العدد : ١٧٠٨٢ - الأحد ٢٩ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٨ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٨٢ - الأحد ٢٩ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٨ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره

نداء الشعب السوداني

في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬تتواصل‭ ‬فيه‭ ‬المعارك‭ ‬بين‭ ‬الجيش‭ ‬السوداني‭ ‬وقوات‭ ‬التدخل‭ ‬السريع،‭ ‬ترسم‭ ‬التقارير‭ ‬عن‭ ‬الأوضاع‭ ‬في‭ ‬السودان‭ ‬صورة‭ ‬قاتمة‭ ‬مفزعة‭ ‬عن‭ ‬كارثة‭ ‬إنسانية‭ ‬رهيبة‭ ‬حلت‭ ‬بالشعب‭ ‬السوداني‭.‬

بداية،‭ ‬هناك‭ ‬الأعداد‭ ‬الكبيرة‭ ‬من‭ ‬الضحايا‭ ‬الذين‭ ‬يسقطون‭ ‬قتلى‭ ‬وجرحى‭ ‬من‭ ‬المدنيين‭ ‬والعسكريين‭. ‬من‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬الأرقام‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬إعلانها‭ ‬ليست‭ ‬دقيقة‭ ‬وأن‭ ‬اعداد‭ ‬الضحايا‭ ‬أكبر‭ ‬مما‭ ‬يتم‭ ‬اعلانه‭ ‬بكثير؛‭ ‬بدليل‭ ‬ان‭ ‬أطباء‭ ‬في‭ ‬المستشفيات‭ ‬قالوا‭ ‬انه‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬بمقدورهم‭ ‬إحصاء‭ ‬اعداد‭ ‬الضحايا‭. ‬هؤلاء‭ ‬الضحايا‭ ‬وخصوصا‭ ‬المدنيين‭ ‬منهم‭ ‬هم‭ ‬ضحايا‭ ‬صراع‭ ‬لا‭ ‬دخل‭ ‬لهم‭ ‬فيه‭. ‬صراع‭ ‬على‭ ‬السلطة‭ ‬لا‭ ‬مصلحة‭ ‬للشعب‭ ‬فيه‭.‬

أما‭ ‬عن‭ ‬الأوضاع‭ ‬الإنسانية‭ ‬في‭ ‬السودان‭ ‬فالصورة‭ ‬مفزعة‭ ‬حقا‭.‬

التقارير‭ ‬تتحدث‭ ‬عن‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الهلع‭ ‬تنتاب‭ ‬السودانيين‭ ‬خوفا‭ ‬من‭ ‬نفاد‭ ‬السلع‭ ‬والمواد‭ ‬الغذائية‭ ‬الأساسية‭. ‬الأسواق‭ ‬الكبرى‭ ‬في‭ ‬الخرطوم‭ ‬مثل‭ ‬السوق‭ ‬المركزي‭ ‬وأسواق‭ ‬بحري‭ ‬وأم‭ ‬درمان‭ ‬والسوق‭ ‬العربي‭ ‬وهي‭ ‬التي‭ ‬تعتبر‭ ‬المصدر‭ ‬الأول‭ ‬للأغذية‭ ‬لإمداد‭ ‬الأسواق‭ ‬الصغيرة‭ ‬والمحال‭ ‬التجارية‭ ‬أغلقت‭ ‬بسبب‭ ‬المعارك‭. ‬وأغلب‭ ‬المتاجر‭ ‬والمحال‭ ‬التجارية‭ ‬لا‭ ‬تجرؤ‭ ‬على‭ ‬ان‭ ‬تفتح‭ ‬أبوابها‭. ‬ويتخوف‭ ‬السودانيون‭ ‬انه‭ ‬مع‭ ‬استمرار‭ ‬المعارك‭ ‬فستحدث‭ ‬ازمة‭ ‬غذائية‭ ‬كبرى‭ ‬وتنفد‭ ‬المواد‭ ‬الأساسية‭. ‬وأصلا‭ ‬لا‭ ‬يجرؤ‭ ‬اغلب‭ ‬السودانيين‭ ‬على‭ ‬الخروج‭ ‬لتأمين‭ ‬احتياجاتهم‭.‬

والتقارير‭ ‬تتحدث‭ ‬عن‭ ‬ازمة‭ ‬مياه‭ ‬رهيبة‭ ‬في‭ ‬الخرطوم‭ ‬وأن‭ ‬العطش‭ ‬يهدد‭ ‬احياء‭ ‬بكاملها‭.‬

هيئة‭ ‬المياه‭ ‬بالخرطوم‭ ‬أعلنت‭ ‬ان‭ ‬محطات‭ ‬المياه‭ ‬الرئيسية‭ ‬بالخرطوم‭ ‬تعرضت‭ ‬لأضرار‭ ‬بالغة‭ ‬بسبب‭ ‬الاشتباكات‭ ‬وأنها‭ ‬عاجزة‭ ‬عن‭ ‬تشغيلها‭ ‬ولم‭ ‬تعد‭ ‬تستطيع‭ ‬تأمين‭ ‬امدادات‭ ‬مياه‭ ‬للسكان‭. ‬هذا‭ ‬الوضع‭ ‬يترك‭ ‬اهل‭ ‬الخرطوم‭ ‬يعانون‭ ‬من‭ ‬العطش‭ ‬ولا‭ ‬يستطيعون‭ ‬تأمين‭ ‬أي‭ ‬بدائل‭. ‬بعض‭ ‬السكان‭ ‬قالوا‭ ‬في‭ ‬تصريحات‭ ‬انهم‭ ‬منذ‭ ‬ثلاثة‭ ‬أيام‭ ‬يعيشون‭ ‬بلا‭ ‬ماء‭ ‬ولا‭ ‬كهرباء‭.‬

أما‭ ‬عن‭ ‬الوضع‭ ‬في‭ ‬المستشفيات‭ ‬والقطاع‭ ‬الصحي‭ ‬فهو‭ ‬مأساة‭ ‬بكل‭ ‬معنى‭ ‬الكلمة‭.‬

لجنة‭ ‬الأطباء‭ ‬في‭ ‬السودان‭ ‬أعلنت‭ ‬أن‭ ‬عديدا‭ ‬من‭ ‬المستشفيات‭ ‬تعرضت‭ ‬للقصف،‭ ‬وأن‭ ‬المسلحين‭ ‬يلجأون‭ ‬إلى‭ ‬المستشفيات،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬خروج‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬المستشفيات‭ ‬من‭ ‬الخدمة‭ ‬وتوقفها‭ ‬عن‭ ‬العمل‭.‬

وأغلب‭ ‬المستشفيات‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬انقطاع‭ ‬الكهرباء،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يعرض‭ ‬المرضى‭ ‬بالعناية‭ ‬المركزة‭ ‬والعمليات‭ ‬الجراحية‭ ‬لخطر‭ ‬الموت‭.‬

ولجنة‭ ‬الأطباء‭ ‬أعلنت‭ ‬ان‭ ‬الأدوية‭ ‬والمواد‭ ‬الطبية‭ ‬تنفد‭ ‬ووجهت‭ ‬نداء‭ ‬عالميا‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬والمنظمات‭ ‬الصحية‭ ‬العالمية‭ ‬لإغاثتها‭.‬

وأعلن‭ ‬الأطباء‭ ‬أيضا‭ ‬ان‭ ‬المستشفيات‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬استيعاب‭ ‬اعداد‭ ‬المصابين‭ ‬في‭ ‬المعارك‭.‬

هذه‭ ‬مجرد‭ ‬لمحة‭ ‬عن‭ ‬الكارثة‭ ‬الإنسانية‭ ‬المروعة‭ ‬في‭ ‬السودان‭ ‬اليوم‭.‬

موقع‭ ‬‮«‬سكاي‭ ‬نيوز‭ ‬عربية‮»‬‭ ‬نقل‭ ‬تصريحات‭ ‬للمحلل‭ ‬الاقتصادي‭ ‬أحمد‭ ‬خليل،‭ ‬يلخص‭ ‬فيها‭ ‬ابعاد‭ ‬الكارثة‭. ‬قال‭: ‬استمرار‭ ‬الاشتباكات‭ ‬بين‭ ‬الجيش‭ ‬السوداني‭ ‬وقوات‭ ‬الدعم‭ ‬السريع،‭ ‬‮«‬سيقود‭ ‬إلى‭ ‬كارثة‭ ‬غذائية‭ ‬ومجاعة‭ ‬شاملة‭ ‬في‭ ‬العاصمة‭ ‬الخرطوم،‭ ‬والتي‭ ‬حتما‭ ‬ستؤدي‭ ‬إلى‭ ‬انفلات‭ ‬أمني‭ ‬وأعمال‭ ‬نهب‭ ‬بالشوارع‭ ‬والأسواق،‭ ‬وهو‭ ‬سيناريو‭ ‬مرعب‭ ‬نخشى‭ ‬حدوثه‮»‬‭. ‬ويضيف‭: ‬‮«‬حوالي‭ ‬75‭ ‬بالمائة‭ ‬من‭ ‬سكان‭ ‬العاصمة‭ ‬الخرطوم‭ ‬من‭ ‬الفقراء‭ ‬ومحدودي‭ ‬الدخل،‭ ‬ويعتمدون‭ ‬على‭ ‬دخل‭ ‬يومي‭ ‬من‭ ‬أشغال‭ ‬هامشية،‭ ‬ما‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬توقفهم‭ ‬عن‭ ‬العمل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬يوم‭ ‬سيعرضهم‭ ‬لخطر‭ ‬الجوع،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬بالفعل‭ ‬مع‭ ‬ملايين‭ ‬العائلات‭ ‬المتعففة‮»‬‭. ‬كما‭ ‬يقول‭: ‬‮«‬الاشتباكات‭ ‬اندلعت‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬أزمة‭ ‬اقتصادية‭ ‬طاحنة‭ ‬يعيشها‭ ‬السودان،‭ ‬تجلت‭ ‬في‭ ‬تراجع‭ ‬قيمة‭ ‬العملة‭ ‬الوطنية،‭ ‬وارتفاع‭ ‬معدلات‭ ‬التضخم،‭ ‬وعجز‭ ‬الدولة‭ ‬عن‭ ‬دفع‭ ‬دخول‭ ‬العاملين‭ ‬في‭ ‬الخدمة‭ ‬العامة‭. ‬وهذه‭ ‬المواجهات‭ ‬العسكرية‭ ‬ستقود‭ ‬إلى‭ ‬انهيار‭ ‬اقتصادي‭ ‬شامل،‭ ‬ما‭ ‬يؤدي‭ ‬بدوره‭ ‬إلى‭ ‬تفاقم‭ ‬الوضع‭ ‬المعيشي‭ ‬للمواطنين،‭ ‬ما‭ ‬يستوجب‭ ‬تدخل‭ ‬المنظمات‭ ‬الإنسانية‭ ‬بشكل‭ ‬عاجل‮»‬‭.‬

هذه‭ ‬هي‭ ‬ابعاد‭ ‬الكارثة‭ ‬الانسانية‭ ‬في‭ ‬السودان‭ ‬اليوم،‭ ‬فما‭ ‬بالك‭ ‬بما‭ ‬سيحدث‭ ‬حال‭ ‬استمرار‭ ‬هذه‭ ‬المعارك‭. ‬

لجنة‭ ‬اطباء‭ ‬السودان‭ ‬وجهت‭ ‬نداء‭ ‬الى‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬له‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬التأثير‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬على‭ ‬التدخل‭ ‬فورا‭ ‬من‭ ‬اجل‭ ‬وقف‭ ‬هذه‭ ‬المعارك‭ ‬وإنقاذ‭ ‬الشعب‭.‬

‭ ‬هذا‭ ‬ليس‭ ‬نداء‭ ‬من‭ ‬الأطباء‭ ‬فقط‭. ‬هو‭ ‬اليوم‭ ‬نداء‭ ‬الشعب‭ ‬السوداني‭ ‬كله‭.‬

من‭ ‬الواضح‭ ‬ان‭ ‬طرفي‭ ‬الصراع‭ ‬لا‭ ‬تعنيهم‭ ‬هذه‭ ‬الكارثة‭ ‬الانسانية‭ ‬المروعة‭ ‬في‭ ‬شيء‭. ‬وليس‭ ‬لديهما‭ ‬أي‭ ‬قدر‭ ‬من‭ ‬الرشد‭ ‬او‭ ‬الحرص‭ ‬على‭ ‬مصلحة‭ ‬الشعب‭. ‬الطرفان‭ ‬مصران‭ ‬على‭ ‬مواصلة‭ ‬المعارك‭ ‬على‭ ‬امل‭ ‬ان‭ ‬يقضي‭ ‬أحدهما‭ ‬على‭ ‬الآخر‭.‬

لن‭ ‬يتوقف‭ ‬الطرفان‭ ‬الا‭ ‬إذا‭ ‬تم‭ ‬اجبارهما‭ ‬على‭ ‬ذلك‭. ‬وللأسف‭ ‬النداءات‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬توجيهها‭ ‬من‭ ‬مختلف‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬والأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لوقف‭ ‬القتال‭ ‬لا‭ ‬جدوى‭ ‬منها‭. ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬تدخل‭ ‬عربي‭ ‬افريقي‭ ‬لإجبار‭ ‬الطرفين‭ ‬على‭ ‬وقف‭ ‬هذه‭ ‬المعارك‭ ‬وإنقاذ‭ ‬شعب‭ ‬السودان‭.‬

إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا