العدد : ١٧٠٨١ - السبت ٢٨ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٧ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٨١ - السبت ٢٨ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٧ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره

أوان إنهاء الهيمنة الإيرانية

تحدثت‭ ‬في‭ ‬المقال‭ ‬السابق‭ ‬عن‭ ‬هروب‭ ‬إيران‭ ‬من‭ ‬ساحة‭ ‬المواجهة‭ ‬وتخليها‭ ‬عن‭ ‬حلفائها‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ ‬وتركها‭ ‬الشعب‭ ‬اللبناني‭ ‬يدفع‭ ‬ثمنا‭ ‬فادحا‭. ‬وإيران‭ ‬اليوم‭ ‬تتخلى‭ ‬في‭ ‬هدوء‭ ‬وبساطة‭ ‬عن‭ ‬حليفها‭ ‬النظام‭ ‬السوري‭.‬

الهيمنة‭ ‬الإيرانية‭ ‬على‭ ‬مقدرات‭ ‬أربع‭ ‬دول‭ ‬عربية‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬تنتهي‭ ‬في‭ ‬أسرع‭ ‬وقت‭.‬

هذا‭ ‬هو‭ ‬الدرس‭ ‬الأكبر‭ ‬لما‭ ‬جرى‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ ‬والكارثة‭ ‬التي‭ ‬حلت‭ ‬بالشعب‭ ‬اللبناني،‭ ‬وأيضا‭ ‬مما‭ ‬يجري‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬اليوم‭.‬

الذي‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ ‬أنه‭ ‬على‭ ‬امتداد‭ ‬السنوات‭ ‬الطويلة‭ ‬الماضية‭ ‬أحكمت‭ ‬إيران‭ ‬قبضتها‭ ‬على‭ ‬مقدرات‭ ‬البلاد‭ ‬عبر‭ ‬حزب‭ ‬الله‭ ‬الذي‭ ‬فرض‭ ‬سطوته‭ ‬بقوة‭ ‬السلاح‭ ‬الإيراني‭. ‬الدولة‭ ‬اللبنانية‭ ‬أصبحت‭ ‬بلا‭ ‬حول‭ ‬ولا‭ ‬قوة‭ ‬ولا‭ ‬تملك‭ ‬أن‭ ‬تقرر‭ ‬شيئا‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬الهيمنة‭ ‬الإيرانية،‭ ‬ولدرجة‭ ‬أنه‭ ‬لأشهر‭ ‬طويلة‭ ‬جدا‭ ‬ظلت‭ ‬البلاد‭ ‬بلا‭ ‬رئيس‭ ‬ولا‭ ‬حكومة‭.‬

كل‭ ‬قرارات‭ ‬الحرب‭ ‬أو‭ ‬السلم‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬بيد‭ ‬الدولة‭ ‬وإنما‭ ‬بيد‭ ‬حزب‭ ‬الله،‭ ‬ويتم‭ ‬اتخاذها‭ ‬ليس‭ ‬لمصلحة‭ ‬لبنان‭ ‬وإنما‭ ‬لمصلحة‭ ‬إيران‭.‬

وحين‭ ‬وقعت‭ ‬كارثة‭ ‬العدوان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬على‭ ‬لبنان‭ ‬أفاق‭ ‬اللبنانيون‭ ‬على‭ ‬فاجعة‭ ‬غياب‭ ‬الدولة،‭ ‬وعلى‭ ‬حقيقة‭ ‬أن‭ ‬إيران‭ ‬التي‭ ‬احتجزت‭ ‬لبنان‭ ‬رهينة‭ ‬لعقود‭ ‬من‭ ‬الزمن‭ ‬لا‭ ‬يعنيها‭ ‬أمر‭ ‬الشعب‭ ‬اللبناني‭ ‬في‭ ‬شيء‭ ‬ولا‭ ‬مصير‭ ‬لبنان‭ ‬برمته‭ ‬ولم‭ ‬تفعل‭ ‬أي‭ ‬شيء‭ ‬للوقوف‭ ‬بجانبهم‭.‬

أكثر‭ ‬من‭ ‬مليون‭ ‬لبناني‭ ‬نزحوا‭ ‬عن‭ ‬بيوتهم‭ ‬وعشرات‭ ‬القرى‭ ‬تم‭ ‬إبادتها‭ ‬بالكامل‭ ‬والآلاف‭ ‬فقدوا‭ ‬أرواحهم‭.‬

اللبنانيون‭ ‬أدركوا‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬خلاص‭ ‬لهم‭ ‬إلا‭ ‬بعودة‭ ‬الدولة‭ ‬وأنه‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬لهم‭ ‬سوى‭ ‬الدولة‭ ‬وسوى‭ ‬الجيش‭ ‬اللبناني‭ ‬أملا‭ ‬في‭ ‬إنقاذهم‭.‬

اللبنانيون‭ ‬اكتشفوا‭ ‬أن‭ ‬الدولة‭ ‬بعجزها‭ ‬وضعفها‭ ‬غير‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬حمايتهم‭ ‬وإنقاذهم،‭ ‬وأن‭ ‬الجيش‭ ‬أملهم‭ ‬الوحيد‭ ‬ضعيف‭ ‬ومحدود‭ ‬الإمكانيات‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬الإمكانيات‭ ‬البشرية‭ ‬أو‭ ‬المعدات‭ ‬والتجهيز‭ ‬العسكري‭.‬

وحين‭ ‬أصبح‭ ‬على‭ ‬الجيش‭ ‬اللبناني‭ ‬مسؤولية‭ ‬تنفيذ‭ ‬الاتفاق‭ ‬الذي‭ ‬تم‭ ‬التوصل‭ ‬إليه‭ ‬لوقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار،‭ ‬واجه‭ ‬مشكلة‭ ‬نقص‭ ‬العدد‭ ‬والأسلحة‭ ‬والمعدات‭.‬

هذا‭ ‬ما‭ ‬جنته‭ ‬إيران‭ ‬على‭ ‬لبنان‭ ‬والشعب‭ ‬اللبناني‭.‬

وما‭ ‬يصح‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬لبنان‭ ‬يصح‭ ‬أيضا‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬سوريا‭ ‬والعراق‭ ‬واليمن‭.‬

إيران‭ ‬والمليشيات‭ ‬العميلة‭ ‬لها‭ ‬دمروا‭ ‬مؤسسات‭ ‬الدولة‭ ‬وأخضعوها‭ ‬للقرار‭ ‬الإيراني‭ ‬بالعنف‭ ‬والإرهاب‭.‬

وسوريا‭ ‬تدفع‭ ‬اليوم‭ ‬ثمن‭ ‬الهيمنة‭ ‬الإيرانية‭ ‬وثمن‭ ‬اعتقاد‭ ‬النظام‭ ‬السوري‭ ‬أن‭ ‬إيران‭ ‬ومليشيات‭ ‬حزب‭ ‬الله‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تحميه‭ ‬وتدافع‭ ‬عنه‭.‬

ولا‭ ‬يهم‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬شيء‭ ‬إلا‭ ‬مصلحتها‭ ‬الخاصة‭ ‬ولا‭ ‬يعنيها‭ ‬في‭ ‬شيء‭ ‬ما‭ ‬يحل‭ ‬بهذه‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬تستبيح‭ ‬سيادتها‭. ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬هي‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬إيران‭ ‬مجرد‭ ‬ساحات‭ ‬للمساومة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬مصالحها‭ ‬الخاصة‭.‬

ولنتأمل‭ ‬مثلا‭ ‬ما‭ ‬قاله‭ ‬محمد‭ ‬جواد‭ ‬ظريف‭ ‬مساعد‭ ‬الرئيس‭ ‬الإيراني‭ ‬للشؤون‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬قبل‭ ‬أيام‭ ‬في‭ ‬ذروة‭ ‬ما‭ ‬حل‭ ‬بلبنان‭ ‬وما‭ ‬يجري‭ ‬في‭ ‬سوريا‭. ‬قال‭ ‬إن‭ ‬إيران‭ ‬تريد‭ ‬التفاوض‭ ‬مع‭ ‬أمريكا،‭ ‬وذكر‭: ‬‮«‬نحن‭ ‬مستعدون‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬التوترات‭ ‬مع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬التي‭ ‬شهدت‭ ‬أيضا‭ ‬انتخاب‭ ‬رئيس‭ ‬جديد‭. ‬نأمل‭ ‬في‭ ‬مفاوضات‭ ‬متكافئة‭ ‬بشأن‭ ‬الاتفاق‭ ‬النووي‭ ‬وربما‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ذلك‮»‬‭.‬

وقال‭ ‬إن‭ ‬إيران‭ ‬‮«‬مستعدة‭ ‬للانخراط‭ ‬في‭ ‬الحوار‭ ‬مع‭ ‬واشنطن،‭ ‬لكن‭ ‬تحت‭ ‬شروط‭ ‬محددة‭ ‬تضمن‭ ‬حماية‭ ‬مصالحها‭ ‬الوطنية‮»‬‭.‬

الشرط‭ ‬الوحيد‭ ‬الذي‭ ‬حدده‭ ‬ظريف‭ ‬هو‭ ‬مصلحة‭ ‬إيران،‭ ‬ولم‭ ‬يشر‭ ‬إلى‭ ‬مصلحة‭ ‬لبنان‭ ‬أو‭ ‬أي‭ ‬دولة‭ ‬أخرى‭ ‬تخضع‭ ‬للهيمنة‭ ‬الإيرانية‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭.‬

وليس‭ ‬هذا‭ ‬بالأمر‭ ‬الجديد‭. ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬جوهر‭ ‬استراتيجية‭ ‬إيران‭ ‬الطائفية‭ ‬التوسعية‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭.‬

اليوم‭ ‬وبعد‭ ‬ما‭ ‬حل‭ ‬بلبنان‭ ‬من‭ ‬كارثة‭ ‬وما‭ ‬يحل‭ ‬بسوريا،‭ ‬فإن‭ ‬الدرس‭ ‬الأكبر‭ ‬كما‭ ‬ذكرنا‭ ‬أن‭ ‬الهيمنة‭ ‬الإيرانية‭ ‬على‭ ‬مقدرات‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تنتهي،‭ ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬نستعيد‭ ‬الدولة‭ ‬ومؤسساتها‭ ‬القوية‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬الأربع‭ ‬وينتهي‭ ‬عصر‭ ‬المليشيات‭ ‬الإيرانية‭ ‬المسلحة‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭.‬

هذه‭ ‬معركة‭ ‬طويلة‭ ‬وليست‭ ‬سهلة،‭ ‬وعلى‭ ‬عكس‭ ‬ما‭ ‬يتوقع‭ ‬البعض‭ ‬فإن‭ ‬إيران‭ ‬لن‭ ‬تسلم‭ ‬بسهولة‭.‬

المهم‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬الأولويات‭ ‬العربية‭ ‬استعادة‭ ‬قوة‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬وإنهاء‭ ‬الهيمنة‭ ‬الإيرانية‭.‬

إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا