العدد : ١٧٠٨٢ - الأحد ٢٩ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٨ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٨٢ - الأحد ٢٩ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٨ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

الاسلامي

أصول الأخلاق

الجمعة ٠٧ أبريل ٢٠٢٣ - 02:00

بقلم‭: ‬عاطف‭ ‬الصبيحي

سنمر‭ ‬بعجالة‭ ‬على‭ ‬أصل‭ ‬الأصول،‭ ‬ونتجول‭ ‬بين‭ ‬آياته‭ ‬وننتقي‭ ‬منها‭ ‬من‭ ‬يفيد‭ ‬فكرتنا،‭ ‬الفكرة‭ ‬الأخلاقية‭ ‬المؤصلة‭ ‬بشكل‭ ‬لا‭ ‬يقبل‭ ‬التأويل،‭ ‬ولا‭ ‬لمزيد‭ ‬من‭ ‬الفهم‭ ‬والبحث،‭ ‬بل‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬تحتاجه‭ ‬التطبيق،‭ ‬وإنزالها‭ ‬إلى‭ ‬الواقع‭ ‬المعاش،‭ ‬لتصبح‭ ‬علامة‭ ‬فارقة‭ ‬في‭ ‬ثقافتنا‭ ‬الأخلاقية،‭ ‬ونسيجا‭ ‬أخلاقيا‭ ‬جامعا‭ ‬لمن‭ ‬آمن‭ ‬بالله‭ ‬ربا‭ ‬وبمحمد‭ ‬نبيا،‭ ‬وبالقرآن‭ ‬كتابا‭ ‬علويا‭ ‬مقدسا،‭ ‬وعنوان‭ ‬يدل‭ ‬علينا‭ ‬في‭ ‬حِلنا‭ ‬وترحالنا‭.‬

ونعتذر‭ ‬سلفاً‭ ‬عن‭ ‬تدوين‭ ‬أرقام‭ ‬الآيات‭ ‬أو‭ ‬السور‭ ‬التي‭ ‬وردت‭ ‬فيها‭ ‬الآية،‭ ‬حيث‭ ‬طبيعة‭ ‬الموضوع‭ ‬تقتضي‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬القيمة‭ ‬الأخلاقية‭ ‬موضع‭ ‬الشاهد،‭ ‬فمن‭ ‬الأوامر‭ ‬الواردة‭ ‬في‭ ‬الكتاب‭ ‬الكريم‭ ‬وبأكثر‭ ‬من‭ ‬موضع‭ ‬هو‭ ‬الأمر‭ ‬الملخص‭ ‬بكلمة‭ ‬‮«‬اعدلوا‮»‬‭ ‬ولأهمية‭ ‬هذه‭ ‬القيمة‭ ‬على‭ ‬الفرد‭ ‬والمجتمع‭ ‬نلحظ‭ ‬التشديد‭ ‬القرآني‭ ‬عليها،‭ ‬ففيها‭ ‬يكمن‭ ‬السلم‭ ‬الأهلي،‭ ‬ومعها‭ ‬تغيب‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬السلبيات،‭ ‬ومن‭ ‬خلالها‭ ‬تسكن‭ ‬النفوس‭ ‬وتطمئن‭.‬

ومن‭ ‬معالم‭ ‬شخصيتنا‭ ‬التي‭ ‬أرادها‭ ‬الله‭ ‬لنا‭ ‬هي‭ ‬الواردة‭ ‬في‭ ‬الأمر‭ ‬الإلهي‭ (‬ولا‭ ‬تعتدوا‭) ‬وبين‭ ‬هذه‭ ‬القيمة‭ ‬العظيمة‭ ‬مع‭ ‬قيمة‭ ‬العدل‭ ‬آنفة‭ ‬الذكر‭ ‬تكامل‭ ‬وتعاضد،‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬الشخصية‭ ‬المسلمة‭ ‬ذات‭ ‬طابع‭ ‬خاص‭ ‬متميز‭ ‬بين‭ ‬الناس،‭ ‬وزيادة‭ ‬في‭ ‬التنفير‭ ‬من‭ ‬الاعتداء‭ ‬جعل‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬من‭ ‬نفسه‭ ‬العلية‭ ‬طرفاً‭ ‬في‭ ‬الموضوع،‭ ‬حين‭ ‬أعلن‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬بأنه‭ ‬لا‭ ‬يحب‭ ‬المعتدين،‭ ‬هذه‭ ‬الآية‭ (‬إنه‭ ‬لا‭ ‬يحب‭ ‬المعتدين‭) ‬جديرة‭ ‬بالوقوف‭ ‬عليها‭ ‬وجدانياً‭ ‬وتأملها،‭ ‬وطرح‭ ‬التساؤل‭ ‬التالي‭ ‬على‭ ‬النفس‭: ‬من‭ ‬يطيق‭ ‬كراهية‭ ‬الله‭ ‬له،‭ ‬لأنه‭ ‬معتدٍ‭ ‬أثيم؟‭!‬

والتكامل‭ ‬والترابط‭ ‬بين‭ ‬القيم‭ ‬يتجلى‭ ‬أكثر‭ ‬حينما‭ ‬نسمع‭ ‬قول‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭: (‬ولا‭ ‬تعثوا‭ ‬في‭ ‬الأرض‭ ‬مفسدين‭) ‬فلا‭ ‬يخفى‭ ‬على‭ ‬أحد‭ ‬تلك‭ ‬العلاقة‭ ‬العضوية‭ ‬بين‭ ‬العدل‭ ‬وعدم‭ ‬الاعتداء‭ ‬وعدم‭ ‬الإفساد‭ ‬في‭ ‬الأرض،‭ ‬فتلك‭ ‬بمجموعها‭ ‬تزيد‭ ‬شخصية‭ ‬المسلم‭ ‬تمايزا‭ ‬وتفردا‭.‬

ويستمر‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم‭ ‬في‭ ‬تشكيل‭ ‬الشخصية‭ ‬المسلمة‭ ‬على‭ ‬أحسن‭ ‬حال‭ ‬وأكمل‭ ‬وجه،‭ ‬حين‭ ‬يوجه‭ ‬النفوس‭ ‬إلى‭ ‬قيمة‭ ‬كفيلة‭ ‬بنشر‭ ‬السلام‭ ‬والأمن‭ ‬والطمأنينة‭ ‬بين‭ ‬الناس،‭ ‬وتلك‭ ‬القيمة‭ ‬منصوص‭ ‬عليها‭ ‬بقوله‭ ‬تعالى‭: (‬ولا‭ ‬تلبسوا‭ ‬الحق‭ ‬بالباطل‭) ‬فالحياة‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬القيمة‭ ‬الرفيعة‭ ‬تصبح‭ ‬موطن‭ ‬الراحة،‭ ‬ولا‭ ‬ننسى‭ ‬التكامل‭ ‬بين‭ ‬هذه‭ ‬القيمة‭ ‬والقيم‭ ‬الثلاث‭ ‬التي‭ ‬سبقتها‭.‬

والريشة‭ ‬القرآنية‭ ‬ماضية‭ ‬برسم‭ ‬ملامح‭ ‬الشخصية‭ ‬المسلمة‭ ‬كما‭ ‬يريدها‭ ‬ربنا‭ ‬أن‭ ‬تكون،‭ ‬فيأتي‭ ‬التوجيه‭ ‬الرباني‭ ‬الصارم‭ ‬في‭ ‬أحلك‭ ‬اللحظات‭ ‬وأصعبها‭ ‬ليأمرنا‭ ‬بقيمة‭ ‬ذات‭ ‬شأن‭ ‬رفيع‭: (‬وإذا‭ ‬جنحوا‭ ‬للسلم‭ ‬فاجنح‭ ‬لها‭) ‬اجنح‭ ‬بلا‭ ‬إبطاء‭ ‬ولا‭ ‬تردد،‭ ‬لأن‭ ‬الغاية‭ ‬ليس‭ ‬القتال‭ ‬وما‭ ‬كانت‭ ‬يوماً‭ ‬كذلك،‭ ‬ويأتي‭ ‬التوجيه‭ ‬الرباني‭ ‬مكملاً‭ ‬لهذا‭ ‬الجنوح،‭ ‬وبصيغة‭ ‬الجمع‭ (‬وادخلوا‭ ‬في‭ ‬السلم‭ ‬كافة‭)‬،‭ ‬فدواعي‭ ‬القتال‭ ‬جلية‭ ‬في‭ ‬سورة‭ ‬الممتحنة‭ ‬وهي‭: ‬القتال‭ ‬في‭ ‬الدين‭ ‬والإخراج‭ ‬من‭ ‬الديار،‭ ‬والمظاهرة‭ ‬على‭ ‬المسلمين،‭ ‬فتلك‭ ‬هي‭ ‬موجبات‭ ‬القتال،‭ ‬لدفع‭ ‬الضرر،‭ ‬فانتفاء‭ ‬هذه‭ ‬الموجبات‭ ‬انتفاء‭ ‬للقتال‭ ‬بالضرورة‭.‬

هذه‭ ‬الطائفة‭ ‬من‭ ‬القيم‭ ‬هي‭ ‬غيض‭ ‬من‭ ‬فيض،‭ ‬سنعرض‭ ‬لبعض‭ ‬القيم‭ ‬الأخرى‭ ‬في‭ ‬المقال‭ ‬القادم،‭ ‬لتكتمل‭ ‬الصورة‭ ‬النقية‭ ‬البهية‭ ‬التي‭ ‬رسمها‭ ‬الكتاب‭ ‬الكريم‭ ‬للمسلم،‭ ‬وهي‭ ‬صورة‭ ‬أزلية‭ ‬لأن‭ ‬ملامحها‭ ‬نابعة‭ ‬من‭ ‬أصل‭ ‬الأصول‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يتغير‭ ‬ولا‭ ‬يتحول،‭ ‬ولا‭ ‬يجري‭ ‬عليه‭ ‬تبديل‭ ‬أو‭ ‬نسخ‭.   ‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا