العدد : ١٧٠٨٠ - الجمعة ٢٧ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٦ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٨٠ - الجمعة ٢٧ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٦ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

الاسلامي

قراءة في دراسات المستشرق الفرنسي موريس بوكاي عن القرآن الكريم

الجمعة ٠١ نوفمبر ٢٠٢٤ - 02:00

المستشرق‭ ‬الفرنسي‭ ‬موريس‭ ‬بوكاي Maurice Bucaille، ولد‭ ‬عام‭ ‬1920،‭ ‬وكان‭ ‬من‭ ‬أشهر‭ ‬أطباء‭ ‬فرنسا،‭ ‬ثم‭ ‬تحول‭ ‬من‭ ‬الطب‭ ‬إلى‭ ‬دراسة‭ ‬الأديان‭ ‬ومقارنتها،‭ ‬ودراسة‭ ‬الحضارة‭ ‬المصرية‭ ‬القديمة،‭ ‬ومع‭ ‬عام‭ ‬1975‭ ‬سمحت‭ ‬له‭ ‬السلطات‭ ‬المصرية‭ ‬بدراسة‭ ‬مومياء‭ ‬‮«‬مرنبتاح‮»‬،‭ ‬وتوفي‭ ‬في‭ ‬17‭ ‬فبراير‭ ‬1998‭.‬

وفي‭ ‬عام‭ ‬1898‭ ‬اكُتشفت‭ ‬مومياء‭ ‬‮«‬مرنبتاح‮»‬،‭ ‬في‭ ‬وادي‭ ‬الملوك‭ ‬بالأقصر،‭ ‬وهو‭ ‬ابن‭ ‬الملك‭ ‬رمسيس‭ ‬الثاني،‭ ‬وأثبتت‭ ‬الدراسات‭ ‬التي‭ ‬أجراها‭ ‬البروفيسور‭ ‬‮«‬موريس‭ ‬بوكاي‮»‬‭ ‬على‭ ‬المومياء‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬1976‭ ‬أنه‭ ‬الفرعون‭ ‬الذي‭ ‬أغرقه‭ ‬الله‭ -‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭- ‬إذ‭ ‬كشفت‭ ‬التحليلات‭ ‬أنه‭ ‬مات‭ ‬غرقا،‭ ‬لوجود‭ ‬ترسبات‭ ‬ملحية‭ ‬في‭ ‬جثته،‭ ‬لتبدأ‭ ‬قصة‭ ‬جديدة‭ ‬بين‭ ‬‮«‬بوكاي‭ ‬والقرآن‭ ‬ومنهج‭ ‬ومدرسة‭ ‬عرفت‭ ‬بـ«البوكالية‮»‬ Bucailleism لدراسة‭ ‬القرآن‭ ‬تتخذ‭ ‬من‭ ‬العلم‭ ‬حكما‭ ‬على‭ ‬صحة‭ ‬النص‭ ‬الديني‭ ‬في‭ ‬الكتب‭ ‬المقدسة‭ ‬في‭ ‬مقدمتها‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم‭.‬

يقدم‭ ‬كتاب‭ ‬‮«‬موريس‭ ‬بوكاي‭: ‬والقرآن‭ ‬الكريم‭: ‬نحو‭ ‬قراءة‭ ‬توفيقية‭ ‬بين‭ ‬النص‭ ‬والمعطى‭ ‬العلمي‮»‬‭ ‬للدكتور‭ ‬‮«‬محمود‭ ‬كيشانة‮»‬،‭ ‬الصادر‭ ‬عن‭ ‬المركز‭ ‬الاسلامي‭ ‬للدراسات‭ ‬الاستراتيجية،‭ ‬دراسة‭ ‬حول‭ ‬منهجية‭ ‬‮«‬بوكاي‮»‬‭ ‬في‭ ‬النظر‭ ‬للقرآن‭ ‬الكريم‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬منظور‭ ‬العلم‭ ‬الحديث،‭ ‬وكيف‭ ‬أن‭ ‬الرجل‭ ‬سجل‭ ‬شهادات‭ ‬ذات‭ ‬قيمة‭ ‬علمية‭ ‬حول‭ ‬أن‭ ‬الإشارات‭ ‬العلمية‭ ‬التي‭ ‬تحدث‭ ‬عنها‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم،‭ ‬كانت‭ ‬صحيحة‭ ‬علميا،‭ ‬ولم‭ ‬توجد‭ ‬حقيقة‭ ‬علمية‭ ‬واحدة‭ ‬تحدث‭ ‬عنها‭ ‬القرآن،‭ ‬وجاءت‭ ‬مخالفة‭ ‬للعلم‭ ‬الحديث،‭ ‬الكتاب‭ ‬صدر‭ ‬2023م،‭ ‬ضمن‭ ‬سلسلة‭ ‬‮«‬القرآن‭ ‬في‭ ‬الدراسات‭ ‬الغربية‮»‬،‭ ‬ويقع‭ ‬في‭ ‬442‭ ‬صفحة‭.‬

قوة‭ ‬النص‭ ‬القرآني

دراسة‭ ‬‮«‬موريس‭ ‬بوكاي‮»‬‭ ‬للقرآن‭ ‬الكريم‭ ‬جادة،‭ ‬فقد‭ ‬تعاملت‭ ‬مع‭ ‬القرآن‭ ‬بمنهجية‭ ‬مختلفة‭ ‬عن‭ ‬المنهجية‭ ‬الاستشراقية‭ ‬المعادية،‭ ‬فدراسته‭ ‬من‭ ‬منظور‭ ‬علمي‭ ‬تاريخي‭ ‬مقارن،‭ ‬فقد‭ ‬أحدث‭ ‬كتاب‭ ‬‮«‬التوراة‭ ‬والإنجيل‭ ‬والقرآن‭ ‬والعلم‭ ‬الحديث‮»‬‭ ‬الصادر‭ ‬عام‭ ‬1976‭ ‬دويا‭ ‬كبيرا‭ ‬في‭ ‬الحقل‭ ‬الثقافي‭ ‬والاستشراقي،‭ ‬باعتباره‭ ‬تبنى‭ ‬منهجية‭ ‬تخالف‭ ‬المنهجيات‭ ‬الاستشرقية،‭ ‬فقد‭ ‬تبنى‭ ‬منهجية‭ ‬علمية‭ ‬وموضوعية‭ ‬متوافقة‭ ‬مع‭ ‬معطيات‭ ‬العلم‭ ‬الحديث،‭ ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬منهج‭ ‬مقارن‭ ‬مع‭ ‬الكتب‭ ‬الدينية‭ ‬الأخرى‭ ‬خاصة‭ ‬التوراة‭ ‬والإنجيل‭.‬

اتخذ‭ ‬‮«‬بوكاي‮»‬‭ ‬من‭ ‬العلم‭ ‬حكما‭ ‬على‭ ‬صحة‭ ‬النص،‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬يقوم‭ ‬بتحليل‭ ‬النص‭ ‬الديني‭ ‬مستخلصا‭ ‬النتائج،‭ ‬ثم‭ ‬يضعها‭ ‬في‭ ‬ميزان‭ ‬العلم،‭ ‬ثم‭ ‬يبحث‭ ‬مدى‭ ‬توافق‭ ‬النص‭ ‬مع‭ ‬العلم،‭ ‬ومن‭ ‬تلك‭ ‬القضايا‭: ‬الطوفان،‭ ‬خلق‭ ‬العالم،‭ ‬خلق‭ ‬الإنسان،‭ ‬عالم‭ ‬النبات‭ ‬والحيوان،‭ ‬وبعض‭ ‬القضايا‭ ‬التاريخية،‭ ‬ليخلص‭ ‬أن‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الروايات‭ ‬التوارتية‭ ‬لا‭ ‬تتوافق‭ ‬مع‭ ‬المعارف‭ ‬العلمية‭ ‬الحديثة،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬قاده‭ ‬إلى‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬مصدرية‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم‭.‬

اعترف‭ ‬‮«‬بوكاي‮»‬‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الكتاب‭ ‬بقوة‭ ‬النص‭ ‬القرآني،‭ ‬وقال‭: ‬‮«‬لقد‭ ‬قمت‭ ‬أولاً‭ ‬بدراسة‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم،‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬فكر‭ ‬مسبق‭ ‬وبموضوعيّة‭ ‬تامّة،‭ ‬باحثًا‭ ‬عن‭ ‬درجة‭ ‬اتّفاق‭ ‬نص‭ ‬القرآن‭ ‬ومعطيات‭ ‬العلم‭ ‬الحديث،‭ ‬وكنت‭ ‬أعرف‭ -‬قبل‭ ‬هذه‭ ‬الدراسة‭ ‬وعن‭ ‬طريق‭ ‬الترجمات‭- ‬أنّ‭ ‬القرآن‭ ‬يذكر‭ ‬أنواعًا‭ ‬كثيرةً‭ ‬من‭ ‬الظواهر‭ ‬الطبيعيّة،‭ ‬ولكن‭ ‬معرفتي‭ ‬كانت‭ ‬وجيزة،‭ ‬وبفضل‭ ‬الدّراسة‭ ‬الواعية‭ ‬للنصّ‭ ‬العربيّ‭ ‬استطعتُ‭ ‬أن‭ ‬أحقّق‭ ‬قائمة،‭ ‬أدركت‭ ‬بعد‭ ‬الانتهاء‭ ‬منها‭ ‬أنّ‭ ‬القرآن‭ ‬لا‭ ‬يحتوي‭ ‬على‭ ‬أيَّ‭ ‬مقولة‭ ‬قابلة‭ ‬للنقد‭ ‬من‭ ‬وجهة‭ ‬نظر‭ ‬العلم‭ ‬في‭ ‬العصر‭ ‬الحديث‮»‬‭.‬

تثبت‭ ‬دراسة‭ ‬‮«‬بوكاي‮»‬‭ ‬أن‭ ‬القرآن‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬فيه‭ ‬أي‭ ‬خطأ‭ ‬علمي،‭ ‬لكن‭ ‬الرجل‭ ‬لم‭ ‬يتوقف‭ ‬عند‭ ‬تلك‭ ‬النتيجة‭ ‬والحقيقة،‭ ‬ولكن‭ ‬انطلق‭ ‬منها‭ ‬للتساؤل‭: ‬كيف‭ ‬يستطيع‭ ‬إنسان‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬السابع‭ ‬الميلادي‭ ‬أن‭ ‬يكتب‭ ‬حقائق‭ ‬لا‭ ‬تنتمي‭ ‬إلى‭ ‬عصره؟‭ ‬وكان‭ ‬هذا‭ ‬التساؤل‭ ‬مدخله‭ ‬لتأكيد‭ ‬أن‭ ‬مصدرية‭ ‬القرآن‭ ‬ليست‭ ‬بشرية‭.‬

المنهجية‭ ‬العلمية

كان‭ ‬منهج‭ ‬‮«‬بوكاي‮»‬‭ ‬يعرف‭ ‬للدين‭ ‬هيبته‭ ‬وللعلم‭ ‬أمانته،‭ ‬فكان‭ ‬منهجا‭ ‬متميزا،‭ ‬قدم‭ ‬فيه‭ ‬قراءة‭ ‬علمية‭ ‬ومعرفية‭ ‬بعيدة‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬معطيات‭ ‬أيديولوجية‭ ‬أو‭ ‬تعصب‭ ‬ديني‭ ‬أو‭ ‬مذهبي،‭ ‬وربما‭ ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬قاده‭ ‬إلى‭ ‬إدراك‭ ‬الاتساق‭ ‬في‭ ‬النص‭ ‬القرآني‭ ‬مع‭ ‬الحقائق‭ ‬العلمية‭ ‬والتاريخية،‭ ‬فانطلقت‭ ‬القراءة‭ ‬من‭ ‬الضمير،‭ ‬وحملت‭ ‬مضمونا‭ ‬علميا‭ ‬ثقافيا‭.‬

اعترف‭ ‬‮«‬بوكاي‮»‬‭ ‬أن‭ ‬القرآن‭ ‬كان‭ ‬منطلقه‭ ‬الأول،‭ ‬فقام‭ ‬بقراءة‭ ‬متأنية،‭ ‬غايتها‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬الحقيقة،‭ ‬فكان‭ ‬يستخلص‭ ‬المعنى‭ ‬من‭ ‬الآية‭ ‬الكريمة،‭ ‬ثم‭ ‬يقارنه‭ ‬بالمعطيات‭ ‬العلمية‭ ‬والتاريخية،‭ ‬ثم‭ ‬يُدلي‭ ‬برأيه،‭ ‬وهو‭ ‬الرأي‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬دوما‭ ‬في‭ ‬صالح‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم،‭ ‬كانت‭ ‬قراءته‭ ‬غير‭ ‬مستعجلة‭ ‬وغير‭ ‬متسرعة‭ ‬في‭ ‬إصدار‭ ‬الأحكام‭ ‬أو‭ ‬إظهار‭ ‬النتائج،‭ ‬لذلك‭ ‬كثرت‭ ‬النصوص‭ ‬التي‭ ‬يسوقها‭ ‬في‭ ‬موضوع‭ ‬واحد،‭ ‬وكان‭ ‬يطرح‭ ‬القضية‭ ‬من‭ ‬أبعاد‭ ‬متعددة،‭ ‬ولا‭ ‬يصدر‭ ‬الحكم‭ ‬إلا‭ ‬بعد‭ ‬استيفاء‭ ‬حيثياته،‭ ‬وكانت‭ ‬قراءته‭ ‬ذات‭ ‬نزعة‭ ‬نقدية،‭ ‬فكان‭ ‬يدرس‭ ‬بُعد‭ ‬الكتب‭ ‬الدينية‭ ‬أو‭ ‬قربها‭ ‬من‮ ‬‭ ‬الحقيقية‭ ‬العلمية‭.‬

ويحسب‭ ‬لـ«بوكاي‮»‬‭ ‬أنه‭ ‬ألزم‭ ‬نفسه‭ ‬بدراسة‭ ‬القرآن‭ ‬بلغته‭ ‬الأصلية،‭ ‬لذلك‭ ‬تعلم‭ ‬اللغة‭ ‬العربية،‭ ‬وكان‭ ‬يرى‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬يجنبه‭ ‬الوقوع‭ ‬في‭ ‬الأخطاء،‭ ‬وكان‭ ‬من‭ ‬النتائج‭ ‬التي‭ ‬توصل‭ ‬إليها،‭ ‬هي‭ ‬رفضه‭ ‬للقول‭ ‬بأن‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الأساطير،‭ ‬فرفض‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬‮«‬أسطرة‭ ‬القرآن‮»‬،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬كان‭ ‬يدرك‭ ‬أن‭ ‬اللغة‭ ‬العربية،‭ ‬وحدها،‭ ‬غير‭ ‬كافية‭ ‬للكشف‭ ‬عن‭ ‬الحقائق‭ ‬العلمية‭ ‬في‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم،‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬ينظر‭ ‬الى‭ ‬القرآن‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬كتاب‭ ‬يقدم‭ ‬الأنظمة‭ ‬التي‭ ‬تحكم‭ ‬الكون،‭ ‬وأن‭ ‬الإشارات‭ ‬الموجودة‭ ‬فيه‭ ‬غايتها‭ ‬استنهاض‭ ‬التفكير‭ ‬للنظر‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الكون‭.‬

والحقيقة‭ ‬أن‭ ‬‮«‬بوكاي‮»‬‭ ‬لم‭ ‬ينظر‭ ‬الى‭ ‬القرآن‭ ‬ككتاب‭ ‬علمي،‭ ‬أو‭ ‬كتاب‭ ‬يحوي‭ ‬قوانين‭ ‬علمية،‭ ‬وإنما‭ ‬كان‭ ‬يبحث‭ ‬فيه‭ ‬عن‭ ‬أفكار‭ ‬وإشارات‭ ‬للظواهر‭ ‬الطبيعية،‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬هدفها‭ ‬إظهار‭ ‬القدرة‭ ‬الإلهية‭ ‬المطلقة،‭ ‬وهذه‭ ‬الإشارات‭ ‬تتبدى‭ ‬أمام‭ ‬أنظار‭ ‬الناس‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬الأزمان،‭ ‬لذلك‭ ‬كانت‭ ‬تعتريه‭ ‬الدهشة‭ ‬من‭ ‬حديث‭ ‬القرآن‭ ‬عن‭ ‬قضية‭ ‬خلق‭ ‬الإنسان،‭ ‬والتوافق‭ ‬بينها‭ ‬وبين‭ ‬العلم‭ ‬الحديث،‭ ‬وكان‭ ‬الرجل‭ ‬أمينا،‭ ‬إذ‭ ‬أكد‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬إخضاع‭ ‬كل‭ ‬إشارات‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم‭ ‬إلى‭ ‬العلم‭ ‬الحديث،‭ ‬ليس‭ ‬لأنها‭ ‬منافية‭ ‬للعلم،‭ ‬بل‭ ‬لإيمانه‭ ‬بأنها‭ ‬فوق‭ ‬مستوى‭ ‬العلم،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬لا‭ ‬يسع‭ ‬العلم‭ ‬إلا‭ ‬الإذعان‭ ‬والخضوع‭ ‬لها،‭ ‬وكان‭ ‬يرى‭ ‬أن‭ ‬العلم‭ ‬‮«‬لا‭ ‬يفسّر‭ ‬المعجزات؛‭ ‬إذ‭ ‬إنّها‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬المبدأ‭ ‬تخرج‭ ‬عن‭ ‬تفسيره‮»‬‭.‬

وبحسب الكتاب،‭ ‬فإن‭ ‬من‭ ‬أقوى‭ ‬النقاط‭ ‬المنهجية‭ ‬عند‭ ‬‮«‬بوكاي‮»‬‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬ينظر‭ ‬إلى‭ ‬القرآن‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬كتاب‭ ‬مماثل‭ ‬للكتاب‭ ‬المقدس،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬مصدريهما‭ ‬لم‭ ‬يكونا‭ ‬في‭ ‬نظره‭ ‬متماثلين،‭ ‬فرأى‭ ‬‮«‬بوكاي‮»‬‭ ‬أن‭ ‬الكتاب‭ ‬المقدس،‭ ‬كتاب‭ ‬تجاور‭ ‬فيه‭ ‬بجانب‭ ‬النص‭ ‬الأصلي،‭ ‬روايات‭ ‬متعددة‭ ‬وغير‭ ‬صحيحة،‭ ‬ومعتقدات‭ ‬يتعلق‭ ‬بعضها‭ ‬بالعصر‭ ‬الذي‭ ‬كتب‭ ‬فيه،‭ ‬وبعضها‭ ‬لا‭ ‬يعدو‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬أساطير‭ ‬وأباطيل،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬لم‭ ‬يحدث‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬القرآن‭.‬

وربما‭ ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬عرضه‭ ‬لنقد‭ ‬من‭ ‬المتعصبين،‭ ‬أما‭ ‬هو‭ ‬فانتقد‭ ‬المواقف‭ ‬الغربية‭ ‬المتعصبة‭ ‬ضد‭ ‬القرآن،‭ ‬وأزاح‭ ‬جزءا‭ ‬من‭ ‬الظلم‭ ‬الذي‭ ‬تعرض‭ ‬له‭ ‬القرآن‭ ‬في‭ ‬القراءة‭ ‬الغربية،‭ ‬فكان‭ ‬ينتقد‭ ‬الصورة‭ ‬السلبية‭ ‬المرسومة‭ ‬للإسلام‭ ‬في‭ ‬الغرب،‭ ‬وقام‭ ‬بتصحيح‭ ‬بعض‭ ‬الترجمات‭ ‬الغربية‭ ‬التي‭ ‬أساءت‭ ‬للقرآن‭ ‬الكريم،‭ ‬وانتقد‭ ‬الشروح‭ ‬الخاطئة‭ ‬للنص‭ ‬القرآني،‭ ‬وكان‭ ‬من‭ ‬نتيجة‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬أظهر‭ ‬الوجه‭ ‬المشرق‭ ‬للقرآن‭ ‬الكريم‭.‬

لكن‭ ‬الكتاب‭ ‬يأخذ‭ ‬على‭ ‬‮«‬بوكاي‮»‬‭ ‬تهافت‭ ‬منهجه‭ ‬عند‭ ‬النظر‭ ‬للحديث‭ ‬النبوي‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الطب‭ ‬والمعالجة،‭ ‬فقد‭ ‬حملت‭ ‬بعض‭ ‬تعليقاته‭ ‬نوعا‭ ‬من‭ ‬الانتقاص‭ ‬للحديث‭ ‬النبوي،‭ ‬ولم‭ ‬يدرك‭ ‬أن‭ ‬الحديث‭ ‬النبوي‭ ‬هو‭ ‬المصدر‭ ‬الثاني‭ ‬للتشريع،‭ ‬فجاء‭ ‬موقفه‭ ‬من‭ ‬الحديث‭ ‬مغايرا‭ ‬لموقفه‭ ‬مع‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم،‭ ‬ومع‭ ‬هذا‭ ‬فالكتاب‭ ‬زاخر‭ ‬باجتهادات‭ ‬‮«‬بوكاي‮»‬‭ ‬في‭ ‬سرد‭ ‬الحقائق‭ ‬العلمية‭ ‬وعلاقتها‭ ‬بالقرآن‭ ‬الكريم،‭ ‬ليخلص‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬القرآن‭ ‬يحوي‭ ‬إعجازا‭ ‬علميا‭ ‬لا‭ ‬مثيل‭ ‬له‭. ‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا