العدد : ١٧٠٨٢ - الأحد ٢٩ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٨ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٨٢ - الأحد ٢٩ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٨ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره

أبعد من اغتيال هنية

في‭ ‬الفترة‭ ‬القليلة‭ ‬الماضية‭ ‬شهدنا‭ ‬تصعيدا‭ ‬إسرائيليا‭ ‬خطيرا‭ ‬في‭ ‬الاعتداءات‭ ‬التي‭ ‬تستهدف‭ ‬دولا‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭.‬

شهدنا‭ ‬الاعتداء‭ ‬على‭ ‬مدينة‭ ‬الحديدة‭ ‬في‭ ‬اليمن‭. ‬وشهدنا‭ ‬اغتيال‭ ‬فؤاد‭ ‬شكر‭ ‬القيادي‭ ‬في‭ ‬حزب‭ ‬الله‭ ‬في‭ ‬غارة‭ ‬على‭ ‬جنوب‭ ‬لبنان‭. ‬ثم‭ ‬شهدنا‭ ‬اغتيال‭ ‬القيادي‭ ‬الفلسطيني‭ ‬إسماعيل‭ ‬هنية‭ ‬في‭ ‬طهران‭. ‬والاعتداءات‭ ‬على‭ ‬سوريا‭ ‬والاغتيالات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬على‭ ‬الأراضي‭ ‬السورية‭ ‬أصبحت‭ ‬متكررة‭.‬

السؤال‭: ‬ماذا‭ ‬وراء‭ ‬هذا‭ ‬التصعيد‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬الخطير‭ ‬في‭ ‬المنطقة؟

قد‭ ‬تبدو‭ ‬الإجابة‭ ‬المباشرة‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬رد‭ ‬انتقامي‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يتعرض‭ ‬له‭ ‬الكيان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬من‭ ‬هجمات‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬المقاومة‭. ‬لكن‭ ‬الحقيقة‭ ‬أبعد‭ ‬من‭ ‬هذا‭.‬

الذي‭ ‬يهدف‭ ‬إليه‭ ‬الإسرائيليون‭ ‬من‭ ‬وراء‭ ‬هذا‭ ‬التصعيد‭ ‬في‭ ‬الاعتداءات‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬أبعد‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬هذا‭. ‬ما‭ ‬يريدونه‭ ‬أبعد‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬مجرد‭ ‬اغتيال‭ ‬هنية‭ ‬كقيادي‭ ‬بارز‭ ‬في‭ ‬حماس‭ ‬على‭ ‬أمل‭ ‬أن‭ ‬يقود‭ ‬هذا‭ ‬إلى‭ ‬إضعاف‭ ‬المقاومة،‭ ‬ومن‭ ‬مجرد‭ ‬الرد‭ ‬على‭ ‬هجوم‭ ‬تل‭ ‬أبيب‭ ‬الذي‭ ‬حدث‭ ‬مؤخرا،‭ ‬والرد‭ ‬على‭ ‬صواريخ‭ ‬حزب‭ ‬الله‭.‬

الحادث‭ ‬أن‭ ‬حرب‭ ‬إبادة‭ ‬غزة‭ ‬في‭ ‬طريقها‭ ‬للنهاية‭ ‬وهناك‭ ‬ضغوط‭ ‬متزايدة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬وقفها‭. ‬وبغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬النوايا‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬فهم‭ ‬لا‭ ‬يستطيعون‭ ‬الاستمرار‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬نهاية‭.‬

في‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬الإدانات‭ ‬العالمية‭ ‬للإجرام‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬بلغت‭ ‬حدا‭ ‬غير‭ ‬مسبوق‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬الشعوب‭ ‬والدول‭ ‬والمنظمات‭ ‬الدولية‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬وأصبح‭ ‬هناك‭ ‬قناعة‭ ‬عالمية‭ ‬بأنه‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬مقبولا‭ ‬الرضوخ‭ ‬لكل‭ ‬هذه‭ ‬الهمجية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬والتسامح‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬لشعب‭ ‬بأسره،‭ ‬وبأنه‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬ترك‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬دون‭ ‬حسم‭ ‬وآن‭ ‬الأوان‭ ‬لإنهاء‭ ‬الاحتلال‭ ‬وحصول‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬على‭ ‬حقوقه‭ ‬المشروعة‭. ‬والمؤكد‭ ‬أن‭ ‬الضغوط‭ ‬العالمية‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الاتجاه‭ ‬سوف‭ ‬تتزايد‭ ‬بعد‭ ‬وقف‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬في‭ ‬غزة‭.‬

في‭ ‬هذا‭ ‬الإطار‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نفهم‭ ‬لماذا‭ ‬يصعّد‭ ‬الكيان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬هجماته‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬الأخيرة‭.‬

الكيان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬يريد‭ ‬تحقيق‭ ‬هدفين‭ ‬كبيرين‭ ‬من‭ ‬وراء‭ ‬هذا‭ ‬التصعيد‭:‬

الأول‭: ‬تأكيد‭ ‬ما‭ ‬يعلنه‭ ‬بالفعل‭ ‬باستمرار‭ ‬من‭ ‬أنه‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬سلام‭ ‬ولن‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬نهاية‭ ‬للاحتلال،‭ ‬ولن‭ ‬تقوم‭ ‬دولة‭ ‬فلسطينية‭ ‬أبدا‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬إطار‭ ‬وفي‭ ‬أي‭ ‬وقت‭.‬

بعبارة‭ ‬أخرى،‭ ‬يريد‭ ‬الاسرائيليون‭ ‬إثبات‭ ‬أنهم‭ ‬هم‭ ‬الذين‭ ‬يحددون‭ ‬مستقبل‭ ‬الصراع‭ ‬برمته،‭ ‬وأنه‭ ‬لن‭ ‬يستطيع‭ ‬أي‭ ‬أحد‭ ‬أن‭ ‬يفرض‭ ‬عليهم‭ ‬أي‭ ‬شيء‭.‬

والثاني‭: ‬يريد‭ ‬الإسرائيليون‭ ‬إثبات‭ ‬أن‭ ‬‮«‬ذراعهم‭ ‬الطويلة‮»‬‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬أي‭ ‬دولة‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬وأنهم‭ ‬قادرون‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يفرضوا‭ ‬إرادتهم‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬دول‭ ‬المنطقة،‭ ‬وأن‭ ‬اعتبارات‭ ‬السيادة‭ ‬لا‭ ‬قيمة‭ ‬لها‭ ‬ولا‭ ‬معنى‭ ‬بالنسبة‭ ‬إليهم‭.‬

بعبارة‭ ‬أخرى‭ ‬يريد‭ ‬الإسرائيليون‭ ‬توجيه‭ ‬رسالة‭ ‬مؤداها‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭ ‬ليس‭ ‬أمامها‭ ‬سوى‭ ‬أن‭ ‬ترضخ‭ ‬لإرادتهم‭ ‬بالقوة‭ ‬وبالإرهاب،‭ ‬وأن‭ ‬تقبل‭ ‬صاغرة‭ ‬لرؤيتهم‭ ‬لمستقبل‭ ‬المنطقة‭ ‬كلها‭ ‬وليس‭ ‬فقط‭ ‬لمستقبل‭ ‬الصراع‭ ‬مع‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭.‬

المنطقة‭ ‬مقبلة‭ ‬على‭ ‬مرحلة‭ ‬مصيرية‭ ‬في‭ ‬منتهى‭ ‬الخطورة‭.. ‬مرحلة‭ ‬جوهرها‭ ‬من‭ ‬سيكون‭ ‬له‭ ‬اليد‭ ‬العليا‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭.. ‬الأمر‭ ‬لا‭ ‬يتعلق‭ ‬فقط‭ ‬بالقضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬وإنما‭ ‬بمصير‭ ‬المنطقة‭ ‬برمتها‭.‬

النتيجة‭ ‬النهائية‭ ‬سوف‭ ‬تتوقف‭ ‬على‭ ‬مواقف‭ ‬مختلف‭ ‬الدول‭ ‬وماذا‭ ‬ستفعل،‭ ‬وعلى‭ ‬مواقف‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬بالطبع‭ ‬بوجه‭ ‬خاص‭.. ‬هل‭ ‬سترضخ‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬لهذا‭ ‬الذي‭ ‬يريده‭ ‬الإسرائيليون‭ ‬أم‭ ‬ستكون‭ ‬لها‭ ‬كلمة‭ ‬أخرى؟

إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا