العدد : ١٧٠٨١ - السبت ٢٨ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٧ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٨١ - السبت ٢٨ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٧ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

مرحبا بالبلاغيات المستحدثة

لا‭ ‬أعرف‭ ‬لماذا‭ ‬ذبحونا‭ ‬في‭ ‬المدرسة‭ ‬بما‭ ‬يسمى‭ ‬المحسنات‭ ‬البديعية،‭ ‬مع‭ ‬الاستشهاد‭ ‬بأقوال‭ ‬لابن‭ ‬العميد‭ ‬وابن‭ ‬العقيد‭ ‬وابن‭ ‬المقفع؟‭ ‬أقول‭ ‬هذا‭ ‬رغم‭ ‬أنه‭ ‬تعجبني‭ ‬البلاغيات‭ ‬غير‭ ‬التقليدية،‭ ‬ربما‭ ‬لأنني‭ ‬درست‭ ‬البلاغة‭ ‬في‭ ‬المدرسة‭ ‬من‭ ‬تشبيه‭ ‬وطباق‭ ‬وجناس‭ ‬واستعارة‭ ‬مكنية‭ ‬وأخرى‭ ‬أوتوماتيكية،‭ ‬ورفضت‭ ‬جملة‭ ‬وتفصيلا‭ -‬حتى‭ ‬وإلمامي‭ ‬باللغة‭ ‬العربية‭ ‬نص‭ ‬نص‭- ‬أن‭ ‬تلزمني‭ ‬المدرسة‭ ‬الكتابة‭ ‬بأساليب‭ ‬أشخاص‭ ‬ماتوا‭ ‬قبل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ألف‭ ‬سنة،‭ ‬ورغم‭ ‬إعجابي‭ ‬بشعر‭ ‬أبي‭ ‬تمام‭ ‬فإنني‭ ‬لم‭ ‬استحسن‭ ‬قط‭ ‬قوله‭:‬

السيف‭ ‬أصدق‭ ‬أنباء‭ ‬من‭ ‬الكتبِ‭/ ‬في‭ ‬حده‭ ‬الحد‭ ‬بين‭ ‬الجد‭ ‬واللعبِ‭/ ‬بيض‭ ‬الصفائح‭ ‬لا‭ ‬سود‭ ‬الصحائف‭ ‬في‭/ ‬متونهن‭ ‬جلاء‭ ‬الشك‭ ‬والريب‭.‬

وقالوا‭ ‬لنا‭ ‬إن‭ ‬أبا‭ ‬تمام‭ ‬برع‭ ‬هنا‭ ‬في‭ ‬التشبيه‭ ‬المرسل‭ ‬والاستعارة،‭ ‬ورغم‭ ‬البراعة‭ ‬المحسوسة‭ ‬فإنني‭ ‬أحسب‭ ‬أنه‭ ‬عكف‭ ‬حينا‭ ‬من‭ ‬الدهر‭ ‬طويلا‭ ‬لنظم‭ ‬البيتين،‭ ‬أي‭ ‬أنهما‭ ‬مصنوعان‭ ‬ومتكَلّفان،‭ ‬وإن‭ ‬كانا‭ ‬شاهدين‭ ‬على‭ ‬موهبة‭ ‬شعرية‭ ‬ضخمة‭.‬

وبالمقابل‭ ‬فإنني‭ ‬شديد‭ ‬الاعجاب‭ ‬بقدرة‭ ‬البعض‭ ‬على‭ ‬إتيان‭ ‬تعابير‭ ‬وأقوال‭ ‬تخالف‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬متداول‭ ‬او‭ ‬متعارف‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬حيل‭ ‬لغوية‭ ‬وبلاغيات‭ ‬وتلاعب‭ ‬بالألفاظ،‭ ‬ومن‭ ‬هؤلاء‭ ‬السيدة‭ ‬ليليان‭ ‬كارتر‭ ‬زوجة‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬الأسبق‭ ‬جيمي‭ ‬كارتر‭ ‬التي‭ ‬قالت‭ ‬‮«‬كلما‭ ‬سمعت‭ ‬عيالي‭ ‬يتشاجرون‭ ‬ندمت‭ ‬على‭ ‬أنني‭ ‬لست‭ ‬عانسا‭ ‬‮«‬أما‭ ‬الساخر‭ ‬الأمريكي‭ ‬الأشهر‭ ‬مارك‭ ‬توين‭ ‬فقد‭ ‬قال‭ ‬ذات‭ ‬مرة‭ ‬لبعض‭ ‬أصدقائه‭: ‬وصفت‭ ‬هذه‭ ‬المرأة‭ ‬الأسبوع‭ ‬الماضي‭ ‬بأنها‭ ‬أقبح‭ ‬من‭ ‬رأيت،‭ ‬ثم‭ ‬التقيت‭ ‬بأختها‭ ‬مؤخرا‭ ‬و«سحبت‭ ‬كلامي‮»‬‭. ‬وهو‭ ‬أيضا‭ ‬القائل‭ ‬إن‭ ‬نجاح‭ ‬الخطبة‭ ‬الجماهيرية‭ ‬يتوقف‭ ‬على‭ ‬حسن‭ ‬المقدمة‭ ‬وحسن‭ ‬الخاتمة‭ ‬وتقصير‭ ‬المسافة‭ ‬بينهما‭. ‬ومن‭ ‬أقواله‭ ‬الرائعة‭ ‬‮«‬تفادى‭ ‬قراءة‭ ‬أي‭ ‬كتاب‭ ‬عن‭ ‬الصحة‭ ‬فقد‭ ‬يتسبب‭ ‬خطأ‭ ‬مطبعي‭ ‬فيه‭ ‬في‭ ‬خسارتك‭ ‬لصحتك‮»‬‭! ‬أما‭ ‬أجمل‭ ‬ما‭ ‬قاله‭ ‬فهو‭: ‬عندما‭ ‬كنت‭ ‬في‭ ‬الرابعة‭ ‬عشرة‭ ‬كان‭ ‬والدي‭ ‬أميا‭ ‬جاهلا‭ ‬بحيث‭ ‬كنت‭ ‬أتضايق‭ ‬من‭ ‬وجوده‭ ‬قربي،‭ ‬وبعد‭ ‬أن‭ ‬بلغت‭ ‬الحادية‭ ‬والعشرين‭ ‬عجبت‭ ‬من‭ ‬تعلمه‭ ‬أشياء‭ ‬كثيرة‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬السبع‭ ‬الماضية‭! ‬وقال‭: ‬كتبي‭ ‬مثل‭ ‬الماء،‭ ‬بينما‭ ‬كتب‭ ‬الآخرين‭ ‬مثل‭ ‬النبيذ‭. ‬وكل‭ ‬الناس‭ ‬تشرب‭ ‬الماء‭! ‬وعن‭ ‬الزواج‭ ‬قال‭ ‬الفيلسوف‭ ‬الإغريقي‭ ‬سقراط‭: ‬عليك‭ ‬ان‭ ‬تتزوج‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الأحوال،‭ ‬فلو‭ ‬وجدت‭ ‬زوجة‭ ‬طيبة‭ ‬فستكون‭ ‬سعيدا،‭ ‬أما‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬سيئة‭ ‬فستكون‭ ‬فيلسوفا‭.. ‬والكوميدي‭ ‬الامريكي‭ ‬الراحل‭ ‬غروشو‭ ‬ماركس‭ ‬هو‭ ‬القائل‭: ‬تزوجت‭ ‬أمام‭ ‬قاض‭ ‬ولكن‭ ‬فات‭ ‬علي‭ ‬الاستعانة‭ ‬بمحامٍ‭!.. ‬وعلى‭ ‬ذكر‭ ‬الزواج‭ ‬هناك‭ ‬الطرفة‭ ‬الشائعة‭ ‬عن‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬البريطاني‭ ‬ونستون‭ ‬تشيرتشل‭ (‬وكان‭ ‬سكيرا‭) ‬الذي‭ ‬قالت‭ ‬له‭ ‬سيدة‭ ‬خلال‭ ‬حفل‭: ‬لو‭ ‬كنت‭ ‬زوجتك‭ ‬لوضعت‭ ‬لك‭ ‬السم‭ ‬في‭ ‬الكأس،‭ ‬فرد‭ ‬عليها‭ ‬تشيرتشل‭: ‬ولو‭ ‬كنت‭ ‬زوجك‭ ‬لشربت‭ ‬الكأس‭ ‬المسموم‭. ‬وتشيرتشل‭ ‬هو‭ ‬القائل‭: ‬لا‭ ‬تجهد‭ ‬وترهق‭ ‬نفسك‭ ‬لتفادي‭ ‬الغواية‭/‬الإغراء‭ ‬لأنها‭ ‬ستتفاداك‭ ‬عندما‭ ‬تتقدم‭ ‬في‭ ‬السن‭! ‬وهناك‭ ‬الرجل‭ ‬الذي‭ ‬شكا‭ ‬من‭ ‬ان‭ ‬زوجته‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬إعاقة‭ ‬في‭ ‬الكلام‭ ‬‮«‬تضطرها‭ ‬الى‭ ‬التوقف‭ ‬بين‭ ‬الحين‭ ‬والآخر‭ ‬لالتقاط‭ ‬أنفاسها‮»‬‭ ‬وإليك‭ ‬هذه‭ ‬المجموعة‭ ‬من‭ ‬الأقوال‭: ‬النقود‭ ‬لا‭ ‬تشتري‭ ‬السعادة‭ ‬لكنها‭ ‬تسبب‭ ‬تعاسة‭ ‬من‭ ‬النوع‭ ‬الحميد‭!.. ‬حتى‭ ‬بلوغي‭ ‬سن‭ ‬الثالثة‭ ‬عشرة‭ ‬كنت‭ ‬أحسب‭ ‬أن‭ ‬اسمي‭ ‬هو‭ ‬‮«‬هس‮»‬،‭ ‬واكتشفت‭ ‬أنني‭ ‬كنت‭ ‬محظوظا‭ ‬لأن‭ ‬صديقا‭ ‬لي‭ ‬أبلغني‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬يحسب‭ ‬أن‭ ‬‮«‬حمار‮»‬‭ ‬هو‭ ‬اسم‭ ‬الدلع‭ ‬الخاص‭ ‬به‭ ‬لكثرة‭ ‬ما‭ ‬استخدمه‭ ‬والده‭ ‬ومعلموه‭. ‬

أضمن‭ ‬طريقة‭ ‬لوقف‭ ‬التغير‭ ‬المناخي‭ ‬أو‭ ‬إبطائه‭ ‬هو‭ ‬عرض‭ ‬الأمر‭ ‬على‭ ‬البرلمان‭/ ‬المجلس‭ ‬الوطني‭/ ‬مجلس‭ ‬الشورى‭. ‬يقولون‭ ‬ان‭ ‬الحياة‭ ‬تبدأ‭ ‬في‭ ‬الخمسين‭. ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬ذلك‭ ‬صحيحا‭ ‬ولكن‭ ‬الأشياء‭ ‬الأخرى‭ ‬تبدأ‭ ‬في‭ ‬التساقط‭ ‬أو‭ ‬التمدد‭ ‬أو‭ ‬الانكماش‭ ‬في‭ ‬الخمسين‭. ‬وعندما‭ ‬يصل‭ ‬الإنسان‭ ‬إلى‭ ‬تلك‭ ‬المرحلة‭ ‬التي‭ ‬يحسب‭ ‬فيها‭ ‬كل‭ ‬خطوة‭ ‬يخطوها،‭ ‬يكون‭ ‬قد‭ ‬بلغ‭ ‬من‭ ‬الكبر‭ ‬درجة‭ ‬تجعله‭ ‬عاجزا‭ ‬عن‭ ‬الذهاب‭ ‬الى‭ ‬أي‭ ‬مكان‭.. ‬وعندما‭ ‬يقول‭ ‬كل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬صديق‭: ‬ما‭ ‬شاء‭ ‬الله‭ ‬عيني‭ ‬باردة‭.. ‬أنت‭ ‬مازلت‭ ‬شبابا‭!! ‬فاعلم‭ ‬انه‭ ‬راحت‭ ‬عليك،‭ ‬أي‭ ‬أن‭ ‬آثار‭ ‬الكبر‭ ‬صارت‭ ‬بادية‭ ‬عليك،‭ ‬فمثل‭ ‬هذا‭ ‬الكلام‭ ‬لا‭ ‬يقال‭ ‬لشخص‭ ‬شاب‭ ‬يستحق‭ ‬اللقب‭ ‬عن‭ ‬جدارة‭ ‬واستحقاق،‭ ‬بل‭ ‬يقال‭ ‬لك‭ ‬عندما‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬مرحلة‭ ‬‮«‬راحت‭ ‬عليك‮»‬‭ ‬من‭ ‬باب‭ ‬البكش‭ ‬لرفع‭ ‬المعنويات‭. ‬

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا