العدد : ١٧٠٨٢ - الأحد ٢٩ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٨ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٨٢ - الأحد ٢٩ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٨ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره

الإمام والرئيسة.. درس في الحضارة

الإمام‭ ‬الأكبر‭ ‬الدكتور‭ ‬أحمد‭ ‬الطيب،‭ ‬شيخ‭ ‬الأزهر،‭ ‬من‭ ‬أكبر‭ ‬المدافعين‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬والاسلامي‭ ‬عن‭ ‬الإسلام‭ ‬والدول‭ ‬والشعوب‭ ‬العربية‭ ‬والاسلامية‭. ‬وهذا‭ ‬أمر‭ ‬طبيعي‭ ‬على‭ ‬اعتبار‭ ‬ان‭ ‬الإمام‭ ‬الأكبر‭ ‬هو‭ ‬أكبر‭ ‬مرجعية‭ ‬إسلامية‭ ‬اليوم‭.‬

الذي‭ ‬يتابع‭ ‬لقاءات‭ ‬وتصريحات‭ ‬الإمام‭ ‬الأكبر‭ ‬يعرف‭ ‬حتما‭ ‬أنه‭ ‬ما‭ ‬من‭ ‬مرة‭ ‬يلتقي‭ ‬مسؤولا‭ ‬غربيا‭ ‬إلا‭ ‬ويحدثه‭ ‬بصراحة‭ ‬مطلقة‭ ‬ويعبر‭ ‬امامه‭ ‬عن‭ ‬انتقاداته‭ ‬اللاذعة‭ ‬للسياسات‭ ‬والمواقف‭ ‬الغربية‭ ‬عموما‭ ‬وتجاه‭ ‬الإسلام‭ ‬وأوضاع‭ ‬المسلمين‭ ‬خصوصا‭.‬

هذا‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬بالضبط‭ ‬حين‭ ‬استقبل‭ ‬الإمام‭ ‬الكبر‭ ‬قبل‭ ‬يومين‭ ‬في‭ ‬مقر‭ ‬الأزهر‭ ‬ميتي‭ ‬فريدريكسن‭ ‬رئيسة‭ ‬وزراء‭ ‬الدنمارك‭.‬

‭ ‬الإمام‭ ‬الأكبر‭ ‬وجه‭ ‬في‭ ‬اللقاء‭ ‬انتقادات‭ ‬حادة‭ ‬للغرب‭ ‬وفهمه‭ ‬المنحرف‭ ‬للحرية‭ ‬وتعامله‭ ‬مع‭ ‬العرب‭ ‬والمسلمين‭.‬

تحديدا‭ ‬أثار‭ ‬الإمام‭ ‬الكبر‭ ‬أربع‭ ‬قضايا‭ ‬كبرى‭ ‬على‭ ‬النحو‭ ‬التالي‭:‬

1‭ ‬‭ ‬ان‭ ‬الغرب‭ ‬يسيء‭ ‬استخدام‭ ‬مصطلح‭ ‬الحرية‭ ‬ويوظفه‭ ‬أسوأ‭ ‬توظيف‭ ‬لفرض‭ ‬قيمه‭ ‬وثقافته‭. ‬قال‭ ‬الإمام‭: ‬‮«‬مصطلح‭ ‬الحريَّات‭ ‬يُساء‭ ‬استخدامه‭ ‬كثيرًا‭ ‬من‭ ‬الغرب‭ ‬مع‭ ‬توظيفه‭ ‬في‭ ‬فرض‭ ‬بعض‭ ‬الرؤى‭ ‬والأعراف‭ ‬الغربية‭ ‬على‭ ‬ثقافتنا‭ ‬الشرقية‭ ‬والعربية،‭ ‬كتطبيع‭ ‬الشذوذ‭ ‬الجنسي‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬القنوات‭ ‬الإعلامية‭ ‬الموجهة‭ ‬لمنطقتنا‭ ‬العربية‭ ‬وللشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬بشكل‭ ‬عام،‭ ‬ومحاولة‭ ‬فرضه‭ ‬قانونًا‭ ‬وواقعًا،‭ ‬مع‭ ‬الضرب‭ ‬بحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬والأطفال‭ ‬والأسرة‭ ‬عرض‭ ‬الحائط،‭ ‬بهذه‭ ‬السلوكيات‭ ‬والجرائم‭ ‬التي‭ ‬تتنافى‭ ‬مع‭ ‬تعاليم‭ ‬الأديان‭ ‬والفطرة‭ ‬الإنسانية‭ ‬وتقلب‭ ‬موازين‭ ‬الكون‭ ‬وسنة‭ ‬الله‭ ‬في‭ ‬خلقه‮»‬‭.‬

‭ ‬الإمام‭ ‬الأكبر‭ ‬وصف‭ ‬هذا‭ ‬الذي‭ ‬يفعله‭ ‬الغرب‭ ‬بالاستعمار‭ ‬الجديد،‭ ‬وهو‭ ‬استعمار‭ ‬فكري‭ ‬وثقافي‭ ‬وطالب‭ ‬بوضع‭ ‬حد‭ ‬له‭.‬

2‭ - ‬انه‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬قبول‭ ‬حرية‭ ‬التعبير‭ ‬والتذرع‭ ‬بها‭ ‬للإساءة‭ ‬للآخرين‭ ‬والمساس‭ ‬بمقدساتهم‭ ‬ورموزهم‭ ‬الدينية‭. ‬وقد‭ ‬آن‭ ‬الأوان‭ ‬لأن‭ ‬يحترم‭ ‬الغرب‭ ‬العرب‭ ‬والمسلمين‭ ‬وأن‭ ‬‮«‬يتعامل‭ ‬مع‭ ‬الإنسان‭ ‬الشرقي‭ ‬على‭ ‬أنَّه‭ ‬إنسانٌ‭ ‬كاملٌ‭ ‬شأنه‭ ‬شأن‭ ‬الغربي،‭ ‬وأن‭ ‬يفهم‭ ‬ان‭ ‬شعوب‭ ‬الشرق‭ ‬تستحق‭ ‬أن‭ ‬تعيش‭ ‬حياة‭ ‬أفضل‭ ‬بكثير‮»‬‭.‬

3‭ - ‬أن‭ ‬الغرب‭ ‬يجب‭ ‬ان‭ ‬يفهم‭ ‬ان‭ ‬‮«‬تمسك‭ ‬المسلمين‭ ‬وأهل‭ ‬الشرق‭ ‬بقيم‭ ‬الدين‭ ‬والأخلاق‭ ‬جزء‭ ‬لا‭ ‬يتجزأ‭ ‬من‭ ‬شخصيتهم‭ ‬وهويتهم‭ ‬التي‭ ‬يعتزون‭ ‬بها‭ ‬ويقدرونها‭ ‬جيدًا‮»‬‭. ‬بمعنى‭ ‬ان‭ ‬الغرب‭ ‬يجب‭ ‬ان‭ ‬يفهم‭ ‬ان‭ ‬أي‭ ‬محاولة‭ ‬او‭ ‬مخطط‭ ‬لتدمير‭ ‬الهوية‭ ‬مرفوضة‭ ‬ومآلها‭ ‬الفشل‭.‬

4‭ - ‬وتحدث‭ ‬الإمام‭ ‬الأكبر‭ ‬عن‭ ‬قضية‭ ‬الهجرة‭ ‬غير‭ ‬الشرعية‭ ‬الى‭ ‬أوروبا‭ ‬وعلاقتها‭ ‬بأوضاع‭ ‬القارة‭ ‬الإفريقية‭ ‬والنهب‭ ‬الغربي‭ ‬لمواردها‭. ‬قال‭: ‬‮«‬إذا‭ ‬أردنا‭ ‬حلًّا‭ ‬جذريًّا‭ ‬لهذه‭ ‬الظاهرة‭ ‬فعلينا‭ ‬دراسةُ‭ ‬أسبابها‭ ‬الحقيقية،‭ ‬والبحث‭ ‬في‭ ‬الدوافع‭ ‬التي‭ ‬تجبر‭ ‬هؤلاء‭ ‬الشباب‭ ‬وبخاصة‭ ‬الأفارقة‭ ‬على‭ ‬مغادرة‭ ‬بلادهم‭ ‬والهجرة‭ ‬إلى‭ ‬مستقبل‭ ‬غامض‭ ‬مجهول،‭ ‬ولا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬الاهتمام‭ ‬بالقارة‭ ‬الإفريقية‭ -‬قارة‭ ‬الذهب‭ ‬والثروات‭- ‬والتي‭ ‬نُهبت‭ ‬خيراتها‭ ‬والاستيلاء‭ ‬على‭ ‬مصادرها‭ ‬ولا‭ ‬يزال؛‭ ‬ومدُّ‭ ‬يد‭ ‬العون‭ ‬إلى‭ ‬أبناء‭ ‬هذه‭ ‬القارة‭ ‬ومساعدتهم‭ ‬على‭ ‬النهوض‭ ‬والعمل،‭ ‬حينها‭ ‬ربما‭ ‬نجد‭ ‬بعض‭ ‬الشعوب‭ ‬الغربية‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬تهاجر‭ ‬إلى‭ ‬إفريقيا‭ ‬وليس‭ ‬العكس‮»‬‭.‬

هذه‭ ‬هي‭ ‬القضايا‭ ‬التي‭ ‬أثارها‭ ‬الإمام‭ ‬الأكبر‭ ‬في‭ ‬اللقاء‭ ‬مع‭ ‬رئيسة‭ ‬وزراء‭ ‬الدنمارك‭.‬

وكي‭ ‬ندرك‭ ‬أهمية‭ ‬ما‭ ‬قاله‭ ‬ولماذا‭ ‬طرح‭ ‬هذه‭ ‬القضايا‭ ‬بهذا‭ ‬الشكل،‭ ‬يجب‭ ‬ان‭ ‬نتذكر‭ ‬انه‭ ‬جاء‭ ‬على‭ ‬خلفية‭ ‬الحملة‭ ‬المتصاعدة‭ ‬في‭ ‬الدنمارك،‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬باقي‭ ‬الدول‭ ‬الغربية،‭ ‬ضد‭ ‬الإسلام‭ ‬والمسلمين‭.‬

حقيقة‭ ‬الأمر‭ ‬أن‭ ‬الإمام‭ ‬الأكبر‭ ‬بما‭ ‬قاله‭ ‬لقنهم‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ ‬درسا‭.. ‬ليس‭ ‬درسا‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬معنى‭ ‬الحرية‭ ‬وحدودها،‭ ‬وانما‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬المقام‭ ‬الأول‭ ‬درس‭ ‬في‭ ‬الحضارة‭.. ‬درس‭ ‬في‭ ‬معنى‭ ‬ان‭ ‬تكون‭ ‬مواقف‭ ‬الحكومات‭ ‬والدول‭ ‬متحضرة‭ ‬تحترم‭ ‬الانسان‭ ‬وقيمه‭ ‬وثقافته‭.‬

‭ ‬بالطبع،‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬شأن‭ ‬هذا‭ ‬ان‭ ‬يغير‭ ‬من‭ ‬سياسات‭ ‬الحكومات‭ ‬الغربية‭ ‬ومن‭ ‬عنصريتها‭ ‬ومخططاتها‭ ‬الاستعمارية‭ ‬الجديدة‭. ‬لكن‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬هذا‭ ‬صوت‭ ‬الحق‭ ‬العربي‭ ‬الإسلامي‭ ‬الذي‭ ‬يجب‭ ‬ان‭ ‬يسمعه‭ ‬الغرب‭.‬

إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا