العدد : ١٧٠٨١ - السبت ٢٨ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٧ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٨١ - السبت ٢٨ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٧ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره

محمد صفوة الباري ورحمته

في‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬حين‭ ‬تحل‭ ‬ذكرى‭ ‬ميلاد‭ ‬رسولنا‭ ‬الأعظم،‭ ‬احرص‭ ‬على‭ ‬الاستماع‭ ‬الى‭ ‬القصيدة‭ ‬البديعة‭ ‬‮«‬نهج‭ ‬البردة‮»‬‭ ‬التي‭ ‬كتبها‭ ‬أمير‭ ‬الشعراء‭ ‬احمد‭ ‬شوقي‭ ‬في‭ ‬مدح‭ ‬الرسول‭ ‬والتي‭ ‬تؤديها‭ ‬ام‭ ‬كلثوم‭ ‬أداء‭ ‬ملحميا‭ ‬آسرا‭.‬

في‭ ‬كل‭ ‬مرة‭ ‬أستمع‭ ‬فيها‭ ‬إلى‭ ‬القصيدة‭ ‬أتوقف‭ ‬كثيرا‭ ‬عند‭ ‬قول‭ ‬شوقي‭ ‬‮«‬محمد‭ ‬صفوة‭ ‬الباري‭ ‬ورحمته‮»‬،‭ ‬فأحسب‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬أجمل‭ ‬وأفضل‭ ‬ما‭ ‬قيل‭ ‬في‭ ‬مدح‭ ‬الرسول‭ ‬وفي‭ ‬تبيان‭ ‬مكانته‭ ‬السامية‭.‬

نعم‭.. ‬محمد‭ ‬هو‭ ‬صفوة‭ ‬الخلق‭.. ‬هو‭ ‬سيد‭ ‬الخلق،‭ ‬فقد‭ ‬اختاره‭ ‬الله‭ ‬رسولا‭ ‬لأكمل‭ ‬واتم‭ ‬وآخر‭ ‬الديانات‭ ‬الإسلام،‭ ‬وأراده‭ ‬الله‭ ‬قدوة‭ ‬للبشر،‭ ‬وأسبغ‭ ‬عليه‭ ‬أجمل‭ ‬وأرقى‭ ‬الخصال‭.‬

ومحمد‭ ‬أرسله‭ ‬الله‭ ‬‮«‬رحمة‭ ‬للعالمين‮»‬،‭ ‬أي‭ ‬لجميع‭ ‬خلق‭ ‬الله‭.‬

وحين‭ ‬نحتفل‭ ‬بميلاد‭ ‬رسولنا‭ ‬الأعظم‭ ‬فنحن‭ ‬نحتفل‭ ‬بكل‭ ‬هذه‭ ‬القيم‭ ‬والمبادئ‭ ‬والمعاني‭ ‬العظيمة‭ ‬التي‭ ‬جسدها‭ ‬الرسول‭ ‬وبشر‭ ‬بها‭ ‬الإسلام‭.‬

وحين‭ ‬شنوا‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ ‬حملة‭ ‬الإساءة‭ ‬للرسول‭ ‬الكريم‭ ‬عبر‭ ‬الرسوم‭ ‬المتحركة‭ ‬التي‭ ‬اعتبر‭ ‬قادتهم‭ ‬أنها‭ ‬تندرج‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬حرية‭ ‬التعبير،‭ ‬فانهم‭ ‬فعلوا‭ ‬هذا‭ ‬لأنهم‭ ‬يعلمون‭ ‬مكانته‭ ‬العظيمة‭ ‬ويعلمون‭ ‬القوة‭ ‬التي‭ ‬يتحلى‭ ‬بها‭ ‬المسلمون‭ ‬بحبهم‭ ‬للرسول‭ ‬وتعلقهم‭ ‬به‭.‬

فعلوا‭ ‬هذا‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬حربهم‭ ‬على‭ ‬الإسلام‭ ‬الممتدة‭ ‬منذ‭ ‬عقود،‭ ‬وهي‭ ‬حرب‭ ‬ذات‭ ‬طابع‭ ‬استراتيجي‭ ‬هدفها‭ ‬تحطيم‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية‭ ‬ومصادر‭ ‬قوتها‭.‬

قبل‭ ‬سنوات‭ ‬طويلة،‭ ‬وتحديدا‭ ‬في‭ ‬24‭ ‬مايو‭ ‬عام‭ ‬2002،‭ ‬وفي‭ ‬ذكرى‭ ‬مولد‭ ‬الرسول‭ ‬كتبت‭ ‬مقالا‭ ‬عنوانه‭ ‬‮«‬أمة‭ ‬محمد‭ ‬بخير‮»‬،‭ ‬حين‭ ‬قرأته‭ ‬وجدت‭ ‬أنه‭ ‬أفضل‭ ‬ما‭ ‬أعيد‭ ‬نشره‭ ‬اليوم‭. ‬وهذا‭ ‬هو‭ ‬نصه‭.‬

كل‭ ‬عام‭ ‬وأنتم‭ ‬بخير‭.‬

اليوم‭ ‬يوم‭ ‬بهجة‭ ‬وفرح‭.. ‬كيف‭ ‬لا،‭ ‬وفي‭ ‬يوم‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬عمّ‭ ‬النور‭ ‬العالم‭. ‬كيف‭ ‬لا،‭ ‬وفي‭ ‬يوم‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬وُلد‭ ‬سيد‭ ‬الخلق‭ ‬الرسول‭ ‬الأعظم‭. ‬ويوم‭ ‬مولده،‭ ‬كان‭ ‬إيذانا‭ ‬بمولد‭ ‬أمة‭ ‬هي‭ ‬خير‭ ‬أمة‭ ‬أخرجت‭ ‬للناس‭.. ‬أمة‭ ‬محمد‭.. ‬أمة‭ ‬الإسلام‭.‬

‭ .. ‬أمة‭ ‬حملت‭ ‬للبشرية‭ ‬أعظم‭ ‬الديانات،‭ ‬علمت‭ ‬البشرية‭ ‬أنبل‭ ‬القيم‭ ‬وأسمى‭ ‬المبادئ‭.‬

‭ .. ‬أمة‭ ‬محمد‭ ‬اليوم‭ ‬غاضبة،‭ ‬لكنها‭ ‬أبدا‭ ‬ليست‭ ‬يائسة،‭ ‬ولا‭ ‬هي‭ ‬عاجزة‭.‬

الأمة‭ ‬غاضبة،‭ ‬وهي‭ ‬تواجه‭ ‬حملة‭ ‬همجية‭ ‬شرسة‭.. ‬حملة‭ ‬تشنها‭ ‬قوى‭ ‬لا‭ ‬علاقة‭ ‬لها‭ ‬بالحضارة‭ ‬ولا‭ ‬بالقيم‭ ‬الإنسانية‭. ‬حملة‭ ‬لا‭ ‬تستهدف‭ ‬فقط‭ ‬دول‭ ‬وشعوب‭ ‬أمة‭ ‬الإسلام،‭ ‬بل‭ ‬تستهدف‭ ‬الإسلام‭ ‬ذاته‭.‬

قوى‭ ‬الجهل‭ ‬والعنصرية‭ ‬والتخلف‭ ‬الحضاري‭ ‬تتكالب‭ ‬اليوم‭ ‬على‭ ‬الإسلام‭ ‬وأمة‭ ‬الإسلام‭ ‬وتريد‭ ‬أن‭ ‬تفرض‭ ‬عليها‭ ‬الحصار‭ ‬تحت‭ ‬دعوى‭ ‬‮«‬الإرهاب‮»‬‭..  ‬تريد‭ ‬أن‭ ‬تنزع‭ ‬منها‭ ‬أي‭ ‬مصدر‭ ‬للقوة‭.‬

ما‭ ‬كان‭ ‬لهذه‭ ‬القوى‭ ‬أن‭ ‬تفعل‭ ‬ذلك‭ ‬لولا‭ ‬أنها‭ ‬تدرك‭ ‬القوة‭ ‬الرهيبة‭ ‬الكامنة‭ ‬في‭ ‬الإسلام،‭ ‬وفي‭ ‬أمة‭ ‬الإسلام‭.‬

والأمة‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬الهجمة‭ ‬الشرسة‭ ‬ليست‭ ‬يائسة‭ ‬ولا‭ ‬هي‭ ‬عاجزة‭.‬

كيف‭ ‬تكون‭ ‬يائسة‭ ‬أو‭ ‬عاجزة،‭ ‬ولها‭ ‬في‭ ‬محمد‭ ‬قدوة‭ ‬ومثل‭ ‬أعلى؟‭.. ‬كيف‭ ‬تكون‭ ‬يائسة‭ ‬أو‭ ‬عاجزة‭ ‬ولها‭ ‬في‭ ‬الإسلام‭ ‬حصن‭ ‬وملاذ‭ ‬ومأوى؟

نعم،‭ ‬الأمة‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬ضعف،‭ ‬لكنها‭ ‬صامدة‭ ‬وليس‭ ‬في‭ ‬نيتها‭ ‬الخنوع‭ ‬لقوى‭ ‬الإرهاب‭ ‬والبطش‭..  ‬والصمود‭ ‬سر‭ ‬من‭ ‬أسرار‭ ‬أمة‭ ‬محمد‭. ‬

يقول‭ ‬عباس‭ ‬محمود‭ ‬العقاد‭: ‬‮«‬صمود‭ ‬القوة‭ ‬الإسلامية‭ ‬في‭ ‬أحوال‭ ‬الضعف‭ ‬عجيب‭ ‬كانتصارها‭ ‬في‭ ‬أحوال‭ ‬الشدة‭ ‬والسطوة‮»‬‭.‬

قوى‭ ‬الإرهاب‭ ‬والبطش‭ ‬تستطيع‭ ‬أن‭ ‬تعتدي‭ ‬على‭ ‬دول‭.. ‬وتدمر‭.. ‬وتقتل‭ ‬أبرياء،‭ ‬لكنها‭ ‬لا‭ ‬تستطيع‭ ‬أن‭ ‬تنزع‭ ‬سلاح‭ ‬الصمود‭ ‬من‭ ‬أبناء‭ ‬الأمة‭.‬

يقول‭ ‬العقاد‭: ‬‮«‬مهما‭ ‬تكن‭ ‬السياسة‭ ‬فالعقيدة‭ ‬أثبت‭ ‬منها‭. ‬ومهما‭ ‬تكن‭ ‬الدولة‭ ‬فالأمة‭ ‬هي‭ ‬الباقية،‭ ‬وإذا‭ ‬بقي‭ ‬الإسلام‭ ‬والمؤمنون‭ ‬به‭ ‬على‭ ‬هدى‭ ‬وبصيرة‭ ‬فلا‭ ‬خطر‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬أقوياء‭ ‬اليوم‭ ‬ولا‭ ‬من‭ ‬أقوياء‭ ‬الغد‭ ‬المجهول‮»‬‭.‬

نعم،‭ ‬لا‭ ‬خوف‭ ‬على‭ ‬الإسلام‭ ‬ولا‭ ‬على‭ ‬أمة‭ ‬الإسلام‭ ‬من‭ ‬أقوياء‭ ‬وهمج‭ ‬اليوم‭ ‬والغد‭.‬

فيا‭ ‬رسول‭ ‬الله‭.. ‬يا‭ ‬درة‭ ‬الخلق،‭ ‬ويا‭ ‬أعظم‭ ‬من‭ ‬أنجبته‭ ‬البشرية‭.. ‬الأمة‭ ‬بخير‭.‬

اليوم،‭ ‬أمة‭ ‬محمد‭ ‬ليست‭ ‬أمة‭ ‬‮«‬غالبة‮»‬،‭ ‬لكنها‭ ‬أمة‭ ‬‮«‬صامدة‮»‬‭. ‬وغدا‭ ‬بإذن‭ ‬الله‭ ‬ستكون‭ ‬‮«‬غالبة‮»‬‭ ‬من‭ ‬جديد‭.‬

إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا