العدد : ١٧٠٨٠ - الجمعة ٢٧ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٦ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٨٠ - الجمعة ٢٧ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٦ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

الاسلامي

قراءة في كتاب المفكر المغربي طه عبدالرحمن عـن «الـسـيـرة الـنـبـويـة والـتـأسـيـس الأخلاقي»

الجمعة ١٣ سبتمبر ٢٠٢٤ - 02:00

‮«‬السيرة‭ ‬النبوية‭ ‬والتأسيس‭ ‬الأخلاقي‮»‬‭ ‬كتاب‭ ‬جديد‭ ‬للفيلسوف‭ ‬المغربي‭ ‬طه‭ ‬عبد‭ ‬الرحمن‭ ‬يفتح‭ ‬فيه‭ ‬آفاقَ‭ ‬‮«‬التفكّر‮»‬‭ ‬في‭ ‬‮«‬السيرة‭ ‬النبوية‮»‬‭. ‬فبعد‭ ‬أن‭ ‬كشف‭ ‬حدود‭ ‬المحاولة‭ ‬المنطقية‭ ‬لابن‭ ‬النفيس‭ ‬والمحاولة‭ ‬التاريخية‭ ‬لابن‭ ‬خلدون،‭ ‬عَرَض‭ ‬مقاربته‭ ‬الأخلاقية‭ ‬المتميزة،‭ ‬إذ‭ ‬اتَّبَع‭ ‬فيها‭ ‬طريق‭ ‬‮«‬التأويل‮»‬‭ ‬في‭ ‬بيان‭ ‬كيف‭ ‬أن‭ ‬‮«‬السيرة‭ ‬النبوية‮»‬‭ ‬ليست‭ ‬مجرد‭ ‬نموذج‭ ‬أخلاقي‭ ‬متفرّد‭ ‬لا‭ ‬تنفد‭ ‬دلالاته‭ ‬العملية،‭ ‬وإنما‭ ‬هي‭ ‬الأساسُ‭ ‬الثابت‭ ‬الذي‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬يُبنى‭ ‬عليه‭ ‬عموم‭ ‬الأخلاق،‭ ‬قيمًا‭ ‬وأفعالًا‭ ‬وأحوالًا‭.‬

وانتهى‭ ‬طه‭ ‬عبدالرحمن‭ ‬في‭ ‬كتابه‭ ‬‮«‬السيرة‭ ‬النبوية‭ ‬والتأسيس‭ ‬الأخلاقي‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬إثبات‭ ‬أن‭ ‬‮«‬تتميم‭ ‬صالح‭ ‬الأخلاق‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬تحدّدت‭ ‬به‭ ‬‮«‬الدعوة‭ ‬النبوية‮»‬‭ ‬ليس‭ - ‬في‭ ‬الحقيقة‭ - ‬الإتيانَ‭ ‬بقيم‭ ‬إضافية‭ ‬من‭ ‬رتبة‭ ‬القيم‭ ‬السابقة،‭ ‬وإنما‭ ‬هو‭ ‬تزويد‭ ‬الأخلاق‭ ‬الصالحة‭ ‬بالقيم‭ ‬المُثلى‭ ‬والقواعد‭ ‬الأولى‭ ‬التي‭ ‬تُؤسّسها،‭ ‬وتَـمدّها‭ ‬بالمشروعية‭.‬

تحدث‭ ‬أستاذ‭ ‬المنطق‭ ‬وفلسفة‭ ‬اللغة‭ ‬والأخلاق‭ ‬المفكر‭ ‬المغربي‭ ‬طه‭ ‬عبد‭ ‬الرحمن‭ ‬عن‭ ‬كتابه‭ ‬الجديد‭ ‬‮«‬السيرة‭ ‬النبوية‭ ‬والتأسيس‭ ‬الأخلاقي‮»‬،‭ ‬قال‭ ‬إنه‭ ‬تناول‭ ‬السيرة‭ ‬النبوية‭ ‬من‭ ‬منظور‭ ‬فلسفي‭ ‬في‭ ‬كتابه‭ ‬الجديد‭ ‬الذي‭ ‬حمل‭ ‬عنوان‭: ‬‮«‬السيرة‭ ‬النبوية‭ ‬والتأسيس‭ ‬الأخلاقي‮»‬‭.‬،‭ ‬إن‭ ‬الطبيعة‭ ‬البشرية‭ ‬محدودة‭ ‬وبسبب‭ ‬هذا‭ ‬القيد‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬فهم‭ ‬السيرة‭ ‬إلا‭ ‬بطرق‭ ‬معينة‭.‬

وأشار‭ ‬عبدالرحمن‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬السيرة‭ ‬النبوية‭ ‬تتم‭ ‬مناقشتها‭ ‬بنفس‭ ‬الطريقة‭ ‬التي‭ ‬يتناولها‭ ‬المحدثون‭ ‬والفقهاء‭ ‬والمؤرخون‭. ‬وتساءل‭: ‬‮«‬لماذا‭ ‬لا‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬طريقة‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬السيرة‭ ‬النبوية؟‮»‬،‭ ‬مبينا‭ ‬أنه‭ ‬سلك‭ ‬طريقا‭ ‬غير‭ ‬منهج‭ ‬المحدثين‭ ‬والمؤرخين‭. ‬وأضاف‭: ‬‮«‬السيرة‭ ‬هي‭ ‬في‭ ‬الأساس‭ ‬أخلاق،‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬القيم،‭ ‬ولهذا‭ ‬السبب‭ ‬أخذت‭ ‬على‭ ‬عاتقي‭ ‬أن‭ ‬أتناول‭ ‬السيرة‭ ‬النبوية‭ ‬من‭ ‬منظور‭ ‬فلسفي‮»‬‭.‬

ورأى‭ ‬عبدالرحمن‭ ‬في‭ ‬كتابه‭ ‬‮«‬السيرة‭ ‬النبوية‭ ‬والتأسيس‭ ‬الأخلاقي‮»‬‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬الأحداث‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬النبي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يُنظر‭ ‬إليها‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬‮«‬آية‭ ‬تستحق‭ ‬القراءة‮»‬‭ ‬بدل‭ ‬النظر‭ ‬إليها‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬‮«‬وقائع‭ ‬وظواهر‮»‬‭. ‬وأردف‭: ‬‮«‬نبوة‭ ‬النبي‭ ‬محمد‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬رسالة‭ ‬أخلاقية‮»‬‭.‬

ودعا‭ ‬طه‭ ‬عبدالرحمن‭ ‬في‭ ‬كتابه‭ ‬‮«‬السيرة‭ ‬النبوية‭ ‬والتأسيس‭ ‬الأخلاقي‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬العمل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬العودة‭ ‬بالفلسفة‭ ‬إلى‭ ‬أصلها‭ ‬وهي‭ ‬الحكمة‮»‬‭.‬

وفي‭ ‬معرض‭ ‬حديثه‭ ‬عن‭ ‬كتابه‭ ‬الجديد‭ ‬‮«‬السيرة‭ ‬النبوية‭ ‬والتأسيس‭ ‬الأخلاقي‮»‬‭ ‬طالب‭ ‬عبد‭ ‬الرحمن‭ ‬الفيلسوف‭ ‬المسلم‭ ‬بأن‭ ‬‮«‬يأخذ‭ ‬بالفلسفة‭ ‬التي‭ ‬تنحو‭ ‬منحى‭ ‬الحكمة‭ ‬وأن‭ ‬يبتعد‭ ‬عن‭ ‬الفلسفة‭ ‬التي‭ ‬تنحو‭ ‬منحى‭ ‬العلم،‭ ‬ويشتغل‭ ‬بالتحدي‭ ‬الجذري‭ ‬الذي‭ ‬يشغل‭ ‬العالم‭ ‬اليوم‭ ‬وهو‭ ‬تسفّل‭ ‬الإنسان‮»‬‭.‬

أما‭ ‬المهمة‭ ‬الثانية‭ ‬التي‭ ‬دعا‭ ‬إليها‭ ‬فهي‭ ‬‮«‬تجديد‭ ‬التفلسف‭ ‬الحكمي‭ ‬الذي‭ ‬يميز‭ ‬بين‭ ‬العقل‭ ‬المجرد‭ ‬والعقل‭ ‬المسدّد،‭ ‬ويؤسس‭ ‬الأخلاق‭ ‬على‭ ‬الفطرة‮»‬‭. ‬وأوضح‭ ‬أنّ‭ ‬‮«‬الصورة‭ ‬العلمية‭ ‬للفلسفة‭ ‬تخرج‭ ‬الفلسفة‭ ‬من‭ ‬أصلها‮»‬‭. ‬وشدد‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬أن‭ ‬‮«‬لا‭ ‬تكون‭ ‬الفلسفة‭ ‬تابعة‭ ‬للعلم‭ ‬وأن‭ ‬يكون‭ ‬العلم‭ ‬خادما‭ ‬للفلسفة‮»‬‭.‬

وبين‭ ‬أنّ‭ ‬‮«‬التفلسف‭ ‬الحكمي‭ ‬هو‭ ‬الوحيد‭ ‬القادر‭ ‬على‭ ‬إنقاذ‭ ‬الإنسان‭ ‬من‭ ‬التسفّل‭ ‬حاضرا‭ ‬ومستقبلا‮»‬‭. ‬وقال‭: ‬‮«‬على‭ ‬الفيلسوف‭ ‬المسلم‭ ‬أن‭ ‬يعرف‭ ‬ذاته‭ ‬وأن‭ ‬يتخلق‭ ‬بأخلاق‭ ‬النبي‭ ‬الكريم‭ ‬تفكرا‭ ‬وتخلقا‮»‬‭. ‬وبحسب‭ ‬عبدالرحمن‭ ‬فإن‭ ‬أعلى‭ ‬رتبة‭ ‬يصل‭ ‬إليها‭ ‬الفيلسوف‭ ‬المسلم‭ ‬بالاقتداء‭ ‬بالنبي‭ ‬تفكرا‭ ‬وتخلقا‭ ‬هي‭ ‬‮«‬الصديقية‮»‬‭.‬

وأوضح‭ ‬أن‭ ‬الفيلسوف‭ ‬المغربي‭ ‬في‭ ‬كتابه‭ ‬‮«‬السيرة‭ ‬النبوية‭ ‬والتأسيس‭ ‬الأخلاقي‮»‬‭ ‬أن‭ ‬‮«‬القدوة‭ ‬الكامل‮»‬‭ ‬أو‭ ‬‮«‬الأسوة‭ ‬الكامل‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬يتعين‭ ‬الاقتداء‭ ‬به‭ ‬هو‭ ‬‮«‬الإنسان‭ ‬الكامل‮»‬،‭ ‬ولا‭ ‬إنسان‭ ‬أكمل‭ ‬من‭ ‬خاتم‭ ‬النبيين‭ -‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭.‬

يترتب‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الأسباب‭ ‬كما‭ ‬يوضح‭ ‬عبد‭ ‬الرحمن‭ ‬في‭ ‬كتابه‭ ‬‮«‬السيرة‭ ‬النبوية‭ ‬والتأسيس‭ ‬الأخلاقي‮»‬،‭ ‬في‭ ‬معرفة‭ ‬ذاته،‭ ‬إلى‭ ‬الاقتداء‭ ‬بخاتم‭ ‬النبيين‭ -‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬،‭ ‬تحصيلا‭ ‬للحياة‭ ‬الطيبة،‭ ‬وهذا‭ ‬الاقتداء‭ ‬على‭ ‬نوعين‭ ‬‮«‬الاقتداء‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬المنهج‭ ‬العقلي‮»‬‭ ‬و«الاقتداء‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬المسلك‭ ‬الخُلُقي‮»‬‭.‬

أولا‭: ‬الاقتداء‭ ‬في‭ ‬المنهج‭ ‬العقلي‭ ‬بـالنبي‭ ‬الكريم‭.‬

لم‭ ‬يكن‭ ‬النبي‭ ‬الخاتم‭ ‬يتكلم‭ ‬في‭ ‬طرق‭ ‬التفكر‭ ‬على‭ ‬منوال‭ ‬أهل‭ ‬الفلسفة‭ ‬المعرفية،‭ ‬وإنما‭ ‬كان‭ ‬يسلك،‭ ‬عمليا،‭ ‬أكمل‭ ‬هذه‭ ‬الطرق‭ ‬ويحصِّل‭ ‬أفضل‭ ‬ثمارها،‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬يختلي‭ ‬للتفكر‭ ‬في‭ ‬فترات‭ ‬مختلفة‭ ‬ولأيام‭ ‬متواصلة،‭ ‬حتى‭ ‬أتاه‭ ‬الوحي‭.‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬التفكر‭ ‬الطويل،‭ ‬تحقق‭ -‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭- ‬بأن‭ ‬أسمى‭ ‬ما‭ ‬يوصّل‭ ‬إليه‭ ‬‮«‬العقل‮»‬‭ ‬هو‭ ‬‮«‬الصدق‮»‬،‭ ‬فاتخذه‭ ‬خُلقا،‭ ‬حتى‭ ‬دُعي‭ ‬بـ«الصادق‮»‬،‭ ‬وحيث‭ ‬إن‭ ‬الصدق‭ ‬هو‭ ‬الإقرار‭ ‬بالحقيقة،‭ ‬وإن‭ ‬الغاية‭ ‬من‭ ‬المنهج‭ ‬العقلي‭ ‬هي،‭ ‬بالذات،‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬الحقيقة‭ ‬والإقرار‭ ‬بها‭.‬

فلا‭ ‬يسع‭ ‬الفيلسوف‭ ‬المسلم‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬يعتبر‭ ‬‮«‬الصدق‮»‬‭ ‬هو‭ ‬أسمى‭ ‬القيم‭ ‬العقلية،‭ ‬ثم‭ ‬إن‭ ‬‮«‬الصدق‮»‬‭ ‬أفضى‭ ‬بالنبي‭ ‬الخاتم‭ ‬إلى‭ ‬أسمى‭ ‬الحقائق،‭ ‬وهي‭ ‬‮«‬توحيد‭ ‬الربوبية‮»‬،‭ ‬وحينها،‭ ‬لا‭ ‬يسع‭ ‬هذا‭ ‬الفيلسوف‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬يعتبر‭ ‬‮«‬الصدق‮»‬‭ ‬قيمة‭ ‬عقلية‭ ‬موصولة‭ ‬بالأفق‭ ‬الإلهي،‭ ‬بحيث‭ ‬لا‭ ‬حقيقة‭ ‬إلا‭ ‬ولها‭ ‬صلة‭ ‬خاصة‭ ‬بهذا‭ ‬الأفق‭ ‬ينبغي‭ ‬الوقوف‭ ‬عليها‭.‬

لذلك،‭ ‬فإن‭ ‬إدراك‭ ‬الفيلسوف‭ ‬المسلم‭ ‬لضرورة‭ ‬التسديد‭ ‬الإلهي‭ ‬يجعله‭ ‬يقتدي،‭ ‬في‭ ‬معرفة‭ ‬ذاته،‭ ‬بمنهج‭ ‬التفكر‭ ‬النبوي،‭ ‬صدقا‭ ‬وتوحيدا‭.‬

ثانيا‭: ‬الاقتداء‭ ‬في‭ ‬المسلك‭ ‬الخُلقي‭ ‬بالنبي‭ ‬الكريم‭.‬

إذا‭ ‬كان‭ ‬‮«‬صدق‮»‬‭ ‬النبي‭ ‬الخاتم‭ -‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭- ‬دليلا‭ ‬على‭ ‬تحصيله‭ ‬لـ«كمال‭ ‬التفكر‮»‬،‭ ‬فإن‭ ‬أمانته‭ ‬دليل‭ ‬على‭ ‬تحصيله‭ ‬لـ«كمال‭ ‬التخلُّق‮»‬،‭ ‬فإذا‭ ‬كان‭ ‬قومه‭ ‬ينادونه،‭ ‬ولـمّا‭ ‬يُبعث،‭ ‬بـ«الصادق‮»‬،‭ ‬فقد‭ ‬كانوا‭ ‬ينادونه‭ ‬أيضا،‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬معروف،‭ ‬بـ«الأمين‮»‬،‭ ‬حتى‭ ‬صار‭ ‬هذا‭ ‬الاسم‭ ‬لقبا‭ ‬له،‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬يحملهم‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬النداء‭ ‬إلا‭ ‬إدراكهم‭ ‬بأنه‭ -‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭- ‬فُطر‭ ‬على‭ ‬‮«‬الصدق‭ ‬والأمانة‮»‬،‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬أحد‭ ‬يضاهيه‭ ‬فيهما‭.‬

وكما‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الصدق‮»‬‭ ‬وصّله‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬توحيد‭ ‬الإله‮»‬،‭ ‬فكذلك‭ ‬‮«‬الأمانة‮»‬‭ ‬وصَّلته‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬العدل‭ ‬بين‭ ‬الناس‮»‬،‭ ‬بحيث‭ ‬يكون‭ ‬عدله‭ ‬في‭ ‬الناس‭ ‬موصولا‭ ‬بتوحيده‭ ‬لربه،‭ ‬وهكذا،‭ ‬يكون‭ ‬‮«‬التوحيد‮»‬‭ ‬باعتباره‭ ‬أساس‭ ‬‮«‬الأمانة‮»‬‭ ‬و«العدلُ‮»‬‭ ‬باعتباره‭ ‬وسيلتَها،‭ ‬قد‭ ‬جعلا‭ ‬من‭ ‬‮«‬الأمانة‮»‬‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬خُلُق‭ ‬جامع‭ ‬لأخلاق‭ ‬‮«‬الفطرة‮»‬،‭ ‬هذه‭ ‬‮«‬الفطرة‮»‬‭ ‬التي‭ ‬جاء‭ ‬الدين‭ ‬على‭ ‬وفقها‭.‬

لذلك،‭ ‬فإن‭ ‬إدراك‭ ‬الفيلسوف‭ ‬المسلم‭ ‬لحقيقة‭ ‬الفطرة‭ ‬الدينية‭ ‬يجعله‭ ‬يقتدي،‭ ‬في‭ ‬معرفة‭ ‬ذاته،‭ ‬بمسلك‭ ‬التخلق‭ ‬النبوي،‭ ‬أمانة‭ ‬وعدلا‭. ‬ويقول‭ ‬طه‭ ‬عبد‭ ‬الرحمن‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬كتابه‭ ‬‮«‬السيرة‭ ‬النبوية‭ ‬والتأسيس‭ ‬الأخلاقي‮»‬‭ ‬أنه‭ ‬متى‭ ‬توسَّل‭ ‬الفيلسوف‭ ‬المسلم،‭ ‬في‭ ‬معرفة‭ ‬ذاته،‭ ‬بكمال‭ ‬الاقتداء‭ ‬بالنبي‭ ‬الخاتم،‭ ‬تفكُّرا‭ ‬وتخلُّقا،‭ ‬أي‭ ‬صدقا‭ ‬وأمانة،‭ ‬توصَّل‭ ‬إلى‭ ‬حقيقتين‭ ‬أساسيتين‭: ‬إحداهما،‭ ‬أن‭ ‬كمال‭ ‬الحياة‭ ‬الطيبة‭ ‬لا‭ ‬يُدرَك‭ ‬إلا‭ ‬بكمال‭ ‬الاقتداء‭ ‬بالنبي‭ ‬الخاتم،‭ ‬والثانية،‭ ‬أن‭ ‬أعلى‭ ‬رتبة‭ ‬في‭ ‬التفكر‭ ‬والتخلق‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يَصِل‭ ‬إليها‭ ‬الفيلسوف‭ ‬المقتدِي‭ ‬هي‭ ‬رتبة‭ ‬‮«‬الصدّيق‮»‬،‭ ‬إذ‭ ‬يدركها‭ ‬بفضل‭ ‬اتخاذه‭ ‬النبي‭ ‬الخاتم‭ -‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭- ‬قدوة،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬تسليمه‭ ‬بالاجتباء‭ ‬الإلهي‭ ‬الذي‭ ‬خُصَّ‭ ‬به‭. ‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا