يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
من بشار إلى الجولاني .. ماذا ينتظر سوريا؟
تحدثت في مقال أمس عن بعض دواعي القلق وتساؤلات مشروعة يجب طرحها حول مستقبل سوريا ومواقف وسياسات الجولاني الحاكم الفعلي الجديد لسوريا وجماعته. وتساءلنا خصوصا عن حقيقة إيمانهم بعروبة سوريا، وحقيقة تخليهم فعلا عن قناعاتهم الإسلامية المتطرفة.
لا بد أن نلفت النظر في هذا السياق إلى بعض إشارات وممارسات قد تبدو بسيطة لكنها مهمة وقد أثارت قلق السوريين بالفعل. من ذلك مثلا رفض الجولاني التصوير مع صحفية إلا إذا ارتدت الحجاب. في حديثه مع البي بي سي حين سئل عن هذه الواقعة، قال إن «هذه حريتي الشخصية. أريد أن أتصور بالطريقة التي تناسبني».
الأمر الذي يبدو طريفا، وهو ليس كذلك، أن الجولاني تخلى عن «حريته الشخصية» وعن «الطريقة التي تناسبه» حين التقى مساعدة وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى، باربرا ليف، ووقف يتصور معها دون أن ترتدي الحجاب طبعا.
كما ذكرت هذه وقائع بسيطة لها دلالات مهمة. موقف الجولاني من الصحفية يبدو هو موقفه الحقيقي، وموقفه مع المسؤولة الأمريكية هو ما تفرضه الضرورة السياسية التي يعتزم التخلي عنها في أي وقت.
واقعة أخرى أثارت بالفعل قلق السوريين عندما ظهر رئيس الحكومة المؤقتة الذي عينه الجولاني جالسا ووراءه علم سوريا وبجواره علم «هيئة تحرير الشام» الذي يشبه علم طالبان.
هذا أمر يثير القلق بالفعل ويطرح التساؤل: ولاء الجولاني لمن بالضبط؟.. لسوريا أم لجماعته الضيقة؟
قضية أخرى تثير التساؤلات تتعلق بالموقف من الانفراد بحكم سوريا ومن القوى المعارضة الأخرى غير جبهة تحرير الشام.
الذي يجعل القضية مثارة أنه حتى الآن يلاحظ الجميع توجها للانفراد بالحكم واستبعاد قوى وجماعات المعارضة الأخرى التي شاركت في إسقاط نظام الأسد.
الجولاني نصب نفسه حاكما فعليا وحيدا. ورئيس الحكومة الانتقالية الذي تم تعيينه وكل الوزراء الذي تم اختيارهم ينتمون إلى جبهة تحرير الشام فقط. ولا نسمع عن أي دور لممثلين عن القوى الأخرى.
قوى المعارضة السورية اشتكت علنا بالفعل ليس فقط من عدم مشاركتهم في هذه المرحلة، وإنما من أنه لا يتم التشاور معهم أصلا أو أخذ رأيهم في أي قرارات او خطوات يتخذها الجولاني.
بطبيعة الحال يثير هذا التوجه خوفا من نزعة استبدادية بالسلطة على عكس ما يعلنه الجولاني.
وكما أشرت في مقال سابق.. من أخطر القضايا على الإطلاق موقف الجولاني من الاحتلال الإسرائيلي للأراضي السورية ومن قيام إسرائيل بتدمير كل القوة العسكرية السورية.
إسرائيل دمرت كل قدرات سوريا العسكرية، واحتلت أراضي سورية واسعة وكل يوم توسع احتلالها.
الجولاني لم نسمع منه تصريحا واحدا عن هذا العدوان الإسرائيلي السافر على الرغم من أن السوريين في الأراضي التي احتلتها إسرائيل أطلقوا نداءات استغاثة مما يتعرضون له على يد الاحتلال.
أيضا لم نسمع من الجولاني أي تعليق عن احتلال تركيا لأراض سورية.
الخوف هنا من أن يكون هذا الصمت مؤشرا على أن الحكم الجديد في سوريا قد سلم بالتقسيم الفعلي للبلاد. صحيح أن سوريا مناطق نفوذ منذ سنوات طويلة، لكن هناك فارق بين هذا الوضع وبين قبول التقسيم الفعلي للبلاد وهدر سيادتها واستقلالها كدولة موحدة.
هناك جوانب أخرى كثيرة تثير تساؤلات قد نعود اليها في مقالات قادمة.
البعض يرى أن الحكم الجديد مازال في بدايته، وأنه ورث أوضاعا صعبة ويجب إعطاؤه الفرصة كاملة كي يرتب أموره وأمور البلاد في مرحلة انتقالية قبل إصدار حكم نهائي عليه.
ولا بأس في هذا. لكن في الوقت نفسه من المهم التعبير عن هذه المخاوف وإثارة مثل هذه التساؤلات.
القلق على مستقبل سوريا حقيقي، والسوريون أنفسهم بدأوا يعبرون عنه. ويمكن تلخيص أهم ما يقلق حول مستقبل سوريا على النحو التالي:
هل تنتقل سوريا من حكم الفرد الاستبدادي بشار الأسد إلى حكم استبدادي آخر مع الجولاني؟
هل تنتقل سوريا من حكم حزب البعث إلى حكم جبهة تحرير الشام؟
هل تنتقل سوريا من تسليم مقادير البلاد إلى إيران إلى تسلميها إلى إسرائيل وتركيا؟
هل تنتقل من مناطق نفوذ الأمر الواقع إلى التقسيم الفعلي؟
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك