العدد : ١٧٠٨٢ - الأحد ٢٩ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٨ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٨٢ - الأحد ٢٩ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٨ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

الاسلامي

مكانة العلم والعلماء في الوعي الإسلامي(2)

الجمعة ٠٨ سبتمبر ٢٠٢٣ - 02:00

بقلم‭:  ‬د‭. ‬بدران‭ ‬بن‭ ‬لحسن‭ ‬{

 

إن‭ ‬العلم‭ ‬هو‭ ‬الطريق‭ ‬لتقوى‭ ‬الله‭ ‬وخشيته‭ ‬وحسن‭ ‬عبادته،‭ ‬لأن‭ ‬العلم‭ ‬هو‭ ‬الطريق‭ ‬السنني‭ ‬الذي‭ ‬أسس‭ ‬له‭ ‬القرآن؛‭ ‬طريقاً‭ ‬وحيداً‭ ‬لمعرفة‭ ‬الله،‭ ‬فلا‭ ‬يوجد‭ ‬طريق‭ ‬سحري‭ ‬أو‭ ‬خرافي‭ ‬أو‭ ‬أسطوري،‭ ‬بل‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬كتاب‭ ‬الخلق‭ ‬والوجود‭ ‬يصل‭ ‬الإنسان‭ ‬إلى‭ ‬إدراك‭ ‬الحقيقة‭ ‬الدينية‭. ‬يقول‭ ‬تعالى‭: ‬‮«‬أَلَمْ‭ ‬تَرَ‭ ‬أَنَّ‭ ‬اللَّهَ‭ ‬أَنزَلَ‭ ‬مِنَ‭ ‬السَّمَاءِ‭ ‬مَاءً‭ ‬فَأَخْرَجْنَا‭ ‬بِهِ‭ ‬ثَمَرَاتٍ‭ ‬مُّخْتَلِفًا‭ ‬أَلْوَانُهَا‭ ‬وَمِنَ‭ ‬الْجِبَالِ‭ ‬جُدَدٌ‭ ‬بِيضٌ‭ ‬وَحُمْرٌ‭ ‬مُّخْتَلِفٌ‭ ‬أَلْوَانُهَا‭ ‬وَغَرَابِيبُ‭ ‬سُودٌ‭ ‬وَمِنَ‭ ‬النَّاسِ‭ ‬وَالدَّوَابِّ‭ ‬وَالْأَنْعَامِ‭ ‬مُخْتَلِفٌ‭ ‬أَلْوَانُهُ‭ ‬كَذَلِكَ‭ ‬إِنَّمَا‭ ‬يَخْشَى‭ ‬اللَّهَ‭ ‬مِنْ‭ ‬عِبَادِهِ‭ ‬الْعُلَمَاءُ‭ ‬إِنَّ‭ ‬اللَّهَ‭ ‬عَزِيزٌ‭ ‬غَفُورٌ‮»‬‭ ‬‭[‬سورة‭ ‬فاطر‭: ‬27‭-‬28‭]‬،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬العلماء‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬حقول‭ ‬المعرفة‭ ‬مقدمين‭ ‬على‭ ‬غيرهم‭ ‬دينيا،‭ ‬لأنهم‭ ‬يدركون‭ ‬الحق‭ ‬عن‭ ‬علم‭ ‬وبيّنة‭.‬

ولهذا‭ ‬لا‭ ‬يستوي‭ ‬العالم‭ ‬والجاهل‭ ‬عند‭ ‬الله،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬العالم‭ ‬مقدم‭ ‬على‭ ‬غيره،‮ «‬قُلْ‭ ‬هَلْ‭ ‬يَسْتَوِي‭ ‬الَّذِينَ‭ ‬يَعْلَمُونَ‭ ‬وَالَّذِينَ‭ ‬لَا‭ ‬يَعْلَمُونَ‭ ‬إِنَّمَا‭ ‬يَتَذَكَّرُ‭ ‬أُولُو‭ ‬الْأَلْبَابِ‮»‬‭ ‬‭[‬سورة‭ ‬الزمر‭: ‬9‭]‬،‭ ‬لأن‭ ‬العالم‭ ‬هو‭ ‬أول‭ ‬من‭ ‬يدرك‭ ‬الحقائق‭ ‬بتدبر‭ ‬وتفكر‭ ‬وتعقل،‭ ‬فيدركون‭ ‬الحق،‭ ‬ويسلمون‭ ‬به‭ ‬تسليما‭ ‬بعد‭ ‬برهان،‭ ‬‮«‬وَلِيَعْلَمَ‭ ‬الَّذِينَ‭ ‬أُوتُوا‭ ‬الْعِلْمَ‭ ‬أَنَّهُ‭ ‬الْحَقُّ‭ ‬مِن‭ ‬رَّبِّكَ‭ ‬فَيُؤْمِنُوا‭ ‬بِهِ‭ ‬فَتُخْبِتَ‭ ‬لَهُ‭ ‬قُلُوبُهُمْ‭ ‬وَإِنَّ‭ ‬اللَّهَ‭ ‬لَهَادِ‭ ‬الَّذِينَ‭ ‬آمَنُوا‭ ‬إِلَى‭ ‬صِرَاطٍ‭ ‬مُّسْتَقِيمٍ‮»‬‭ ‬‭[‬سورة‭ ‬الحج‭: ‬54‭]‬‭.‬

إن‭ ‬ما‭ ‬أردنا‭ ‬تأكيده‭ ‬أن‭ ‬آيات‭ ‬العلم‭ ‬في‭ ‬الكتاب‭ ‬العزيز‭ ‬تجاوزت‭ ‬ثمانمائة‭ ‬آية،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬الآيات‭ ‬التي‭ ‬شملت‭ ‬الدعوة‭ ‬إلى‭ ‬العلم،‭ ‬وإن‭ ‬لم‭ ‬تستعمل‭ ‬لفظه‭ ‬بل‭ ‬استعملت‭ ‬مفردات‭ ‬أخرى‭ ‬يتضمنها‭ ‬العلم‭ ‬كعرِفَ،‭ ‬وبان،‭ ‬ورأى،‭ ‬ونظر،‭ ‬وعقل،‭ ‬وغيرها،‭ ‬والتي‭ ‬تشمل‭ ‬العلم‭ ‬بشموله‭ ‬وبأنواعه‭ ‬المختلفة‭. ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الآيات‭ ‬جاءت‭ ‬لترسم‭ ‬صورة‭ ‬غاية‭ ‬في‭ ‬التكريم‭ ‬والتقدير‭ ‬للعلم‭ ‬والعلماء‭.‬

كما‭ ‬أن‭ ‬السنة‭ ‬الشريفة‭ ‬أيضا‭ ‬حفلت‭ ‬بالأحاديث‭ ‬التي‭ ‬ترفع‭ ‬من‭ ‬قيمة‭ ‬العلم‭ ‬والعلماء‭. ‬بل‭ ‬إن‭ ‬النبي‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬في‭ ‬سنته‭ ‬وسيرته‭ ‬كان‭ ‬يمجد‭ ‬العلم‭ ‬ويحضّ‭ ‬عليه‭ ‬ويقدم‭ ‬العالم‭ ‬على‭ ‬غيره‭ ‬في‭ ‬أمور‭ ‬الدين‭ ‬والدنيا،‭ ‬وجعل‭ ‬من‭ ‬طلب‭ ‬العلم‭ ‬فريضة‭ ‬مثله‭ ‬مثل‭ ‬الصلاة‭ ‬والزكاة‭ ‬والصوم‭ ‬والحج‭ ‬وبقية‭ ‬فرائض‭ ‬الدين‭.‬

وهذا‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬للعلم‭ ‬والعلماء‭ ‬الصدارة‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬المجتمع‭ ‬وتحقيق‭ ‬العمران‭ ‬وإنجاز‭ ‬مشروع‭ ‬الاستخلاف‭ ‬في‭ ‬الأرض‭.‬

{‭ ‬باحث‭ ‬جزائري،‭ ‬دكتوراه‭ ‬في‭ ‬دراسات‭ ‬الحضارة‭ ‬والفلسفة

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا