العدد : ١٧٠٨٢ - الأحد ٢٩ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٨ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٨٢ - الأحد ٢٩ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٨ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

الاسلامي

(تأملات إيمانية في آيات القرآن الكريم)
«وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ النَّجْمُ الثَّاقِبُ»

الجمعة ٣١ مارس ٢٠٢٣ - 02:00

د‭. ‬محمد‭ ‬عطا‭ ‬مدني

يحفل القرآن الكريم بكثير من الحقائق العلمية عن الكون، والتي لم يتمكن المفسرون الأقدمون الأجلاء من فك طلاسمها، كما لم يعرف علماء الفلك السابقون حقيقتها على وجه الدقة، ليس لعجزهم في القدرات العلمية، وإنما لعدم وجود المناظير المقربة الحديثة التي تمكن من التوغل في أعماق الكون الواسع. فبفضل اختراع التلسكوب لم تعد البشرية عمياء، وأمكنها أن تشاهد على مدار أربعة قرون مضت ما لا يمكن تصديقه من عجائب الكون التي تدل على عظمة الخالق المبدع وروعة مخلوقاته.

وتعتبر هذه المناظير أعمالا هندسية فائقة التعقيد، منها ما هو بصريّ يستخدم العدسات المقربة، وبعضها عاكس يعمل بالمرايا الضخمة، ومنها ما يعمل بالأشعة السينية أو الأشعة تحت الحمراء وفوق البنفسجية مثل تلسكوب (هابل) الذي وضعته (ناسا) في الفضاء على ارتفاع 600 كيلومتر من سطح الأرض عام 1990م، لتجاوز جوّ الأرض المليء بالأتربة والغبار والمؤثرات البصرية الخادعة التي تجعل الصور الكونية غير واضحة المعالم. وقد مكّن هذا المنظار خلال أكثر من ثلاثة عقود من سبر جانب كبير من الكون العظيم المترامي الأطراف، حيث استطاع العلماء اكتشاف مجرات ونجوم تبعد عنا مئات السنين الضوئية..!

وقد ساعد التطور في علوم الفلك والفضاء أيضا مع تطور المناظير على تأكيد صدق القرآن الكريم وإعجازه العلمي. ومن أحدث تلك المعجزات التي شُوهدت صورها وسُمع صوتها ما عُرف من حقائق تخص النجم الطارق الذي جاء ذكره في القرآن الكريم في قوله تعالى في سورة الطارق: (وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ النَّجْمُ الثَّاقِبُ) (الطارق 1-3). 

فقد التقطت المناظير أصوات انفجارات متكررة هائلة القوة آتية من الفضاء الخارجي، ويشبه صوتها صوت النبض أو الطرق المتكرروقد ظنت الولايات المتحدة أن روسيا تقوم بتطوير أسلحتها النووية وتجريبها في الفضاء الخارجي..!

ولكن بعد عدة سنوات اكتشف العلماء أن هذه الأصوات آتية من نوع غريب من النجوم يدعى النجم النيتروني أو النجم النابض (Pulsating Star)، والذي تشكل من انفجار كوني هائل من النجوم والشموس التي يفوق حجمها حجم شمسنا بعشرات المرات، وعند انفجارها تتشكل كرة نارية عملاقة تدعى (السوبرنوفا) وتصدر طاقة هائلة في الدقيقة الواحدة تعادل طاقة شمسنا طوال حياتها. وكل ما يتبقى منها بعد الانفجار هو النواة المسحوقة للسوبرنوفا، وبعد انتهاء الانفجار تستمر نواة النجم بالدوران حول نفسها مصدرة صوتاً صارخاً ومتكرراً أشبه بصوت الطرق أو النبض. ولحسن الحظ أننا لا نتمكن من سماع تلك الأصوات وإلا لكنّا فقدنا السمع، وهي تُسمع عن طريق الأمواج الراديوية فقط، وقد سمى علماء ناسا تلك النجوم النجوم النابضة، ثم عادوا ووجدوا أن أفضل تسمية لهذه النجوم هي المطارق الكونية العملاقة (Great Hammer Stars)، في وصف يطابق الوصف الإلهي الذي ذكره الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم..!

ويبلغ وزن ذلك النجم النيوتروني خمسة أضعاف وزن الشمس، ويبلغ نصف قطره حوالي عشرين كيلومترًا وهو بالغ الكثافة، وإذا زاد وزنه أكبر من ذلك فإنه يتحول إلى ثقب أسود..!

ويعرّف العلماء هذه المخلوقات بأنها سطحها من الحديد البلوري الصلب، وسوف يرن مثل الجرس إذا ضُرب بمطرقة. ويؤكد العلماء أن هناك ضربة داخلية داخل النجم وضربة خارجية بسبب دوران النجم، وتصل الضربات المنظمة المنبعثة إلى الأرض عن طريق موجات الراديو، ويسجل العلماء الانفجارات المتولدة منها ثم يقومون بتحليلها لمعرفة التركيب الداخلي للنجم، تمامًا مثلما يفعل علماء الأرض في قياس الزلازل وتسجيل اهتزازات الأرض لإدراك البنية الداخلية للأرض وطبقاتها. وقد سجل العلماء صوت هذه النجوم العملاقة التي تدور حوالي 30 دورة في الثانية وتستغرق الطرقة الواحدة من طرقاتها حوالي 0.715 ثانية.

ليس هذا فحسب بل إن العلماء قد اكتشفوا بعد عدة سنوات أن تلك النجوم النيوترونية تصدر موجات جذب متكررة تشبه موجات الجاذبية الأرضية، ولكنها أقوى منها بملايين المرات، ويقول عنها العلماء بالحرف الواحد إنها تثقب وتخترق أي شيء تصادفه في طريقها، كما أن أشعتها قوية لها قابلية لإذابة أي جسم كوني يقع في مسارها، وهي ما عُرف بالنجم الثاقب (Piercing Star)، كما وصفه الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم. ويؤكد العلماء أن النجوم الثاقبة تصدر من الأشعة ما تعدّ الأشد لمعاناً وقوة، ويؤكدون أن الضوء الصادر عن انفجاراتها عظيم جداً.

ويتميز هذا النجم بدورانه السريع حول نفسه بسرعة فائقة ويصدر إشعاعات وموجات راديوية قوية، ويعتبر الأساس في تكوين وتأسيس المجرات الكونية، لأنه يقوم بجذب النجوم وابتلاعها، ويتميز بحجمه الكبير الذي يتجاوز أضعاف أحجام النجوم الأخرى.

وقد لاحظ العلماء في الولايات المتحدة وأوروبا موجات الجذب الصادرة عن النجوم الثاقبة، وقالوا إن موجات الجذب الضخمة المنبعثة من النجم الثاقب يمكنها اختراق أي شيء، حتى أجسامنا تخترقها هذه الموجات في كل لحظة لكننا لا نشعر بذلك. فكيف تخترق أشعة هذا النجم الأشياء؟

إن من خصائص النيوترون أنه أثقل جزء في الذرة وهو متعادل بدون شحنة، لأنه ليس سالبًا ولا موجبًا، لذلك يمكنه اختراق الذرة، ولهذا يستخدمه العلماء لتحطيم نواة الذرة. وعليه، فالتسمية الإلهية (النجم الثاقب) دقيقة جداً علمياً. فسبحان الله الخالق المبدع، خالق تلك الظواهر العجيبة وقاذف العلم في قلوب العلماء ليكتشفوا إبداع الخالق وإعجاز الخلق.

ولقد أقسم الله سبحانه وتعالى بهذه النجوم لعظم شأنها، ولأهميتها كنواة من نوى الكون التي تتكون حولها المجرات. وهذا يشير إلى صورة من صور الإعجاز العلمي في القرآن الكريم الذي أوضح حقائق كونية مذهلة، لم تستطع البشرية الوصول إليها إلا في العصر الحديث، بعد التطور العلمي الكبير في مجال العلوم الطبيعية وفي مجال صنع المناظير الضخمة المتطورة. سبحانك ربى، تجلت قدرتك وعظمتك وإبداعك وروعة مخلوقاتك..!

يمكنك عزيزي القارئ رؤية وسماع أصوات النجم الطارق والثاقب من خلال هذا الرابط لوكالة (ناسا) للفضاء.

https://www.youtube.com/watch?v=x5BQV3WX80E

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا