العدد : ١٧٠٨٢ - الأحد ٢٩ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٨ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٨٢ - الأحد ٢٩ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٨ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

مأزق عملاء إيران في المنطقة العربية!

بقلم: فاروق يوسف

الجمعة ١٠ مارس ٢٠٢٣ - 02:00

أن‭ ‬تعاني‭ ‬شعوب‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬التحقت‭ ‬بالمعسكر‭ ‬الإيراني‭ ‬من‭ ‬تدهور‭ ‬أوضاعها‭ ‬المعيشية‭ ‬فإن‭ ‬السر‭ ‬يكمن‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬تلك‭ ‬الدول‭ ‬كانت‭ ‬قد‭ ‬وظفت‭ ‬ثرواتها‭ ‬في‭ ‬خدمة‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الإيراني‭ ‬مخافة‭ ‬أن‭ ‬ينهار‭ ‬فيسقط‭ ‬تلقائيا‭ ‬نظام‭ ‬الولي‭ ‬الفقيه‭.‬

تلك‭ ‬معادلة‭ ‬لم‭ ‬ينج‭ ‬منها‭ ‬أحد‭ ‬من‭ ‬الضالعين‭ ‬في‭ ‬المشروع‭ ‬التوسعي‭ ‬الإيراني‭ ‬القائم‭ ‬على‭ ‬إلغاء‭ ‬حق‭ ‬شعوب‭ ‬المنطقة‭ ‬في‭ ‬الامتزاج‭ ‬بالعالم‭ ‬من‭ ‬منطلق‭ ‬المعاصرة‭.‬

إن‭ ‬المنطلقات‭ ‬النظرية‭ ‬للنظام‭ ‬الإيراني‭ ‬والتي‭ ‬تشكل‭ ‬العمود‭ ‬الفقري‭ ‬للبنية‭ ‬العقائدية‭ ‬للأحزاب‭ ‬والجماعات‭ ‬الموالية‭ ‬له‭ ‬لا‭ ‬تسمح‭ ‬بالانفتاح‭ ‬على‭ ‬العالم‭ ‬إلا‭ ‬بقدر‭ ‬نفعي‭ ‬ضيق،‭ ‬يقع‭ ‬في‭ ‬مجمله‭ ‬في‭ ‬الجانب‭ ‬الاستهلاكي‭ ‬الذي‭ ‬يشمل‭ ‬بشكل‭ ‬أساس‭ ‬الصناعة‭ ‬العسكرية‭ ‬التي‭ ‬تلتهم‭ ‬الجزء‭ ‬الأكبر‭ ‬من‭ ‬ثروات‭ ‬البلاد‭. ‬فليس‭ ‬للثقافة‭ ‬الحرة‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬حيز‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬العالم‭ ‬باعتباره‭ ‬خزانة‭ ‬للجهد‭ ‬المعرفي‭ ‬وليس‭ ‬مجرد‭ ‬آلة‭ ‬لإنتاج‭ ‬بضائع‭ ‬تذهب‭ ‬إلى‭ ‬الزوال‭ ‬بمجرد‭ ‬استهلاكها‭.‬

إن‭ ‬أنظمة‭ ‬تعتبر‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬مثالها‭ ‬وقدوتها‭ ‬ولا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬تحذو‭ ‬حذوه‭ ‬في‭ ‬الاستخفاف‭ ‬بحياة‭ ‬الشعوب‭ ‬التي‭ ‬قُدّر‭ ‬لها‭ ‬أن‭ ‬تقع‭ ‬تحت‭ ‬هيمنتها‭. ‬فإذا‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬أحوال‭ ‬تلك‭ ‬الشعوب‭ ‬أسوأ‭ ‬من‭ ‬أحوال‭ ‬الشعوب‭ ‬الإيرانية‭ ‬فهي‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬السوء‭ ‬شبيهة‭ ‬بها‭. ‬وليس‭ ‬ضروريا‭ ‬أن‭ ‬يطلع‭ ‬العراقي‭ ‬أو‭ ‬اللبناني‭ ‬أو‭ ‬السوري‭ ‬أو‭ ‬اليمني‭ ‬على‭ ‬أحوال‭ ‬الشعوب‭ ‬الإيرانية‭ ‬ليكون‭ ‬على‭ ‬بينة‭ ‬من‭ ‬تردّيها‭. ‬يكفيه‭ ‬أن‭ ‬يلتفت‭ ‬إلى‭ ‬أحواله‭ ‬ليُصدم‭ ‬بقوة‭ ‬التخلف‭ ‬الذي‭ ‬صار‭ ‬مقياسا‭ ‬للحياة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الهيمنة‭ ‬السياسية‭ ‬لعمائم‭ ‬ملالي‭ ‬إيران‭.‬

بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬إيران‭ ‬وأتباعها‭ ‬ليس‭ ‬للحكم‭ ‬من‭ ‬فلسفة‭ ‬يمكن‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬تنظيم‭ ‬علاقة‭ ‬حسنة‭ ‬بالعالم‭. ‬ذلك‭ ‬لأن‭ ‬العالم‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬عدوا‭ ‬ليتحقق‭ ‬النظام‭ ‬السياسي‭ ‬من‭ ‬سلامة‭ ‬توجهاته‭ ‬القائمة‭ ‬على‭ ‬مبادئ‭ ‬الموت‭ ‬الذي‭ ‬يهديه‭ ‬إلى‭ ‬الشعوب‭ ‬مغلفا‭ ‬بغطاء‭ ‬الشهادة‭ ‬دفاعا‭ ‬عن‭ ‬القضية‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬في‭ ‬حقيقتها‭ ‬كذبة‭ ‬يحافظ‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬النظام‭ ‬على‭ ‬بقائه‭.‬

وما‭ ‬الموت‭ ‬البطيء‭ ‬الذي‭ ‬يعيشه‭ ‬الفقراء‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬المقاومة‭ ‬إلا‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬جرعات‭ ‬الزوال‭ ‬النهائي‭. ‬وليس‭ ‬أمامهم‭ ‬أمل‭ ‬في‭ ‬الارتقاء‭ ‬بسبل‭ ‬العيش‭ ‬إلا‭ ‬إذا‭ ‬تحرّروا‭ ‬من‭ ‬عقدة‭ ‬الولاء‭ ‬العقائدي‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يمتّ‭ ‬بصلة‭ ‬إلى‭ ‬طريقة‭ ‬التفكير‭ ‬الحر‭ ‬بكل‭ ‬معطياتها‭ ‬الإنسانية‭. ‬فذلك‭ ‬الولاء‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬يعمي‭ ‬البصيرة‭ ‬عن‭ ‬رؤية‭ ‬الحقيقة‭ ‬التي‭ ‬تضع‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬مكانه‭ ‬الحقيقي‭ ‬وتبعد‭ ‬عنه‭ ‬صفة‭ ‬العدو‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬معنى‭ ‬لها‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬خيال‭ ‬فقهاء‭ ‬الظلام‭ ‬في‭ ‬إيران‭.‬

ما‭ ‬يحدث‭ ‬للاقتصاد‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬تقع‭ ‬تحت‭ ‬الهيمنة‭ ‬الإيرانية‭ ‬يتشابه‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مظاهره‭ ‬ونتائجه‭. ‬تنهار‭ ‬العملة‭ ‬الوطنية‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬العملات‭ ‬الصعبة‭ ‬فتتردّى‭ ‬الأوضاع‭ ‬المعيشية‭ ‬نتيجة‭ ‬للتضخم‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يفتح‭ ‬الباب‭ ‬على‭ ‬مصراعيه‭ ‬للفقر‭.‬

وإفقار‭ ‬الشعوب‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬المحيطة‭ ‬بإيران‭ ‬هو‭ ‬هدف‭ ‬مرسوم‭ ‬على‭ ‬خارطة‭ ‬العقل‭ ‬السياسي‭ ‬الإيراني،‭ ‬من‭ ‬غيره‭ ‬يشعر‭ ‬الناس‭ ‬العاديين‭ ‬في‭ ‬إيران‭ ‬بحجم‭ ‬الهوة‭ ‬التي‭ ‬أوقعهم‭ ‬نظام‭ ‬آيات‭ ‬الله‭ ‬فيها‭. ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬العراقيون‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬فقراء‭ ‬ليتساووا‭ ‬مع‭ ‬إخوتهم‭ ‬في‭ ‬المذهب‭ ‬في‭ ‬إيران‭.‬

ولأن‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬حرب‭ ‬دائمة‭ ‬مع‭ ‬العالم‭ ‬فإن‭ ‬تلك‭ ‬الحرب‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تشمل‭ ‬كل‭ ‬أرض‭ ‬تطأها‭ ‬أقدام‭ ‬مقاتليها‭ ‬المقاومين‭. ‬فالمقاومة‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬التفكير‭ ‬الإيراني‭ ‬هي‭ ‬تجسيد‭ ‬لتبني‭ ‬مبدأ‭ ‬العداء‭ ‬للعالم‭ ‬الذي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يخضع‭ ‬صاغرا‭ ‬لشروط‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬امتلاك‭ ‬السلاح‭ ‬النووي‭ ‬الذي‭ ‬سيكون‭ ‬في‭ ‬أيدي‭ ‬صبيان‭ ‬الولي‭ ‬الفقيه‭ ‬ورجال‭ ‬عصاباته،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬على‭ ‬العالم‭ ‬بكل‭ ‬إنجازاته‭ ‬الحضارية‭ ‬أن‭ ‬يرضخ‭ ‬للخطر‭ ‬الإيراني‭ ‬الذي‭ ‬سيجلب‭ ‬الفناء‭ ‬الشامل‭ ‬في‭ ‬أيّ‭ ‬لحظة‭ ‬سهو‭ ‬كما‭ ‬حدث‭ ‬للطائرة‭ ‬المدنية‭ ‬الأوكرانية‭ ‬التي‭ ‬أسقطها‭ ‬سلاح‭ ‬المدفعية‭ ‬التابع‭ ‬للحرس‭ ‬الثوري‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬تقول‭ ‬إيران‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬حدث‭ ‬خطأً‭.‬

ليس‭ ‬لدى‭ ‬إيران‭ ‬برنامج‭ ‬سوى‭ ‬برنامج‭ ‬الموت‭ ‬الذي‭ ‬يبدأ‭ ‬بكراهية‭ ‬الآخرين‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬التفكير‭ ‬في‭ ‬قتلهم‭ ‬الذي‭ ‬سيؤدي‭ ‬بالضرورة‭ ‬إلى‭ ‬ردهم‭ ‬دفاعا‭ ‬عن‭ ‬أنفسهم‭.‬

وهكذا‭ ‬تكون‭ ‬العقيدة‭ ‬الإيرانية‭ ‬المنتشرة‭ ‬كالوباء‭ ‬بين‭ ‬صفوف‭ ‬أفراد‭ ‬المليشيات‭ ‬المنتشرة‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬المبتلاة‭ ‬بالهيمنة‭ ‬الإيرانية‭ ‬هي‭ ‬الدرب‭ ‬الذي‭ ‬يقود‭ ‬إلى‭ ‬الموت‭ ‬وذلك‭ ‬ما‭ ‬يتبناه‭ ‬‮«‬حزب‭ ‬الله‮»‬‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ ‬والمليشيات‭ ‬العراقية‭ ‬والأفغانية‭ ‬والباكستانية‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬والحوثيون‭ ‬في‭ ‬اليمن‭.‬

وحين‭ ‬توصف‭ ‬تلك‭ ‬الجماعات‭ ‬بالتخلف‭ ‬فلأنها‭ ‬لا‭ ‬تقوى‭ ‬على‭ ‬الاقتراب‭ ‬من‭ ‬مشكلاتها‭ ‬المعقدة‭ ‬إلا‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬العنف‭ ‬الذي‭ ‬تمارسه‭ ‬ضد‭ ‬الآخرين‭. ‬ولأنها‭ ‬مطمئنة‭ ‬إلى‭ ‬التواطؤ‭ ‬الغربي‭ ‬المؤقت‭ ‬فإنها‭ ‬تعيث‭ ‬في‭ ‬الأرض‭ ‬فسادا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تعلن‭ ‬الساعة‭ ‬الغربية‭ ‬عن‭ ‬نهاية‭ ‬الهدنة‭ ‬مثلما‭ ‬حدث‭ ‬مع‭ ‬تنظيم‭ ‬القاعدة‭ ‬والجماعات‭ ‬التي‭ ‬انبثقت‭ ‬منه‭.‬

{ كاتب‭ ‬عراقي

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا