العدد : ١٧٠٨٢ - الأحد ٢٩ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٨ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٨٢ - الأحد ٢٩ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٨ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

الاسلامي

العلم الحديث يقف إجلالا أمام جلال القرآن العظيم

الجمعة ٠٧ يوليو ٢٠٢٣ - 02:00

بقلم‭: ‬مريم‭ ‬سليمان

القرآن‭ ‬العظيم‭ ‬هو‭ ‬كلام‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬الخالد،‭ ‬المُنزل‭ ‬على‭ ‬سيدنا‭ ‬محمد‭ (‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭) ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬أمين‭ ‬الوحي‭ ‬سيدنا‭ ‬جبريل‭ ‬عليه‭ ‬السلام،‭ ‬المنقول‭ ‬إلينا‭ ‬بالتواتر،‭ ‬المتعبد‭ ‬بتلاوته،‭ ‬المبدوء‭ ‬بسورة‭ ‬الفاتحة،‭ ‬المختوم‭ ‬بسورة‭ ‬الناس،‭ ‬هكذا‭ ‬نؤمن‭ ‬وهذه‭ ‬عقيدتنا‭.‬

وقد‭ ‬أراد‭ ‬الله‭ -‬عز‭ ‬وجل‭- ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬القرآن‭ ‬العظيم‭ ‬هو‭ ‬‮«‬مسك‭ ‬الختام‭ ‬للأنام‮»‬؛‭ ‬فهو‭ ‬آخر‭ ‬الكتب‭ ‬السماوية‭ ‬المنزلة‭ ‬على‭ ‬خاتم‭ ‬الأنبياء‭ ‬والمرسلين‭ ‬سيدنا‭ ‬محمد‭ ‬عليه‭ ‬الصلاة‭ ‬والسلام،‭ ‬الذي‭ ‬جاء‭ ‬برسالة‭ ‬عالمية‭ ‬خاتمة‭ ‬وصالحة‭ ‬لكل‭ ‬زمان‭ ‬ومكان‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬يقوم‭ ‬الناس‭ ‬لله‭ ‬رب‭ ‬العالمين‭.‬

وقد‭ ‬اشتمل‭ ‬القرآن‭ ‬العظيم‭ ‬المعجز‭ ‬وهو‭ ‬‮«‬دستور‭ ‬المسلمين‮»‬‭ ‬على‭ ‬قضايا‭ ‬مركزية‭ ‬كبرى،‭ ‬ستظل‭ ‬شاهد‭ ‬عيان‭ ‬على‭ ‬سموه‭ ‬وشموخه‭ ‬أشار‭ ‬إليها‭ ‬الشيخ‭ ‬محمد‭ ‬الغزالي‭ ‬رحمه‭ ‬الله،‭ ‬صاحب‭: ‬‮«‬المحاور‭ ‬الخمسة‭ ‬للقرآن‭ ‬الكريم‮»‬‭ ‬وهي‭: ‬‮«‬الله‭ ‬الواحد،‭ ‬والكون‭ ‬الدال‭ ‬على‭ ‬خالقه،‭ ‬والقصص‭ ‬القرآني،‭ ‬والبعث‭ ‬والجزاء،‭ ‬والتربية‭ ‬والتشريع‮»‬‭. ‬وأضيف‭ ‬إليها‭ ‬الإعجاز‭ ‬العلمي‭ ‬واللغوي‭ ‬والبياني‭ ‬والغيبي‭ ‬والعددي‭ ‬وغيره‭.‬

لقد‭ ‬تحدث‭ ‬القرآن‭ ‬العظيم‭ ‬عن‭ ‬قصص‭ ‬الغابرين‭ ‬والسابقين‭ ‬وأحوالهم‭ ‬بشكل‭ ‬دقيق‭ ‬وصحيح‭ ‬وصوّر‭ ‬أحوالهم‭ ‬تصويرا‭ ‬دقيقا‭ ‬بحبكة‭ ‬بلاغية‭ ‬وبيانية‭ ‬تفوح‭ ‬إعجازا‭ ‬وكأنهم‭ ‬أمامنا‭. ‬تحدث‭ ‬القرآن‭ ‬عن‭ ‬قضايا‭ ‬إعجازية‭ ‬سواء‭ ‬أكانت‭ ‬عن‭: ‬

‭- ‬الكون‭ ‬بأرضه‭ ‬وسمائه‭ ‬وبحاره‭ ‬وأنهاره‭ ‬ورماله‭ ‬ورياحه‭ ‬وأشجاره‭ ‬وثماره‭. ‬

‭- ‬أم‭ ‬المخلوقات‭ ‬التي‭ ‬نراها‭ ‬والتي‭ ‬لا‭ ‬نراها‭.‬

‭- ‬أم‭ ‬الفضاء‭ ‬أم‭ ‬الجغرافيا‭ ... ‬إلخ‭ ‬

لقد‭ ‬تحدث‭ ‬القرآن‭ ‬بدقة‭ ‬فائقة‭ ‬عن‭ ‬أطوار‭ ‬خلق‭ ‬الإنسان،‭ ‬ويأتي‭ ‬العلم‭ ‬الحديث‭ ‬ليقف‭ ‬حائرا‭ ‬أمام‭ ‬هذه‭ ‬الحقائق‭ ‬البالغة‭ ‬الدقة،‭ ‬وغيرها‭ ‬كثير‭...‬إلخ‭.‬

يقف‭ ‬العلم‭ ‬الحديث‭ ‬إجلالا‭ ‬وإكبارا‭ ‬وتواضعا‭ ‬أمام‭ ‬هذه‭ ‬الحقائق‭ ‬التي‭ ‬تحدث‭ ‬عنها‭ ‬القرآن‭ ‬العظيم‭ ‬منذ‭ ‬زمن‭ ‬بعيد‭. ‬ولست‭ ‬هنا‭ ‬بصدد‭ ‬هذه‭ ‬القضايا‭ ‬الكبرى‭ ‬الذي‭ ‬تحدث‭ ‬عنها‭ ‬القرآن‭ ‬كالعقيدة‭ ‬والشريعة‭ ‬والقانون‭ ‬والأخلاق‭ ‬والعادات‭ ‬والمعاملات‭ ‬والعلاقات‭ ‬الدولية‭... ‬وغيرها‭ ‬كثير،‭ ‬ولكنني‭ ‬أود‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬قضية‭ ‬بالغة‭ ‬الدقة‭ ‬والأهمية،‭ ‬وهي‭ ‬مخاطبة‭ ‬النشء‭ ‬بمنهج‭ ‬جديد،‭ ‬بأدلة‭ ‬عقلية‭ ‬دامغة‭ ‬تبرهن‭ ‬بما‭ ‬لا‭ ‬يدع‭ ‬مجالا‭ ‬للشك‭ ‬على‭ ‬نسبة‭ ‬القرآن‭ ‬لله‭ ‬العظيم،‭ ‬بحيث‭ ‬يضاف‭ ‬جنبا‭ ‬إلى‭ ‬جنب‭ ‬مع‭ ‬الأدلة‭ ‬الواردة‭ ‬في‭ ‬الكتاب‭ ‬والسنة‭.‬

إن‭ ‬النشء‭ ‬والشباب‭ ‬المسلم‭ ‬يعيشون‭ ‬عصرا‭ ‬يموج‭ ‬بالتحديات‭ ‬العقدية‭ ‬والاغتراب،‭ ‬والتأثر‭ ‬بل‭ ‬الانبهار‭ ‬بحضارات‭ ‬الآخرين،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يدعونا‭ ‬إلى‭ ‬إظهار‭ ‬الحق‭ ‬الذي‭ ‬نحن‭ ‬عليه‭ ‬بأبهى‭ ‬صورة‭ ‬ومنهج‭... ‬

إن‭ ‬التدليل‭ ‬العقلي‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم‭ ‬من‭ ‬عند‭ ‬الله،‭ ‬وليس‭ ‬من‭ ‬عند‭ ‬البشر،‭ ‬يرسخ‭ ‬الإيمان‭ ‬في‭ ‬قلوب‭ ‬شبابنا،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬العقل‭ ‬المسلم‭ ‬والشباب‭ ‬المسلم‭ ‬والهوية‭ ‬الإسلامية،‭ ‬وتستهدف‭ ‬التشكيك‭ ‬في‭ ‬عقيدته‭ ‬وشريعته‭ ‬وقيمه،‭ ‬فأعتقد‭ ‬أننا‭ ‬في‭ ‬حاجة‭ ‬كبيرة‭ ‬إلى‭ ‬تمكين‭ ‬المنهج‭ ‬العقلي‭ ‬مع‭ ‬الجانب‭ ‬الإيماني،‭ ‬لمواجهة‭ ‬هذه‭ ‬الحملات‭ ‬المنظمة،‭ ‬ومجابهة‭ ‬خطر‭ ‬خطير‭ ‬وهو‭ ‬الإلحاد‭ ‬الممنهج‭ ‬الذي‭ ‬يستهدف‭ ‬سلخ‭ ‬البشر‭ ‬من‭ ‬الإيمان‭ ‬بالله،‭ ‬والقضاء‭ ‬على‭ ‬فكرة‭ ‬الأديان‭ ‬والأوطان،‭ ‬والقيم‭ ‬والغيبيات،‭ ‬ليعيش‭ ‬الإنسان‭ ‬وكأنه‭ ‬في‭ ‬غابة‭ ‬كبيرة‭.‬

أحدثكم‭ ‬من‭ ‬هنا‭ ‬وأنا‭ ‬من‭ ‬الشباب‭ ‬وأعرف‭ ‬كيف‭ ‬يفكرون،‭ ‬فدعونا‭ ‬نفتش‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬من‭ ‬المخرجات‭ ‬العقلية‭ ‬الدقيقة‭ ‬التي‭ ‬تدلل‭ ‬على‭ ‬صدق‭ ‬الرسول‭ ‬العظيم‭ ‬فيما‭ ‬بلَّغ‭ ‬عن‭ ‬رب‭ ‬العزة‭ ‬سبحانه‭... ‬لقد‭ ‬شاء‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬محمداً‭ ‬نبيًّا‭ ‬أمياً،‭ ‬وأن‭ ‬يكون‭ ‬مشهوراً‭ ‬بين‭ ‬قومه‭ ‬بالصدق‭ ‬الكامل‭ ‬والأمانة‭ ‬البالغة،‭ ‬والاستقامة‭ ‬والمهابة‭ ‬والجلال،‭ ‬بل‭ ‬تجمعت‭ ‬فيه‭ ‬كل‭ ‬صفات‭ ‬الكمال‭ ‬البشري،‭ ‬وقد‭ ‬رباه‭ ‬ربه‭ ‬وأدّبه‭ ‬أحسن‭ ‬تأديب،‭ ‬وأعدَّه‭ ‬لتحمل‭ ‬أعباء‭ ‬الرسالة‭ ‬ونزول‭ ‬القرآن‭ ‬العظيم‭ ‬عليه،‭ ‬ومع‭ ‬ما‭ ‬تمتع‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬الصدق‭ ‬والأمانة‭ ‬بين‭ ‬قومه‭ ‬حيث‭ ‬كانوا‭ ‬يلقبونه‭ ‬بالصادق‭ ‬الأمين‭ ‬كما‭ ‬قلت،‭ ‬إلا‭ ‬أنهم‭ ‬بمجرد‭ ‬نزول‭ ‬القرآن‭ ‬عليه‭ ‬بدأوا‭ ‬بالتشكيك‭ ‬فيه‭ ‬وفيما‭ ‬نزل‭ ‬عليه،‭ ‬وقد‭ ‬رد‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم‭ ‬عليهم‭ ‬وعلى‭ ‬مزاعمهم‭ ‬وكذبهم‭. ‬إن‭ ‬القرآن‭ ‬بكر‭ ‬دائم‭ ‬العطاء‭ ‬يأتي‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬بالجديد‭ ‬المتواتر،‭ ‬وتأتي‭ ‬الحقائق‭ ‬العلمية‭ ‬لتؤكد‭ ‬ما‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬القرآن‭ ‬العظيم،‭ ‬وسيظل‭ ‬كذلك‭ ‬إلى‭ ‬قيام‭ ‬الساعة‭.‬

باحثة‭ ‬مصرية‭ ‬في‭ ‬الفكر‭ ‬الإسلامي‭ ‬وفلسفة‭ ‬القانون

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا