العدد : ١٧٠٨١ - السبت ٢٨ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٧ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٨١ - السبت ٢٨ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٧ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

الاسلامي

«طوفان الأقصى».. دروس في العزيمة والثبات والرد على الشبهات

بقلم: عبدالمنعم أديب*

الجمعة ١٢ يناير ٢٠٢٤ - 02:00

تتوالى‭ ‬الأيام‭ ‬والأحداث‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬فلسطين،‭ ‬عامًا‭ ‬بعد‭ ‬عام‭. ‬ويستدعي‭ ‬هذا‭ ‬التطور‭ ‬الدائم‭ ‬مزيدًا‭ ‬من‭ ‬النقاش‭ ‬بيننا،‭ ‬ومزيدًا‭ ‬من‭ ‬توضيح‭ ‬الحقائق‭. ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تأمل‭ ‬بعض‭ ‬النقاط‭ ‬التي‭ ‬يكثر‭ ‬الحديث‭ ‬عنها‭ ‬في‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الأوقات‭. ‬وسأدوِّن‭ ‬هذا‭ ‬بأسهل‭ ‬ما‭ ‬يمكنني‭ ‬من‭ ‬عبارة،‭ ‬وأبسط‭ ‬ما‭ ‬أصل‭ ‬إليه‭ ‬من‭ ‬تصور‭ ‬كي‭ ‬أشارك‭ ‬أوسع‭ ‬مدى‭ ‬ممكن‭ ‬من‭ ‬القراء‭ ‬الأفاضل‭. ‬ولا‭ ‬أخفي‭ ‬أحدًا‭ ‬سرًّا؛‭ ‬فإن‭ ‬ما‭ ‬نتداوله‭ ‬اليوم‭ ‬سويًّا‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬تفريجًا‭ ‬عن‭ ‬نفس‭ ‬صاحب‭ ‬السطور‭ ‬وهو‭ ‬يشاهد‭ ‬مع‭ ‬عشرات‭ ‬الملايين‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬‮«‬طوفان‭ ‬الأقصى‮»‬،‭ ‬وما‭ ‬تبعه‭ ‬من‭ ‬أحداث‭ ‬بدأت‭ ‬في‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023م‭.‬

فهذه‭ ‬بعض‭ ‬إجابات‭ ‬لبعض‭ ‬أسئلة‭ ‬شاعت‭ ‬أو‭ ‬ظواهر‭ ‬طفحت‭ ‬على‭ ‬سطح‭ ‬الأحداث،‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الفكر‭ ‬العربي‭. ‬وأول‭ ‬ما‭ ‬يستحق‭ ‬التوضيح،‭ ‬هو‭ ‬شرعية‭ ‬النقاش‭ ‬واستمرار‭ ‬التداول‭ ‬والتدارُس‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الأحداث؛‭ ‬فكلما‭ ‬جدَّ‭ ‬جديد‭ ‬واحتدمتْ‭ ‬الأحداث‭ ‬في‭ ‬فلسطين،‭ ‬وجدنا‭ ‬سائلًا‭ ‬يسأل‭: ‬أما‭ ‬سئِمتُم‭ ‬من‭ ‬النقاش؟‭ ‬أما‭ ‬آن‭ ‬لنا‭ ‬أن‭ ‬نعمل‭ ‬ونحرك‭ ‬الأحداث‭ ‬على‭ ‬الأرض؟‭.. ‬وهذه‭ ‬نقطة‭ ‬تستحق‭ ‬التوضيح‭ ‬حتى‭ ‬يكون‭ ‬الرد‭ ‬عليها‭ ‬مبسوطًا‭ ‬في‭ ‬أذهان‭ ‬الجميع‭.‬

بدايةً‭ ‬أوضح‭ ‬للسائل‭ ‬هذه‭ ‬النقاط‭ ‬بالترتيب‭: ‬لا‭ ‬تعارض‭ ‬بين‭ ‬العمل‭ ‬والنقاش،‭ ‬كي‭ ‬نتعجب‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬نناقش‭ ‬ولا‭ ‬نعمل‭. ‬فهذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬التساؤل‭ ‬عن‭ ‬جدوى‭ ‬النقاش‭ ‬الدائم‭ ‬والقعود‭ ‬عن‭ ‬العمل؛‭ ‬يُطرح‭ ‬على‭ ‬مَن‭ ‬في‭ ‬مقدوره‭ ‬العمل‭ ‬الآنيّ‭ ‬الحاليّ‭ ‬الفوريّ،‭ ‬لكنه‭ ‬يعزف‭ ‬عنه‭ ‬إلى‭ ‬نقاش‭ ‬في‭ ‬غير‭ ‬محلٍ‭.‬

سؤال‭ ‬جدوى‭ ‬النقاش‭ ‬يُطرح‭ ‬ويُثمَّن،‭ ‬ويزداد‭ ‬رسوخًا‭ ‬متى‭ ‬تصوَّرنا‭ ‬مشهد‭ ‬الوعي‭ ‬العربي‭ ‬والإسلامي‭ ‬تجاه‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬ثابتًا؛‭ ‬أقصد‭ ‬بذلك‭ ‬أن‭ ‬وعينا‭ (‬صورة‭ ‬المسألة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬في‭ ‬الذهن‭ ‬العربي‭) ‬مُوحَّد‭ - ‬إجمالً‭ - ‬مُتَّفَقٌ‭ ‬عليه،‭ ‬بلا‭ ‬خوفٍ‭ ‬من‭ ‬تبدُّل‭ ‬أو‭ ‬تزييف‭. ‬وأسأل‭: ‬هل‭ ‬هذه‭ ‬هي‭ ‬الحال‭ ‬الآن؟‭ ‬الإجابة‭ ‬واضحة‭: ‬لا‭. ‬فالساحة‭ ‬العربية‭ ‬تشهد‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬محاولات‭ ‬التزييف‭ ‬وتبديل‭ ‬الموقف‭ ‬كليَّةً‭ ‬تجاه‭ ‬القضية،‭ ‬وبثِّ‭ ‬رُوح‭ ‬اللامُبالاة‭ ‬في‭ ‬نفوس‭ ‬العرب‭ ‬تجاه‭ ‬فلسطين،‭ ‬بل‭ ‬بدأ‭ ‬تجريف‭ ‬الوعي‭ ‬يدخل‭ ‬حيوزًا‭ ‬غايةً‭ ‬في‭ ‬البشاعة؛‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬بثِّ‭ ‬رُوح‭ ‬الكراهية‭ ‬لفلسطين،‭ ‬والمناضلين‭ ‬عليها‭ ‬داخلها‭ ‬وخارجها‭. ‬وهذه‭ ‬المؤشرات‭ - ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬موجودةً‭ ‬دومًا،‭ ‬لكنها‭ ‬زادتْ‭ ‬بعنفوان‭ ‬ضاغط‭ ‬على‭ ‬الواقع‭ ‬العربي‭ - ‬أضافتْ‭ ‬معركة‭ ‬وعي،‭ ‬جوارَ‭ ‬معركة‭ ‬الأرض‭ ‬وقد‭ ‬بُذلتْ‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬إقحام‭ ‬هذه‭ ‬الدعاوى‭ ‬جهود‭ ‬سامة،‭ ‬تستدعي‭ ‬نقاشًا‭ ‬موسَّعًا،‭ ‬وتداولًا‭ ‬حقيقيًّا،‭ ‬وإبرازًا‭ ‬لوسائل‭ ‬الإقناع‭ ‬الناجحة‭ ‬في‭ ‬معركة‭ ‬الوعي‭ ‬فيما‭ ‬بيننا‭.‬

وأخيرًا،‭ ‬أنوِّه‭ ‬إلى‭ ‬ضرورة‭ ‬التداول‭ ‬المستمر‭ ‬لكافة‭ ‬قضايانا‭ ‬الفكرية‭ ‬المصيرية‭ ‬بيننا؛‭ ‬لأن‭ ‬أية‭ ‬أمة؛‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬إلا‭ ‬مجموع‭ ‬من‭ ‬‮«‬أجيال‭ ‬مُتداخلة‮»‬،‭ ‬كلُّ‭ ‬جيل‭ ‬يُعاشر‭ ‬ويحيا‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬سبقه‭ ‬من‭ ‬أجيال؛‭ ‬إلى‭ ‬أنْ‭ ‬يبقى‭ ‬هو‭ ‬نفسه‭ ‬الجيل‭ ‬الأكبر،‭ ‬ويعيش‭ ‬مع‭ ‬أجيال‭ ‬لاحقة‭ ‬به‭. ‬وكلُّ‭ ‬جيل‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬توضيح‭ ‬هذه‭ ‬القضايا‭ ‬له؛‭ ‬ليتصورها‭ ‬صورةً‭ ‬صحيحةً‭ ‬سويَّةً،‭ ‬وعليه‭ ‬يتصرف‭ ‬التصرف‭ ‬الصحيح‭. ‬فمتى‭ ‬كانت‭ ‬القضية‭ ‬مُتضِحةً‭ ‬لك؛‭ ‬فهي‭ ‬أقل‭ ‬وضوحًا‭ ‬عند‭ ‬الجيل‭ ‬الأصغر‭. ‬ولنفهمْ‭ ‬هذا‭ ‬ونستحضرْه‭ ‬دومًا‭. ‬ولا‭ ‬يعتبرنَّ‭ ‬بعضُ‭ ‬المُتحمسين‭ ‬أن‭ ‬النقاش‭ ‬إماتة‭ ‬للقضية‭ ‬وللتصرف،‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬إحياء‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬الحقيقة‭. ‬

‭- ‬ماذا‭ ‬يحدث؟‭ ‬وهل‭ ‬صحَّ‭ ‬تصرف‭ ‬الهجوم؟

وفي‭ ‬تناول‭ ‬ما‭ ‬حدث،‭ ‬منذ‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬أكتوبر؛‭ ‬وقع‭ ‬الكثيرون‭ ‬في‭ ‬عيب‭ ‬فكريّ؛‭ ‬هو‭ ‬‮«‬الجزئية‭ ‬في‭ ‬تناول‭ ‬المشهد‮»‬،‭ ‬فقد‭ ‬فصلوه‭ ‬عن‭ ‬السياق‭ ‬العام‭ ‬للأحداث،‭ ‬بلا‭ ‬مبرر‭ ‬واضح‭ ‬للفصل‭. ‬وتداولوا‭ ‬الاشتباك‭ ‬المبدوء‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬أهلنا،‭ ‬وكأنه‭ ‬ابتداء‭ ‬لحدث‭ ‬جديد‭! ‬وأخذوا‭ ‬يتباحثون‭ -‬تحت‭ ‬ضغط‭ ‬الجهود‭ ‬السامة‭ ‬التي‭ ‬أشرنا‭ ‬إليها‭ - ‬عن‭ ‬مدى‭ ‬شرعية‭ ‬ما‭ ‬حدث‭. ‬والحق‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬‮«‬طوفان‭ ‬الأقصى‮»‬‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬قبل‭ ‬‮«‬طوفان‭ ‬الأقصى»؛‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬منذ‭ ‬قرابة‭ ‬قرن‭ ‬من‭ ‬الزمان؛‭ ‬فنحن‭ ‬في‭ ‬‮«‬حالة‭ ‬حرب‮»‬‭ - ‬إذا‭ ‬لمْ‭ ‬تكن‭ ‬تعلم‭.‬

و«الحرب‮»‬‭ ‬ليست‭ ‬مُقاتَلَةً‭ ‬بين‭ ‬جانبين‭ - ‬أو‭ ‬أكثر‭ - ‬في‭ ‬وقت‭ ‬واحد،‭ ‬حتى‭ ‬يفنى‭ ‬أحدهما‭ ‬أو‭ ‬ينصاع‭ ‬لرغبة‭ ‬الغالب‭ ‬فحسب؛‭ ‬بل‭ ‬الحرب‭ -‬في‭ ‬حالات‭ ‬كثيرة‭ - ‬تكون‭ ‬حلقات‭ ‬وتسلسلات،‭ ‬بعضها‭ ‬بعد‭ ‬بعض؛‭ ‬تشهد‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬حلقات‭ ‬الهزيمة،‭ ‬وحلقات‭ ‬النصر؛‭ ‬وأيام‭ ‬العزة،‭ ‬وأيام‭ ‬العار؛‭ ‬والأبطال‭ ‬المُقدَّمين‭ ‬والمُتخاذلين‭. ‬فليست‭ ‬الحرب‭ ‬بهذا‭ ‬التصوُّر‭ ‬موقفًا‭ ‬واحدًا‭ ‬متى‭ ‬انتهى‭ ‬توقفتْ‭ ‬الحرب،‭ ‬ومَن‭ ‬قاتل‭ ‬بعدها‭ ‬فقد‭ ‬بدأ‭ ‬حدثًا‭ ‬بعد‭ ‬أنْ‭ ‬لم‭ ‬يكن‭. ‬وفي‭ ‬هذه‭ ‬الحالات‭ ‬من‭ ‬الحروب‭ ‬بين‭ ‬الأقوام‭ ‬المُتنازعة،‭ ‬ومع‭ ‬اختلاف‭ ‬ميزان‭ ‬القوى‭ ‬بين‭ ‬جانب‭ ‬يملك‭ ‬كل‭ ‬القوى‭ ‬وجانب‭ ‬لا‭ ‬يملك‭ ‬إلا‭ ‬ما‭ ‬يتوكل‭ ‬على‭ ‬الله‭ ‬به؛‭ ‬تُسمَّى‭ ‬الحال‭ ‬الحربية‭ ‬أو‭ ‬التحارُبيَّة‭ ‬‮«‬نضالًا»؛‭ ‬يُنافح‭ ‬فيه‭ ‬الجانبُ‭ ‬الأضعفُ‭ ‬الجانبَ‭ ‬الأقوى‭.‬

ومتى‭ ‬تمادينا‭ ‬وفكَّرنا‭ ‬جزئيًّا‭ ‬مع‭ ‬مَن‭ ‬يفكرون‭ ‬في‭ ‬مدى‭ ‬‮«‬شرعية‭ ‬ما‭ ‬حدث‮»‬‭ -‬وأنا‭ ‬هنا‭ ‬أنظر‭ ‬للقضية‭ ‬كلها‭ - ‬فلا‭ ‬أدري‭ ‬داعيًا‭ ‬يُخرجنا‭ ‬للقتال‭ ‬أقوى‭ ‬من‭ ‬يأتي‭ ‬من‭ ‬يسلبنا‭ ‬أرضنا،‭ ‬ومصادر‭ ‬ثروتنا‭ ‬عليها،‭ ‬ويضمُّ‭ ‬إليه‭ ‬أراضينا‭ ‬الزراعية،‭ ‬ثم‭ ‬يمُنُّ‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نعمل‭ ‬فيها‭ ‬أُجراء؛‭ ‬لتُنتج‭ ‬له‭ ‬قوتًا‭ ‬وثمراتٍ‭ ‬يتقوَّى‭ ‬بها‭ ‬على‭ ‬إكمال‭ ‬احتلالنا،‭ ‬أو‭ ‬يُصدِّرها‭ ‬ليكتسب‭ ‬ثروةً‭ ‬فوق‭ ‬ثروة‭ ‬رغم‭ ‬أنها‭ ‬أرضنا،‭ ‬وأقوامنا‭ ‬يقطنون‭ ‬عليها،‭ ‬ويمتلكونها‭ ‬حقًّا‭.‬

ثم‭ ‬متى‭ ‬ظهرنا‭ -‬نحن‭ ‬أصحاب‭ ‬هذه‭ ‬الأرض‭ - ‬التي‭ ‬ادعيتم‭ ‬أنها‭ ‬بلا‭ ‬شعب،‭ ‬وطالبنا‭ ‬بحقنا‭ ‬في‭ ‬أرضنا؛‭ ‬تحوَّل‭ ‬اليهود‭ ‬المحتلين‭ ‬إلى‭ ‬عصابات‭ ‬صهيونية،‭ ‬ترتكب‭ ‬مجزرةً‭ ‬بعد‭ ‬مجزرة‭ ‬لتقهرنا،‭ ‬وتُوسِّع‭ ‬من‭ ‬نطاق‭ ‬اغتصاب‭ ‬الأرض،‭ ‬ثم‭ ‬تُنشئ‭ ‬كيانًا‭ ‬سياسيًّا‭ ‬لها،‭ ‬وتُسمِّيه‭ ‬دولةً‭. ‬

وتتوالى‭ ‬الأعوام،‭ ‬ويتقدَّم‭ ‬الاحتلال‭ ‬في‭ ‬غرضه،‭ ‬ويُضيِّق‭ ‬رقعة‭ ‬الوجود‭ ‬علينا‭ - ‬نحن‭ ‬أصحاب‭ ‬الأرض‭-‬؛‭ ‬حتى‭ ‬ما‭ ‬بقي‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭ ‬إلا‭ ‬بضع‭ ‬كيلومترات‭ ‬هنا‭ ‬أو‭ ‬هناك‭. ‬والبقية‭ ‬محتلة،‭ ‬يعمل‭ ‬أهلها‭ ‬عند‭ ‬الاحتلال‭ ‬بأجر‭! ‬ويتداولون‭ ‬هذا‭ ‬الأجر‭ ‬بالعُملة‭ ‬الصهيونية‭ ‬التي‭ ‬أصدرها‭ ‬الاحتلال،‭ ‬الذي‭ ‬ينظر‭ ‬لبقية‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬على‭ ‬أنهم‭ ‬خدم‭ ‬له،‭ ‬أو‭ ‬مرحلة‭ ‬مع‭ ‬الزمن‭ ‬سيعبرها‭. ‬هذا،‭ ‬ويُضيِّق‭ ‬الصهاينة‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬جدًّا‭ ‬في‭ ‬الطعام‭ ‬والشراب‭ ‬والوظائف‭ ‬والمعايش‭.‬

وما‭ ‬يحدث‭ ‬اليومَ‭ ‬من‭ ‬مجريات‭ ‬فاحشة‭ ‬في‭ ‬العدوان‭ ‬والتقتيل؛‭ ‬مجرد‭ ‬استكمال‭ ‬تنفيذ‭ ‬الخطة‭. ‬والتي‭ ‬يتضح‭ ‬منها‭ ‬أن‭ ‬الهدف‭ ‬الرئيس‭ ‬هو‭ ‬محاولة‭ ‬دفع‭ ‬البقية‭ ‬إلى‭ ‬أرض‭ ‬عربية‭ ‬أخرى‭ ‬‮«‬سيناء‮»‬،‭ ‬بأي‭ ‬ثمن،‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬التمهيد‭ ‬لهذا‭ ‬في‭ ‬الحلقة‭ ‬القادمة‭ ‬من‭ ‬الصراع‭. ‬وهذا‭ ‬واضح‭ ‬من‭ ‬سيادة‭ ‬التفكير‭ ‬الحربي‭ ‬على‭ ‬التفكير‭ ‬السياسي‭ ‬طوال‭ ‬الأيام‭ ‬السابقة؛‭ ‬فإنهم‭ ‬مُصرُّون‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬أقصى‭ ‬إفادة‭ ‬على‭ ‬الأرض،‭ ‬بدفع‭ ‬أكبر‭ ‬عدد‭ ‬للرحيل؛‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬صورة‭ ‬الدولة‭ ‬الصهيونية‭ ‬في‭ ‬العالم‭.‬

المنافقون‭ ‬ودرس‭ ‬الامتحان‭ ‬والثبات

كنتُ‭ ‬في‭ ‬صغري‭ ‬أحب‭ ‬وأستلطف‭ ‬الآيات‭ ‬التي‭ ‬تتناول‭ ‬الكافرين‭ ‬صراحةً،‭ ‬أو‭ ‬المؤمنين‭ ‬صراحةً؛‭ ‬لكنني‭ ‬كنت‭ ‬غافلًا‭ ‬عن‭ ‬آيات‭ ‬كثيرة‭ ‬في‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم‭ ‬تتناول‭ ‬فئة‭ ‬المنافقين،‭ ‬كنت‭ ‬أعجب‭ ‬لِمَ‭ ‬بسط‭ ‬القرآن‭ ‬القول‭ ‬في‭ ‬المنافقين‭ ‬وفي‭ ‬صفة‭ ‬النفاق‭ ‬خاصةً،‭ ‬في‭ ‬أمة‭ ‬الإسلام‭ ‬وأمم‭ ‬سابقة‭. ‬لكنني‭ ‬حينما‭ ‬كبرت‭ ‬عرفت‭ ‬السبب‭ ‬واضحًا‭ ‬في‭ ‬دنياي‭. ‬وفي‭ ‬هذه‭ ‬المحنة‭ ‬نشهد‭ ‬الحكمة‭ ‬من‭ ‬آيات‭ ‬النفاق‭ ‬العديدة‭ ‬في‭ ‬القرآن؛‭ ‬فلا‭ ‬صوت‭ ‬يعلو‭ ‬فوق‭ ‬صوت‭ ‬النفاق‭ ‬الخبيث‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الاختبار‭.‬

كنت‭ ‬وأنا‭ ‬صغير‭ ‬أعجب؛‭ ‬لِمَ‭ ‬يدعو‭ ‬القرآنُ‭ ‬لإخراج‭ ‬هذه‭ ‬الفئة‭ ‬من‭ ‬القتال‭ ‬في‭ ‬أوقات‭ ‬اشتداد‭ ‬المحنة‭ ‬وأُزُوف‭ ‬القتال‭ ‬‮«‬لَوْ‭ ‬خَرَجُوا‭ ‬فِيكُم‭ ‬مَّا‭ ‬زَادُوكُمْ‭ ‬إِلَّا‭ ‬خَبَالًا‭ ‬وَلَأَوْضَعُوا‭ ‬خِلَالَكُمْ‭ ‬يَبْغُونَكُمُ‭ ‬الْفِتْنَةَ‭ ‬وَفِيكُمْ‭ ‬سَمَّاعُونَ‭ ‬لَهُمْ‭ ‬وَاللَّهُ‭ ‬عَلِيمٌ‭ ‬بِالظَّالِمِينَ‮»‬‭.‬

يا‭ ‬الله‭! ‬يا‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬كاشفة‭ ‬فاضحة‭ ‬تلك‭ ‬الاختبارات‭ ‬التي‭ ‬يُؤذن‭ ‬الله‭ ‬بابتلائنا‭ ‬بها‭ - ‬كما‭ ‬فهمنا‭ ‬سويًّا‭ ‬أعلاه‭ -!.. ‬وسبحان‭ ‬مُمحِّص‭ ‬القلوب‭ ‬بأيدي‭ ‬المواقف‭! ‬فما‭ ‬بين‭ ‬‮«‬صاحب‭ ‬راي‮»‬‭ ‬أمانتُهُ‭ ‬مَعقودة‭ ‬بالتحرُّك؛‭ ‬فإذا‭ ‬به‭ ‬يتثابط‭ ‬في‭ ‬القيام‭ ‬بدوره،‭ ‬ليظهر‭ ‬وكأنَّ‭ ‬الموقف‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬ألجمه‭ (‬وَاللَّهُ‭ ‬يَشهَدُ‭ ‬إِنَّ‭ ‬المُنافِقِينَ‭ ‬لكاذِبُونَ‭) ‬وبين‭ ‬‮«‬وصاحب‭ ‬موقف‮»‬‭ ‬أمانته‭ ‬في‭ ‬توعية‭ ‬الناس؛‭ ‬فإذا‭ ‬به‭ ‬قد‭ ‬أضلَّ‭ ‬الناس،‭ ‬وسعى‭ ‬فيهم‭ ‬سعي‭ ‬السوء،‭ ‬يشوه‭ ‬المناضلين‭ ‬المنافحين‭ ‬القائمين‭ ‬بحق‭ ‬الله،‭ ‬وهُم‭ ‬في‭ ‬أقسى‭ ‬الظروف‭ ‬وأشظف‭ ‬الأحوال‭. ‬ولنذكر‭ ‬تحذير‭ ‬القرآن‭ ‬منهم‭ ‬‮«‬وَإِذَا‭ ‬رَأَيتَهُم‭ ‬تُعجِبُكَ‭ ‬أَجسَامُهُم‭ ‬وَإِن‭ ‬يَقُولُواْ‭ ‬تَسمَع‭ ‬لِقَولِهِم‭ ‬كَأَنَّهُم‭ ‬خُشُب‭ ‬مُّسَنَّدَة‭ ‬يَحسَبُونَ‭ ‬كُلَّ‭ ‬صَيحَةٍ‭ ‬عَلَيهِم‭ ‬هُمُ‭ ‬العَدُوُّ‭ ‬فَاحذَرهُم‭ ‬قاتَلَهُمُ‭ ‬اللَّه‭ ‬أَنَّى‭ ‬يُؤفَكُونَ‮»‬‭.‬

إن‭ ‬الهدى‭ ‬هدى‭ ‬الله،‭ ‬والحق‭ ‬أبلج‭ ‬واضح‭.. ‬وادعُ‭ ‬بدعاء‭ ‬الرسول‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬أن‭ ‬يُميتك‭ ‬الله‭ ‬على‭ ‬الإيمان؛‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬يدعو‭ ‬‮«‬يا‭ ‬مُقلِّبَ‭ ‬القلوب‭ ‬ثبِّتْ‭ ‬قلبي‭ ‬على‭ ‬دينك‮»‬‭. ‬وجاء‭ ‬في‭ ‬القرآن‭ ‬تنبيه‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬‮«‬رَبَّنَا‭ ‬لَا‭ ‬تُزِغْ‭ ‬قُلُوبَنَا‭ ‬بَعْدَ‭ ‬إِذْ‭ ‬هَدَيْتَنَا‭ ‬وَهَبْ‭ ‬لَنَا‭ ‬مِن‭ ‬لَّدُنكَ‭ ‬رَحْمَةً‭ ‬إِنَّكَ‭ ‬أَنتَ‭ ‬الْوَهَّابُ‮»‬‭.‬

من‭ ‬المفارقات‭ ‬العجيبة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الدين،‭ ‬أنه‭ ‬ينتصر‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬حال،‭ ‬ويتأكد‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬موقف‭. ‬كما‭ ‬قال‭ ‬الله‭: ‬‮«‬سَنُرِيهِمْ‭ ‬آيَاتِنَا‭ ‬فِي‭ ‬الْآفَاقِ‭ ‬وَفِي‭ ‬أَنفُسِهِمْ‭ ‬حَتَّى‭ ‬يَتَبَيَّنَ‭ ‬لَهُمْ‭ ‬أَنَّهُ‭ ‬الْحَقُّ‮»‬‭ ‬ومن‭ ‬أعجب‭ ‬دلائل‭ ‬صحة‭ ‬الإسلام؛‭ ‬هو‭ ‬حديث‭ ‬تداعي‭ ‬الأمم‭ ‬الشهير‭. ‬‮«‬يُوشِكُ‭ ‬الأممُ‭ ‬أن‭ ‬تداعَى‭ ‬عليكم‭ ‬كما‭ ‬تداعَى‭ ‬الأكَلةُ‭ ‬إلى‭ ‬قصعتِها‭. ‬فقال‭ ‬قائلٌ‭: ‬ومن‭ ‬قلَّةٍ‭ ‬نحن‭ ‬يومئذٍ؟‭ ‬قال‭: ‬بل‭ ‬أنتم‭ ‬يومئذٍ‭ ‬كثيرٌ،‭ ‬ولكنَّكم‭ ‬غُثاءٌ‭ ‬كغُثاءِ‭ ‬السَّيلِ‭. ‬ولينزِعنَّ‭ ‬اللهُ‭ ‬من‭ ‬صدورِ‭ ‬عدوِّكم‭ ‬المهابةَ‭ ‬منكم،‭ ‬وليقذِفَنَّ‭ ‬اللهُ‭ ‬في‭ ‬قلوبِكم‭ ‬الوهْنَ‭. ‬فقال‭ ‬قائلٌ‭: ‬يا‭ ‬رسولَ‭ ‬اللهِ‭! ‬وما‭ ‬الوهْنُ؟‭ ‬قال‭: ‬حُبُّ‭ ‬الدُّنيا‭ ‬وكراهيةُ‭ ‬الموتِ‮»‬‭.‬

ولعلي‭ ‬هنا‭ ‬أستحضر‭ ‬مثالًا‭ ‬على‭ ‬ذلك؛‭ ‬معركةً‭ ‬المقاطعة‭ ‬الاقتصادية‭. ‬التي‭ ‬قامت‭ ‬بها‭ ‬الشعوب‭ ‬العربية؛‭ ‬بعدما‭ ‬رأت‭ ‬مظاهر‭ ‬التقاعُس‭ ‬عن‭ ‬دعم‭ ‬أهل‭ ‬النضال؛‭ ‬فما‭ ‬كان‭ ‬منهم‭ ‬إلا‭ ‬أنْ‭ ‬قدَّمُوا‭ ‬أقل‭ ‬ما‭ ‬بأيديهم،‭ ‬بالعزوف‭ ‬التام‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬منتجات‭ ‬الأعداء‭ (‬بالقطع‭ ‬وجود‭ ‬هذه‭ ‬المنتجات‭ ‬وسماحنا‭ ‬بأولويتها،‭ ‬وتقاعسنا‭ ‬عن‭ ‬الإنتاج‭ ‬ذنب‭ ‬يقع‭ ‬علينا‭). ‬وقد‭ ‬أحدث‭ ‬هذا‭ ‬الخلاصُ‭ ‬الفرديُّ‭ ‬الذي‭ ‬رآه‭ ‬الأفراد‭ ‬واستحسنوه‭ ‬بالغَ‭ ‬الأثر‭.‬

وفي‭ ‬النهاية،‭ ‬أربط‭ ‬على‭ ‬قلبي‭ ‬وقلوب‭ ‬كل‭ ‬المؤمنين‭ ‬بالتذكير‭ ‬أن‭ ‬الله‭ ‬هو‭ ‬المُبدئ‭ ‬والمُعيد،‭ ‬وأنه‭ ‬وارث‭ ‬الأرض‭ ‬ومَن‭ ‬عليها،‭ ‬وأن‭ ‬التفاؤل‭ ‬واجب‭ ‬من‭ ‬استقراء‭ ‬النصوص‭ ‬الشرعية‭. ‬ومنه‭ ‬حديث‭ ‬‮«‬عَجَبًا‭ ‬لأَمْرِ‭ ‬المُؤْمِنِ،‭ ‬إنَّ‭ ‬أمْرَهُ‭ ‬كُلَّهُ‭ ‬خَيْرٌ،‭ ‬وليسَ‭ ‬ذاكَ‭ ‬لأَحَدٍ‭ ‬إلَّا‭ ‬لِلْمُؤْمِنِ؛‭ ‬إنْ‭ ‬أصابَتْهُ‭ ‬سَرَّاءُ‭ ‬شَكَرَ،‭ ‬فَكانَ‭ ‬خَيْرًا‭ ‬له،‭ ‬وإنْ‭ ‬أصابَتْهُ‭ ‬ضَرَّاءُ،‭ ‬صَبَرَ‭ ‬فَكانَ‭ ‬خَيْرًا‭ ‬له‮»‬‭.‬

ووصلًا‭ ‬بالكلام‭ ‬أعلاه‭ ‬ومن‭ ‬نظرة‭ ‬معينة‭- ‬أظهر‭ ‬منا‭ ‬وفينا‭ ‬التفافًا‭ ‬حول‭ ‬شئون‭ ‬هذه‭ ‬الأمة،‭ ‬واستعدادًا‭ ‬خالصًا‭ ‬عند‭ ‬الكثيرين‭ ‬للتضحية‭ ‬بالمال‭ - ‬كاملًا‭ ‬في‭ ‬مواقف‭-‬،‭ ‬أو‭ ‬الدم،‭ ‬أو‭ ‬بما‭ ‬يحتاج‭ ‬له‭ ‬أخوه،‭ ‬وأنه‭ ‬عدَّلَ‭ ‬من‭ ‬سلوكنا‭ ‬وقوَّم‭ ‬من‭ ‬أحوالنا‭ - ‬ولو‭ ‬جزئيًّا‭ -‬،‭ ‬وأن‭ ‬العلي‭ ‬القدير‭ ‬أرانا‭ ‬الابتلاء‭ ‬في‭ ‬درجة‭ ‬قاسية‭ ‬ليُشهدنا‭ ‬أن‭ ‬مشكلاتنا‭ ‬الشخصية‭ ‬محض‭ ‬هراء،‭ ‬وأنه‭ ‬أرانا‭ ‬المنافقين‭ ‬منا‭ ‬لنميزهم‭ ‬عن‭ ‬الصالحين‭ ‬الصادقين،‭ ‬ولنستعيذ‭ ‬بالله‭ ‬أن‭ ‬نكون‭ ‬منهم،‭ ‬وأنه‭ ‬كان‭ ‬فرصةً‭ ‬للكشف‭ ‬عن‭ ‬ازدواجية‭ ‬الحاكمية‭ ‬الغربية‭ ‬في‭ ‬معاييرها،‭ ‬وفرصةً‭ ‬لانتشار‭ ‬الوعي‭ ‬بين‭ ‬شعوب‭ ‬العالم‭ ‬الغربي‭ ‬عن‭ ‬حقيقة‭ ‬الصهيونية،‭ ‬وأنه‭ ‬دفع‭ ‬ملايين‭ ‬الغربيين‭ ‬للتظاهر‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬وأنه‭ ‬كسر‭ ‬صورةً‭ ‬ظل‭ ‬الصهاينة‭ ‬المحتلين‭ ‬محتفظين‭ ‬بها،‭ ‬مُحافظين‭ ‬عليها‭ ‬أمام‭ ‬العالم‭.‬

فهذا‭ ‬كون‭ ‬الله‭ ‬أمامنا،‭ ‬يُصرِّفه‭ ‬الله‭ ‬أنَّى‭ ‬شاء،‭ ‬ويرينا‭ ‬من‭ ‬آياته‭ ‬العجب،‭ ‬ويعلمنا‭ ‬أننا‭ ‬قاصرون‭ ‬عن‭ ‬إدراك‭ ‬الحكمة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬نرى‭ ‬من‭ ‬تصاريف‭ ‬الدنيا‭. ‬فسبحان‭ ‬الحكيم‭ ‬المُتعالي‭ ‬المُدبِّر‭!‬

*‭ ‬باحث‭ ‬في‭ ‬الفلسفة‭ ‬الإسلامية

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا