العدد : ١٧٠٨٢ - الأحد ٢٩ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٨ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٨٢ - الأحد ٢٩ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٨ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

نتائج كارثية لعَبَثْ أيدي الإنسان بالفضاء

بقلم: د. إسماعيل محمد المدني

الأربعاء ٠٦ نوفمبر ٢٠٢٤ - 02:00

لفت‭ ‬انتباهي‭ ‬كثيراً‭ ‬الخبر‭ ‬المنشور‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬صينية‭ ‬تصدر‭ ‬في‭ ‬هونج‭ ‬كونج‭ (‬South‭ ‬China‭ ‬Morning‭ ‬Post‭) ‬في‭ ‬25‭ ‬أكتوبر‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭: ‬‮«‬الأقمار‭ ‬الصناعية‭ ‬للصين‭ ‬في‭ ‬خطر‭ ‬بسبب‭ ‬المخلفات‭ ‬الفضائية‭ ‬الناجمة‭ ‬عن‭ ‬انفجار‭ ‬إنْتِلْسَات‮»‬،‭ ‬فهذا‭ ‬الخبر‭ ‬يخص‭ ‬كل‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬بدون‭ ‬استثناء،‭ ‬وينعكس‭ ‬مباشرة‭ ‬على‭ ‬حياة‭ ‬كل‭ ‬إنسان‭ ‬يعيش‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الكوكب‭.‬

ويتلخص‭ ‬هذا‭ ‬الخبر‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬الأقمار‭ ‬الصناعية‭ ‬الصينية‭ ‬التي‭ ‬تستخدم‭ ‬لأغراض‭ ‬عسكرية‭ ‬أو‭ ‬مدنية‭ ‬لمعرفة‭ ‬الأرصاد‭ ‬الجوية،‭ ‬أو‭ ‬الاتصالات،‭ ‬أو‭ ‬غيرهما‭ ‬التي‭ ‬تدور‭ ‬حول‭ ‬الأرض‭ ‬في‭ ‬‮«‬المدار‭ ‬الجغرافي‭ ‬الثابت‮»‬‭ (‬geostationary‭ ‬orbit‭)‬،‭ ‬وهو‭ ‬مدار‭ ‬دائري‭ ‬يقع‭ ‬على‭ ‬ارتفاع‭ ‬35785‭ ‬كيلومتراً‭ ‬فوق‭ ‬خط‭ ‬استواء‭ ‬الأرض،‭ ‬قد‭ ‬تتعرض‭ ‬للدمار‭ ‬نتيجة‭ ‬لتحطم‭ ‬وتفكك‭ ‬القمر‭ ‬الصناعي‭ ‬الأمريكي‭ ‬للاتصالات‭ ‬‭(‬Intelsat‭ ‬33e‭)‬‭ ‬فوق‭ ‬المحيط‭ ‬الهندي،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الانفجار‭ ‬للقمر‭ ‬الصناعي‭ ‬الأمريكي‭ ‬قد‭ ‬يهدد‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬الأقمار‭ ‬الصناعية‭ ‬الموجودة‭ ‬في‭ ‬أعالي‭ ‬الفضاء‭. ‬فهذا‭ ‬القمر‭ ‬الصناعي‭ ‬الذي‭ ‬يزن‭ ‬6600‭ ‬كيلوجرام‭ ‬ويستخدم‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الاتصالات‭ ‬عبر‭ ‬القارة‭ ‬الأوروبية‭ ‬وإفريقيا‭ ‬وآسيا‭ ‬قد‭ ‬تفجر‭ ‬وتحطم‭ ‬في‭ ‬19‭ ‬أكتوبر‭ ‬2024‭ ‬على‭ ‬ارتفاع‭ ‬قرابة‭ ‬36‭ ‬ألف‭ ‬كيلومتر‭ ‬فوق‭ ‬سطح‭ ‬الأرض،‭ ‬وبعيدة‭ ‬نسبياً‭ ‬عن‭ ‬المدار‭ ‬الأرضي‭ ‬المنخفض،‭ ‬حيث‭ ‬معظم‭ ‬الأقمار‭ ‬الصناعية،‭ ‬وتحول‭ ‬إلى‭ ‬أجزاءٍ‭ ‬متناثرة‭ ‬بلغ‭ ‬عددها‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬80‭ ‬قطعة‭ ‬بأحجام‭ ‬مختلفة،‭ ‬علماً‭ ‬بأن‭ ‬سبب‭ ‬الانفجار‭ ‬غير‭ ‬معروف،‭ ‬فقد‭ ‬يكون‭ ‬اصطدام‭ ‬القمر‭ ‬الصناعي‭ ‬بملايين‭ ‬المخلفات‭ ‬الفضائية‭ ‬التي‭ ‬تحوم‭ ‬حول‭ ‬الأرض‭ ‬بسرعة‭ ‬فائقة،‭ ‬أو‭ ‬أنه‭ ‬تدمر‭ ‬بسبب‭ ‬انفجار‭ ‬وعطل‭ ‬داخلي‭. ‬

فهذه‭ ‬الكارثة‭ ‬الفضائية‭ ‬التي‭ ‬حدثت‭ ‬اليوم‭ ‬ليست‭ ‬هي‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬نوعها،‭ ‬فهي‭ ‬تحيي‭ ‬عند‭ ‬العلماء‭ ‬وتُذكرهم‭ ‬بقضية‭ ‬التهديدات‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تسببها‭ ‬المخلفات‭ ‬الفضائية‭ ‬الموجودة‭ ‬في‭ ‬المدارات‭ ‬حول‭ ‬الأرض‭ ‬لهذه‭ ‬المكتسبات‭ ‬الإنسانية‭ ‬الفضائية‭ ‬التي‭ ‬استغرق‭ ‬إنجازها‭ ‬عقوداً‭ ‬طويلة‭ ‬من‭ ‬الزمن‭. ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬تؤكد‭ ‬جهل‭ ‬الإنسان‭ ‬وعدم‭ ‬إدارته‭ ‬السليمة‭ ‬والمستدامة‭ ‬للجوانب‭ ‬السلبية‭ ‬الناجمة‭ ‬عن‭ ‬أنشطته‭ ‬وبرامجه‭ ‬التنموية‭. ‬فهو‭ ‬الآن‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ ‬الشاسع‭ ‬الواسع‭ ‬على‭ ‬ارتفاعات‭ ‬شاهقة‭ ‬فوق‭ ‬سطح‭ ‬الأرض‭ ‬يكرر‭ ‬الأخطاء‭ ‬التي‭ ‬قام‭ ‬بها‭ ‬منذ‭ ‬قرن‭ ‬ومازالت‭ ‬مستمرة‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬بيئات‭ ‬فوق‭ ‬الأرض‭ ‬من‭ ‬المحيطات‭ ‬والغلاف‭ ‬الجوي‭ ‬فوقنا‭ ‬مباشرة‭. ‬فاعتبر‭ ‬الإنسان‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬البيئات‭ ‬واسعة،‭ ‬وشاسعة،‭ ‬ويمكن‭ ‬العبث‭ ‬بها‭ ‬كيفما‭ ‬يشاء‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬رقيب‭ ‬أو‭ ‬حساب‭ ‬أو‭ ‬مردودات‭ ‬سلبية‭ ‬تنجم‭ ‬عنها،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬الإنسان‭ ‬اعتبر‭ ‬هذه‭ ‬البيئات‭ ‬بحجمها‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يكاد‭ ‬ينتهي‭ ‬بإمكانها‭ ‬تحمل‭ ‬كل‭ ‬المخلفات‭ ‬الصلبة،‭ ‬والسائلة،‭ ‬والغازية‭ ‬التي‭ ‬يلقيها‭ ‬في‭ ‬بطنها‭ ‬وجسدها‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬الإضرار‭ ‬بها‭ ‬على‭ ‬المديين‭ ‬القريب‭ ‬والبعيد‭. ‬

وهذه‭ ‬النظرة‭ ‬القاصرة‭ ‬والضيقة‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تسببت‭ ‬في‭ ‬وقوع‭ ‬قضايا‭ ‬خطيرة‭ ‬منها‭ ‬تراكم‭ ‬المخلفات‭ ‬الصلبة‭ ‬في‭ ‬المحيطات‭ ‬وفي‭ ‬أعضاء‭ ‬أجسام‭ ‬الحياة‭ ‬الفطرية‭ ‬التي‭ ‬تعيش‭ ‬فيها،‭ ‬منها‭ ‬تدهور‭ ‬غاز‭ ‬الأوزون‭ ‬في‭ ‬طبقة‭ ‬الأوزون‭ ‬فوق‭ ‬سطح‭ ‬الأرض،‭ ‬ومنها‭ ‬التغير‭ ‬المناخي‭ ‬وسخونة‭ ‬الأرض‭. ‬والآن‭ ‬نحن‭ ‬أمام‭ ‬قضية‭ ‬أخرى‭ ‬خطيرة‭ ‬جداً‭ ‬لا‭ ‬يعرف‭ ‬أحد‭ ‬مردوداتها‭ ‬على‭ ‬البشرية‭ ‬جمعاء،‭ ‬ولا‭ ‬يستطيع‭ ‬أحد‭ ‬التكهن‭ ‬بعواقبها‭ ‬الوخيمة‭ ‬على‭ ‬التنمية‭ ‬البشرية،‭ ‬ولكن‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬ليست‭ ‬على‭ ‬سطح‭ ‬الأرض،‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬الغلاف‭ ‬الجوي،‭ ‬وإنما‭ ‬في‭ ‬آلاف‭ ‬الكيلومترات‭ ‬فوق‭ ‬سطح‭ ‬الأرض،‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الفضاء‭ ‬العظيم‭ ‬اللامتناهي‭.‬

فمنذ‭ ‬عام‭ ‬1957‭ ‬عندما‭ ‬أَطلقَ‭ ‬الإنسان‭ ‬القمر‭ ‬الصناعي‭ ‬الأول‭ ‬‮«‬سبوت‭ ‬نيك‮»‬‭ (‬Sputnik‭)‬،‭ ‬أخذت‭ ‬عملية‭ ‬إطلاق‭ ‬السفن‭ ‬الفضائية،‭ ‬والأقمار‭ ‬الصناعية‭ ‬الصغيرة‭ ‬والكبيرة‭ ‬الحجم‭ ‬في‭ ‬ازدياد‭ ‬مطرد‭ ‬لم‭ ‬يسبق‭ ‬له‭ ‬مثيل‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬البشرية‭. ‬ففي‭ ‬عام‭ ‬2022‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬6000‭ ‬قمر‭ ‬صناعي‭ ‬يدور‭ ‬حول‭ ‬الأرض،‭ ‬مقارنة‭ ‬بزهاء‭ ‬1400‭ ‬قمر‭ ‬صناعي‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2015،‭ ‬ولكن‭ ‬تشير‭ ‬التقديرات‭ ‬الى‭ ‬أنه‭ ‬بحلول‭ ‬عام‭ ‬2030‭ ‬ستكون‭ ‬هناك‭ ‬طفرة‭ ‬شديدة،‭ ‬حيث‭ ‬يقفز‭ ‬عدد‭ ‬الأقمار‭ ‬الصناعية‭ ‬إلى‭ ‬عدد‭ ‬مهول‭ ‬وهو‭ ‬قرابة‭ ‬60‭ ‬ألف‭ ‬قمر‭ ‬صناعي‭ ‬يحوم‭ ‬حول‭ ‬الأرض‭ ‬في‭ ‬الشارع‭ ‬الأرضي‭ ‬المداري‭ ‬المنخفض،‭ ‬بحسب‭ ‬تقرير‭ ‬مكتب‭ ‬المحاسبة‭ (‬Accountability‭ ‬Office‭) ‬التابع‭ ‬للحكومة‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬29‭ ‬سبتمبر‭ ‬2022‭ ‬حول‭ ‬تقييم‭ ‬التأثيرات‭ ‬البيئية‭ ‬الناجمة‭ ‬عن‭ ‬الأقمار‭ ‬الصناعية‭. ‬

فهذه‭ ‬الأعداد‭ ‬الكبيرة‭ ‬المتزايدة‭ ‬كل‭ ‬سنة‭ ‬تشكل‭ ‬ازدحاماً‭ ‬وكثافة‭ ‬مرورية‭ ‬لم‭ ‬يتصورها‭ ‬الإنسان‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ ‬حول‭ ‬مدارات‭ ‬الأرض،‭ ‬ولم‭ ‬تخطر‭ ‬على‭ ‬بال‭ ‬أحد،‭ ‬ولم‭ ‬يفكر‭ ‬فيها‭ ‬أي‭ ‬بشر،‭ ‬فتصبح‭ ‬كالاكتظاظ‭ ‬المروري‭ ‬غير‭ ‬المسبوق‭ ‬على‭ ‬سطح‭ ‬الأرض،‭ ‬وستقع‭ ‬حتماً‭ ‬الحوادث‭ ‬المرورية‭ ‬التي‭ ‬نشهدها‭ ‬في‭ ‬شوارع‭ ‬كل‭ ‬مدن‭ ‬العالم‭. ‬ولذلك‭ ‬فاليوم‭ ‬إذا‭ ‬نظرت‭ ‬إلى‭ ‬السماء‭ ‬العليا،‭ ‬قد‭ ‬ترى‭ ‬أجساماً‭ ‬منيرة،‭ ‬أو‭ ‬قطاراً‭ ‬مضيئاً‭ ‬من‭ ‬الأجسام‭ ‬يسير‭ ‬في‭ ‬الفضاء،‭ ‬وكأن‭ ‬كل‭ ‬واحد‭ ‬منها‭ ‬يسبق‭ ‬الآخر‭ ‬ويريد‭ ‬اللحاق‭ ‬به‭. ‬وقد‭ ‬تحسب‭ ‬للوهلة‭ ‬الأولى‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الأجسام،‭ ‬والنقاط‭ ‬المنيرة‭ ‬هي‭ ‬نجوم،‭ ‬أو‭ ‬أقمار‭ ‬طبيعية‭ ‬خلقها‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى،‭ ‬ولكنها‭ ‬في‭ ‬الحقيقة‭ ‬هي‭ ‬الأقمار‭ ‬الصناعية‭ ‬التي‭ ‬وضعها‭ ‬البشر‭ ‬في‭ ‬المدارات‭ ‬الأرضية‭ ‬في‭ ‬الفضاء،‭ ‬وفي‭ ‬بعض‭ ‬الحالات‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬هي‭ ‬المخلفات‭ ‬الفضائية‭ ‬الناجمة‭ ‬عن‭ ‬الأقمار‭ ‬الصناعية‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تعمل‭ ‬وانتهت‭ ‬صلاحيتها،‭ ‬أو‭ ‬الناجمة‭ ‬عن‭ ‬الاصطدامات‭ ‬لهذه‭ ‬الأقمار‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ ‬العليا‭.‬

وخلال‭ ‬السنوات‭ ‬القليلة‭ ‬الماضية‭ ‬تمكن‭ ‬العلماء‭ ‬حتى‭ ‬اليوم‭ ‬من‭ ‬حصر‭ ‬وتوثيق‭ ‬أهم‭ ‬التهديدات‭ ‬التي‭ ‬تسببها‭ ‬هذه‭ ‬الأعداد‭ ‬المهولة‭ ‬من‭ ‬الأقمار‭ ‬الصناعية‭ ‬التي‭ ‬تحول‭ ‬حول‭ ‬الأرض،‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬‮«‬المدار‭ ‬الأرضي‭ ‬المنخفض‮»‬‭ (‬Low‭ ‬Earth‭ ‬Orbit‭) ‬على‭ ‬ارتفاع‭ ‬يتراوح‭ ‬بين‭ ‬160‭ ‬إلى‭ ‬200‭ ‬كيلومتر‭ ‬فوق‭ ‬سطح‭ ‬الأرض،‭ ‬كما‭ ‬يلي‭:‬

أولاً‭: ‬ضاق‭ ‬‮«‬المدار‭ ‬الأرضي‭ ‬المنخفض‮»‬‭ ‬بهذه‭ ‬الأقمار‭ ‬الصناعية‭ ‬التي‭ ‬تُطلق‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬دول‭ ‬العالم،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬زاد‭ ‬من‭ ‬مخاطر‭ ‬وقوع‭ ‬الاصطدامات‭ ‬بين‭ ‬هذه‭ ‬الأقمار‭ ‬الصناعية‭. ‬

ثانياً‭: ‬تشير‭ ‬التقديرات‭ ‬المختلفة‭ ‬من‭ ‬وكالة‭ ‬الفضاء‭ ‬الأمريكية‭ ‬‮«‬ناسا‮»‬،‭ ‬ومن‭ ‬‮«‬وكالة‭ ‬الفضاء‭ ‬الأوروبية‮»‬،‭ ‬ومن‭ ‬غيرهما‭ ‬من‭ ‬المنظمات‭ ‬الأممية‭ ‬وغير‭ ‬الأممية‭ ‬عن‭ ‬وجود‭ ‬كميات‭ ‬لا‭ ‬حصر‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬المخلفات‭ ‬الفضائية‭ ‬الناجمة‭ ‬عن‭ ‬هجر‭ ‬الأقمار‭ ‬الصناعية‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تعمل،‭ ‬وتلك‭ ‬الناجمة‭ ‬عن‭ ‬اصطدام‭ ‬هذه‭ ‬الأجسام‭ ‬في‭ ‬المدارات‭ ‬حول‭ ‬الأرض‭. ‬فهذه‭ ‬الوكالات‭ ‬تفيد‭ ‬بحسب‭ ‬آخر‭ ‬إحصاءاتها‭ ‬بأن‭ ‬عدد‭ ‬المخلفات‭ ‬التي‭ ‬حجمها‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬10‭ ‬سنتيمترات‭ ‬تزيد‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬40‭ ‬ألف‭ ‬قطعة،‭ ‬وهناك‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬قرابة‭ ‬مليون‭ ‬قطعة‭ ‬يتراوح‭ ‬حجمها‭ ‬بين‭ ‬1‭ ‬سنتيمتر‭ ‬إلى‭ ‬10‭. ‬فمع‭ ‬وجود‭ ‬هذه‭ ‬المخلفات‭ ‬التي‭ ‬تسبح‭ ‬في‭ ‬مدارات‭ ‬الأرض‭ ‬بسرعة‭ ‬عالية‭ ‬جداً‭ ‬جنباً‭ ‬إلى‭ ‬جنب،‭ ‬يزيد‭ ‬من‭ ‬احتمال‭ ‬وقوع‭ ‬حوادث‭ ‬الاصطدامات‭ ‬المرورية،‭ ‬ثم‭ ‬هذه‭ ‬الاصطدامات‭ ‬تولد‭ ‬أجساماً‭ ‬كثيرة‭ ‬أخرى،‭ ‬بحسب‭ ‬نظرية‭ ‬وظاهرة‭ ‬كيسلر‭ (‬Kessler‭ ‬Effect‭) ‬التي‭ ‬طرحت‭ ‬عام‭ ‬1978،‭ ‬ونُشرت‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ (‬Geophysical‭ ‬Research‭) ‬في‭ ‬1‭ ‬يونيو‭ ‬1978‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭: ‬‮«‬تكرار‭ ‬الاصطدامات‭ ‬للأقمار‭ ‬الصناعية‭: ‬تولد‭ ‬حزاماً‭ ‬من‭ ‬المخلفات‮»‬‭.‬

ثالثاً‭: ‬هذه‭ ‬المخلفات‭ ‬بأحجامها‭ ‬وأنواعها‭ ‬المختلفة‭ ‬قد‭ ‬تخرج‭ ‬عن‭ ‬مسارها‭ ‬فتدخل‭ ‬الغلاف‭ ‬الجوي‭ ‬الأرضي‭ ‬وتحترق‭ ‬وتتحول‭ ‬إلى‭ ‬قطعٍ‭ ‬صغيرة‭ ‬قد‭ ‬تنزل‭ ‬على‭ ‬رؤوس‭ ‬الناس‭ ‬فتمطر‭ ‬عليهم‭ ‬مخلفات‭ ‬من‭ ‬الفضاء،‭ ‬كما‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬ولاية‭ ‬فلوريدا‭ ‬الأمريكية‭ (‬لمزيد‭ ‬من‭ ‬المعلومات‭ ‬يمكن‭ ‬الرجوع‭ ‬إلى‭ ‬مقالي‭ ‬المنشور‭ ‬في‭ ‬أخبار‭ ‬الخليج‭ ‬في‭ ‬29‭ ‬مايو‭ ‬2024‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭: ‬‮«‬مخلفات‭ ‬الفضاء‭ ‬تسقط‭ ‬على‭ ‬رؤوسنا‮»‬‭). ‬وعلاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬احتراق‭ ‬الأجسام‭ ‬الصناعية‭ ‬في‭ ‬الغلاف‭ ‬الجوي‭ ‬يسبب‭ ‬تلوثاً‭ ‬لبيئة‭ ‬الغلاف‭ ‬الجوي،‭ ‬وبالتحديد‭ ‬طبقة‭ ‬الأوزون،‭ ‬حيث‭ ‬أكدت‭ ‬الأبحاث‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الأجسام‭ ‬مصنوعة‭ ‬من‭ ‬الألمنيوم‭ ‬وعندما‭ ‬يحترق‭ ‬يولد‭ ‬جسيمات‭ ‬دقيقة‭ ‬من‭ ‬أكسيد‭ ‬الألمنيوم‭ ‬الذي‭ ‬يؤثر‭ ‬على‭ ‬غاز‭ ‬الأوزون‭ ‬في‭ ‬طبقة‭ ‬الأوزون،‭ ‬أي‭ ‬أنها‭ ‬تهدد‭ ‬طبقة‭ ‬الأوزون‭ ‬التي‭ ‬تحمي‭ ‬الإنسان‭ ‬من‭ ‬أضرار‭ ‬الأشعة‭ ‬فوق‭ ‬البنفسجة،‭ ‬بحسب‭ ‬الدراسة‭ ‬المنشورة‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ (‬Geophysical‭ ‬Research‭ ‬Letters‭) ‬في‭ ‬4‭ ‬مايو‭ ‬2024‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭: ‬‮«‬استنفاد‭ ‬الأوزون‭ ‬من‭ ‬حرق‭ ‬الأقمار‭ ‬الصناعية‭ ‬أثناء‭ ‬دخولها‭ ‬مرة‭ ‬ثانية‭ ‬في‭ ‬الغلاف‭ ‬الجوي‮»‬‭.‬

رابعاً‭: ‬وجود‭ ‬هذه‭ ‬الأقمار‭ ‬الصناعية‭ ‬بأعدادٍ‭ ‬كثيفة‭ ‬ومتزايدة‭ ‬تسبب‭ ‬مشكلات‭ ‬لغزو‭ ‬الفضاء‭ ‬الخارجي‭ ‬الواسع،‭ ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬تسبب‭ ‬معوقات‭ ‬فنية‭ ‬لعلماء‭ ‬الفلك‭ ‬لاكتشاف‭ ‬ما‭ ‬وراء‭ ‬هذا‭ ‬الفضاء‭ ‬المشهود‭.‬

ولذلك‭ ‬نجد‭ ‬أن‭ ‬أيدي‭ ‬الإنسان‭ ‬المفسدة‭ ‬في‭ ‬الأرض‭ ‬والمستبيحة‭ ‬لحرماتها‭ ‬امتدت‭ ‬الآن‭ ‬كثيراً‭ ‬وتوسعت‭ ‬تأثيراتها‭ ‬لتنتقل‭ ‬من‭ ‬سطح‭ ‬الكرة‭ ‬الأرضية‭ ‬براً،‭ ‬وبحراً،‭ ‬وهواءً‭ ‬إلى‭ ‬أعالي‭ ‬الفضاء‭ ‬الواسع‭ ‬الفسيح،‭ ‬ولا‭ ‬أدري‭ ‬إلى‭ ‬أين‭ ‬تمتد‭ ‬وتصل‭ ‬بعد‭ ‬سنوات‭ ‬قادمة؟

 

ismail‭.‬almadany@gmail‭.‬com

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا