العدد : ١٧٠٨١ - السبت ٢٨ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٧ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٨١ - السبت ٢٨ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٧ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره

ماذا بقي من الأمم المتحدة؟

المفروض‭ ‬أن‭ ‬العالم‭ ‬يحتفل‭ ‬اليوم‭ ‬بيوم‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬وهو‭ ‬اليوم‭ ‬الذي‭ ‬يتم‭ ‬الاحتفال‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬24‭ ‬أكتوبر‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬1948‭ ‬في‭ ‬ذكرى‭ ‬دخول‭ ‬ميثاق‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬حيز‭ ‬التنفيذ‭ ‬في‭ ‬1945‭.‬

هذا‭ ‬العام‭ ‬بالذات‭ ‬لا‭ ‬يجد‭ ‬العالم‭ ‬أي‭ ‬شيء‭ ‬يمكن‭ ‬الاحتفال‭ ‬به‭. ‬يوم‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬يأتي‭ ‬والمنظمة‭ ‬الدولية‭ ‬عاجزة‭ ‬مشلولة‭ ‬لا‭ ‬حول‭ ‬لها‭ ‬ولا‭ ‬قوة‭ ‬وتبدو‭ ‬كما‭ ‬لو‭ ‬أنها‭ ‬أصبحت‭ ‬من‭ ‬مخلفات‭ ‬الماضي‭ ‬السحيق‭.‬

احتفال‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬يأتي‭ ‬أشبه‭ ‬بالبكاء‭ ‬على‭ ‬اطلال‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭.‬

حين‭ ‬وقعت‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬ميثاق‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬الذي‭ ‬يتم‭ ‬الاحتفال‭ ‬بدخوله‭ ‬حيز‭ ‬التنفيذ‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬حددت‭ ‬ديباجة‭ ‬الميثاق‭ ‬الأهداف‭ ‬الأساسية‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬على‭ ‬النحو‭ ‬التالي‭:‬

‮«‬نحن‭ ‬شعوب‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬وقد‭ ‬آلينا‭ ‬على‭ ‬أنفسنا‭ ‬أن‭ ‬ننقذ‭ ‬الأجيال‭ ‬المقبلة‭ ‬من‭ ‬ويلات‭ ‬الحرب‭ ‬التي‭ ‬في‭ ‬خلال‭ ‬جيل‭ ‬واحد‭ ‬جلبت‭ ‬على‭ ‬الإنسانية‭ ‬مرتين‭ ‬أحزاناً‭ ‬يعجز‭ ‬عنها‭ ‬الوصف،‭ ‬وأن‭ ‬نؤكد‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬إيماننا‭ ‬بالحقوق‭ ‬الأساسية‭ ‬للإنسان‭ ‬وبكرامة‭ ‬الفرد‭ ‬وقدره‭ ‬وبما‭ ‬للرجال‭ ‬والنساء‭ ‬والأمم‭ ‬كبيرها‭ ‬وصغيرها‭ ‬من‭ ‬حقوق‭ ‬متساوية،‭ ‬وأن‭ ‬نبيّن‭ ‬الأحوال‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬في‭ ‬ظلها‭ ‬تحقيق‭ ‬العدالة‭ ‬واحترام‭ ‬الالتزامات‭ ‬الناشئة‭ ‬عن‭ ‬المعاهدات‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬مصادر‭ ‬القانون‭ ‬الدولي،‭ ‬وأن‭ ‬ندفع‭ ‬بالرقي‭ ‬الاجتماعي‭ ‬قدماً،‭ ‬وأن‭ ‬نرفع‭ ‬مستوى‭ ‬الحياة‭ ‬في‭ ‬جو‭ ‬من‭ ‬الحرية‭ ‬أفسح‮»‬‭.‬

إذا‭ ‬تأملنا‭ ‬هذه‭ ‬الديباجة‭ ‬سنكتشف‭ ‬فورا‭ ‬ان‭ ‬كل‭ ‬أهداف‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬وكل‭ ‬المبادئ‭ ‬النبيلة‭ ‬التي‭ ‬أنشئت‭ ‬من‭ ‬أجلها‭ ‬لم‭ ‬يتحقق‭ ‬منها‭ ‬شيء‭. ‬ليس‭ ‬هذا‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬ان‭ ‬هذه‭ ‬المبادئ‭ ‬يتم‭ ‬دوسها‭ ‬بالأقدام‭ ‬والمنظمة‭ ‬عاجزة‭ ‬تماما‭ ‬عن‭ ‬ان‭ ‬تفعل‭ ‬شيئا‭ ‬علي‭ ‬الاطلاق‭.‬

‭  ‬على‭ ‬امتداد‭ ‬عام‭ ‬كامل‭ ‬تابع‭ ‬العالم‭ ‬كله‭ ‬أبشع‭ ‬حرب‭ ‬ابادة‭ ‬في‭ ‬التاريخ‭ ‬قام‭ ‬فيها‭ ‬الكيان‭ ‬إسرائيلي‭ ‬بإبادة‭ ‬غزة‭ ‬واهلها‭ ‬بالمعنى‭ ‬الحرفي‭ ‬للكلمة‭. ‬لسنا‭ ‬بحاجة‭ ‬الى‭ ‬تقديم‭ ‬أي‭ ‬تفاصيل‭ ‬عن‭ ‬جرائم‭ ‬الحرب‭ ‬والابادة‭ ‬وفظائع‭ ‬المجازر‭ ‬اليومية‭ ‬ضد‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬فالعالم‭ ‬كله‭ ‬يتابعها‭ ‬لحظة‭ ‬بلحظة‭.‬

‭ ‬عام‭ ‬كامل‭ ‬والعالم‭ ‬عاجز‭ ‬عبر‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬عن‭ ‬ان‭ ‬يردع‭ ‬هؤلاء‭ ‬المجرمين‭ ‬وعن‭ ‬ان‭ ‬يحمي‭ ‬شعب‭ ‬فلسطين‭ ‬وعن‭ ‬ان‭ ‬يوقف‭ ‬هذه‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬الشاملة‭.‬

‭  ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬وخصوصا‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬اتخذت‭ ‬قرارات‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬العدوان‭ ‬وحرب‭ ‬الإبادة‭.. ‬والمنظمات‭ ‬الدولية‭ ‬وخصوصا‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬والمحكمة‭ ‬الجنائية‭ ‬اتخذا‭ ‬أيضا‭ ‬قرارات‭ ‬ضد‭ ‬مجرمي‭ ‬الحرب‭ ‬والابادة‭. ‬لكن‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬القرارات‭ ‬لا‭ ‬قيمة‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬العملية،‭ ‬فلا‭ ‬أحد‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬تطبيقها‭.‬

ولم‭ ‬يقف‭ ‬الأمر‭ ‬عند‭ ‬هذا‭ ‬الحد‭ ‬بل‭ ‬انه‭ ‬وعبر‭ ‬عام‭ ‬كامل‭ ‬من‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬والمنظمات‭ ‬الإنسانية‭ ‬التابعة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬تصرخ‭ ‬وتستنجد‭ ‬طالبة‭ ‬الحماية‭ ‬للعاملين‭ ‬فيها‭ ‬ولعملياتها‭ ‬الإنسانية،‭ ‬اذ‭ ‬تتعرض‭ ‬هذه‭ ‬المنظمات‭ ‬للعدوان‭ ‬الدائم‭ ‬بشكل‭ ‬متعمد‭ ‬كجزء‭ ‬من‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬الإسرائيلية‭. ‬لكن‭ ‬لا‭ ‬أحد‭ ‬أيضا‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬حماية‭ ‬هذه‭ ‬المنظمات‭ ‬ولا‭ ‬ضمان‭ ‬أدائها‭ ‬لمهمتها‭ ‬الانسانية‭.‬

هذا‭ ‬العجز‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬شجع‭ ‬مجرم‭ ‬الحرب‭ ‬نتنياهو‭ ‬على‭ ‬ان‭ ‬ينعت‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬بأشنع‭ ‬الألفاظ‭ ‬بل‭ ‬ويعتبر‭ ‬ان‭ ‬امينها‭ ‬العام‭ ‬شخصا‭ ‬غير‭ ‬مرغوب‭ ‬فيه‭.‬

العالم‭ ‬أصبح‭ ‬تحت‭ ‬رحمة‭ ‬مجرمي‭ ‬الحرب‭ ‬والابادة‭ ‬تحميهم‭ ‬أمريكا‭ ‬والدول‭ ‬الغربية‭ ‬الكبرى‭. ‬والأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬المفروض‭ ‬ان‭ ‬تعبر‭ ‬عن‭ ‬إرادة‭ ‬الشعوب‭ ‬وتحمي‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬وكرامة‭ ‬الانسان‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬أصبحت‭ ‬رهينة‭ ‬بيد‭ ‬المجرمين‭.‬

لهذا‭ ‬في‭ ‬الاجتماعات‭ ‬الأخيرة‭ ‬للجمعية‭ ‬العامة‭ ‬أجمعت‭ ‬اغلبية‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬غير‭ ‬الغربي‭ ‬على‭ ‬المطالبة‭ ‬بالإصلاح‭ ‬الجذري‭ ‬الشامل‭ ‬بحيث‭ ‬تستعيد‭ ‬دورها‭ ‬وتعبر‭ ‬فعلا‭ ‬عن‭ ‬شعوب‭ ‬العالم‭ ‬وتحمي‭ ‬امن‭ ‬الدول‭ ‬وتكون‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬تطبيق‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭.‬

وعلى‭ ‬العموم‭ ‬رغم‭ ‬الحال‭ ‬البائس‭ ‬الذي‭ ‬وصلت‭ ‬اليه‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬فإن‭ ‬دول‭ ‬وشعوب‭ ‬العالم‭ ‬يجب‭ ‬ان‭ ‬تقاتل‭ ‬من‭ ‬اجل‭ ‬بقائها‭ ‬ومن‭ ‬اجل‭ ‬استعادة‭ ‬هيبتها‭ ‬ودورها،‭ ‬والا‭ ‬فسيكون‭ ‬على‭ ‬العالم‭ ‬ان‭ ‬يعيش‭ ‬لسنوات‭ ‬طويلة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الفوضى‭ ‬وشريعة‭ ‬الغاب‭ ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬هيمنة‭ ‬وسطوة‭ ‬مجرمي‭ ‬الحرب‭ ‬والإبادة‭.‬

إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا