العدد : ١٧٠٨١ - السبت ٢٨ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٧ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٨١ - السبت ٢٨ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٧ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره

عصر الهمجية والانحطاط الكامل

هذا‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬المقالات‭ ‬التي‭ ‬نشرتها‭ ‬الصحافة‭ ‬الغربية‭ ‬مؤخرا‭.‬

المقال‭ ‬يلخص‭ ‬بشكل‭ ‬بليغ‭ ‬الحال‭ ‬الذي‭ ‬وصل‭ ‬إليه‭ ‬عالم‭ ‬اليوم‭. ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نتأمل‭ ‬ما‭ ‬جاء‭ ‬به‭ ‬جيدا‭.‬

المقال‭ ‬للكاتبة‭ ‬البريطانية‭ ‬نسرين‭ ‬مالك،‭ ‬ونشرته‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬الجارديان‮»‬‭ ‬البريطانية‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭ ‬‮«‬إرهاب‭ ‬جديد‭ ‬يبشر‭ ‬بعصر‭ ‬من‭ ‬الانحطاط‭ ‬الأخلاقي‭ ‬الكامل‮»‬‭.‬

الكاتبة‭ ‬تتوقف‭ ‬عند‭ ‬الاحتفاء‭ ‬الغريب‭ ‬من‭ ‬الكونجرس‭ ‬الأمريكي‭ ‬بنتنياهو‭ ‬وخطابه،‭ ‬واعتبرت‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الحدث‭ ‬يحمل‭ ‬معاني‭ ‬خطيرة‭ ‬كثيرة‭ ‬ويُعد‭ ‬‮«‬إيذانا‭ ‬

بمرحلة‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬فيها‭ ‬خطوطٌ‭ ‬حمراء‮»‬‭.‬

الكاتبة‭ ‬البريطانية‭ ‬تعتبر‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬التطور‭ ‬وما‭ ‬فعله‭ ‬الكونجرس‭ ‬وما‭ ‬يجري‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬هو‭ ‬تجسيد‭ ‬للعصر‭ ‬الذي‭ ‬نعيش‭ ‬فيه‭ ‬وما‭ ‬وصل‭ ‬إليه‭ ‬حال‭ ‬عالمنا‭ ‬اليوم‭.‬

وتوقفت‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭ ‬عند‭ ‬جوانب‭ ‬أربعة‭.‬

أولا‭: ‬تقول‭ ‬إن‭ ‬‮«‬محو‭ ‬إسرائيل‭ ‬المستمر‭ ‬للعائلات‭ ‬والمنازل‭ ‬والثقافة‭ ‬والبنية‭ ‬الأساسية‭ ‬للفلسطينيين‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬نهاية،‭ ‬بات‭ ‬جزءا‭ ‬من‭ ‬حياة‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬غزة‮»‬‭. ‬وتقول‭ ‬إن‭ ‬الحياة‭ ‬البشرية‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬لها‭ ‬قدسية‭ ‬ولم‭ ‬يعد‭ ‬هناك‭ ‬أي‭ ‬حائل‭ ‬دون‭ ‬إنهائها‭. ‬هذا‭ ‬بالضبط‭ ‬في‭ ‬تقدير‭ ‬الكاتبة‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬تعنيه‭ ‬الهمجية‭.‬

ثانيا‭: ‬إنه‭ ‬رغم‭ ‬هذا‭ ‬والهمجية‭ ‬التي‭ ‬نشهدها،‭ ‬فإن‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬وقرارات‭ ‬المحاكم‭ ‬الدولية‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬لها‭ ‬معنى‭ ‬ولا‭ ‬أحد‭ ‬يهتم‭ ‬بها‭ ‬ولم‭ ‬تعد‭ ‬تفيد‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬شيء‭.‬

تقول‭ ‬إن‭ ‬‮«‬قرارات‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬والجنائية‭ ‬الدولية‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬القواعد‭ ‬الهشّة‭ ‬للقانون‭ ‬الدولي‭ ‬والإنساني‭ ‬وإنفاذها،‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬تمثل‭ ‬أي‭ ‬أهمية‭ ‬تذكر‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬أهل‭ ‬غزة‭ ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬يدركون‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬وهم‭ ‬يحاولون‭ ‬تفادي‭ ‬القنابل،‭ ‬والبحث‭ ‬عن‭ ‬الطعام،‭ ‬واستخراج‭ ‬جثث‭ ‬قتلاهم‮»‬‭.‬

ثالثا‭: ‬نتيجة‭ ‬لكل‭ ‬هذا،‭ ‬تمعن‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬عدوانها‭ ‬وفي‭ ‬تحديها‭ ‬للعالم‭ ‬والقانون‭ ‬الدولي‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬رادع‭. ‬وتقول‭ ‬الكاتبة‭ ‬إن‭ ‬حلفاء‭ ‬إسرائيل‭ ‬بدورهم‭ ‬يدينون‭ ‬الأحكام‭ ‬القضائية،‭ ‬بل‭ ‬يقومون‭ ‬‮«‬بتشويه‭ ‬سمعة‭ ‬أعداد‭ ‬كبيرة‭ ‬ممن‭ ‬لا‭ ‬يرغبون‭ ‬سوى‭ ‬في‭ ‬وقف‭ ‬القتل‮»‬‭. ‬الرسالة‭ ‬التي‭ ‬يوجهونها‭ ‬من‭ ‬وراء‭ ‬هذا‭ ‬في‭ ‬رأي‭ ‬الكاتبة‭ ‬هي‭ ‬‮«‬تعوّدوا‭ ‬على‭ ‬ذلك‭!‬‮»‬،‭ ‬أي‭ ‬تعودوا‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الجرائم‭ ‬وعلى‭ ‬أن‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬وأحكام‭ ‬المحاكم‭ ‬الدولية‭ ‬ليس‭ ‬لها‭ ‬أي‭ ‬قيمة‭.. ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬عالم‭ ‬اليوم‭ ‬الذي‭ ‬يجب‭ ‬التعود‭ ‬عليه‭.‬

رابعا‭: ‬في‭ ‬المحصلة‭ ‬النهائية‭ ‬ونتيجة‭ ‬لكل‭ ‬ما‭ ‬سبق،‭ ‬فإن‭ ‬القناعة‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬ترسيخها‭ ‬مروعة‭ ‬وتتلخص‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬‮«‬هناك‭ ‬جماعات‭ ‬معينة‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬يمكن‭ ‬قتلها،‭ ‬وأن‭ ‬من‭ ‬المعقول‭ ‬والضروري‭ ‬أن‭ ‬يموتوا‭ ‬مقابل‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬نظام‭ ‬سياسي‭ ‬مبني‭ ‬على‭ ‬عدم‭ ‬المساواة‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬البشرية‮»‬‭.‬

وتضيف‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬أن‭ ‬استرخاص‭ ‬حياة‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬النحو‭ ‬وأنهم‭ ‬يستحقون‭ ‬القتل‭ ‬يعني‭ ‬فصل‭ ‬القانون‭ ‬والأخلاق‭ ‬إلى‭ ‬عالمين‭: ‬عالم‭ ‬يعيش‭ ‬فيه‭ ‬من‭ ‬يستحق‭ ‬الحرية‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬الجوع‭ ‬والخوف‭ ‬والاضطهاد،‭ ‬وعالم‭ ‬ثانٍ‭ ‬لبشر‭ ‬لا‭ ‬يستحقون‭ ‬أيًّا‭ ‬من‭ ‬هذا‮»‬‭.‬

هكذا‭ ‬كما‭ ‬نرى،‭ ‬لخصت‭ ‬الكاتبة‭ ‬البريطانية‭ ‬بشكل‭ ‬بليغ‭ ‬طبيعة‭ ‬العالم‭ ‬الذي‭ ‬نعيش‭ ‬فيه‭ ‬اليوم‭.. ‬عالم‭ ‬انحدر‭ ‬إلى‭ ‬هاوية‭ ‬سحيقة‭ ‬من‭ ‬الهمجية‭ ‬والانحطاط‭ ‬الكامل‭.. ‬عالم‭ ‬لا‭ ‬مكان‭ ‬فيه‭ ‬لقانون‭ ‬أو‭ ‬أي‭ ‬قيمة‭ ‬أو‭ ‬أخلاق‭ ‬إنسانية‭.. ‬عالم‭ ‬الكلمة‭ ‬فيه‭ ‬للهمج‭ ‬القتلة‭ ‬السفاحين،‭ ‬ولا‭ ‬أحد‭ ‬يردعهم‭.‬

هذا‭ ‬عالم‭ ‬سنعيش‭ ‬في‭ ‬ظله‭ ‬فترة‭ ‬طويلة‭ ‬قادمة‭. ‬ذلك‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يتغير‭ ‬إلا‭ ‬إذا‭ ‬حدث‭ ‬انقلابٌ‭ ‬في‭ ‬ميزان‭ ‬القوى‭ ‬العالمية،‭ ‬وانتهى‭ ‬عصر‭ ‬سيطرة‭ ‬الغرب‭ ‬على‭ ‬النظام‭ ‬العالمي‭.. ‬الغرب‭ ‬بكل‭ ‬قيمه‭ ‬الفاسدة‭ ‬وانحطاطه‭ ‬الأخلاقي‭ ‬وتدميره‭ ‬للعدالة‭ ‬ومؤسسات‭ ‬العدالة‭ ‬الدولية‭.. ‬سنعيش‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬هذا‭ ‬العالم‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬يقوم‭ ‬نظام‭ ‬عالمي‭ ‬جديد‭ ‬أكثر‭ ‬عدلا‭ ‬وإنسانية‭.‬

ويعني‭ ‬كل‭ ‬هذا،‭ ‬أن‭ ‬دول‭ ‬وشعوب‭ ‬العالم‭ ‬عليها‭ ‬أن‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬قوتها‭ ‬الذاتية‭ ‬وإرادتها‭ ‬الخاصة‭ ‬دفاعا‭ ‬عن‭ ‬مصالحها‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬انتظار‭ ‬أي‭ ‬إنصاف‭ ‬دولي‭.‬

إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا