العدد : ١٧١١٠ - الأحد ٢٦ يناير ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٦ رجب ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧١١٠ - الأحد ٢٦ يناير ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٦ رجب ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

ولاية «ترامب الثانية».. من الضغوط القصوى إلى التوسع الإقليمي

مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية

السبت ٢٥ يناير ٢٠٢٥ - 02:00

أشار‭ ‬‮«‬رافي‭ ‬أجراوال‮»‬،‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬‮«‬فورين‭ ‬بوليسي‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬تأثير‭ ‬إعادة‭ ‬انتخاب‭ ‬‮«‬دونالد‭ ‬ترامب‮»‬‭ ‬رئيسًا‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬وأن‭ ‬ذلك‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬بروز‭ ‬‮«‬عالم‭ ‬أكثر‭ ‬براجماتية‮»‬،‭ ‬حيث‭ ‬يُتوقع‭ ‬أن‭ ‬تستفيد‭ ‬الدول‭ ‬والشركات‭ ‬ذات‭ ‬النفوذ‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬الأطراف‭ ‬الأخرى‭. ‬وأشار‭ ‬‮«‬يائير‭ ‬روزنبيرغ‮»‬،‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬‮«‬ذي‭ ‬أتلانتيك‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬البراجماتية‭ ‬مثلت‭ ‬‮«‬السلاح‭ ‬السري‮»‬‭ ‬للحزب‭ ‬الجمهوري‭ ‬في‭ ‬توحيد‭ ‬التيارات‭ ‬الداخلية،‭ ‬وتوفير‭ ‬‮«‬مرونة‭ ‬ملحوظة‮»‬‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية،‭ ‬وخاصة‭ ‬تجاه‭ ‬منافسي‭ ‬واشنطن‭. ‬في‭ ‬حين‭ ‬تساءل‭ ‬‮«‬ستيفن‭ ‬والت‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬جامعة‭ ‬هارفارد‮»‬،‭ ‬عن‭ ‬مدى‭ ‬اقتناع‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬‭ ‬وأنصاره‭ ‬بقدرتهم‭ ‬على‭ ‬‮«‬ترهيب‭ ‬العالم‭ ‬بأسره‮»‬،‭ ‬لتحقيق‭ ‬مصالحهم‭ ‬ومصالح‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭.‬

وخلال‭ ‬الانتخابات‭ ‬الرئاسية‭ ‬لعام‭ ‬2024،‭ ‬وفترة‭ ‬الانتقال‭ ‬اللاحقة‭ ‬بين‭ ‬الإدارة‭ ‬الديمقراطية‭ ‬والجمهورية،‭ ‬وجه العديد‭ ‬من‭ ‬التهديدات‭ ‬ضد‭ ‬دول‭ ‬حول‭ ‬العالم‭ -‬سواء‭ ‬أكانت‭ ‬خصومًا‭ ‬أو‭ ‬حلفاء‭ ‬لواشنطن‭- ‬من‭ ‬بينها‭ ‬فرض‭ ‬رسوم‭ ‬جمركية‭ ‬بنسبة‭ ‬100%‭ ‬على‭ ‬الدول‭ ‬أعضاء‭ ‬مجموعة‭ ‬‮«‬البريكس‮»‬؛‭ ‬حال‭ ‬أصدرت‭ ‬عملة‭ ‬دولية‭ ‬منافسة‭ ‬للدولار‭. ‬وقبيل‭ ‬تنصيبه‭ ‬الثاني‭ ‬في‭ ‬20‭ ‬يناير‭ ‬2025‭ ‬زاد‭ ‬من‭ ‬تركيزه‭ ‬على‭ ‬التوسع‭ ‬الجغرافي‭ ‬للأراضي‭ ‬الأمريكية،‭ ‬مستهدفًا‭ ‬تعزيز‭ ‬نفوذ‭ ‬واشنطن‭ ‬على‭ ‬جزيرة‭ ‬‮«‬جرينلاند‮»‬،‭ ‬والسعي‭ ‬لاستعادة‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬حركة‭ ‬الشحن‭ ‬عبر‭ ‬قناة‭ ‬‮«‬بنما‮»‬،‭ ‬كما‭ ‬أثار‭ ‬الجدل‭ ‬بتصريحه‭ ‬حول‭ ‬إمكانية‭ ‬إجبار‭ ‬كندا‭ ‬على‭ ‬الانضمام‭ ‬إلى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬كولاية‭ ‬رقم‭ ‬51‭.‬

وبالرغم‭ ‬من‭ ‬رفض‭ ‬هذه‭ ‬الادعاءات‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬محللي‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬والأكاديميين‭ ‬فإن‭ ‬حقيقة‭ ‬تلميحه‭ ‬باحتمالية‭ ‬استخدام‭ ‬القوة‭ ‬العسكرية‭ ‬للسيطرة‭ ‬على‭ ‬مواقع‭ ‬جيواستراتيجية‭ ‬وجيواقتصادية‭ ‬رئيسية،‭ ‬تحت‭ ‬سيادة‭ ‬الدول‭ ‬المتحالفة؛‭ ‬تسببت‭ ‬في‭ ‬إثارة‭ ‬قدر‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬القلق،‭ ‬بشأن‭ ‬نواياه‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الأربع‭ ‬المقبلة‭. ‬ورأى‭ ‬‮«‬ستيوارت‭ ‬باتريك‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬مؤسسة‭ ‬كارنيغي‭ ‬للسلام‭ ‬الدولي‮»‬،‭ ‬في‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬التهديدات‭ ‬أنها‭ ‬‮«‬عودة‭ ‬إلى‭ ‬سياسة‭ ‬خارجية‭ ‬أمريكية‭ ‬قديمة‭ ‬مضللة»؛‭ ‬ستُفضي‭ ‬إلى‭ ‬مآلات‭ ‬‮«‬عكسية‭ ‬للسياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكية‭ ‬والنظام‭ ‬العالمي‮»‬‭.‬

وفي‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬الذي‭ ‬شهد‭ ‬‮«‬تحولات‭ ‬جذرية‮»‬‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الأربع‭ ‬الماضية،‭ ‬بات‭ ‬المشهد‭ ‬مختلفًا‭ ‬تمامًا‭ ‬عما‭ ‬كان‭ ‬عليه‭ ‬عند‭ ‬مغادرة‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2021‭. ‬ووفقًا‭ ‬لـ«معهد‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‮»‬‭ ‬فإن‭ ‬عودة‭ ‬الإدارة‭ ‬الجمهورية،‭ ‬العازمة‭ ‬على‭ ‬استخدام‭ ‬التهديد‭ ‬بالقوة‭ ‬العسكرية‭ ‬لإخضاع‭ ‬خصومها،‭ ‬تزيد‭ ‬من‭ ‬احتمالات‭ ‬اندلاع‭ ‬الصراعات‭. ‬وتتفاقم‭ ‬هذه‭ ‬المخاطر‭ ‬مع‭ ‬وجود‭ ‬حكومة‭ ‬إسرائيلية‭ ‬متطرفة‭ ‬ومتهورة،‭ ‬تسعى‭ ‬لاستغلال‭ ‬دعم‭ ‬واشنطن‭ ‬القوي‭ ‬لضم‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬وفرض‭ ‬سيطرتها‭ ‬العسكرية‭ ‬الكاملة‭.‬

وتعد‭ ‬تطلعات‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬‭ ‬لتوسيع‭ ‬السيطرة‭ ‬الإقليمية‭ ‬المباشرة‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬على‭ ‬أجزاء‭ ‬من‭ ‬أمريكا‭ ‬الشمالية‭ ‬خارج‭ ‬حدودها‭ ‬التقليدية‭ ‬ليست‭ ‬فكرة‭ ‬جديدة،‭ ‬سواء‭ ‬لإدارته‭ ‬المقبلة‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬التاريخ‭ ‬الأمريكي‭ ‬الحديث‭. ‬وسبق‭ ‬وأعرب‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬عن‭ ‬رغبته‭ ‬في‭ ‬ضم‭ ‬‮«‬جزيرة‭ ‬جرينلاند‮»‬‭ -‬الإقليم‭ ‬المستقل‭ ‬التابع‭ ‬لدولة‭ ‬الدنمارك‭ ‬العضو‭ ‬في‭ ‬حلف‭ ‬شمال‭ ‬الأطلسي‭- ‬في‭ ‬عام‭ ‬2019‭. ‬وتأتي‭ ‬هذه‭ ‬الخطوة‭ ‬رغم‭ ‬إشارة‭ ‬‮«‬باتريك‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬سوابق‭ ‬تاريخية‭ ‬رفضت‭ ‬فيها‭ ‬عروضا‭ ‬مماثلة‭ ‬لنقل‭ ‬السيادة‭ ‬على‭ ‬‮«‬جرينلاند‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬واشنطن‭ ‬في‭ ‬عامي‭ ‬1867‭ ‬و1946‭.‬

وفي‭ ‬تفسيره‭ ‬لدوافع‭ ‬‮«‬إدارة‭ ‬ترامب‮»‬‭ ‬الثانية‭ ‬للسعي‭ ‬لإغراء‭ ‬السلطات‭ ‬في‭ ‬‮«‬كوبنهاغن‮»‬‭ ‬بالتفاوض‭ ‬على‭ ‬بيع‭ ‬جزيرة‭ ‬جرينلاند،‭ ‬أشار‭ ‬‮«‬باتريك‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬يمثل‭ ‬‮«‬انعكاسًا‭ ‬لعمليات‭ ‬الشراء‭ ‬الإقليمية‭ ‬الأمريكية‮»‬‭ ‬لمناطق‭ ‬من‭ ‬القرون‭ ‬السابقة‭ ‬التي‭ ‬تعرضت‭ ‬في‭ ‬وقتها‭ ‬لانتقادات‭ ‬واسعة،‭ ‬لكنها‭ ‬أصبحت‭ ‬لاحقًا‭ ‬‮«‬صفقات‭ ‬استراتيجية‭ ‬هائلة‮»‬،‭ ‬مثل‭ ‬شراء‭ ‬ولاية‭ ‬‮«‬لويزيانا‮»‬‭ ‬من‭ ‬فرنسا‭ ‬في‭ ‬1803،‭ ‬و«ألاسكا‮»‬‭ ‬من‭ ‬روسيا‭ ‬في‭ ‬1867‭. ‬واستنادًا‭ ‬إلى‭ ‬نهجه‭ ‬التجاري‭ -‬أكثر‭ ‬من‭ ‬كونه‭ ‬مفاوضًا‭- ‬فبوسعه‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬صفقات‭ ‬ليس‭ ‬بمقدور‭ ‬الآخرين‭ ‬نيلها‭. ‬ورأى‭ ‬‮«‬هنري‭ ‬لي‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬كلية‭ ‬هارفارد‭ ‬كينيدي‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الإجراءات‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬تحسين‭ ‬‮«‬موقف‭ ‬ترامب‭ ‬التفاوضي‮»‬‭ ‬بشأن‭ ‬حقوق‭ ‬التعدين،‭ ‬وقد‭ ‬انتهج‭ ‬هذا‭ ‬المسار‭ ‬كونه‭ ‬‮«‬يُدرك‭ ‬أن‭ ‬تهديداته‭ ‬تأتي‭ ‬بنتائج‮»‬‭.‬

وعند‭ ‬تناول‭ ‬قضية‭ ‬إعادة‭ ‬فرض‭ ‬‮«‬الولايات‭ ‬المتحدة‮»‬‭ ‬سيطرتها‭ ‬العسكرية‭ ‬على‭ ‬قناة‭ ‬بنما،‭ ‬التي‭ ‬وصفها‭ ‬بأنها‭ ‬تفرض‭ ‬‮«‬رسومًا‭ ‬باهظة‮»‬‭ ‬على‭ ‬الشحن،‭ ‬وادعى‭ ‬أنها‭ ‬تحت‭ ‬تأثير‭ ‬الصين‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬تقديم‭ ‬أدلة‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬تهديده‭ ‬باستخدام‭ ‬‮«‬القوة‭ ‬الاقتصادية‮»‬،‭ ‬لدفع‭ ‬كندا‭ ‬للانضمام‭ ‬إلى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة؛‭ ‬شدد‭ ‬‮«‬باتريك‮»‬‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬يعكس‭ ‬‮«‬إصرار‭ ‬الجمهوريين‭ ‬على‭ ‬معاملة‭ ‬نصف‭ ‬الكرة‭ ‬الغربي‭ ‬كمجال‭ ‬نفوذ‭ ‬أمريكي‮»‬،‭ ‬موضحا‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬النهج،‭ ‬عند‭ ‬تحليله‭ ‬من‭ ‬منظور‭ ‬تاريخي‭ ‬للعلاقات‭ ‬الأمريكية‭ ‬مع‭ ‬جيرانها،‭ ‬يبدو‭ ‬‮«‬أقل‭ ‬انحرافًا‭ ‬عن‭ ‬التقليد‮»‬،‭ ‬وأكثر‭ ‬‮«‬عودة‭ ‬إلى‭ ‬القواعد‭ ‬المعتادة‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬اتبعتها‭ ‬واشنطن‭ ‬في‭ ‬القرنين‭ ‬التاسع‭ ‬عشر‭ ‬وأوائل‭ ‬القرن‭ ‬العشرين‭.‬

وفيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بتأثير‭ ‬هذه‭ ‬السياسات‭ ‬على‭ ‬النظام‭ ‬الجيوسياسي‭ ‬الدولي‭ ‬أشار‭ ‬‮«‬باتريك‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬المخاطر‭ ‬التي‭ ‬تنجم‭ ‬عن‭ ‬‮«‬طبع‭ ‬ترامب‭ ‬المتهور‭ ‬وأسلوبه‭ ‬المتقلب‮»‬‭. ‬وبعيدًا‭ ‬عن‭ ‬رغبته‭ ‬في‭ ‬ضم‭ ‬مناطق‭ ‬من‭ ‬أمريكا‭ ‬الشمالية‭ ‬يظل‭ ‬معروفًا‭ ‬بكراهيته‭ ‬للعولمة،‭ ‬والتعددية،‭ ‬والتحالفات‭ ‬المعقدة،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬رفضه‭ ‬الحروب‭ ‬والصراعات‭ ‬المستمرة،‭ ‬وهي‭ ‬المواقف‭ ‬التي‭ ‬تؤثر‭ ‬على‭ ‬التوازن‭ ‬والنفوذ‭ ‬بين‭ ‬‮«‬الدوائر‮»‬‭ ‬المتنافسة،‭ ‬ولا‭ ‬سيما‭ ‬بين‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والصين‭. ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬حذر‭ ‬الباحث‭ ‬من‭ ‬خطورة‭ ‬تفسير‭ ‬تصريحاته،‭ ‬باعتبارها‭ ‬تعكس‭ ‬‮«‬استراتيجية‭ ‬كبرى‭ ‬واضحة‭ ‬أو‭ ‬متماسكة‮»‬‭. ‬

وأشارت‭ ‬‮«‬راشيل‭ ‬ريزو‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬المجلس‭ ‬الأطلسي‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬سيرى‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬رئاسته‭ ‬الثانية‭ ‬‮«‬فرصة‭ ‬لإنهاء‭ ‬ما‭ ‬بدأه‭ ‬في‭ ‬المرة‭ ‬الأولى‮»‬،‭ ‬وكذلك‭ ‬إعادة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬نهج‭ ‬الحكم‭ ‬بالقبضة‭ ‬الحديدية‮»‬‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬الجيوسياسية‭. ‬وتهدف‭ ‬هذه‭ ‬السياسة‭ ‬إلى‭ ‬تصعيد‭ ‬التهديدات‭ ‬باستخدام‭ ‬القوة‭ ‬العسكرية‭ ‬ضد‭ ‬الدول‭ ‬الحليفة،‭ ‬بزعم‭ ‬تحسين‭ ‬الوضع‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬لواشنطن‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬منافسيها‭ ‬العالميين‭. ‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬أشار‭ ‬‮«‬دانيال‭ ‬فريد‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬المجلس‭ ‬الأطلسي‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬تمتلك‭ ‬بالفعل‭ ‬اتفاقية‭ ‬‮«‬تعاون‭ ‬دفاعي‭ ‬شاملة‮»‬‭ ‬مع‭ ‬الدنمارك،‭ ‬تشمل‭ ‬قواعد‭ ‬عسكرية‭ ‬وصاروخية‭ ‬أمريكية‭ ‬في‭ ‬‮«‬جرينلاند‮»‬،‭ ‬وهي‭ ‬اتفاقية‭ ‬تجاهلها‭ ‬ترامب‭ ‬تمامًا‭. ‬من‭ ‬جانبه،‭ ‬حذر‭ ‬‮«‬باتريك‮»‬‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬التهديدات‭ ‬ستؤدي‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬إضفاء‭ ‬الشرعية‭ ‬على‭ ‬جهود‭ ‬الصين،‭ ‬وروسيا،‭ ‬وربما‭ ‬قوى‭ ‬إقليمية‭ ‬أخرى،‭ ‬لتوسيع‭ ‬دوائر‭ ‬نفوذها‭ ‬في‭ ‬مناطقها‮»‬،‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬تقويض‭ ‬ميثاق‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬وإضعاف‭ ‬الأسس‭ ‬المتآكلة‭ ‬للنظام‭ ‬الدولي‮»‬‭.‬

ومن‭ ‬بين‭ ‬القوى‭ ‬الإقليمية‭ ‬المحتملة‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تستفيد‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬التحول‭ ‬إيران،‭ ‬حيث‭ ‬من‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬سياسة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬تجاهها‭ ‬تحت‭ ‬‮«‬إدارة‭ ‬ترامب‮»‬‭ ‬محور‭ ‬نقاش‭ ‬رئيسيا‭ ‬خلال‭ ‬الأسابيع‭ ‬والأشهر‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬ولايته‭ ‬الثانية‭. ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬دعا‭ ‬الأكاديميون‭ ‬الغربيون‭ ‬الإدارة‭ ‬الجمهورية‭ ‬القادمة‭ ‬إلى‭ ‬استغلال‭ ‬ما‭ ‬وصفوه‭ ‬بـ«فرصة‮»‬‭ ‬ضعف‭ ‬طهران‭ ‬لتحقيق‭ ‬‮«‬اختراق‮»‬‭ ‬في‭ ‬المفاوضات‭ ‬النووية،‭ ‬وفقًا‭ ‬لما‭ ‬ذكره‭ ‬‮«‬ريتشارد‭ ‬هاس‮»‬‭ ‬من‭ ‬مجلس‭ ‬العلاقات‭ ‬الخارجية‭.‬

من‭ ‬جانبه،‭ ‬أشار‭ ‬‮«‬سينا‭ ‬أزودي‮»‬،‭ ‬من‭ ‬جامعة‭ ‬‮«‬جورج‭ ‬واشنطن‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬ترامب‭ ‬هو‭ ‬الشخص‭ ‬الوحيد‭ ‬الذي‭ ‬‮«‬يمكنه‭ ‬الذهاب‭ ‬إلى‭ ‬طهران‮»‬‭ ‬لإبرام‭ ‬صفقة،‭ ‬ورغم‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬‮«‬مؤيدين‭ ‬لرؤيته‮»‬،‭ ‬في‭ ‬دائرة‭ ‬مستشاريه‭ ‬المقربين،‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬‮«‬الصقور‭ ‬الأيديولوجيين‮»‬‭ ‬في‭ ‬إشارة‭ ‬إلى‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬السابق‭ ‬مايك‭ ‬بومبيو،‭ ‬ومستشار‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬السابق‭ ‬جون‭ ‬بولتون‭- ‬فقد‭ ‬ظل‭ ‬حذرًا‭ ‬في‭ ‬تقديم‭ ‬أي‭ ‬مفاوضات‭ ‬جديدة‭ ‬بشأن‭ ‬البرنامج‭ ‬النووي‭ ‬الإيراني،‭ ‬مؤكدًا‭ ‬أن‭ ‬طهران‭ ‬المسلحة‭ ‬نوويًا‭ ‬هي‭ ‬‮«‬أكبر‭ ‬تهديد‭ ‬للعالم‮»‬،‭ ‬معلقًا‭ ‬أن‭ ‬حكومته‭ ‬‮«‬مستعدة‭ ‬للتأكد‭ ‬من‭ ‬أنها‭ ‬لن‭ ‬تمتلك‭ ‬سلاحًا‭ ‬نوويًا‮»‬‭.‬

كما‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬تمضي‭ ‬‮«‬إدارة‭ ‬ترامب‮»‬‭ ‬قُدمًا‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬توجهات‭ ‬حكومة‭ ‬‮«‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‮»‬‭ ‬اليمينية‭ ‬المتطرفة،‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالهجمات‭ ‬العسكرية‭ ‬على‭ ‬المنشآت‭ ‬النووية‭ ‬الإيرانية،‭ ‬بل‭ ‬أيضًا‭ ‬في‭ ‬مساعيها‭ ‬لضم‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المحتلة،‭ ‬وهو‭ ‬مجال‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬فيه‭ ‬الضغط‭ ‬الأمريكي‭ ‬فعالًا‭. ‬وبالفعل‭ ‬وجه‭ ‬تحذيرًا‭ ‬صريحًا،‭ ‬مفاده‭ ‬أنه‭ ‬سيكون‭ ‬‮«‬هناك‭ ‬جحيم‭ ‬يدفع‭ ‬ثمنه‮»‬‭ ‬الفلسطينيون‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬تطلق‭ ‬حماس‭ ‬سراح‭ ‬الرهائن‭ ‬المتبقين‭ ‬قبل‭ ‬تنصيبه‭.‬

‮ ‬وأشار‭ ‬‮«‬جوناثان‭ ‬بانيكوف‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬المجلس‭ ‬الأطلسي‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬التهديد‭ ‬يهدف‭ ‬إلى‭ ‬إقناع‭ ‬حماس‭ ‬بأن‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن‭ ‬المنتهية‭ ‬ولايتها‭ ‬قد‭ ‬تقدم‭ ‬صفقة‭ ‬أفضل،‭ ‬مقارنة‭ ‬بما‭ ‬قد‭ ‬تفرضه‭ ‬إدارة‭ ‬ترامب‭ ‬القادمة،‭ ‬ما‭ ‬يدفعها‭ ‬إلى‭ ‬التصرف‭ ‬سريعًا‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬يبقى‭ ‬التساؤل‭ ‬الأساسي‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬إجابة‭: ‬كيف‭ ‬ستتغير‭ ‬سياسة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬تجاه‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬بمجرد‭ ‬تسلم‭ ‬الإدارة‭ ‬الجديدة‭ ‬مقاليد‭ ‬الحكم‭ ‬في‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض؟

وكما‭ ‬أكد‭ ‬‮«‬فريد‮»‬،‭ ‬فإن‭ ‬تصريحاته‭ ‬بشأن‭ ‬‮«‬جرينلاند‮»‬،‭ ‬و«قناة‭ ‬بنما‮»‬،‭ ‬و«كندا‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬تحمل‭ ‬إشارات‭ ‬إلى‭ ‬احتمال‭ ‬ضم‭ ‬أراضٍ‭ ‬جديدة‭ ‬إلى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬قد‭ ‬تُثبت‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬أنها‭ ‬مجرد‭ ‬‮«‬ضجيج‭ ‬تكتيكي‮»‬‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬توجيه‭ ‬الرئيس‭ ‬العائد‭ ‬تهديدات‭ ‬اقتصادية،‭ ‬وسياسية،‭ ‬وعسكرية‭ ‬لعدة‭ ‬دول‭ ‬حول‭ ‬العالم‭ ‬قبل‭ ‬عودته‭ ‬إلى‭ ‬المكتب‭ ‬البيضاوي،‭ ‬يكشف‭ ‬عن‭ ‬‮«‬الجانب‭ ‬المظلم‭ ‬للقوة‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬وصفه‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬غير‭ ‬لائق‭ ‬بأي‭ ‬رئيس‭ ‬أمريكي‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬النهج‭ ‬الذي‭ ‬يجعل‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬تبدو‭ ‬‮«‬مجرد‭ ‬متنمر‭ ‬يسعى‭ ‬لفرض‭ ‬سيطرته‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬القوة‭ ‬والترهيب‮»‬‭.‬

وخلصت‭ ‬‮«‬جينيفر‭ ‬سبينس‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬جامعة‭ ‬هارفارد‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الاستقرار‭ ‬العالمي‭ ‬لن‭ ‬يُحافظ‭ ‬عليه‭ ‬إذا‭ ‬أصبح‭ ‬النظام‭ ‬القائم‭ ‬على‭ ‬القواعد‭ ‬أمرًا‭ ‬اختياريًا‮»‬‭. ‬وأشار‭ ‬‮«‬باتريك‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الاستراتيجية‭ ‬الأمريكية‭ ‬الأكثر‭ ‬عمقًا‭ ‬والمدفوعة‭ ‬بالأمل‮»‬‭ ‬قد‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬تكثيف‭ ‬إدارة‭ ‬ترامب‭ ‬الثانية‭ ‬للاهتمام‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬والاقتصادي‭ ‬بالنصف‭ ‬الغربي‭ ‬من‭ ‬الكرة‭ ‬الأرضية،‭ ‬مع‭ ‬التخلي‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته‭ ‬عن‭ ‬‮«‬فرضية‭ ‬الهيمنة‮»‬‭ ‬الضمنية‭ ‬على‭ ‬أمريكا‭ ‬اللاتينية،‭ ‬التي‭ ‬شكلت‭ ‬جوهر‭ ‬مبدأ‭ ‬مونرو‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬كما‭ ‬أشار‭ ‬‮«‬كريستيان‭ ‬فولسغارد‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬المجلس‭ ‬الأطلسي‮»‬؛‭ ‬فإن‭ ‬دافع‭ ‬ترامب‭ ‬في‭ ‬ممارسة‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكية‭ -‬تمامًا‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬فترته‭ ‬الأولى‭- ‬يبدو‭ ‬واضحًا‭ ‬وهو‭ ‬‮«‬تسوية‭ ‬الحسابات‭ ‬المعلقة‮»‬‭. ‬ويتضمن‭ ‬ذلك‭ ‬استعادة‭ ‬حملة‭ ‬‮«‬الضغوط‭ ‬القصوى‮»‬‭ ‬ضد‭ ‬إيران‭ ‬لإجبارها‭ ‬على‭ ‬التخلي‭ ‬عن‭ ‬برنامجها‭ ‬النووي،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬تقديم‭ ‬دعم‭ ‬واضح‭ ‬لضم‭ ‬إسرائيل‭ ‬كامل‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬والضفة‭ ‬الغربية‭ ‬والقدس‭ ‬الشرقية‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا