العدد : ١٧٠٨٠ - الجمعة ٢٧ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٦ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٨٠ - الجمعة ٢٧ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٦ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

الاسلامي

العلماء المسلمون وكيفية الاحتفال بالمولد النبوي الشريف

الجمعة ١٣ سبتمبر ٢٠٢٤ - 02:00

الاحتفال‭ ‬بذكرى‭ ‬مولد‭ ‬النبي‭ -‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وعلى‭ ‬آله‭ ‬وسلم‭- ‬مِن‭ ‬أفضل‭ ‬الأعمال‭ ‬وأعظم‭ ‬القربات‭ ‬وأجلِّ‭ ‬الطاعات؛‭ ‬لما‭ ‬فيه‭ ‬مِن‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬الحب‭ ‬والفرح‭ ‬بمولانا‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ -‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وآله‭ ‬وسلم‭-‬،‭ ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬أصلٌ‭ ‬مِن‭ ‬أصول‭ ‬الإيمان؛‭ ‬فعن‭ ‬أنس‭ ‬بن‭ ‬مالك‭ ‬رضي‭ ‬الله‭ ‬عنه‭ ‬قال‭: ‬قال‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وعلى‭ ‬آله‭ ‬وسلم‭: ‬‮«‬لَا‭ ‬يُؤْمِنُ‭ ‬أَحَدُكُمْ‭ ‬حَتَّى‭ ‬أَكُونَ‭ ‬أَحَبَّ‭ ‬إِلَيْهِ‭ ‬مِنْ‭ ‬وَالِدِهِ‭ ‬وَوَلَدِهِ‭ ‬وَالنَّاسِ‭ ‬أَجْمَعِينَ‮» ‬أخرجه‭ ‬الشيخان‭.‬

قال‭ ‬الحافظ‭ ‬ابن‭ ‬رجب‭ ‬في‭ ‬‮«‬فتح‭ ‬الباري‮»‬‭ (‬1‭/‬‮ ‬48،‭ ‬ط‭.‬‮ ‬مكتبة‭ ‬الغرباء‭ ‬الأثرية‭): (‬محبَّة‭ ‬النبي‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وعلى‭ ‬آله‭ ‬وسلم‭ ‬مِن‭ ‬أصول‭ ‬الإيمان،‭ ‬وهي‭ ‬مقارِنة‭ ‬لمحبة‭ ‬الله‭ ‬عز‭ ‬وجل،‭ ‬وقد‭ ‬قرنها‭ ‬اللهُ‭ ‬بها،‭ ‬وتَوَّعَدَ‭ ‬مَن‭ ‬قدَّم‭ ‬عليهما‭ ‬محبَّة‭ ‬شيء‭ ‬مِن‭ ‬الأمور‭ ‬المحبَّبة‭ ‬طبعًا‭ ‬مِن‭ ‬الأقارب‭ ‬والأموال‭ ‬والأوطان‭ ‬وغير‭ ‬ذلك‭) ‬اهـ‭.‬

المراد‭ ‬مِن‭ ‬الاحتفال‭ ‬بذكرى‭ ‬المولد‭ ‬النبوي‭: ‬تجمع‭ ‬الناس‭ ‬على‭ ‬ذكره،‭ ‬والإنشاد‭ ‬في‭ ‬مدحه‭ ‬والثناء‭ ‬عليه‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وعلى‭ ‬آله‭ ‬وسلم،‭ ‬وقراءة‭ ‬سيرته‭ ‬العطرة،‭ ‬والتَّأسي‭ ‬به،‭ ‬وإطعام‭ ‬الطعام‭ ‬على‭ ‬حبه،‭ ‬والتصدق‭ ‬على‭ ‬الفقراء،‭ ‬والتوسعة‭ ‬على‭ ‬الأهل‭ ‬والأقرباء،‭ ‬والبر‭ ‬بالجار‭ ‬والأصدقاء؛‭ ‬إعلانًا‭ ‬لمحبته،‭ ‬وفرحًا‭ ‬بظهوره‭ ‬وشكرًا‭ ‬لله‭ ‬تعالى‭ ‬على‭ ‬منته‭ ‬بولادته،‭ ‬وليس‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬الحصر‭ ‬والاختزال،‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬لبيان‭ ‬الواقع‭ ‬وسَوْقِ‭ ‬المثال‭.‬

وقد‭ ‬نصَّ‭ ‬جمهور‭ ‬العلماء‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬يُنْدَبُ‭ ‬تعظيم‭ ‬يوم‭ ‬ميلاد‭ ‬النبي‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وآله‭ ‬وسلم‭ ‬وإبراز‭ ‬الشكر‭ ‬له؛‭ ‬وذلك‭ ‬بصيامه‭ ‬والإكثار‭ ‬مِن‭ ‬الذكر‭ ‬والدعاء‭ ‬والعبادة‭ ‬وقراءة‭ ‬القرآن‭ ‬ونحو‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬مظاهر‭ ‬الشكر‭ ‬والتعبد‭ ‬لله‭ ‬احتفاءً‭ ‬بمولده‭ ‬الشريف‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وآله‭ ‬وسلم،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬جرى‭ ‬عليه‭ ‬عمل‭ ‬أهل‭ ‬الأمصار‭.‬

فحكى‭ ‬مفتي‭ ‬مكة‭ ‬المكرمة‭ ‬قطب‭ ‬الدين‭ ‬النهروالي‭ ‬الحنفي‭ (‬ت‭: ‬990هـ‭) ‬في‭ ‬‮«‬الإعلام‭ ‬بأعلام‭ ‬بيت‭ ‬الله‭ ‬الحرام‮»‬‭ (‬ص‭:‬‮ ‬196،‭ ‬ط‭.‬‮ ‬العامرة‭ ‬العثمانية‭) ‬عملَ‭ ‬أهل‭ ‬مكة‭ ‬في‭ ‬زيارة‭ ‬موضع‭ ‬ميلاد‭ ‬النبي‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وعلى‭ ‬آله‭ ‬وسلم‭ ‬في‭ ‬ليلة‭ ‬المولد‭ ‬المحمدي؛‭ ‬فقال‭: (‬ويُزار‭ ‬في‭ ‬الليلة‭ ‬الثانية‭ ‬عشر‭ ‬من‭ ‬شهر‭ ‬ربيع‭ ‬الأول‭ ‬كل‭ ‬عام،‭ ‬فيجتمع‭ ‬الفقهاء‭ ‬والأعيان‭ ‬على‭ ‬نظام‭ ‬المسجد‭ ‬الحرام‭ ‬والقضاة‭ ‬الأربعة‭ ‬بمكة‭ ‬المشرفة‭ ‬بعد‭ ‬صلاة‭ ‬المغرب‭ ‬بالشموع‭ ‬الكثيرة‭ ‬والمفرغات‭ ‬والفوانيس‭ ‬والمشاعل،‭ ‬وجميع‭ ‬المشايخ‭ ‬مع‭ ‬طوائفهم‭ ‬بالأعلام‭ ‬الكثيرة،‭ ‬ويخرجون‭ ‬من‭ ‬المسجد‭ ‬إلى‭ ‬سوق‭ ‬الليل،‭ ‬ويمشون‭ ‬فيه‭ ‬إلى‭ ‬محل‭ ‬المولد‭ ‬الشريف‭ ‬بازدحام‭.. ‬ويأتي‭ ‬الناس‭ ‬من‭ ‬البدو‭ ‬والحضر‭ ‬وأهل‭ ‬جدة‭ ‬وسكان‭ ‬الأودية‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الليلة،‭ ‬ويفرحون‭ ‬بها،‭ ‬وكيف‭ ‬لا‭ ‬يفرح‭ ‬المؤمنون‭ ‬بليلة‭ ‬ظهر‭ ‬فيها‭ ‬أشرف‭ ‬الأنبياء‭ ‬والمرسلين‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وعلى‭ ‬آله‭ ‬وسلم،‭ ‬وكيف‭ ‬لا‭ ‬يجعلونه‭ ‬عيدًا‭ ‬من‭ ‬أكبر‭ ‬أعيادهم‭)‬‮ ‬اهـ‭.‬

ثم‭ ‬ردَّ‭ ‬على‭ ‬المنكرين‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬تحت‭ ‬دعوى‭ ‬أنَّ‭ ‬ذلك‭ ‬لا‭ ‬يصحّ‭ ‬شرعًا‭ ‬وأنه‭ ‬بدعة‭ ‬لم‭ ‬تُحْكَ‭ ‬عن‭ ‬السلف؛‭ ‬بأنه‭: (‬بدعة‭ ‬حسنة،‭ ‬تتضمن‭ ‬تعظيم‭ ‬النبي‭ ‬الكريم‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وعلى‭ ‬آله‭ ‬وسلم‭ ‬بالذكر‭ ‬والدعاء‭ ‬والعبادة‭ ‬وقراءة‭ ‬القرآن،‭ ‬وقد‭ ‬أشار‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وعلى‭ ‬آله‭ ‬وسلم‭ ‬إلى‭ ‬فضيلة‭ ‬هذا‭ ‬الشهر‭ ‬العظيم؛‭ ‬بقوله‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وعلى‭ ‬آله‭ ‬وسلم‭ ‬للذي‭ ‬سأله‭ ‬عن‭ ‬صوم‭ ‬يوم‭ ‬الإثنين‭: ‬‮«‬ذَاكَ‭ ‬يَوْمٌ‭ ‬وُلِدْتُ‭ ‬فِيهِ‮»‬،‭ ‬فتشريف‭ ‬هذا‭ ‬اليوم‭ ‬متضمن‭ ‬لتشريف‭ ‬هذا‭ ‬الشهر‭ ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬فيه،‭ ‬فينبغي‭ ‬أنْ‭ ‬يحترم‭ ‬غاية‭ ‬الاحترام؛‭ ‬ليشغله‭ ‬بالعبادة‭ ‬والصيام‭ ‬والقيام،‭ ‬ويُظهِرَ‭ ‬السرور‭ ‬فيه‭ ‬بظهور‭ ‬سيد‭ ‬الأنام‭ ‬عليه‭ ‬أفضل‭ ‬الصلاة‭ ‬والسلام‭)‬‮ ‬اهـ‭.‬

ومن‭ ‬أبرز‭ ‬آراء‭ ‬علماء‭ ‬المسلمين‭ ‬في‭ ‬الاحتفاء‭ ‬بالمولد‭ ‬النبوي‭ ‬الشريف‭ ‬ما‭ ‬يلي‭: ‬

قال‭ ‬الإمام‭ ‬ابن‭ ‬الحاج‭ ‬المالكي‭ ‬في‭ ‬‮«‬المدخل‮»‬‭ (‬2‭/‬‮ ‬2-3،‭ ‬ط‭. ‬دار‭ ‬التراث‭): (‬وفضيلة‭ ‬الأزمنة‭ ‬والأمكنة‭ ‬بما‭ ‬خصها‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬به‭ ‬مِن‭ ‬العبادات‭ ‬التي‭ ‬تُفْعَل‭ ‬فيها؛‭ ‬لِمَا‭ ‬قد‭ ‬عُلِمَ‭ ‬أنَّ‭ ‬الأمكنة‭ ‬والأزمنة‭ ‬لا تتشرف‭ ‬لذاتها،‭ ‬وإنما‭ ‬يحصل‭ ‬لها‭ ‬التشريف‭ ‬بما‭ ‬خُصَّتْ‭ ‬به‭ ‬مِن‭ ‬المعاني،‭ ‬فانظر‭ - ‬رحمنا‭ ‬الله‭ ‬وإياك‭ - ‬إلى‭ ‬ما خص‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬به‭ ‬هذا‭ ‬الشهر‭ ‬الشريف‭ ‬ويوم‭ ‬الاثنين،‭ ‬ألا‭ ‬ترى‭ ‬أنَّ‭ ‬صومَ‭ ‬هذا‭ ‬اليوم‭ ‬فيه‭ ‬فضلٌ‭ ‬عظيم؛‭ ‬لأنه‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وآله‭ ‬وسلم‭ ‬وُلد‭ ‬فيه،‭ ‬فعلى‭ ‬هذا‭ ‬ينبغي‭ ‬إذا‭ ‬دخل‭ ‬هذا‭ ‬الشهر‭ ‬الكريم‭ ‬أنْ‭ ‬يُكَرَّمَ‭ ‬ويُعَظَّمَ‭ ‬ويُحْتَرَمَ‭ ‬الاحترام‭ ‬اللائق‭ ‬به؛‭ ‬وذلك‭ ‬بالاتباع‭ ‬له‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وآله‭ ‬وسلم‭ ‬في‭ ‬كونه‭ ‬عليه‭ ‬الصلاة‭ ‬والسلام‭ ‬كان‭ ‬يخص‭ ‬الأوقات‭ ‬الفاضلة‭ ‬بزيادة‭ ‬فعل‭ ‬البر‭ ‬فيها‭ ‬وكثرة‭ ‬الخيرات‭) ‬اهـ‭.‬

وقال‭ ‬محمد‭ ‬الطاهر‭ ‬بن‭ ‬عاشور‭ ‬شيخ‭ ‬جامع‭ ‬الزيتونة‭ ‬ومن‭ ‬أبرز‭ ‬علماء‭ ‬المالكية،‭ ‬أيّد‭ ‬الاعتناء‭ ‬بيوم‭ ‬المولد‭ ‬النبوي‭ ‬في‭ ‬قوله‭: ‬‮«‬فَقَدْ‭ ‬جَعَلَ‭ ‬اللَّهُ‭ ‬لِلْمَوَاقِيتِ‭ ‬الْمَحْدُودَةِ‭ ‬اعْتِبَارًا‭ ‬يُشْبِهُ‭ ‬اعْتِبَارَ‭ ‬الشَّيْءِ‭ ‬الْوَاحِدِ‭ ‬الْمُتَجَدِّدِ،‭ ‬وَإِنَّمَا‭ ‬هَذَا‭ ‬اعْتِبَارٌ‭ ‬لِلتَّذْكِيرِ‭ ‬بِالْأَيَّامِ‭ ‬الْعَظِيمَةِ‭ ‬الْمِقْدَارِ‭ ‬كَمَا‭ ‬قَالَ‭ ‬تَعَالَى‭: ‬وَذَكِّرْهُمْ‭ ‬بِأَيَّامِ‭ ‬اللَّهِ‭ (‬إِبْرَاهِيم‭: ‬5‭)‬،‭ ‬فَخَلَعَ‭ ‬اللَّهُ‭ ‬عَلَى‭ ‬الْمَوَاقِيتِ‭ ‬الَّتِي‭ ‬قَارَنَهَا‭ ‬شَيْءٌ‭ ‬عَظِيمٌ‭ ‬فِي‭ ‬الْفَضْلِ‭ ‬أَنْ‭ ‬جَعَلَ‭ ‬لِتِلْكَ‭ ‬الْمَوَاقِيتِ‭ ‬فَضْلًا‭ ‬مُسْتَمِرًّا‭ ‬تَنْوِيهًا‭ ‬بِكَوْنِهَا‭ ‬تَذْكِرَةً‭ ‬لِأَمْرٍ‭ ‬عَظِيمٍ،‭ ‬وَلَعَلَّ‭ ‬هَذَا‭ ‬هُوَ‭ ‬الَّذِي‭ ‬جَعَلَ‭ ‬اللَّهُ‭ ‬لِأَجْلِهِ‭ ‬سُنَّةَ‭ ‬الْهَدْيِ‭ ‬فِي‭ ‬الْحَجِّ،‭ ‬لِأَنَّ‭ ‬فِي‭ ‬مِثْلِ‭ ‬ذَلِكَ‭ ‬الْوَقْتِ‭ ‬ابْتَلَى‭ ‬اللَّهُ‭ ‬إِبْرَاهِيمَ‭ ‬بِذَبْحِ‭ ‬وَلَدِهِ‭ ‬إِسْمَاعِيلَ‭ ‬وَأَظْهَرَ‭ ‬عَزْمَ‭ ‬إِبْرَاهِيمَ‭ ‬وَطَاعَتَهُ‭ ‬رَبَّهُ‭ ‬وَمِنْهُ‭ ‬أَخَذَ‭ ‬الْعُلَمَاءُ‭ ‬تَعْظِيمَ‭ ‬الْيَوْمِ‭ ‬الْمُوَافِقِ‭ ‬لِيَوْمِ‭ ‬وِلَادَةِ‭ ‬النَّبِيءِ‭ ‬صَلَّى‭ ‬اللهُ‭ ‬عَلَيْهِ‭ ‬وَسَلَّمَ‭ ‬وَيَجِيءُ‭ ‬مِنْ‭ ‬هَذَا‭ ‬إِكْرَامُ‭ ‬ذُرِّيَّةِ‭ ‬رَسُولِ‭ ‬اللَّهِ‭ ‬وَأَبْنَاءِ‭ ‬الصَّالِحِينَ‭ ‬وَتَعْظِيمِ‭ ‬وُلَاةِ‭ ‬الْأُمُورِ‭ ‬الشَّرْعِيَّةِ‭ ‬الْقَائِمِينَ‭ ‬مَقَامَ‭ ‬النَّبِيءِ‭ ‬صَلَّى‭ ‬اللهُ‭ ‬عَلَيْهِ‭ ‬وَسَلَّمَ‭ ‬فِي‭ ‬أَعْمَالِهِمْ‭ ‬مِنَ‭ ‬الْأُمَرَاءِ‭ ‬وَالْقُضَاةِ‭ ‬وَالْأَئِمَّةِ‮»‬‭ .‬

اما‭ ‬حسنين‭ ‬محمد‭ ‬مخلوف‭ ‬شيخ‭ ‬الأزهر‭ ‬الأسبق‭ ‬فقال‭: ‬‮«‬إن‭ ‬إحياء‭ ‬ليلة‭ ‬المولد‭ ‬الشريف‭ ‬وليالي‭ ‬هذا‭ ‬الشهر‭ ‬الكريم‭ ‬الذي‭ ‬أشرق‭ ‬فيه‭ ‬النور‭ ‬المحمدي‭ ‬إنما‭ ‬يكون‭ ‬بذكر‭ ‬الله‭ ‬وشكره‭ ‬لما‭ ‬أنعم‭ ‬به‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الأمة‭ ‬من‭ ‬ظهور‭ ‬خير‭ ‬الخلق‭ ‬إلى‭ ‬عالم‭ ‬الوجود،‭ ‬ولا‭ ‬يكون‭ ‬ذلك‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬أدب‭ ‬وخشوع‭ ‬وبعد‭ ‬عن‭ ‬المحرمات‭ ‬والبدع‭ ‬والمنكرات‭. ‬ومن‭ ‬مظاهر‭ ‬الشكر‭ ‬على‭ ‬حبه‭ ‬مواساة‭ ‬المحتاجين‭ ‬بما‭ ‬يخفف‭ ‬ضائقتهم،‭ ‬وصلة‭ ‬الأرحام،‭ ‬والإحياء‭ ‬بهذه‭ ‬الطريقة‭ ‬وإن‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬مأثورا‭ ‬في‭ ‬عهده‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وعلى‭ ‬آله‭ ‬وسلم‭ ‬ولا‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬السلف‭ ‬الصالح‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬بأس‭ ‬به‭ ‬وسنة‭ ‬حسنة‮»‬‭.‬

‭ ‬كما‭ ‬ورد‭ ‬عن‭ ‬محمد‭ ‬الفاضل‭ ‬بن‭ ‬عاشور‭ ‬من‭ ‬علماء‭ ‬تونس‭ ‬البارزين‭ ‬قوله‭: ‬‮«‬إن‭ ‬ما‭ ‬يملأ‭ ‬قلوب‭ ‬المسلمين‭ ‬في‭ ‬اليوم‭ ‬الثاني‭ ‬عشر‭ ‬من‭ ‬ربيع‭ ‬الأول‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬من‭ ‬ناموسِ‭ ‬المحبة‭ ‬العُلوي،‭ ‬وما‭ ‬يهزّ‭ ‬نفوسهم‭ ‬من‭ ‬الفيض‭ ‬النوراني‭ ‬المتدفق‭ ‬جمالا‭ ‬وجلالا،‭ ‬ليأتي‭ ‬إليهم‭ ‬محمّلا‭ ‬من‭ ‬ذكريات‭ ‬القرون‭ ‬الخالية‭ ‬بأريج‭ ‬طيب‭ ‬ينمّ‭ ‬عما‭ ‬كان‭ ‬لأسلافهم‭ ‬الكرام‭ ‬من‭ ‬العناية‭ ‬بذلك‭ ‬اليوم‭ ‬التاريخي‭ ‬الأعظم،‭ ‬وما‭ ‬ابتكروا‭ ‬لإظهار‭ ‬التعلّق‭ ‬به‭ ‬وإعلان‭ ‬تمجيده‭ ‬من‭ ‬مظاهر‭ ‬الاحتفالات،‭ ‬فتتطلع‭ ‬النفوسُ‭ ‬إلى‭ ‬استقصاء‭ ‬خبر‭ ‬تلك‭ ‬الأيام‭ ‬الزهراء‭ ‬والليالي‭ ‬الغراء؛‭ ‬إذ‭ ‬المسلمون‭ ‬ملوكاً‭ ‬وسوقةً‭ (‬أي‭ ‬عامتهم‭) ‬يتسابقون‭ ‬إلى‭ ‬الوفاء‭ ‬بالمستطاع‭ ‬من‭ ‬حقوق‭ ‬ذلك‭ ‬اليوم‭ ‬السعيد‮»‬‭.‬

وجاء‭ ‬عن‭ ‬محمد‭ ‬الشاذلي‭ ‬النيفر،‭ ‬شيخ‭ ‬الجامع‭ ‬الأعظم‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬قوله‭: ‬‮«‬وَأَزِيدُ‭ ‬عَلَى‭ ‬ذَلِكَ‭ ‬مَا‭ ‬يُؤَيِّدُ‭ ‬مَا‭ ‬تَقَدَّمَ‭ ‬أَنَّ‭ ‬اللَّـهَ‭ ‬أَوْجَبَ‭ ‬عَلَيْنَا‭ ‬مَحَبَّةَ‭ ‬نَبِيِّهِ‭ ‬عَلَيْهِ‭ ‬الصَّلَاةُ‭ ‬وَالسَّلَامُ‭ ‬بَعْدَ‭ ‬مَحَبَّتِهِ‭ ‬جَلَّ‭ ‬وَعَلَا،‭ ‬وَذَلِكَ‭ ‬يُوجِبُ‭ ‬عَلَيْنَا‭ ‬تَعْظِيمَ‭ ‬كُلِّ‭ ‬مَا‭ ‬يَتَعَلَّقُ‭ ‬بِالنَّبِيِّ‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم،‭ ‬وَمِنْ‭ ‬ذَلِكَ‭ ‬تَعْظِيمُ‭ ‬يَوْمِ‭ ‬مَوْلِدِهِ‭ ‬بِالاحْتِفَالِ‭ ‬بِهِ‭ ‬بِمَا‭ ‬يُجِيزُهُ‭ ‬الشَّرْعُ‭ ‬الكَرِيمُ‮»‬‭ .‬

‭ ‬اما‭ ‬الشيخ‭ ‬محمد‭ ‬متولي‭ ‬الشعراوي‭ ‬الذي‭ ‬يعد‭ ‬من‭ ‬أبرز‭ ‬علماء‭ ‬مصر‭ ‬المعاصرين‭ ‬فقال‭: ‬‮«‬إكرامًا‭ ‬لهذا‭ ‬المولد‭ ‬الكريم‭ ‬فإنه‭ ‬يحق‭ ‬لنا‭ ‬أن‭ ‬نظهر‭ ‬معالم‭ ‬الفرح‭ ‬والابتهاج‭ ‬بهذه‭ ‬الذكرى‭ ‬الحبيبة‭ ‬لقلوبنا‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬وذلك‭ ‬بالاحتفال‭ ‬بها‭ ‬من‭ ‬وقتها‮»‬‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا