العدد : ١٧٠٨٢ - الأحد ٢٩ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٨ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٨٢ - الأحد ٢٩ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٨ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

حرب غزة تكشف ازدواجية المعايير الأمريكية

مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية

الأربعاء ٠٦ نوفمبر ٢٠٢٤ - 02:00

خلال‭ ‬العام‭ ‬الماضي،‭ ‬هيمنت‭ ‬على‭ ‬التغطية‭ ‬الإعلامية‭ ‬والتحليلات‭ ‬الغربية‭ ‬للحروب‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬المدمرة‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط؛‭ ‬مناقشات‭ ‬حول‭ ‬جهود‭ ‬حكومة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬حلفائها‭ ‬في‭ ‬بريطانيا‭ ‬وفرنسا‭ ‬وألمانيا،‭ ‬لاستخدام‭ ‬نفوذها‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والسياسي‭ ‬والدبلوماسي،‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬متكررة‭ ‬وغير‭ ‬ناجحة‭ ‬لإقناع‭ ‬الائتلاف‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬اليميني‭ ‬المتطرف،‭ ‬بقيادة‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو،‭ ‬بتغيير‭ ‬مساره‭ ‬المدمر‭ ‬تجاه‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭. ‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬أشار‭ ‬ستيفن‭ ‬والت،‭ ‬من‭ ‬جامعة‭ ‬هارفارد،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬واشنطن،‭ ‬تملك‭ ‬نفوذًا‭ ‬أقل‭ ‬على‭ ‬إسرائيل‭ ‬مما‭ ‬كان‭ ‬يُعتقد‭ ‬سابقًا،‭ ‬بينما‭ ‬اعتبر‭ ‬جيريمي‭ ‬بوين،‭ ‬من‭ ‬شبكة‭ ‬بي‭ ‬بي‭ ‬سي،‭ ‬أن‭ ‬تهديد‭ ‬بايدن،‭ ‬في‭ ‬أكتوبر،‭ ‬بتقييد‭ ‬إمدادات‭ ‬الأسلحة‭ ‬الأمريكية‭ ‬لإسرائيل،‭ ‬يعكس‭ ‬غضبه‭ ‬من‭ ‬إخفاق‭ ‬حليفه‭ ‬في‭ ‬الوفاء‭ ‬بوعوده‭.‬

وتتناقض‭ ‬هذه‭ ‬التقييمات‭ ‬مع‭ ‬الواقع،‭ ‬حيث‭ ‬تواطأت‭ ‬واشنطن،‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر،‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬حروب‭ ‬إسرائيل‭ ‬ضد‭ ‬غزة‭ ‬ولبنان،‭ ‬التي‭ ‬أسفرت‭ ‬عن‭ ‬مقتل‭ ‬عشرات‭ ‬الآلاف،‭ ‬وتشريد‭ ‬الملايين‭ ‬من‭ ‬المدنيين،‭ ‬بل‭ ‬أيضًا‭ ‬في‭ ‬القمع‭ ‬المستمر‭ ‬للشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬عقود‭ ‬تحت‭ ‬نظام‭ ‬الفصل‭ ‬العنصري،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يتعارض‭ ‬تمامًا‭ ‬مع‭ ‬القيم‭ ‬والمبادئ‭ ‬التي‭ ‬تدعي‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬أنها‭ ‬تدعمها‭ ‬عالميًا‭.‬

وبينما‭ ‬تعكس‭ ‬أغلبية‭ ‬الأمريكيين‭ (‬61%‭) -‬وفقًا‭ ‬لاستطلاع‭ ‬أجراه‭ ‬مجلس‭ ‬شيكاغو‭ ‬للشؤون‭ ‬العالمية‭- ‬رأيًا‭ ‬إيجابيًا‭ ‬بشأن‭ ‬دور‭ ‬بلادهم‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط؛‭ ‬فقد‭ ‬اعترف‭ ‬مسؤولون‭ ‬سابقون‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن‭ -‬الذين‭ ‬استقالوا‭ ‬احتجاجًا‭ ‬على‭ ‬تصرفات‭ ‬حكومتهم‭- ‬بوجود‭ ‬تواطؤ‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬إنكاره‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬الحكومة‭ ‬الأمريكية‭ ‬وحلفائها‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ ‬في‭ ‬الحملة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬الممنهجة‭ ‬لإبادة‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭. ‬وتتمثل‭ ‬الطريقة‭ ‬الأكثر‭ ‬وضوحًا‭ ‬لتواطؤ‭ ‬الغرب‭ ‬في‭ ‬حروب‭ ‬إسرائيل‭ ‬التدميرية،‭ ‬في‭ ‬كيفية‭ ‬تزويد‭ ‬تلك‭ ‬الدول‭ ‬لها‭ ‬بالوسائل‭ ‬اللازمة؛‭ ‬لإلحاق‭ ‬أضرار‭ ‬بشرية‭ ‬ومادية‭ ‬هائلة‭ ‬بغزة،‭ ‬والضفة‭ ‬الغربية،‭ ‬ولبنان،‭ ‬وأهداف‭ ‬أخرى‭ ‬بجميع‭ ‬أنحاء‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭.‬

ومن‭ ‬المعلوم،‭ ‬أن‭ ‬واشنطن،‭ ‬تُعتبر‭ ‬أكبر‭ ‬داعم‭ ‬عسكري‭ ‬لإسرائيل‭. ‬وأوضحت‭ ‬بيانات‭ ‬معهد‭ ‬ستوكهولم‭ ‬الدولي‭ ‬لأبحاث‭ ‬السلام،‭ ‬أن‭ ‬69%‭ ‬من‭ ‬إجمالي‭ ‬وارداتها‭ ‬العسكرية‭ ‬بين‭ ‬عامي‭ ‬2019‭ ‬و2023،‭ ‬كانت‭ ‬من‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭. ‬ووثق‭ ‬مجلس‭ ‬العلاقات‭ ‬الخارجية،‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ -‬التي‭ ‬تُعد‭ ‬أكبر‭ ‬متلقٍ‭ ‬للمساعدات‭ ‬العسكرية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬الأجنبية‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬1948-‭ ‬حصلت‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬310‭ ‬مليارات‭ ‬دولار؛‭ ‬أي‭ ‬ما‭ ‬يعادل‭ ‬ضعف‭ ‬ما‭ ‬تتلقاه‭ ‬أي‭ ‬دولة‭ ‬أخرى‭. ‬

ومن‭ ‬خلال‭ ‬مذكرة‭ ‬تفاهم‭ ‬أقرها‭ ‬الكونجرس،‭ ‬يخصص‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬سنويًا‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬عن‭ ‬3‭.‬8‭ ‬مليارات‭ ‬دولار‭ ‬من‭ ‬التمويل‭ ‬العسكري‭ ‬لها‭. ‬وخلال‭ ‬العام‭ ‬الماضي،‭ ‬ارتفع‭ ‬هذا‭ ‬الدعم‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬ليصل‭ ‬إلى‭ ‬17.9‭ ‬مليار‭ ‬دولار،‭ ‬في‭ ‬شكل‭ (‬قنابل‭ ‬وقذائف‭ ‬وطائرات‭ ‬وصواريخ‭ ‬ومدافع‭)‬،‭ ‬جميعها‭ ‬استخدمت‭ ‬ضد‭ ‬أهداف‭ ‬مدنية‭ ‬في‭ ‬غزة‭. ‬وفي‭ ‬السياق‭ ‬ذاته،‭ ‬سجل‭ ‬معهد‭ ‬واتسون‭ ‬للشؤون‭ ‬الدولية،‭ ‬أنها‭ ‬قدمت‭ ‬لإسرائيل‭ ‬دعمًا‭ ‬عسكريًا‭ ‬إجماليًا‭ ‬تجاوز‭ ‬22‭.‬76‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023‭ ‬إلى‭ ‬سبتمبر‭ ‬2024،‭ ‬مؤكدًا‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬التقدير‭ ‬متحفظ‭ ‬وغير‭ ‬شامل،‭ ‬ولا‭ ‬يعكس‭ ‬حجم‭ ‬الدعم‭ ‬الأمريكي‭ ‬لها‭ ‬أثناء‭ ‬تدميرها‭ ‬لغزة‭ ‬ولبنان‭. ‬

ورغم‭ ‬أن‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكي‭ ‬أنتوني‭ ‬بلينكن،‭ ‬ووزير‭ ‬الدفاع‭ ‬لويد‭ ‬أوستن،‭ ‬أرسلا‭ ‬رسالة‭ ‬إلى‭ ‬حكومة‭ ‬نتنياهو‭ ‬في‭ ‬منتصف‭ ‬أكتوبر‭ ‬2024،‭ ‬يحذران‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬العواقب‭ ‬المحتملة‭ ‬لشحنات‭ ‬الأسلحة‭ ‬الأمريكية‭ ‬المستقبلية،‭ ‬إذا‭ ‬استمرت‭ ‬القيود‭ ‬الشديدة‭ ‬على‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية‭ ‬للمدنيين‭ ‬في‭ ‬غزة؛‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬التساؤلات‭ ‬حول‭ ‬ما‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬الحكومة‭ ‬الأمريكية‭ ‬ستنفذ‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬الإنذار،‭ ‬يجب‭ ‬ألا‭ ‬تغطي‭ ‬على‭ ‬حقيقة‭ ‬أنها‭ ‬قد‭ ‬زودت‭ ‬إسرائيل‭ ‬بالفعل‭ ‬بالأسلحة‭ ‬والذخائر‭ ‬التي‭ ‬تحتاج‭ ‬إليها‭ ‬للقيام‭ ‬بهذه‭ ‬الحروب،‭ ‬وتمكينها‭ ‬من‭ ‬الاستمرار‭. ‬

وبناءً‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬تبرز‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬كطرف‭ ‬متورط‭ ‬في‭ ‬الجرائم‭ ‬التي‭ ‬ارتكبها‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬حيث‭ ‬يعكس‭ ‬إصرار‭ ‬بايدن،‭ ‬وكبار‭ ‬مسؤولي‭ ‬إدارته‭ ‬على‭ ‬التأكيد،‭ ‬أن‭ ‬لإسرائيل‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬نفسها؛‭ ‬أن‭ ‬أي‭ ‬توقعات‭ ‬بشأن‭ ‬تغيير‭ ‬السياسة‭ ‬الأمريكية‭ ‬تظل‭ ‬بعيدة‭ ‬المنال‭.‬

من‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى،‭ ‬فإن‭ ‬مقاومة‭ ‬واشنطن،‭ ‬الواضحة‭ ‬للدبلوماسية،‭ ‬وسيادة‭ ‬القانون‭ ‬الدولي،‭ ‬أدت‭ ‬أيضًا‭ ‬إلى‭ ‬استشهاد‭ ‬عشرات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬المدنيين،‭ ‬فضلًا‭ ‬عن‭ ‬الإصابات‭ ‬جراء‭ ‬هجمات‭ ‬الطائرات‭ ‬والدبابات‭ ‬والجنود‭ ‬الإسرائيليين‭. ‬وخلال‭ ‬الأشهر‭ ‬القليلة‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬حرب‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬استخدمت‭ ‬حق‭ ‬النقض‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مرة‭ ‬ضد‭ ‬قرارات‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار،‭ ‬أمام‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭. ‬ومع‭ ‬تقديمها‭ ‬مقترحا‭ ‬لمجلس‭ ‬الأمن‭ ‬بوقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬بغزة‭ ‬في‭ ‬يونيو‭ ‬2024،‭ ‬كان‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬37‭ ‬ألف‭ ‬فلسطيني‭ ‬قد‭ ‬استشهدوا‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬قوات‭ ‬الاحتلال،‭ ‬وأُجبر‭ ‬جميع‭ ‬السكان‭ ‬المدنيين‭ ‬تقريبًا‭ ‬على‭ ‬الفرار‭ ‬من‭ ‬منازلهم‭.‬

في‭ ‬السياق‭ ‬ذاته،‭ ‬تولت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬دورًا‭ ‬مباشرًا،‭ ‬لدعم‭ ‬إسرائيل،‭ ‬وتقويض‭ ‬الجهود‭ ‬الدولية‭ ‬الرامية‭ ‬إلى‭ ‬مساءلتها‭ ‬عن‭ ‬الانتهاكات‭ ‬العديدة‭ ‬الموثقة‭ ‬التي‭ ‬ارتكبتها،‭ ‬حيث‭ ‬رفضت‭ ‬الحكم‭ ‬الأولي‭ ‬لـمحكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية،‭ ‬في‭ ‬يناير‭ ‬2024،‭ ‬الذي‭ ‬ينص‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬حليفتها‭ ‬لديها‭ ‬قضية‭ ‬تستحق‭ ‬النظر‭ ‬بتهمة‭ ‬ارتكاب‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬ضد‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬وكذلك‭ ‬الحكم‭ ‬الاستشاري‭ ‬للمحكمة‭ ‬في‭ ‬يوليو‭ ‬2024،‭ ‬حول‭ ‬عدم‭ ‬قانونية‭ ‬احتلال‭ ‬إسرائيل‭ ‬للأراضي‭ ‬الفلسطينية‭. ‬

ومع‭ ‬انضمام‭ ‬الكونجرس‭ ‬إلى‭ ‬محاولات‭ ‬إسرائيل‭ ‬لتهديد‭ ‬المدعي‭ ‬العام،‭ ‬والقضاة‭ ‬في‭ ‬المحكمة‭ ‬الجنائية‭ ‬الدولية؛‭ ‬لإسقاط‭ ‬القضايا‭ ‬المتعلقة‭ ‬بمذكرات‭ ‬الاعتقال‭ ‬الدولية،‭ ‬ضد‭ ‬نتنياهو،‭ ‬ووزير‭ ‬دفاعه‭ ‬يوآف‭ ‬غالانت،‭ ‬بتهم‭ ‬ارتكاب‭ ‬جرائم‭ ‬ضد‭ ‬الإنسانية؛‭ ‬أشار‭ ‬ريتشارد‭ ‬فالك،‭ ‬من‭ ‬جامعة‭ ‬برينستون،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وحلفاءها‭ ‬أظهروا‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬ازدراءهم‭ ‬لسلطة‭ ‬القانون‭ ‬الدولي،‭ ‬عندما‭ ‬تعارضت‭ ‬مع‭ ‬مصالحهم‭ ‬الاستراتيجية‭.‬

كما‭ ‬أن‭ ‬أحد‭ ‬الديناميكيات‭ ‬الأخرى،‭ ‬التي‭ ‬تورطت‭ ‬فيها‭ ‬لزيادة‭ ‬معاناة‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬تتعلق‭ ‬بتقييد‭ ‬إسرائيل‭ ‬المتعمد‭ ‬للمساعدات‭ ‬الإنسانية‭ ‬الضرورية‭ ‬إلى‭ ‬غزة‭. ‬وبالمقارنة‭ ‬مع‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬22‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬قدمتها‭ ‬لقوات‭ ‬الاحتلال،‭ ‬لتمكينها‭ ‬من‭ ‬تنفيذ‭ ‬هجماتها‭ ‬الجوية‭ ‬المتكررة،‭ ‬وغزوها‭ ‬للأراضي‭ ‬الفلسطينية؛‭ ‬فإن‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن،‭ ‬لم‭ ‬تلتزم‭ ‬سوى‭ ‬بـ1‭.‬2‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬كمساعدات‭ ‬إنسانية‭ ‬للمدنيين‭ ‬الفلسطينيين‭. ‬ولا‭ ‬ينبغي‭ ‬نسيان‭ ‬كيف‭ ‬دعمت‭ ‬عبر‭ ‬إدارات‭ ‬متعددة‭ ‬الحصار‭ ‬الذي‭ ‬استمر‭ ‬16‭ ‬عامًا‭ ‬على‭ ‬غزة،‭ ‬والذي‭ ‬ألحق‭ ‬أضرارًا‭ ‬إنسانية‭ ‬واقتصادية‭ ‬هائلة‭ ‬بالمنطقة‭.‬

وتحت‭ ‬رعاية‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن،‭ ‬قيدت‭ ‬حكومة‭ ‬نتنياهو،‭ ‬بشدة‭ ‬تدفق‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية‭ ‬إلى‭ ‬غزة‭. ‬ورغم‭ ‬المناشدات‭ ‬المتكررة‭ ‬من‭ ‬بلينكن،‭ ‬وأوستن‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬1‭ ‬إلى‭ ‬22‭ ‬أكتوبر،‭ ‬دخلت‭ ‬غزة‭ ‬704‭ ‬شاحنات‭ ‬مساعدات‭ ‬فقط،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬وصفته‭ ‬صحيفة‭ ‬فايننشال‭ ‬تايمز،‭ ‬بأنه‭ ‬انخفاض‭ ‬حاد،‭ ‬مقارنةً‭ ‬بمعدل‭ ‬الشهر‭ ‬السابق‭ ‬الذي‭ ‬بلغ‭ ‬حوالي‭ ‬3000‭ ‬شاحنة‭. ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬أشار‭ ‬فيه‭ ‬بلينكن،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬التقدم‭ ‬مطلوب‭ ‬من‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬في‭ ‬إيصال‭ ‬المساعدات،‭ ‬مؤكدا‭ ‬مناقشته‭ ‬خطوات‭ ‬عاجلة‭ ‬ومستدامة‭ ‬مع‭ ‬نتنياهو؛‭ ‬أوضحت‭ ‬تقارير‭ ‬سكاي‭ ‬نيوز،‭ ‬بأنها‭ ‬منعت‭ ‬وكالة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لإغاثة‭ ‬وتشغيل‭ ‬اللاجئين‭ ‬الفلسطينيين‭ (‬الأونروا‭) ‬من‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يعكس‭ ‬كيف‭ ‬يتجاهل‭ ‬ائتلاف‭ ‬نتنياهو‭ ‬مطالب‭ ‬الحكومات‭ ‬الغربية‭.‬

علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬اعترف‭ ‬12‭ ‬مسؤولًا‭ ‬سابقًا‭ ‬في‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ -‬استقالوا‭ ‬احتجاجًا‭ ‬على‭ ‬سياسة‭ ‬واشنطن‭ ‬تجاه‭ ‬حرب‭ ‬غزة‭- ‬بأن‭ ‬الدعم‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬وتدفق‭ ‬الأسلحة‭ ‬المستمر‭ ‬لإسرائيل،‭ ‬قد‭ ‬ضمنا‭ ‬تورطًا‭ ‬ملموسًا‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬قتل‭ ‬وتجويع‭ ‬السكان‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬المحاصرين‭ ‬في‭ ‬غزة‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬إعلان‭ ‬بلينكن‭ ‬في‭ ‬24‭ ‬أكتوبر،‭ ‬تقديم‭ ‬135‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭ ‬كمساعدات‭ ‬إنسانية‭ ‬للفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬المياه‭ ‬والصرف‭ ‬الصحي‭ ‬وصحة‭ ‬الأم؛‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬المبلغ،‭ ‬يظل‭ ‬ضئيلًا‭ ‬أمام‭ ‬الأضرار،‭ ‬التي‭ ‬تُقدّر‭ ‬بمليارات‭ ‬الدولارات،‭ ‬والتي‭ ‬تسببت‭ ‬بها‭ ‬القنابل‭ ‬والذخائر‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬غزة؛‭ ‬مما‭ ‬أسهم‭ ‬في‭ ‬استمرار‭ ‬الكارثة‭ ‬الإنسانية‭ ‬الهائلة‭.‬

وعليه،‭ ‬تشير‭ ‬هذه‭ ‬الوقائع‭ ‬والشواهد‭ ‬على‭ ‬تورط‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬ومساهمتها‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬الطموحات‭ ‬طويلة‭ ‬الأمد‭ ‬لحكومة‭ ‬نتنياهو‭ ‬في‭ ‬تدمير‭ ‬الفلسطينيين‭. ‬وبالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬القيود‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الصارمة‭ ‬المفروضة‭ ‬على‭ ‬القطاع‭ ‬طوال‭ ‬السنوات‭ ‬الست‭ ‬عشرة‭ ‬التي‭ ‬سبقت‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023‭ ‬‭ ‬والتي‭ ‬بلغت‭ ‬حوالي‭ ‬35‭.‬8‭ ‬مليار‭ ‬دولار،‭ ‬أي‭ ‬ما‭ ‬يعادل‭ ‬17‭ ‬ضعف‭ ‬الناتج‭ ‬المحلي‭ ‬الإجمالي‭ ‬السنوي‭ ‬للمنطقة‭ ‬قبل‭ ‬الحرب‭ ‬أشار‭ ‬تقرير‭ ‬صادر‭ ‬عن‭ ‬مؤتمر‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬للتجارة‭ ‬والتنمية،‭ ‬في‭ ‬سبتمبر‭ ‬2024،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬استعادة‭ ‬غزة‭ ‬لمستوى‭ ‬النمو‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬الذي‭ ‬كانت‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2022،‭ ‬قد‭ ‬يستغرق‭ ‬350‭ ‬عامًا‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬تأكيد‭ ‬بلينكن‭ ‬على‭ ‬معارضة‭ ‬حكومته‭ ‬للاحتلال‭ ‬العسكري‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬لغزة؛‭ ‬فإن‭ ‬واشنطن‭ ‬لم‭ ‬تتخذ‭ ‬أي‭ ‬خطوات‭ ‬فعلية‭ ‬لوقفه‭.‬

ورغم‭ ‬مناشدة‭ ‬المسؤولين‭ ‬السابقين‭ ‬في‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬يوليو‭ ‬2024،‭ ‬لإدارة‭ ‬بايدن،‭ ‬لتطبيق‭ ‬الضغط‭ ‬الضروري‭ ‬والمتاح،‭ ‬على‭ ‬ائتلاف‭ ‬نتنياهو،‭ ‬لم‭ ‬يُتخذ‭ ‬أي‭ ‬إجراء‭ ‬فعلي‭ ‬بهذا‭ ‬الخصوص‭. ‬ولا‭ ‬تبدو‭ ‬آفاق‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬القادمة‭ ‬أكثر‭ ‬إشراقًا‭ ‬سواء‭ ‬بقيادة‭ ‬كامالا‭ ‬هاريس،‭ ‬أو‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬‭ ‬حيث‭ ‬يعكس‭ ‬كلا‭ ‬المرشحين‭ ‬التزامًا‭ ‬قويًا‭ ‬بدعم‭ ‬إسرائيل،‭ ‬ما‭ ‬يُضعف‭ ‬احتمالية‭ ‬حدوث‭ ‬أي‭ ‬تغييرات‭ ‬جوهرية‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬الأمريكية‭ ‬تجاه‭ ‬الصراع‭ ‬الفلسطيني‭ ‬الإسرائيلي‭.‬

من‭ ‬جانبه،‭ ‬انتقد‭ ‬فولك،‭ ‬الذي‭ ‬شغل‭ ‬سابقًا‭ ‬منصب‭ ‬المقرر‭ ‬الخاص‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المحتلة،‭ ‬ما‭ ‬وصفه‭ ‬بـالنفاق‭ ‬الأخلاقي،‭ ‬في‭ ‬مواقف‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وحلفائها،‭ ‬إزاء‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬وحقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬مسلطًا‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬ازدواجية‭ ‬معاييرهم‭ ‬في‭ ‬حالتي‭ ‬غزة‭ ‬وأوكرانيا‭. ‬وأشار‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬المعايير‭ ‬المزدوجة‭ ‬ليست‭ ‬مستغربة،‭ ‬إذ‭ ‬إن‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بإسرائيل‭ ‬والفلسطينيين،‭ ‬تتجاهل‭ ‬باستمرار‭ ‬التزاماتها‭ ‬المعلنة‭ ‬تجاه‭ ‬العدالة‭ ‬والأمن‭ ‬للجميع‭. ‬بدءًا‭ ‬من‭ ‬سنوات‭ ‬طويلة‭ ‬من‭ ‬الحماية‭ ‬للاحتلال‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬وقمع‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬وصولًا‭ ‬إلى‭ ‬تورطها‭ ‬المباشر‭ ‬في‭ ‬قتل‭ ‬آلاف‭ ‬المدنيين،‭ ‬الذين‭ ‬سقطوا‭ ‬ضحايا‭ ‬للعمليات‭ ‬العسكرية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬خلال‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا