لم يكن فوز المملكة العربية السعودية الشقيقة بتنظيم كأس العالم 2034 مفاجأة، بعد ان قدمت ملفا يعتبر هو الأقوى ضمن المنافسين، ويكفي ما تصدر به الملف من أن «المملكة العربية السعودية تعيش واحدة من أسرع قصص النمو وأكثرها تطورًا في كرة القدم وندعو الجميع إلى التعرف على أحد أعظم قصص التحول في العالم» ليعكس قوة هذا المنافس الشرس لاستضافة المونديال الدولي، وخاصة أن المملكة ستكون أول دولة تستضيف 48 منتخبا بمفردها.
ومن المهم أن نشير هنا إلى أن ملف السعودية أشار إلى أن تنظيم المباريات سيكون في خمس مدن مستضيفة رسمية هي الرياض، وجدة، والخُبر، وأبها ونيوم، إلى جانب عشر مدن مستضيفة أخرى. وستجرى المباريات في 15 ملعبًا مقترحًا بسعة إجمالية 775 ألف متفرج. وستخصص 134 منشأة للتدريب. فيما يتم نقل السياح والجمهور عبر 16 مطارا دوليا. كما سيخصص ما لا يقل عن 230 ألف وحدة فندقية لاستضافة الجمهور.
وبالتأكيد، لا تتنافس الدول على مثل هذا الحدث إلا وهي تنتظر تحقيق عوائد معنوية ومادية كبيرة. فالاقتصاديون يجمعون على أن هذه الاستضافة ستكون منعطفًا اقتصاديا مهما ليس للمملكة فقط وانما للمنطقة ككل، وخاصة أنها ستكون الأكبر من حيث عدد الفرق المشاركة. ووفقا للتقديرات، فإن تنظيم البطولة يعني ضخ مبالغ إضافية لإنجاز المشاريع والمرافق الرياضية والترتيبات النهائية تصل الى نحو 100 مليار ريال.
وسؤالنا هنا: ما الانعكاسات الإيجابية لاستضافة المملكة العربية السعودية كأس العالم على القطاع العقاري الذي يتوقع أن يكون من أهم القطاعات التي ستشهد نموا غير مسبوق في السنوات المقبلة.
في الواقع أن الانعكاسات بدأت مبكرا، فوفقا للتقارير الاقتصادية الرسمية منذ إعلان المملكة العربية السعودية في أكتوبر 2023 نيتها رسميًّا استضافة كأس العالم، شهدت أربع مدن سعودية من المقرر أن تقام فيها بطولة كأس العالم نموًّا كبيرًا في الصفقات العقارية. فمثلا في الرياض التي ستجرى المباريات فيها على ثمانية ملاعب، ارتفعت قيمة التداولات العقارية بنسبة تراوحت بين 48% و118%، في الأشهر من يناير حتى سبتمبر 2024.
كما شهدت السوق العقارية السعودية دخول لاعبين دوليين يودون الاستفادة من فرص استضافة كأس العالم 2034، عبر شراء العقارات في المدن أو المساهمة في تطوير مشروعات سكنية وتجارية لخدمة الزوار والجماهير المتوقع أن يتوافدوا خلال البطولة.
وبنفس الوقت شهدت المدن الخمس تدشين مشروعات تتعلق بالبنية التحتية مثل شبكة الطرق والمرافق العامة وغيرها، وهو ما سينعكس على قيمة العقارات وعلى الطلب، وهذا النشاط العقاري سيخلق العديد من فرص العمل في القطاع والقطاعات المتعلقة مثل التشييد والضيافة. وبالأخير ينعكس ذلك على الاقتصاد المحلي، لا سيما ان الكثير من المنشآت والعقارات ستستخدم بعد البطولة لأغراض رياضية وسياحية، وهو ما ينعكس إيجابا على استدامة العائد الاقتصادي.
التصريحات تشير الى ان هناك حاجة الى تطوير حوالي 5200 مشروع عقاري متنوع، ما بين منشآت سكنية وفنادق ومرافق لخدمة السكان والسياح. وستبلغ كلفة إنشاء وتجديد الملاعب المستضيفة للبطولة نحو 25 مليار دولار. فمثلا كشفت السعودية عن خطط تصميم ملعب الملك سلمان الكبير في الرياض الذي يستضيف المباراة الافتتاحية بسعة 92 ألف متفرج.
وتؤكد التقارير الاقتصادية أن «الطفرة المتوقعة في تطوير العقارات والبنى التحتية المرتبطة ببطولة كأس العالم سترفع الناتج المحلي الاجمالي السعودي إلى أكثر من 5% سنوياً حتى الفترة التي تسبق البطولة.
وبحسب تقديرات المختصين، فإن الطلب على العقارات سيرتفع في المدن المستضيفة بشكل كبير. فمثلا يتجاوز حجم النمو في الوحدات السكنية بالرياض وحدها 500% بحلول عام 2034. أما في كل من أبها ونيوم، فقد تتجاوز الزيادة هائلة تصل إلى 2200%.
وبنفس الوقت تتجه السعودية الى توفير أكثر من 232 ألف وحدة فندقية لاستقبال عدد قياسي متوقع من المشجعين. وبالتالي سيشهد القطاع الفندقي والشقق والنزل السياحية نموًّا كبيرًا نتيجة تدفق الزوار، وهو ما ينعكس إيجابا على الإيرادات ويخلق فرصًا استثمارية جديدة، بل ويزيد من قيمة الأصول العقارية في هذه القطاعات. كما ان هذه المشاريع العقارية المتنوعة كفيلة بجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وخلق وظائف طويلة الأجل تقدر بنحو 150-200 ألف وظيفة. وبالتالي تمثل هذه البطولة فرصا ذهبية للشركات المحلية والأجنبية مع وجود مشاريع التطوير العقاري الضخمة. ومن المتوقع ان يشارك القطاع الخاص في مشاريع تتجاوز قيمتها 50 مليار دولار بما في ذلك الفندقة والخدمات اللوجستية.
وكل ذلك يعني أن «فوز السعودية باستضافة كأس العالم 2034 سيعيد تشكيل سوق العقارات السعودي، حيث إن آثار هذا الحدث الرياضي الأكبر في العالم لن تقتصر على فترة البطولة فحسب، بل ستمتد سنوات عدة سواء قبل او بعد البطولة. كما يسهم في تنويع القاعدة الاقتصادية وتعزيز مكانة المملكة كوجهةٍ رياضيةٍ وسياحيةٍ عالمية».
ونتيجة لذلك، يشهد السوق العقاري تحولات عدة تتركز في:
- ارتفاع كبير في مشاريع التطوير العقاري سواء الرياضية او السكنية او السياحية.
- ارتفاع الطلب على العقارات السكنية والفندقية بشكل خاص.
- نمو سوق الإيجارات خاصة قصيرة المدة.
- نمو مشاريع تطوير البنية التحتية وهو ما ينعكس بشكل عام على القطاع العقاري وتحسن الخدمات فيه.
- ارتفاع معدل التداولات العقارية بشكل كبير.
- جذب الشركات الاستثمارية والعقارية الأجنبية الكبرى.
- خلق فرص عمل في القطاع العقاري بنسب غير مسبوقة.
- ارتفاع أسعار العقارات خاصة الأراضي القريبة من المنشآت الرياضية.
- نمو سوق العقارات التجارية مثل المجمعات التجارية والمطاعم والمكاتب وغيرها.
- استفادة قطاعات ترتبط بالقطاع العقاري مثل إدارة العقارات والصيانة والخدمات العامة، الى جانب قطاع السياحة العقارية.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك