العدد : ١٧٠٨٢ - الأحد ٢٩ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٨ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٨٢ - الأحد ٢٩ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٨ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

حان الوقت لعودة سوريا إلى محيطها العربي

بقلم: د. نبيل العسومي

الجمعة ١٧ مارس ٢٠٢٣ - 02:00

سوريا‭ ‬دولة‭ ‬عربية‭ ‬شقيقة‭ ‬ومهمة‭ ‬في‭ ‬منطقتنا‭ ‬العربية‭ ‬وعمود‭ ‬مهم‭ ‬من‭ ‬أعمدة‭ ‬القوة‭ ‬العربية‭ ‬فاستقرارها‭ ‬من‭ ‬استقرار‭ ‬وطننا‭ ‬العربي‭ ‬الكبير‭ ‬فإذا‭ ‬كانت‭ ‬أحداث‭ ‬الربيع‭ ‬العربي‭ ‬المشؤومة‭ ‬التي‭ ‬أصابت‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬العقد‭ ‬الثاني‭ ‬من‭ ‬الألفية‭ ‬الجديدة‭ ‬بفضل‭ ‬التآمر‭ ‬على‭ ‬أمتنا‭ ‬العربية‭ ‬الذي‭ ‬قادته‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬خلال‭ ‬حكم‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬الأسبق‭ ‬باراك‭ ‬أوباما‭ ‬ونفذته‭ ‬وزيرة‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكية‭ ‬آنذاك‭ ‬هيلاري‭ ‬كلينتون‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬القوى‭ ‬والجماعات‭ ‬الإسلامية‭ ‬لإسقاط‭ ‬بعض‭ ‬الأنظمة‭ ‬العربية‭ ‬المستقرة‭ ‬ومنها‭ ‬القطر‭ ‬السوري‭ ‬الشقيق‭ ‬قد‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬الاستقرار‭ ‬والفوضى‭ ‬حيث‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬بعض‭ ‬البلدان‭ ‬العربية‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬تبعياتها‭ ‬وتداعياتها‭ ‬إلى‭ ‬يوم‭ ‬الناس‭ ‬هذا‭ ‬مثل‭ ‬ليبيا‭ ‬واليمن‭ ‬وغيرها‭ ‬فإن‭ ‬سوريا‭ ‬لم‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬الفوضى‭ ‬فقط‭ ‬وإنما‭ ‬من‭ ‬تحول‭ ‬جزء‭ ‬مهم‭ ‬من‭ ‬الأراضي‭ ‬السورية‭ ‬إلى‭ ‬مرتع‭ ‬للجماعات‭ ‬الإسلامية‭ ‬المتطرفة‭ ‬التي‭ ‬سيطرت‭ ‬على‭ ‬مناطق‭ ‬شاسعة‭ ‬من‭ ‬سوريا‭ ‬تعيث‭ ‬فيها‭ ‬فسادا‭ ‬وتتحكم‭ ‬فيها‭ ‬كيفما‭ ‬تشاء‭ ‬تقتل‭ ‬الناس‭ ‬الأبرياء‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬وجه‭ ‬حق‭ ‬وتفتك‭ ‬بأعراض‭ ‬النساء‭ ‬مثل‭ ‬تنظيم‭ ‬داعش‭ ‬الإرهابي‭ ‬وجبهة‭ ‬النصرة‭ ‬وغيرها،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬احتلال‭ ‬تركيا‭ ‬لجزء‭ ‬مهم‭ ‬من‭ ‬الأراضي‭ ‬السورية‭ ‬في‭ ‬انتهاك‭ ‬صارخ‭ ‬للسيادة‭ ‬السورية‭ ‬ومخالفة‭ ‬صريحة‭ ‬للقانون‭ ‬الدولي‭ ‬وللأعراف‭ ‬التي‭ ‬تحترم‭ ‬سيادة‭ ‬الدول‭ ‬وتحرم‭ ‬انتهاك‭ ‬سيادتها‭ ‬بحجة‭ ‬محاربة‭ ‬الجماعات‭ ‬الكردية‭ ‬المعارضة‭ ‬الموجودة‭ ‬على‭ ‬الأراضي‭ ‬السورية‭.‬

على‭ ‬مدار‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬عقد‭ ‬من‭ ‬الزمان‭ ‬وسوريا‭ ‬الشقيقة‭ ‬تعاني‭ ‬انتهاكا‭ ‬لسيادتها‭ ‬ومن‭ ‬التدخلات‭ ‬الخارجية‭ ‬في‭ ‬شؤونها‭ ‬الداخلية‭ ‬حيث‭ ‬فقدت‭ ‬الدولة‭ ‬السورية‭ ‬سيطرتها‭ ‬على‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬المناطق‭ ‬والقرى‭ ‬والأرياف‭ ‬التي‭ ‬أصبحت‭ ‬ساحة‭ ‬لتصفية‭ ‬الحسابات‭ ‬بين‭ ‬مختلف‭ ‬الجهات‭ ‬والقوى‭ ‬الخارجية‭.‬

وعلى‭ ‬المستوى‭ ‬الشعبي‭ ‬اضطرت‭ ‬نسبة‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬المواطنين‭ ‬السوريين‭ ‬إلى‭ ‬الهجرة‭ ‬ومغادرة‭ ‬البلاد‭ ‬هربا‭ ‬من‭ ‬جحيم‭ ‬الحرب‭ ‬وغياب‭ ‬الأمن‭ ‬وتدني‭ ‬الخدمات‭ ‬متجهة‭ ‬نحو‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬حيث‭ ‬لاقى‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬منهم‭ ‬حتفهم‭ ‬في‭ ‬رحلات‭ ‬قوارب‭ ‬الموت‭ ‬ونحو‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬القريبة‭ ‬وتركيا‭ ‬ليعيشوا‭ ‬في‭ ‬مخيمات‭ ‬لا‭ ‬تتوفر‭ ‬فيها‭ ‬أبسط‭ ‬ضروريات‭ ‬العيش‭ ‬الإنساني‭ ‬يعانون‭ ‬من‭ ‬البرد‭ ‬وغياب‭ ‬الخدمات‭ ‬الأساسية‭.‬

وجاء‭ ‬الزلزال‭ ‬المدمر‭ ‬الذي‭ ‬ضرب‭ ‬سوريا‭ ‬وتركيا‭ ‬ليزيد‭ ‬الطين‭ ‬بِله‭ ‬كما‭ ‬يقال‭ ‬نتج‭ ‬عنه‭ ‬الدمار‭ ‬والخراب‭ ‬وخلف‭ ‬القتلى‭ ‬والمصابين‭ ‬بمئات‭ ‬الآلاف‭.‬

في‭ ‬ظل‭ ‬هذه‭ ‬الأوضاع‭ ‬الصعبة‭ ‬التي‭ ‬تعيشها‭ ‬الجمهورية‭ ‬العربية‭ ‬السورية‭ ‬فإننا‭ ‬نشاهد‭ ‬بوادر‭ ‬على‭ ‬ظهور‭ ‬بعض‭ ‬المؤشرات‭ ‬الإيجابية‭ ‬لعودة‭ ‬القطر‭ ‬السوري‭ ‬الشقيق‭ ‬إلى‭ ‬المجموعة‭ ‬العربية‭ ‬بعد‭ ‬انقطاع‭ ‬دام‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬عقد‭ ‬كما‭ ‬أسلفنا‭ ‬وأول‭ ‬هذه‭ ‬المؤشرات‭ ‬الزيارات‭ ‬التي‭ ‬قام‭ ‬بها‭ ‬الرئيس‭ ‬السوري‭ ‬بشار‭ ‬الأسد‭ ‬إلى‭ ‬سلطنة‭ ‬عمان‭ ‬ودولة‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭ ‬والحفاوة‭ ‬التي‭ ‬استقبل‭ ‬بها‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬القيادتين‭ ‬العمانية‭ ‬والإماراتية‭ ‬والاتصالات‭ ‬التي‭ ‬تلقاها‭ ‬الرئيس‭ ‬السوري‭ ‬من‭ ‬قادة‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬بعد‭ ‬الزلزال‭ ‬ومنها‭ ‬اتصال‭ ‬حضرة‭ ‬صاحب‭ ‬الجلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬المعظم‭ ‬ملك‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬وزيارة‭ ‬وزير‭ ‬خارجية‭ ‬جمهورية‭ ‬مصر‭ ‬العربية‭ ‬سامح‭ ‬شكري‭ ‬ولقائه‭ ‬الرئيس‭ ‬السوري‭ ‬في‭ ‬دمشق‭ ‬وكذلك‭ ‬زيارة‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الأردني‭ ‬أيمن‭ ‬الصفدي‭ ‬وتدفق‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية‭ ‬والمادية‭ ‬والعينية‭ ‬العربية‭ ‬التي‭ ‬انهالت‭ ‬على‭ ‬سوريا‭ ‬للوقوف‭ ‬إلى‭ ‬جانبها‭ ‬لتجاوز‭ ‬تداعيات‭ ‬هذه‭ ‬المحنة‭ ‬التي‭ ‬ألمت‭ ‬بها‭ ‬من‭ ‬جراء‭ ‬الزلزال‭ ‬المدمر‭ ‬الذي‭ ‬ضربها‭.‬

وعليه‭ ‬فإننا‭ ‬نعتقد‭ ‬بأنه‭ ‬قد‭ ‬حان‭ ‬الوقت‭ ‬لاتخاذ‭ ‬خطوات‭ ‬إضافية‭ ‬لعودة‭ ‬سوريا‭ ‬الشقيقة‭ ‬إلى‭ ‬محيطها‭ ‬العربي‭ ‬لتكون‭ ‬استكمالا‭ ‬لتلك‭ ‬الزيارات‭ ‬والمساعدات‭ ‬وأول‭ ‬هذه‭ ‬الخطوات‭ ‬عودة‭ ‬سوريا‭ ‬إلى‭ ‬الجامعة‭ ‬العربية‭ ‬لتحتل‭ ‬كرسيها‭ ‬الشاغر‭ ‬منذ‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬عشر‭ ‬سنوات‭ ‬وعودة‭ ‬ما‭ ‬تبقى‭ ‬من‭ ‬السفراء‭ ‬العرب‭ ‬إلى‭ ‬دمشق‭ ‬وافتتاح‭ ‬السفارات‭ ‬لاستئناف‭ ‬عملها‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬وعودة‭ ‬الرحلات‭ ‬الجوية‭ ‬ودعم‭ ‬الجهود‭ ‬السورية‭ ‬لاستعادة‭ ‬هضبة‭ ‬الجولان‭ ‬السورية‭ ‬التي‭ ‬احتلتها‭ ‬إسرائيل‭ ‬عام‭ ‬1967‭ ‬وضمتها‭ ‬فيما‭ ‬بعد‭ ‬واعتراف‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬السابقة‭ ‬إدارة‭ ‬الرئيس‭ ‬السابق‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬بهذا‭ ‬الضم‭ ‬وزيادة‭ ‬التبادل‭ ‬التجاري‭ ‬مع‭ ‬سوريا‭ ‬لزيادة‭ ‬الدخل‭ ‬القومي‭ ‬السوري‭ ‬لتتجاوز‭ ‬تداعيات‭ ‬الأزمة‭ ‬المالية‭ ‬الاقتصادية‭ ‬التي‭ ‬يعاني‭ ‬منها‭ ‬الاقتصاد‭ ‬السوري‭.‬

نحن‭ ‬كعرب‭ ‬في‭ ‬حاجة‭ ‬إلى‭ ‬سوريا‭ ‬مثلما‭ ‬سوريا‭ ‬في‭ ‬حاجة‭ ‬إلينا‭ ‬خصوصا‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الظروف‭ ‬الصعبة‭ ‬والعصيبة‭ ‬التي‭ ‬يمر‭ ‬بها‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الصراعات‭ ‬والخلاف‭ ‬والحروب‭ ‬ما‭ ‬يستدعي‭ ‬لمّ‭ ‬الشمل‭ ‬العربي‭ ‬وتقوية‭ ‬الجبهة‭ ‬العربية‭ ‬وتوحيدها‭ ‬للصمود‭ ‬أمام‭ ‬التهديدات‭ ‬الخطيرة‭ ‬التي‭ ‬تتعرض‭ ‬لها‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬لتكون‭ ‬مقدمة‭ ‬لحل‭ ‬الخلافات‭ ‬العربية‭ ‬العربية‭ ‬ومساعدة‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬التي‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬الفوضى‭ ‬على‭ ‬تجاوز‭ ‬خلافاتها‭ ‬والجلوس‭ ‬إلى‭ ‬طاولة‭ ‬المفاوضات‭ ‬للخروج‭ ‬من‭ ‬النفق‭ ‬المظلم‭ ‬الذي‭ ‬دخلت‭ ‬فيه‭  ‬ليعم‭ ‬السلام‭ ‬منطقتنا‭ ‬العربية‭ ‬التي‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬حالة‭ ‬عدم‭ ‬استقرار‭ ‬منذ‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ثلاثة‭ ‬عقود‭ ‬والبدء‭ ‬في‭ ‬إعادة‭ ‬البناء‭ ‬تمهيدا‭ ‬لانطلاق‭ ‬قطار‭ ‬التنمية‭ ‬العربي‭ ‬المتوقف‭ ‬ليواصل‭ ‬مسيرته‭ ‬لتحقيق‭ ‬أمال‭ ‬وتطلعات‭ ‬الشعوب‭ ‬العربية‭ ‬التي‭ ‬عانت‭ ‬طويلا‭ ‬من‭ ‬الصراعات‭ ‬والخلافات‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا