ ‬أو‭ ‬يدعو‭ ‬إلى‭ ‬وقف‭ ‬الحرب‭.. ‬وهكذا‭.‬

العالم‭ ‬يفعل‭ ‬هذا‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬عشرات‭ ‬التقارير‭ ‬الدولية‭ ‬الموثقة‭ ‬التي‭ ‬أصدرتها‭ ‬منظمات‭ ‬ومؤسسات‭ ‬دولية‭ ‬توثق‭ ‬فيها‭ ‬كل‭ ‬أبعاد‭ ‬حرب‭ ‬إبادة‭ ‬غزة،‭ ‬وعن‭ ‬الجرائم‭ ‬التي‭ ‬يرتكبها‭ ‬الاحتلال‭ ‬الاسرائيلي،‭ ‬ورغم‭ ‬التوصيات‭ ‬التي‭ ‬قدمتها‭ ‬هذه‭ ‬التقارير‭ ‬والصرخات‭ ‬التي‭ ‬أطلقتها‭ ‬كي‭ ‬يتم‭ ‬تنفيذها‭.‬

والعالم‭ ‬يفعل‭ ‬هذا‭ ‬رغم‭ ‬قرارات‭ ‬المحاكم‭ ‬الدولية‭ ‬التي‭ ‬أدانت‭ ‬الجرائم‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬وأصدرت‭ ‬أوامر‭ ‬باعتقال‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬ووزير‭ ‬الدفاع‭ ‬لارتكابهما‭ ‬جرائم‭ ‬حرب‭ ‬وجرائم‭ ‬ضد‭ ‬الإنسانية‭. ‬

ولأن‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬يكتفي‭ ‬العالم‭ ‬بأن‭ ‬يفعله‭ ‬من‭ ‬الطبيعي‭ ‬أن‭ ‬تتواصل‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الهمجية‭ ‬بلا‭ ‬توقف‭ ‬وأن‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬الحد‭ ‬من‭ ‬الوحشية‭ ‬الذي‭ ‬تنقله‭ ‬الأخبار‭.. ‬تتواصل‭ ‬هذه‭ ‬الجرائم‭ ‬لأن‭ ‬العالم‭ ‬لا‭ ‬يحرك‭ ‬ساكنا‭ ‬ولأن‭ ‬دولا‭ ‬كبرى‭ ‬على‭ ‬رأسها‭ ‬أمريكا‭ ‬تواصل‭ ‬دعم‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الجرائم‭ ‬بالسلاح‭ ‬وبالحماية‭ ‬السياسية‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬إحساس‭ ‬بالخجل‭.‬

هذه‭ ‬الأخبار‭ ‬هي‭ ‬‮«‬أخبار‭ ‬نهاية‭ ‬العالم‮»‬‭. ‬هي‭ ‬إعلان‭ ‬نهائي‭ ‬بوفاة‭ ‬النظام‭ ‬العالمي‭ ‬الحالي‭.‬

النظام‭ ‬العالمي‭ ‬الذي‭ ‬يسمح‭ ‬بكل‭ ‬هذه‭ ‬الجرائم‭ ‬ويعجز‭ ‬عن‭ ‬وقفها‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يموت‭.‬

النظام‭ ‬العالمي‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يفعل‭ ‬شيئا‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬حرق‭ ‬مستشفى‭ ‬بالكامل،‭ ‬وقتل‭ ‬رضع‭ ‬بردا‭ ‬وجوعا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يموت‭.‬

إلى‭ ‬أن‭ ‬يشهد‭ ‬العالم‭ ‬نظاما‭ ‬عالميا‭ ‬جديدا‭ ‬أكثر‭ ‬عدلا‭ ‬وإنصافا‭ ‬وإنسانية‭ ‬يحترم‭ ‬حياة‭ ‬البشر‭ ‬والكرامة‭ ‬الإنسانية،‭ ‬سنظل‭ ‬نشهد‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الجرائم‭ ‬الوحشية‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭ ‬وغيرها‭.‬

إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا