العدد : ١٧٠٨٠ - الجمعة ٢٧ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٦ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٨٠ - الجمعة ٢٧ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٦ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

سوريا الجديدة.. بين ضغوط الخارج وأزمات الداخل

بقلم: إحسان الفقيه {

الجمعة ٢٧ ديسمبر ٢٠٢٤ - 02:00

نجحت‭ ‬الثورة‭ ‬السورية،‭ ‬وسقط‭ ‬أشد‭ ‬الأنظمة‭ ‬العربية‭ ‬استبدادا‭ ‬ودكتاتورية،‭ ‬وتنفس‭ ‬السوريون‭ ‬الصعداء،‭ ‬عاد‭ ‬الغائب،‭ ‬وأمِن‭ ‬الخائف،‭ ‬ورأى‭ ‬المغيبون‭ ‬في‭ ‬السجون‭ ‬شمس‭ ‬النهار‭ ‬مرة‭ ‬أخرى،‭ ‬ولكن‭ ‬كالعادة،‭ ‬تواجه‭ ‬مرحلة‭ ‬الانتقال‭ ‬من‭ ‬الثورة‭ ‬إلى‭ ‬الدولة‭ ‬عقبات‭ ‬وعراقيل‭ ‬داخلية‭ ‬وخارجية‭.‬

الغرب‭ ‬يساوم‭ ‬القيادة‭ ‬السورية‭ ‬الحالية،‭ ‬فيلاحق‭ ‬إعلاميوه‭ ‬الجولاني‭ ‬بأسئلة‭ ‬تفصيلية،‭ ‬تدور‭ ‬في‭ ‬فلك‭ ‬تحديد‭ ‬المسافة‭ ‬بين‭ ‬واقع‭ ‬الدولة‭ ‬المقبل‭ ‬والحكم‭ ‬الإسلامي،‭ ‬بهدف‭ ‬ابتزاز‭ ‬الثورة‭ ‬بورقة‭ ‬الاعتراف‭ ‬الدولي‭ ‬بشرعيتها،‭ ‬مقابل‭ ‬التماهي‭ ‬مع‭ ‬الأجندة‭ ‬الغربية،‭ ‬التي‭ ‬تريد‭ ‬التحكم‭ ‬في‭ ‬الهوية‭ ‬السورية‭.‬

يحومون‭ ‬حول‭ ‬قضايا‭ ‬حرية‭ ‬المرأة‭ ‬وحقوقها،‭ ‬وهم‭ ‬الذين‭ ‬صمتوا‭ ‬عن‭ ‬قتل‭ ‬واغتصاب‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬السوريات‭ ‬في‭ ‬سجون‭ ‬الطاغية،‭ ‬وتركوا‭ ‬النازحات‭ ‬يواجهن‭ ‬الموت‭ ‬فرارا‭ ‬من‭ ‬البطش،‭ ‬ومن‭ ‬تنجو‭ ‬منهن‭ ‬تعيش‭ ‬في‭ ‬خيمة‭ ‬لا‭ ‬تختلف‭ ‬عن‭ ‬العراء‭ ‬كثيرا‭.‬

هو‭ ‬ذاته‭ ‬موقفهم‭ ‬من‭ ‬النساء‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬اللاتي‭ ‬يتم‭ ‬إبادتهن‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬رحمة،‭ ‬وتُركنَ‭ ‬يأكلن‭ ‬من‭ ‬خشاش‭ ‬الأرض،‭ ‬وأُهدر‭ ‬حقهن‭ ‬في‭ ‬الحياة،‭ ‬فعن‭ ‬أي‭ ‬حقوق‭ ‬للمرأة‭ ‬يتحدثون؟‭ ‬حقوق‭ ‬المرأة‭ ‬التي‭ ‬ينشدون‭ ‬الاطمئنان‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬السوري،‭ ‬ليست‭ ‬سوى‭ ‬المظاهر‭ ‬العلمانية‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يقبلها‭ ‬الإسلام‭ ‬ولا‭ ‬التقاليد‭ ‬المحلية‭ ‬والأعراف‭ ‬السورية‭ ‬المحافظة،‭ ‬حقوق‭ ‬المرأة‭ ‬التي‭ ‬يعنونها‭ ‬هي‭ ‬التحلل‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬ضابط‭ ‬لهيئتها‭ ‬ولباسها،‭ ‬ومزاحمة‭ ‬الرجل‭ ‬في‭ ‬نطاق‭ ‬اختصاصه‭ ‬ومهامه،‭ ‬بدعوى‭ ‬المساواة‭ ‬بين‭ ‬الجنسين،‭ ‬والحق‭ ‬المزعوم‭ ‬في‭ ‬اختيار‭ ‬أحد‭ ‬الأشكال‭ ‬الشاذة‭ ‬للأسرة‭ ‬التي‭ ‬يحاول‭ ‬الغرب‭ ‬تصديرها،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مؤتمرات‭ ‬السكان‭ ‬وتعافها‭ ‬الفطرة‭ ‬السليمة،‭ ‬تلك‭ ‬حقوق‭ ‬المرأة‭ ‬التي‭ ‬ينشدونها‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬السوري‭.‬

يسألون‭ ‬عن‭ ‬مصير‭ ‬المشروبات‭ ‬الكحولية‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬السوريين‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬القيادة‭ ‬الجديدة،‭ ‬وكأنها‭ ‬مسألة‭ ‬مصيرية،‭ ‬وكأن‭ ‬أمان‭ ‬السوريين‭ ‬واستقرارهم‭ ‬مرهون‭ ‬بإباحة‭ ‬هذه‭ ‬المشروبات،‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬كانوا‭ ‬يغضون‭ ‬البصر‭ ‬عن‭ ‬كميات‭ ‬المخدرات‭ ‬المهولة‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬يصدرها‭ ‬نظام‭ ‬الأسد‭ ‬وجنرالاته‭ ‬للدول‭ ‬الأخرى،‭ ‬لكنهم‭ ‬لم‭ ‬يتطرقوا‭ ‬إلى‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬المخدرات،‭ ‬لأن‭ ‬القانون‭ ‬يجرمها‭ ‬بالأساس،‭ ‬أما‭ ‬المشروبات‭ ‬الكحولية‭ ‬فهي‭ ‬محرمة‭ ‬دينيا،‭ ‬مع‭ ‬أن‭ ‬تلك‭ ‬الكحوليات‭ ‬والمخدرات‭ ‬كلاهما‭ ‬يذهب‭ ‬ويفسد‭ ‬العقل‭ ‬والبدن‭.‬

‭ ‬نراهم‭ ‬يتحدثون‭ ‬عن‭ ‬حقوق‭ ‬الأقليات،‭ ‬وكأن‭ ‬هذه‭ ‬الأقليات‭ ‬كانت‭ ‬تنعم‭ ‬بالأمن‭ ‬والسلام‭ ‬ورغد‭ ‬العيش‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬حكم‭ ‬الطاغية‭ ‬بشار،‭ ‬الذي‭ ‬أذل‭ ‬جميع‭ ‬الطوائف‭ ‬والقوميات‭ ‬والعرقيات،‭ ‬مع‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬يطرح‭ ‬نفسه‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬حامي‭ ‬الأقليات‭ ‬مقابل‭ ‬الأغلبية‭ ‬السنية،‭ ‬ويُسأل‭ ‬عن‭ ‬ذلك‭ ‬المسيحيون‭ ‬الذين‭ ‬آثر‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬منهم‭ ‬الهجرة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬حكم‭ ‬بشار،‭ ‬كما‭ ‬هاجرت‭ ‬شريحة‭ ‬من‭ ‬الأرثوذوكس‭ ‬اليونانيين‭ ‬إلى‭ ‬روسيا‭ ‬طلبا‭ ‬للحماية،‭ ‬فالحاصل‭ ‬أن‭ ‬بشار‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬يحمي‭ ‬الأقليات،‭ ‬وإنما‭ ‬كان‭ ‬يحتمي‭ ‬بها‭ ‬من‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭. ‬المسلك‭ ‬الغربي‭ ‬مع‭ ‬الحكومات‭ ‬الجديدة‭ ‬معروف‭ ‬وواضح،‭ ‬إما‭ ‬الاستجابة‭ ‬لأجنداته،‭ ‬وإما‭ ‬عزلة‭ ‬دولية‭ ‬تطوق‭ ‬هذه‭ ‬القيادة‭ ‬وتؤدي‭ ‬إلى‭ ‬اقتصاد‭ ‬هش‭ ‬وأوضاع‭ ‬داخلية‭ ‬مضطربة‭.‬

أما‭ ‬في‭ ‬الداخل،‭ ‬فبعد‭ ‬أن‭ ‬كانت‭ ‬الأصوات‭ ‬المعارضة‭ ‬لنظام‭ ‬بشار‭ ‬خامدة‭ ‬منزوية‭ ‬في‭ ‬جلدها،‭ ‬بسبب‭ ‬سياسة‭ ‬الحكم‭ ‬القمعي‭ ‬الذي‭ ‬ينال‭ ‬من‭ ‬مستخدم‭ ‬لمواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬لمجرد‭ ‬علامة‭ ‬إعجاب‭ ‬يضعها‭ ‬على‭ ‬تغريدة‭ ‬لأحد‭ ‬المعارضين،‭ ‬انطلقت‭ ‬بعد‭ ‬سقوط‭ ‬هذا‭ ‬النظام‭ ‬أصوات‭ ‬تتجمهر‭ ‬وتتظاهر‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬المطالبة‭ ‬بدولة‭ ‬علمانية‭ ‬وعدم‭ ‬القبول‭ ‬بالحكم‭ ‬الجديد‭.‬

وقطعا‭ ‬هذا‭ ‬أمر‭ ‬طبيعي‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬يتنفس‭ ‬الناس‭ ‬الصعداء‭ ‬ويتنسمون‭ ‬الحرية‭ ‬بعد‭ ‬الكبت‭ ‬والقهر،‭ ‬وبعد‭ ‬أن‭ ‬يجد‭ ‬كل‭ ‬صاحب‭ ‬فكر‭ ‬أو‭ ‬أيديولوجية‭ ‬المجال‭ ‬لأن‭ ‬ينافح‭ ‬عن‭ ‬مشربه‭ ‬ومنحاه‭ ‬وأفكاره‭ ‬ويريد‭ ‬لها‭ ‬السؤدد‭. ‬لكن‭ ‬المشكلة‭ ‬تكمن‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬المطالب‭ ‬يتم‭ ‬طرحها‭ ‬في‭ ‬توقيت‭ ‬حرج،‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬انتقالية‭ ‬للثورة‭ ‬إلى‭ ‬دولة‭ ‬مؤسسات،‭ ‬وكان‭ ‬الأولى‭ ‬هو‭ ‬اصطفاف‭ ‬الشعب‭ ‬حول‭ ‬قيادته‭ ‬الجديدة‭ ‬التي‭ ‬قادت‭ ‬مسيرة‭ ‬إسقاط‭ ‬النظام‭ ‬وتخليص‭ ‬الشعب‭ ‬السوري‭ ‬منه‭. ‬

كان‭ ‬الأولى‭ ‬هو‭ ‬وحدة‭ ‬الصف‭ ‬والتعاضد‭ ‬مع‭ ‬القوى‭ ‬التي‭ ‬أنقذت‭ ‬الشعب‭ ‬السوري،‭ ‬للتخلص‭ ‬من‭ ‬آثار‭ ‬استبداد‭ ‬حكم‭ ‬الأسد،‭ ‬الذي‭ ‬ترك‭ ‬خزينة‭ ‬الدولة‭ ‬فارغة،‭ ‬وخلّف‭ ‬إرثا‭ ‬من‭ ‬الأزمات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والسياسية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬عقود‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إعادة‭ ‬بنائه‭.‬

لقد‭ ‬أثبت‭ ‬النظام‭ ‬البائد‭ ‬بما‭ ‬لا‭ ‬يدع‭ ‬مجالا‭ ‬للشك،‭ ‬أن‭ ‬أي‭ ‬سيناريوهات‭ ‬مستقبلية‭ ‬لسوريا‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تضاهي‭ ‬ما‭ ‬كانت‭ ‬عليه‭ ‬البلاد‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬بشار،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬ظهر‭ ‬للعلن‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬غائبا‭ ‬أو‭ ‬مغيبا‭ ‬عنا،‭ ‬فما‭ ‬مارسه‭ ‬هذا‭ ‬النظام‭ ‬بحق‭ ‬الشعب‭ ‬السوري‭ ‬سيظل‭ ‬أحد‭ ‬أبشع‭ ‬الكوارث‭ ‬التي‭ ‬تضمنتها‭ ‬صفحات‭ ‬التاريخ،‭ ‬سوف‭ ‬تذكر‭ ‬الأجيال‭ ‬القادمة‭ ‬مآسي‭ ‬سجن‭ ‬صيدنايا،‭ ‬كما‭ ‬نذكر‭ ‬إلى‭ ‬اليوم‭ ‬محاكم‭ ‬التفتيش‭ ‬في‭ ‬إسبانيا،‭ ‬فلم‭ ‬الخوف‭ ‬والقلق‭ ‬من‭ ‬الحكومة‭ ‬المقبلة‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬توجهاتها؟

أتفهم‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬مخاوف‭ ‬من‭ ‬خلفية‭ ‬القيادة‭ ‬الجديدة،‭ ‬وتحديدا‭ ‬من‭ ‬الارتباط‭ ‬السابق‭ ‬للجولاني‭ ‬بـ«القاعدة‮»‬‭ ‬و«جبهة‭ ‬النصرة‮»‬،‭ ‬لكن‭ ‬الأيام‭ ‬كفيلة‭ ‬بإنضاج‭ ‬الفكر‭ ‬وبلورته‭ ‬وفق‭ ‬متطلبات‭ ‬الدولة‭ ‬لا‭ ‬الجماعة،‭ ‬والرجل‭ ‬يعي‭ ‬أن‭ ‬مقومات‭ ‬وجود‭ ‬قوات‭ ‬المعارضة‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬الجديدة‭ ‬بسوريا‭ ‬هي‭ ‬التوافق‭ ‬الوطني‭ ‬والتعامل‭ ‬وفق‭ ‬الدستور‭ ‬الذي‭ ‬يتوافق‭ ‬عليه‭ ‬السوريون،‭ ‬دون‭ ‬إقصاء‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬أطراف‭ ‬المكوّن‭ ‬السوري،‭ ‬على‭ ‬مبدأ‭ ‬سوريا‭ ‬للجميع،‭ ‬فلا‭ ‬مجال‭ ‬في‭ ‬الحالة‭ ‬السورية‭ ‬للحكم‭ ‬الفردي‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭.‬

‭ ‬الضامن‭ ‬لتحقيق‭ ‬ذلك‭ ‬هو‭ ‬الشعب‭ ‬السوري‭ ‬نفسه،‭ ‬الذي‭ ‬ازداد‭ ‬وعيا‭ ‬إلى‭ ‬وعيه،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬ذاق‭ ‬الأمرّين‭ ‬تحت‭ ‬حكم‭ ‬الطاغية،‭ ‬هذا‭ ‬الشعب‭ ‬الذي‭ ‬عرف‭ ‬طريق‭ ‬الثورة،‭ ‬لن‭ ‬يسمح‭ ‬لأي‭ ‬قوة‭ ‬حاكمة‭ ‬بالاستبداد،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬استمد‭ ‬جسارته‭ ‬من‭ ‬طول‭ ‬أمد‭ ‬المعاناة،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬أي‭ ‬حكومة‭ ‬جديدة‭ ‬تعلم‭ ‬جيدا‭ ‬أن‭ ‬التجربة‭ ‬السورية‭ ‬سوف‭ ‬تكون‭ ‬محل‭ ‬أنظار‭ ‬العالم‭ ‬أجمع،‭ ‬وكما‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يستبشر‭ ‬هناك‭ ‬أيضا‭ ‬من‭ ‬يترصد‭ ‬ولن‭ ‬يتوانى‭ ‬في‭ ‬اصطياد‭ ‬أي‭ ‬مظاهر‭ ‬طائفية‭ ‬أو‭ ‬عنصرية‭ ‬لحكم‭ ‬الإسلاميين‭ ‬ـ‭ ‬على‭ ‬افتراض‭ ‬وجوده‭ ‬‭ ‬وكلنا‭ ‬يعلم‭ ‬أن‭ ‬الجولاني‭ ‬الذي‭ ‬يمثل‭ ‬القيادة‭ ‬العليا‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الراهن‭ ‬يسلك‭ ‬مع‭ ‬الغرب‭ ‬مسلك‭ ‬المقاربة،‭ ‬لأنه‭ ‬لا‭ ‬يرغب‭ ‬بعزل‭ ‬سوريا،‭ ‬بل‭ ‬يأمل‭ ‬في‭ ‬إقامة‭ ‬علاقات‭ ‬جيدة‭ ‬إقليما‭ ‬ودوليا‭ ‬ما‭ ‬يتيح‭ ‬للقيادة‭ ‬الجديدة‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬أمان‭ ‬لإعادة‭ ‬بناء‭ ‬سوريا‭.‬

ليس‭ ‬هناك‭ ‬مبرر‭ ‬للمخاوف‭ ‬من‭ ‬حكم‭ ‬ذي‭ ‬صبغة‭ ‬إسلامية،‭ ‬فالحكم‭ ‬الإسلامي‭ ‬ليس‭ ‬هو‭ ‬‮«‬داعش‮»‬‭ ‬وقطع‭ ‬الرقاب،‭ ‬وليس‭ ‬حمْل‭ ‬الناس‭ ‬على‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الاختيارات‭ ‬الفقهية‭ ‬التي‭ ‬تغلب‭ ‬جانب‭ ‬الاحتياط،‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬حكم‭ ‬على‭ ‬مبدأ‭ ‬الشورى‭ ‬وتداول‭ ‬السلطة،‭ ‬ورعاية‭ ‬وحفظ‭ ‬حقوق‭ ‬الأقليات‭ ‬على‭ ‬مبدأ‭ ‬المواطنة،‭ ‬والتوسعة‭ ‬على‭ ‬الجماهير‭ ‬فيما‭ ‬اختُلف‭ ‬فيه‭ ‬في‭ ‬الفقه‭ ‬الإسلامي،‭ ‬وإرساء‭ ‬قيم‭ ‬العدل‭ ‬والرحمة‭ ‬والتسامح،‭ ‬والمساواة‭ ‬أمام‭ ‬القضاء،‭ ‬وهذا‭ ‬كله‭ ‬قد‭ ‬نظّر‭ ‬له‭ ‬أحمد‭ ‬الشرع‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الآونة،‭ ‬وأعتقد‭ ‬أن‭ ‬الرجل‭ ‬لن‭ ‬يتنكر‭ ‬لذلك‭ ‬ولن‭ ‬يستطيع‭.‬

الشعب‭ ‬السوري‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬وحدة‭ ‬الصف‭ ‬وإعلاء‭ ‬المصالح‭ ‬العليا‭ ‬للوطن،‭ ‬لاجتياز‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬الحرجة،‭ ‬التي‭ ‬يساوم‭ ‬فيها‭ ‬الغرب‭ ‬القيادة‭ ‬السورية‭ ‬ويبتزها‭ ‬مقابل‭ ‬الاعتراف‭ ‬بها،‭ ‬والاصطفاف‭ ‬حول‭ ‬الحكومة‭ ‬الجديدة‭ ‬وحده‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬تستطيع‭ ‬من‭ ‬خلاله‭ ‬سوريا‭ ‬النجاة‭ ‬من‭ ‬هيمنة‭ ‬الغرب،‭ ‬والله‭ ‬غالب‭ ‬على‭ ‬أمره‭ ‬ولكن‭ ‬أكثر‭ ‬الناس‭ ‬لا‭ ‬يعلمون‭.‬

 

{ كاتبة‭ ‬من‭ ‬الأردن

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا