العدد : ١٧٠٨١ - السبت ٢٨ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٧ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٨١ - السبت ٢٨ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٧ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

الاسلامي

(قل لـن يـصـيـبـنـا إلا ما كتب الله لـنـا)

الجمعة ١٢ مايو ٢٠٢٣ - 02:00

بقلم‭: ‬أ‭. ‬د‭. ‬أمين‭ ‬عبداللطيف‭ ‬المليجي

قبل‭ ‬أن‭ ‬أبدأ‭ ‬في‭ ‬تدبر‭ ‬هذه‭ ‬الآية‭ ‬الكريمة،‭ ‬أود‭ ‬تأكيد‭ ‬أمر‭ ‬مهم،‭ ‬وهو‭ ‬أن‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬خالقنا‭ ‬ويعلم‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬عنا،‭ ‬يعلم‭ ‬خائنة‭ ‬الأعين‭ ‬وما‭ ‬تخفي‭ ‬الصدور،‭ ‬وهو‭ ‬أقرب‭ ‬إلينا‭ ‬من‭ ‬حبل‭ ‬الوريد،‭ ‬وإن‭ ‬مسألة‭ ‬القضاء‭ ‬والقدر‭ ‬حق‭ ‬والإيمان‭ ‬بها‭ ‬مسلم‭ ‬به،‭ ‬أي‭ ‬إن‭ ‬لكل‭ ‬إنسان‭ ‬قدره‭ ‬الذي‭ ‬حدده‭ ‬الله‭ ‬له،‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬أمور‭ ‬لا‭ ‬دخل‭ ‬للإنسان‭ ‬فيها،‭ ‬مثل‭ ‬عمر‭ ‬الإنسان‭ ‬ورزقه‭ ‬وما‭ ‬سيحدث‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬يأخذ‭ ‬بكل‭ ‬الأسباب،‭ ‬ولكن‭ ‬هناك‭ ‬أمورا‭ ‬يفعلها‭ ‬الإنسان‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬نفسه‭ ‬أو‭ ‬بوسوسة‭ ‬الشياطين‭ ‬وتلك‭ ‬الأمور‭ ‬التي‭ ‬سيكتبها‭ ‬الله‭ ‬لنا،‭ ‬ودليلي‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬الآية‭ ‬التي‭ ‬عنونت‭ ‬بها‭ ‬المقال،‭ (‬قُل‭ ‬لَّن‭ ‬يُصِيبَنَا‭ ‬إلَّا‭ ‬مَا‭ ‬كَتَبَ‭ ‬اللَّهُ‭ ‬لَنَا‭ ‬هُوَ‭ ‬مَوْلَانَا‭ ‬وَعَلَى‭ ‬اللَّهِ‭ ‬فَلْيَتَوَكَّلِ‭ ‬الْمُؤْمِنُونَ‭) (‬التوبة‭-‬51‭)‬،‭ ‬وسوف‭ ‬أشرح‭ ‬ذلك‭ ‬الأمر،‭ ‬ولكن‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬تفسير‭ ‬هذه‭ ‬الآية‭ ‬وسبب‭ ‬نزولها‭ ‬كما‭ ‬ورد‭ ‬في‭ ‬كتب‭ ‬التفسير،‭ ‬فإن‭ ‬تفسيرها‭ ‬يختلف‭ ‬تماما‭ ‬عن‭ ‬ما‭ ‬أود‭ ‬توضيحه،‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬نفرق‭ ‬بين‭ ‬أمرين‭ ‬مهمين،‭ ‬الأمر‭ ‬الأول‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬كتب‭ ‬الله‭ ‬لنا،‭ ‬والأمر‭ ‬الثاني‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬كتب‭ ‬علينا،‭ ‬وتلك‭ ‬هي‭ ‬الإشكالية‭ ‬الكبرى‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬ننتبه‭ ‬إليها،‭ ‬لأننا‭ ‬نفعل‭ ‬أشياء‭ ‬كثيرة‭ ‬منها‭ ‬الخطأ‭ ‬ومنها‭ ‬الصواب‭ ‬ثم‭ ‬نقول‭ ‬هذا‭ ‬قضاء‭ ‬وقدر،‭ ‬أو‭ ‬نقول‭ ‬الله‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬كتب‭ ‬ذلك،‭ ‬ارجع‭ ‬إلى‭ ‬الفرق‭ ‬الكبير‭ ‬بين‭ ‬ما‭ ‬كتب‭ ‬الله‭ ‬لنا،‭ ‬وما‭ ‬كتب‭ ‬الله‭ ‬علينا،‭ ‬وأضف‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬أقول‭ ‬قول‭ ‬الحق‭ ‬سبحانه‭ (‬وَأنفِقُوا‭ ‬فِي‭ ‬سَبِيلِ‭ ‬اللَّهِ‭ ‬وَلَا‭ ‬تُلْقُوا‭ ‬بِأيْدِيكُمْ‭ ‬إلَى‭ ‬التَّهْلُكَةِ‭ ‬ۛ‭ ‬وَأحْسِنُوا‭ ‬ۛإنَّ‭ ‬اللَّهَ‭ ‬يُحِبُّ‭ ‬الْمُحْسِنِينَ‭) (‬البقرة‭-‬195‭)‬،‭ ‬بالرغم‭ ‬أن‭ ‬الآية‭ ‬جاءت‭ ‬بعد‭ ‬الحث‭ ‬على‭ ‬الإنفاق‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬الله‭ ‬وعدم‭ ‬البخل،‭ ‬لأن‭ ‬ذلك‭ ‬سوف‭ ‬يورد‭ ‬الإنسان‭ ‬مورد‭ ‬التهلكة‭.‬

ولكن‭ ‬والله‭ ‬أعلم‭ ‬يمكن‭ ‬تعميم‭ ‬هذا‭ ‬النهي‭ ‬على‭ ‬أمور‭ ‬عدة،‭ ‬فمثلا‭ ‬إذا‭ ‬صعد‭ ‬أحد‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬وألقى‭ ‬بنفسه‭ ‬من‭ ‬أعلى‭ ‬جبل،‭ ‬يحق‭ ‬لنا‭ ‬أن‭ ‬نسأل،‭ ‬هل‭ ‬الله‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬أمره‭ ‬بذلك؟‭ ‬والسؤال‭ ‬الثاني‭ ‬والمهم،‭ ‬هل‭ ‬الله‭ ‬كتب‭ ‬له‭ ‬أم‭ ‬كتب‭ ‬عليه‭ ‬أن‭ ‬يلقي‭ ‬بنفسه‭ ‬من‭ ‬فوق‭ ‬الجبل؟،‭ ‬اعتقد‭ ‬بأن‭ ‬الإجابة‭ ‬واضحة‭ ‬عن‭ ‬السؤال‭ ‬الأول،‭ ‬وهو‭ ‬أن‭ ‬الله‭ ‬لن‭ ‬يأمره‭ ‬بأن‭ ‬يلقي‭ ‬بنفسه‭ ‬من‭ ‬فوق‭ ‬الجبل،‭ ‬ودليلنا‭ ‬الآية‭ ‬الكريمة‭ (‬ولا‭ ‬تلقوا‭ ‬بأيديكم‭ ‬إلى‭ ‬التهلكة‭)‬،‭ ‬الإجابة‭ ‬عن‭ ‬السؤال‭ ‬الثاني‭ ‬وهي‭ ‬الفكرة‭ ‬المهمة‭ ‬التي‭ ‬يدور‭ ‬حولها‭ ‬المقال‭ ‬والسؤال‭ ‬مرة‭ ‬أخرى،‭ ‬هل‭ ‬كتب‭ ‬الله‭ ‬لنا‭ ‬أم‭ ‬كتب‭ ‬علينا؟‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬لم‭ ‬يكتب‭ ‬عليه‭ ‬أنه‭ ‬سوف‭ ‬يلقي‭ ‬بنفسه‭ ‬من‭ ‬فوق‭ ‬الجبل،‭ ‬بل‭ ‬كتب‭ ‬له‭ ‬فعله‭ ‬الذي‭ ‬قام‭ ‬به،‭ ‬فهو‭ ‬من‭ ‬ألقى‭ ‬بنفسه‭ ‬من‭ ‬فوق‭ ‬الجبل‭ ‬وأزهق‭ ‬روحه‭.‬

ولذلك‭ ‬نجد‭ ‬أن‭ ‬الله‭ ‬قد‭ ‬حرم‭ ‬قتل‭ ‬النفس‭ ‬تحريما‭ ‬شديدا،‭ ‬إلا‭ ‬بالحق،‭ ‬ووصف‭ ‬الأمر‭ ‬بأن‭ ‬من‭ ‬قتل‭ ‬نفسا‭ ‬بغير‭ ‬نفس‭ ‬كأنما‭ ‬قتل‭ ‬الناس‭ ‬جميعا،‭ (‬مِنْ‭ ‬أجْلِ‭ ‬ذَٰلِكَ‭ ‬كَتَبْنَا‭ ‬عَلَى‭ ‬بَنِي‭ ‬إسْرَائِيلَ‭ ‬أنَّهُ‭ ‬مَن‭ ‬قَتَلَ‭ ‬نَفْسًا‭ ‬بِغَيْرِ‭ ‬نَفْسٍ‭ ‬أوْ‭ ‬فَسَادٍ‭ ‬فِي‭ ‬الْأَرْضِ‭ ‬فَكَأنَّمَا‭ ‬قَتَلَ‭ ‬النَّاسَ‭ ‬جَمِيعًا‭ ‬وَمَنْ‭ ‬أحْيَاهَا‭ ‬فَكَأنَّمَا‭ ‬أحْيَا‭ ‬النَّاسَ‭ ‬جَمِيعًا‭ ‬ۚ‭ ‬وَلَقَدْ‭ ‬جَاءَتْهُمْ‭ ‬رُسُلُنَا‭ ‬بِالْبَيِّنَاتِ‭ ‬ثُمَّ‭ ‬إنَّ‭ ‬كَثِيرًا‭ ‬مِّنْهُم‭ ‬بَعْدَ‭ ‬ذَٰلِكَ‭ ‬فِي‭ ‬الْأَرْضِ‭ ‬لَمُسْرِفُونَ‭) (‬المائدة‭-‬32‭). ‬

الحق‭ ‬سبحانه‭ ‬يكتب‭ ‬لنا‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬نفعله،‭ ‬فكل‭ ‬فعل‭ ‬يكتب‭ ‬ويسجل‭ ‬صوتا‭ ‬وصورة،‭ ‬ومعنى‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬فعل‭ ‬من‭ ‬خير‭ ‬أو‭ ‬شر‭ ‬يقوم‭ ‬به‭ ‬الإنسان‭ ‬يكتب‭ ‬في‭ ‬صحيفته‭ ‬وليس‭ ‬مكتوبا‭ ‬مسبقا،‭ ‬إلا‭ ‬ما‭ ‬ذكرناه‭ ‬سالفا،‭ ‬ولكن‭ ‬الله‭ ‬يعلم‭ ‬ما‭ ‬سيقوم‭ ‬به‭ ‬الإنسان‭ ‬ولا‭ ‬يتدخل‭ ‬فيما‭ ‬يفعل،‭ ‬بل‭ ‬يترك‭ ‬الإنسان‭ ‬فإن‭ ‬كان‭ ‬الفعل‭ ‬خيرا‭ ‬يجازيه‭ ‬الله‭ ‬خيرا‭ ‬على‭ ‬فعله‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬الدنيا‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬الآخرة‭. ‬

ففي‭ ‬الدنيا‭ ‬يقوم‭ ‬الإنسان‭ ‬بالاجتهاد‭ ‬والله‭ ‬يذلل‭ ‬له‭ ‬كل‭ ‬عقبه‭ ‬كلما‭ ‬سعى،‭ ‬ويكشف‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬خيره،‭ ‬فإذا‭ ‬كان‭ ‬يقوم‭ ‬ببحث‭ ‬علمي‭ ‬مثلا‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬دواء‭ ‬لعلاج‭ ‬مرض‭ ‬ما‭ ‬وأخذ‭ ‬بكل‭ ‬الأسباب،‭ ‬فإن‭ ‬الله‭ ‬يفتح‭ ‬له‭ ‬باب‭ ‬علمه‭ ‬ويوفقه‭ ‬إلى‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬سعى‭ ‬إليه،‭ ‬وهذه‭ ‬المسألة‭ ‬يستوي‭ ‬فيها‭ ‬المؤمن‭ ‬وغير‭ ‬المؤمن‭ ‬بالله،‭ ‬وإذا‭ ‬فعل‭ ‬الإنسان‭ ‬الشر،‭ ‬يتركه‭ ‬الله‭ ‬ثم‭ ‬يكون‭ ‬العقاب‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬الدنيا‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬الآخرة‭.‬

ربما‭ ‬يسأل‭ ‬سائل‭: ‬لماذا‭ ‬يترك‭ ‬الله‭ ‬الإنسان‭ ‬يفعل‭ ‬الشر؟‭ ‬الإجابة‭ ‬سهلة‭ ‬جدا،‭ ‬لأن‭ ‬الله‭ ‬كرم‭ ‬الإنسان‭ ‬على‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬خلقه‭ ‬وأعطاه‭ ‬العقل‭ ‬الذي‭ ‬يميز‭ ‬به،‭ ‬وهذا‭ ‬العقل‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬يميزه‭ ‬عن‭ ‬الحيوان‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬عقل‭ ‬له،‭ ‬ولذلك‭ ‬فإن‭ ‬الله‭ ‬قد‭ ‬رفع‭ ‬القلم‭ ‬ولم‭ ‬يكتب‭ ‬ذنبا‭ ‬على‭ ‬الطفل‭ ‬حتى‭ ‬يعقل،‭ ‬وعلى‭ ‬المجنون‭ ‬حتى‭ ‬يشفى‭ ‬من‭ ‬مرضه،‭ ‬وعلى‭ ‬الشيخ‭ ‬الكبير‭ ‬الذي‭ ‬بلغ‭ ‬من‭ ‬الكبر‭ ‬عتيا‭ ‬وأصبح‭ ‬في‭ ‬أرذل‭ ‬العمر،‭ ‬وينسى‭ ‬كثيرا‭ ‬ولا‭ ‬يدري‭ ‬ما‭ ‬يدور‭ ‬من‭ ‬حوله،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬عرف‭ ‬حديثا‭ ‬بمرض‭ ‬الزهيمر‭.‬

ويدخل‭ ‬تحت‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬وعدم‭ ‬المؤاخذة‭ ‬من‭ ‬الله،‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬تعرض‭ ‬لإيذاء‭ ‬نفسي‭ ‬وأصبح‭ ‬تحت‭ ‬تأثير‭ ‬السحر‭ ‬مثلا،‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬مرض‭ ‬مرضا‭ ‬نفسيا‭ ‬شديدا،‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬مسه‭ ‬الشيطان‭ ‬وهو‭ ‬طفل‭ ‬صغير‭ ‬ولازمه‭ ‬في‭ ‬أمور‭ ‬كثيرة‭ ‬يفعلها‭ ‬وهو‭ ‬لا‭ ‬يدري‭ ‬خطورتها،‭ ‬ويغيبه‭ ‬عن‭ ‬الوعي‭ ‬ساعة‭ ‬أن‭ ‬يجره‭ ‬لهذه‭ ‬الأفعال‭ ‬جرا،‭ ‬ومس‭ ‬الشيطان‭ ‬موجود‭ ‬وذكره‭ ‬الله‭ ‬في‭ ‬القرآن،‭ (‬الَّذِينَ‭ ‬يَأكُلُونَ‭ ‬الرِّبَا‭ ‬لَا‭ ‬يَقُومُونَ‭ ‬إلَّا‭ ‬كَمَا‭ ‬يَقُومُ‭ ‬الَّذِي‭ ‬يَتَخَبَّطُهُ‭ ‬الشَّيْطَانُ‭ ‬مِنَ‭ ‬الْمَسِّ‭) (‬البقرة‭-‬276‭)‬،‭ ‬وقال‭ ‬أيضا‮»‬‭: (‬إنَّ‭ ‬الذين‭ ‬اتقوا۟‭ ‬إِذَا‭ ‬مَسَّهُمْ‭ ‬طائف‭ ‬مِّنَ‭ ‬الشيطانِ‭ ‬تَذَكَّرُوا۟‭ ‬فَإذَا‭ ‬هُم‭ ‬مُّبْصِرُونَ‭) (‬الأعراف‭-‬201‭). ‬

ودليل‭ ‬آخر‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الله‭ ‬يكتب‭ ‬لنا‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬نفعله،‭ ‬ولا‭ ‬يسطره‭ ‬عنده‭ ‬مسبقا،‭ ‬قوله‭ ‬تعالى‭ ‬في‭ ‬سورة‭ ‬ال‭ ‬عمران‭: (‬لَّقَدْ‭ ‬سَمِعَ‭ ‬اللَّهُ‭ ‬قَوْلَ‭ ‬الَّذِينَ‭ ‬قَالُوا‭ ‬إنَّ‭ ‬اللَّهَ‭ ‬فَقِيرٌ‭ ‬وَنَحْنُ‭ ‬أغْنِيَاءُ‭ ‬ۘ‭ ‬سَنَكْتُبُ‭ ‬مَا‭ ‬قَالُوا‭ ‬وَقَتْلَهُمُ‭ ‬الْأنبِيَاءَ‭ ‬بِغَيْرِ‭ ‬حَقٍّ‭ ‬وَنَقُولُ‭ ‬ذُوقُوا‭ ‬عَذَابَ‭ ‬الْحَرِيقِ‭ (‬181‭)) ‬فهم‭ ‬قالوا‭ ‬قولهم‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬مسجلا‭ ‬مسبقا‭ ‬عليهم،‭ ‬فقال‭ ‬الحق‭ (‬سنكتب‭ ‬ما‭ ‬قالوا‭) ‬فلو‭ ‬كان‭ ‬ما‭ ‬قالوه‭ ‬مسجلا‭ ‬مسبقا،‭ ‬لقال‭ ‬الحق‭ ‬مثلا‭ ‬كتبنا‭ ‬ما‭ ‬سوف‭ ‬يقولونه‭. ‬

لأن‭ ‬الإنسان‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬يصنع‭ ‬حدثه‭ ‬بيده،‭ ‬ولذلك‭ ‬قال‭ ‬الحق‭ ‬سبحانه‭ ‬في‭ ‬سورة‭ ‬الشمس‭ (‬ونفس‭ ‬وَمَا‭ ‬سواها‭ (‬7‭) ‬فألهمها‭ ‬فُجُورَهَا‭ ‬وتقواها‭ (‬8‭) ‬قد‭ ‬أفلح‭ ‬مَن‭ ‬زكاها‭ (‬9‭) ‬وقد‭ ‬خَابَ‭ ‬مَن‭ ‬دساها‭ (‬10‭))‬،‭ ‬أي‭ ‬إن‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬قد‭ ‬ترك‭ ‬حق‭ ‬الاختيار‭ ‬لنا‭ ‬فيما‭ ‬نفعل‭ ‬في‭ ‬حياتنا،‭ ‬فإن‭ ‬كنت‭ ‬في‭ ‬دراسة‭ ‬مثلا‭ ‬فلك‭ ‬حق‭ ‬الاختيار‭ ‬فيما‭ ‬سوف‭ ‬تصنع،‭ ‬إما‭ ‬أن‭ ‬تذاكر‭ ‬وتجتهد‭ ‬لكي‭ ‬تنجح،‭ ‬أو‭ ‬تتكاسل‭ ‬ولا‭ ‬تذاكر‭ ‬ولا‭ ‬تذهب‭ ‬لحضور‭ ‬المحاضرات‭ ‬أو‭ ‬الحصص،‭ ‬هنا‭ ‬يتدخل‭ ‬الحق‭ ‬سبحانه،‭ ‬فمن‭ ‬ذاكر‭ ‬واجتهد‭ ‬تكن‭ ‬النتيجة‭ ‬النجاح‭ ‬والتفوق،‭ ‬وحتما‭ ‬سيكون‭ ‬الرسوب‭ ‬لمن‭ ‬تكاسل‭ ‬ولم‭ ‬يذاكر‭ ‬جيدا‭.‬

وفي‭ ‬العمل‭ ‬تجد‭ ‬من‭ ‬يجتهد‭ ‬في‭ ‬عمله‭ ‬وينجزه‭ ‬سريعا‭ ‬وبإتقان‭ ‬قد‭ ‬ترقى‭ ‬في‭ ‬المناصب‭ ‬أما‭ ‬الآخر‭ ‬فمحلك‭ ‬سر‭.‬

ويتدخل‭ ‬الله‭ ‬لمنع‭ ‬شر‭ ‬أو‭ ‬دفع‭ ‬بلاء‭ ‬عن‭ ‬من‭ ‬دعاه‭ ‬واستغفر،‭ ‬ويزيد‭ ‬من‭ ‬الخير‭ ‬لمن‭ ‬شكر‭.‬

أخيرا‭ ‬أود‭ ‬أن‭ ‬أقول‭ ‬إنني‭ ‬لم‭ ‬أكتب‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الموضوع‭ ‬لأثير‭ ‬جدلا،‭ ‬بل‭ ‬لكي‭ ‬أنبه‭ ‬إلى‭ ‬أهمية‭ ‬استعمال‭ ‬العقل،‭ ‬وإلى‭ ‬أهمية‭ ‬الاجتهاد‭ ‬والسعي،‭ ‬وترك‭ ‬الكسل‭ ‬ولا‭ ‬نرجع‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬قضاء‭ ‬وقدر‭. ‬فالقضاء‭ ‬والقدر‭ ‬بريء‭ ‬من‭ ‬جهلنا‭ ‬وتخلفنا‭ ‬وتذيلنا‭ ‬ركب‭ ‬التقدم‭ ‬البشرى‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا