العدد : ١٧٠٨١ - السبت ٢٨ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٧ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٨١ - السبت ٢٨ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٧ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

بصمات نسائية

فخورة بتحقيق حلم إعادة مصنع والدي إلى الحياة بعد توقف سنوات

أجرت الحوار: هالة كمال الدين

الأربعاء ٢٤ يناير ٢٠٢٤ - 02:00

المدير التنفيذي لشركة مصانع الزيرة.. بطلة قصة إنسانية وعملية ملؤها الألم والأمل والكفاح والنجاح.. صاحبة الإرادة الفولاذية.. سيدة الأعمال المصرفية.. نور نبيل الزيرة لـ«أخبار الخليج»:


يقول‭ ‬العالم‭ ‬الشهير‭ ‬توماس‭ ‬إديسون‭: ‬‮«‬سقوط‭ ‬الإنسان‭ ‬ليس‭ ‬فشلا‭.. ‬ولكن‭ ‬الفشل‭ ‬أن‭ ‬يبقى‭ ‬حيث‭ ‬سقط‮»‬‭!‬

نعم،‭ ‬ليس‭ ‬هناك‭ ‬أجمل‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬القوة‭ ‬الخفية‭ ‬التي‭ ‬تمكن‭ ‬صاحبها‭ ‬من‭ ‬النهوض‭ ‬بعد‭ ‬السقوط،‭ ‬إنها‭ ‬الإرادة‭ ‬التي‭ ‬تدفعه‭ ‬إلى‭ ‬الإقدام‭ ‬نحو‭ ‬الخطوة‭ ‬الأولى‭ ‬في‭ ‬طريق‭ ‬الكفاح‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬النجاح‭!‬

وهذا‭ ‬ما‭ ‬تؤمن‭ ‬به‭ ‬فعليا‭ ‬هذه‭ ‬المرأة‭ ‬التي‭ ‬قالت‭ ‬لنفسها‭ ‬ذات‭ ‬يوم‭ ‬‮«‬حتى‭ ‬لو‭ ‬هزمت‭.. ‬لكنني‭ ‬لم‭ ‬استسلم‭ ‬أبدا‭.. ‬فبداخلي‭ ‬طاقة‭ ‬ستمكنني‭ ‬من‭ ‬تحقيق‭ ‬أهدافي‭ ‬مهما‭ ‬واجهت‭ ‬من‭ ‬حروب‭ ‬وصعوبات‮»‬‭! ‬وبالفعل‭ ‬سارت‭ ‬في‭ ‬طريقها‭ ‬بكل‭ ‬عزيمة‭ ‬وإصرار،‭ ‬حتى‭ ‬بلغت‭ ‬ما‭ ‬أرادت،‭ ‬لتثبت‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬ظنته‭ ‬قلاع‭ ‬من‭ ‬صخور‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬إنما‭ ‬كان‭ ‬مجرد‭ ‬حصون‭ ‬من‭ ‬ورق،‭ ‬سرعان‭ ‬ما‭ ‬هدمتها‭ ‬وهزمتها‭ ‬في‭ ‬معركة‭ ‬الصراع‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬البقاء‭.‬

نور‭ ‬نبيل‭ ‬الزيرة،‭ ‬المدير‭ ‬التنفيذي‭ ‬لشركة‭ ‬مصانع‭ ‬الزيرة‭ ‬للمنتجات‭ ‬البلاستيكية‭ ‬والورق‭ ‬والأثاث‭ ‬وصناعة‭ ‬الخشب،‭ ‬امرأة‭ ‬من‭ ‬طراز‭ ‬خاص،‭ ‬أيقنت‭ ‬أن‭ ‬الإرادة‭ ‬تصنع‭ ‬نصف‭ ‬الطريق،‭ ‬فبذلت‭ ‬الغالي‭ ‬والنفيس‭ ‬لتحقيق‭ ‬هدفها‭ ‬لإحياء‭ ‬مصنع‭ ‬والدها‭ -‬رحمه‭ ‬الله‭- ‬وإعادته‭ ‬إلى‭ ‬عصره‭ ‬الذهبي،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تعثر‭ ‬وتوقف‭ ‬لسنوات‭ ‬طوال‭ ‬لم‭ ‬تفقد‭ ‬خلالها‭ ‬الأمل‭ ‬مطلقا،‭ ‬فرغم‭ ‬ما‭ ‬تعرضت‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬إحباطات‭ ‬وضغوطات‭ ‬وابتزازات،‭ ‬فإنها‭ ‬بتكاتف‭ ‬عائلتها‭ ‬استطاعت‭ ‬أن‭ ‬تحيي‭ ‬مشروع‭ ‬أبيها،‭ ‬وتبدأ‭ ‬به‭ ‬عهدا‭ ‬جديدا‭ ‬من‭ ‬العمل‭ ‬والإنجاز‭ ‬والتألق‭ ‬على‭ ‬الساحة،‭ ‬وذلك‭ ‬رغم‭ ‬أنف‭ ‬الكثيرين‭ ‬من‭ ‬حولها‭.‬

حول‭ ‬هذه‭ ‬القصة‭ ‬البطولية‭ ‬الملهمة‭ ‬كان‭ ‬الحوار‭ ‬التالي‭: ‬

حدثينا‭ ‬عن‭ ‬نشأتك؟

لقد‭ ‬كنت‭ ‬طفلة‭ ‬سعيدة‭ ‬للغاية،‭ ‬تعيش‭ ‬أجواء‭ ‬عائلية‭ ‬ملؤها‭ ‬الحب‭ ‬والترابط،‭ ‬ومدللة‭ ‬من‭ ‬قِبل‭ ‬أبي‭ ‬خاصة،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬يسعى‭ ‬دوما‭ ‬إلى‭ ‬غرس‭ ‬روح‭ ‬المسؤولية‭ ‬بداخلي‭ ‬منذ‭ ‬الصغر،‭ ‬ويمنحني‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المهام،‭ ‬واتخذت‭ ‬منه‭ ‬قدوة‭ ‬لي‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬حتى‭ ‬أصبح‭ ‬حلمي‭ ‬أن‭ ‬أكون‭ ‬مثله‭ ‬في‭ ‬المستقبل،‭ ‬وأحتل‭ ‬منصبا‭ ‬كبيرا‭ ‬ومرموقا‭ ‬في‭ ‬المجتمع،‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬رئيسا‭ ‬لعدة‭ ‬شركات،‭ ‬وعضوا‭ ‬في‭ ‬غرفة‭ ‬تجارة‭ ‬وصناعة‭ ‬البحرين،‭ ‬وفي‭ ‬سباق‭ ‬الخيل،‭ ‬وفي‭ ‬جمعيات‭ ‬مختلفة،‭ ‬وأذكر‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬دائما‭ ‬يقول‭ ‬لنا‭ ‬إن‭ ‬استثماره‭ ‬الأكبر‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬تعليم‭ ‬أبنائه،‭ ‬وأنه‭ ‬لن‭ ‬يقدم‭ ‬لنا‭ ‬أي‭ ‬دعم‭ ‬مادي‭ ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬نعتمد‭ ‬على‭ ‬أنفسنا‭ ‬ونجتهد‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تحقيق‭ ‬طموحاتنا،‭ ‬وكان‭ ‬ذلك‭ ‬يمثل‭ ‬حافزا‭ ‬كبيرا‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلينا‭ ‬للكفاح‭ ‬والنجاح،‭ ‬وكأنه‭ ‬كان‭ ‬يشعر‭ ‬بأنه‭ ‬سوف‭ ‬يفارقنا‭ ‬مبكرا‭. ‬

 

ما‭ ‬أثر‭ ‬فقدان‭ ‬الوالد‭ ‬على‭ ‬مسيرتك؟

لقد‭ ‬توفي‭ ‬والدي‭ ‬وأنا‭ ‬عمري‭ ‬23‭ ‬عاما‭ ‬أثناء‭ ‬دراستي‭ ‬لرسالة‭ ‬الماجستير‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬الأعمال،‭ ‬وكنت‭ ‬قد‭ ‬بدأت‭ ‬مشواري‭ ‬العملي‭ ‬بالفعل‭ ‬أثناء‭ ‬المرحلة‭ ‬الجامعية‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬الصيف‭ ‬في‭ ‬أحد‭ ‬البنوك،‭ ‬وبعد‭ ‬فقدان‭ ‬أبي‭ ‬عاهدت‭ ‬نفسي‭ ‬ألا‭ ‬يشعر‭ ‬أحد‭ ‬من‭ ‬عائلتي‭ ‬بأي‭ ‬احتياج‭ ‬أو‭ ‬نقص،‭ ‬وبالفعل‭ ‬أصبحت‭ ‬إنسانة‭ ‬مسؤولة‭ ‬في‭ ‬عمر‭ ‬مبكر،‭ ‬واستمررت‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬المصرفي‭ ‬حوالي‭ ‬عشر‭ ‬سنوات،‭ ‬ثم‭ ‬انتقلت‭ ‬إلى‭ ‬العمل‭ ‬لدى‭ ‬إحدى‭ ‬الشركات‭ ‬الصناعية‭ ‬وحتى‭ ‬اليوم‭.‬

كيف‭ ‬تعاطيتِ‭ ‬مع‭ ‬صدمة‭ ‬الفقد؟

لا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬فقدان‭ ‬الوالد‭ ‬مبكرا‭ ‬وبشكل‭ ‬مفاجئ‭ ‬مثّل‭ ‬صدمة‭ ‬شديدة‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلينا‭ ‬جميعا،‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬مواجهة‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الخلافات‭ ‬والمشاكل‭ ‬التي‭ ‬استمرت‭ ‬مع‭ ‬الأعمام‭ ‬بعد‭ ‬وصولها‭ ‬إلى‭ ‬قاعات‭ ‬المحاكم،‭ ‬حيث‭ ‬تم‭ ‬فرض‭ ‬الحراسة‭ ‬القضائية‭ ‬على‭ ‬المصنع،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬ضاعف‭ ‬من‭ ‬ضغوطات‭ ‬الحياة‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬يجب‭ ‬علينا‭ ‬التعامل‭ ‬معها‭ ‬بكل‭ ‬إيمان‭ ‬وثبات‭ ‬وثقة‭ ‬في‭ ‬الخالق‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى،‭ ‬ولله‭ ‬الحمد‭ ‬ثبتت‭ ‬براءة‭ ‬والدي‭ ‬من‭ ‬تهمة‭ ‬التشكيك‭ ‬في‭ ‬ذمته‭ ‬المالية‭ ‬بعد‭ ‬وفاته،‭ ‬وبالفعل‭ ‬سعيت‭ ‬أنا‭ ‬وأختاي‭ ‬دنيا‭ ‬وريم‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬توفير‭ ‬حياة‭ ‬كريمة‭ ‬لأسرتنا‭ ‬وإكمال‭ ‬تعليم‭ ‬أخي‭ ‬وأختي‭ ‬في‭ ‬المدارس‭ ‬الخاصة،‭ ‬وكان‭ ‬تحديا‭ ‬كبيرا‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلينا‭ ‬ولكننا‭ ‬كنا‭ ‬بقدره،‭ ‬ويمكن‭ ‬القول‭ ‬بأننا‭ ‬استفدنا‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬العِبر‭ ‬والدروس‭ ‬مما‭ ‬مررنا‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬صعوبات‭ ‬أو‭ ‬عثرات‭.‬

وما‭ ‬أهم‭ ‬تلك‭ ‬الدروس‭ ‬المستفادة؟

الخلاف‭ ‬بين‭ ‬أبي‭ ‬وإخوته‭ ‬غرس‭ ‬بداخلنا‭ ‬قيما‭ ‬جميلة‭ ‬في‭ ‬مقدمتها‭ ‬أهمية‭ ‬توافر‭ ‬الحب‭ ‬والترابط‭ ‬العائلي‭ ‬فيما‭ ‬بين‭ ‬أفراد‭ ‬أسرتي،‭ ‬وعدم‭ ‬السماح‭ ‬لأي‭ ‬أمور‭ ‬مادية‭ ‬أن‭ ‬تؤثر‭ ‬سلبا‭ ‬على‭ ‬علاقتنا‭ ‬مع‭ ‬بعضنا‭ ‬البعض،‭ ‬ويرجع‭ ‬الفضل‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬بالمقام‭ ‬الأول‭ ‬إلى‭ ‬والدتي‭ ‬التي‭ ‬حرصت‭ ‬دوما‭ ‬على‭ ‬غرس‭ ‬هذه‭ ‬القيم‭ ‬في‭ ‬نفوسنا،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬منحنا‭ ‬القوة‭ ‬والثبات‭ ‬حين‭ ‬تم‭ ‬وضع‭ ‬المصنع‭ ‬تحت‭ ‬التصفية‭ ‬الإجبارية‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬2016‭ ‬إلى‭ ‬2020،‭ ‬وبالطبع‭ ‬مررنا‭ ‬بظروف‭ ‬صعبة‭ ‬للغاية،‭ ‬قررنا‭ ‬على‭ ‬أثرها‭ ‬بيع‭ ‬أرض‭ ‬من‭ ‬أملاكنا‭ ‬لشراء‭ ‬المصنع،‭ ‬وقد‭ ‬قمنا‭ ‬بإعداد‭ ‬دراسة‭ ‬جديدة‭ ‬لوضع‭ ‬المصنع‭ ‬وإعادة‭ ‬هيكلة‭ ‬شاملة‭ ‬له‭ ‬ولمنتجاته‭ ‬وللتكنولوجيا‭ ‬المستخدمة‭ ‬به،‭ ‬وتمت‭ ‬إعادته‭ ‬للحياة‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬بعد‭ ‬توقف‭ ‬سنوات‭ ‬طوال‭. ‬

أصعب‭ ‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬واجهتك؟

لم‭ ‬أكن‭ ‬أتوقع‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬الكم‭ ‬من‭ ‬الدعم‭ ‬والتسهيلات‭ ‬التي‭ ‬وجدناه‭ ‬خاصة‭ ‬لكوننا‭ ‬نساء‭ ‬من‭ ‬الجهات‭ ‬المعنية،‭ ‬فقد‭ ‬حصلنا‭ ‬على‭ ‬دعم‭ ‬من‭ ‬صندوق‭ ‬تمكين‭ ‬ومن‭ ‬ريادات‭ ‬الأعمال‭ ‬ومن‭ ‬الوزارات‭ ‬المختصة،‭ ‬وتعاون‭ ‬معنا‭ ‬الجميع‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تحقيق‭ ‬هدفنا‭ ‬حتى‭ ‬داخل‭ ‬أروقة‭ ‬المحاكم،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬أشعرنا‭ ‬بشكل‭ ‬فعلي‭ ‬بمدىي‭ ‬توافر‭ ‬حقوق‭ ‬النساء‭ ‬في‭ ‬وطننا،‭ ‬وخلال‭ ‬ثلاث‭ ‬سنوات‭ ‬أصبح‭ ‬المصنع‭ ‬متكاملا‭ ‬من‭ ‬كافة‭ ‬الجوانب‭ ‬وبدأ‭ ‬عهد‭ ‬جديد‭.‬

الخطوة‭ ‬القادمة؟

نحن‭ ‬في‭ ‬طريقنا‭ ‬إلى‭ ‬العمل‭ ‬بكامل‭ ‬طاقة‭ ‬المصنع‭ ‬وإنتاجيته،‭ ‬ولله‭ ‬الحمد‭ ‬بدأنا‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬الأرباح‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬قسم‭ ‬النجارة‭ ‬والأثاث‭ ‬الذي‭ ‬تم‭ ‬إضافته‭ ‬مؤخرا،‭ ‬وهذا‭ ‬بعد‭ ‬خسائر‭ ‬استمرت‭ ‬حوالي‭ ‬ثلاث‭ ‬سنوات،‭ ‬تقاسمناها‭ ‬فيما‭ ‬بيننا‭ ‬عن‭ ‬طيب‭ ‬خاطر،‭ ‬فالماديات‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬لها‭ ‬الأولوية‭ ‬قط‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلينا،‭ ‬فهكذا‭ ‬نشأنا‭ ‬وتربينا‭. ‬

نقطة‭ ‬تحول‭ ‬في‭ ‬مشوارك؟

من‭ ‬أصعب‭ ‬المواقف‭ ‬التي‭ ‬مرت‭ ‬بي‭ ‬كان‭ ‬حين‭ ‬سافرنا‭ ‬ذات‭ ‬يوم‭ ‬أنا‭ ‬وعائلتي‭ ‬في‭ ‬رحلة‭ ‬سياحية‭ ‬خارج‭ ‬البحرين‭ ‬ثم‭ ‬فوجئنا‭ ‬هناك‭ ‬بفرض‭ ‬تعميم‭ ‬على‭ ‬حساباتنا‭ ‬البنكية‭ ‬الشخصية،‭ ‬وقد‭ ‬مثلت‭ ‬هذه‭ ‬الأزمة‭ ‬نقطة‭ ‬فارقة‭ ‬في‭ ‬حياتي،‭ ‬حيث‭ ‬قررت‭ ‬هنا‭ ‬الإلمام‭ ‬بكافة‭ ‬الأمور‭ ‬القانونية‭ ‬والمالية،‭ ‬والبحث‭ ‬عن‭ ‬حلول‭ ‬بديلة‭ ‬لأي‭ ‬مشكلة‭ ‬قد‭ ‬تواجهني،‭ ‬وأذكر‭ ‬أن‭ ‬القاضي‭ ‬المختص‭ ‬بالقضية‭ ‬تعاون‭ ‬معنا‭ ‬كثيرا‭ ‬وخلال‭ ‬عشرة‭ ‬أيام‭ ‬تم‭ ‬رفع‭ ‬التعميم‭.‬

ماذا‭ ‬علمتك‭ ‬تلك‭ ‬الأزمة؟

لقد‭ ‬منحتني‭ ‬تلك‭ ‬الأزمة‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬القوة‭ ‬والشعور‭ ‬بالاستقلالية،‭ ‬وكيفية‭ ‬النهوض‭ ‬بعد‭ ‬أي‭ ‬سقوط،‭ ‬والإيمان‭ ‬القوي‭ ‬عند‭ ‬مواجهة‭ ‬أي‭ ‬صعوبات،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬عاهدته‭ ‬من‭ ‬والدي‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلي‭ ‬رمزا‭ ‬للقوة،‭ ‬فكان‭ ‬رحمه‭ ‬الله‭ ‬يواجه‭ ‬الحروب‭ ‬بمفرده،‭ ‬ولا‭ ‬يفصح‭ ‬لنا‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬مشكلة‭ ‬تواجهه،‭ ‬وأذكر‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬من‭ ‬الفترات‭ ‬توقف‭ ‬معاشه‭ ‬مدة‭ ‬ثلاثة‭ ‬أشهر‭ ‬بسبب‭ ‬خلافاته‭ ‬مع‭ ‬اخوانه،‭ ‬وقد‭ ‬علمنا‭ ‬بذلك‭ ‬بعد‭ ‬وفاته،‭ ‬وأدركت‭ ‬هنا‭ ‬كم‭ ‬كان‭ ‬صبورا‭ ‬ومثابرا‭ ‬وقويا‭. ‬

هل‭ ‬ترين‭ ‬أن‭ ‬المادة‭ ‬هي‭ ‬المسيطرة‭ ‬اليوم؟

نعم،‭ ‬للأسف‭ ‬الشديد‭ ‬نحن‭ ‬نعيش‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬طغت‭ ‬فيها‭ ‬الماديات‭ ‬على‭ ‬الإنسانيات‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأحيان،‭ ‬حيث‭ ‬تراجعت‭ ‬روابط‭ ‬المحبة‭ ‬والتعاملات‭ ‬بضمير‭ ‬بين‭ ‬الناس‭ ‬وبعضها‭ ‬البعض،‭ ‬وقد‭ ‬تعلمت‭ ‬من‭ ‬تجربتي‭ ‬الشخصية‭ ‬والظروف‭ ‬التي‭ ‬مرت‭ ‬بي‭ ‬أن‭ ‬أراعي‭ ‬الخالق‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬تصرفاتي‭ ‬وخطواتي‭ ‬وأن‭ ‬الكفاح‭ ‬هو‭ ‬طريق‭ ‬النجاح،‭ ‬وأنه‭ ‬ليس‭ ‬هناك‭ ‬مستحيل‭ ‬أمام‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬هدف‭ ‬ما‭ ‬طالما‭ ‬توافرت‭ ‬الإرادة‭ ‬والإصرار،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬بالفعل‭ ‬مع‭ ‬هدف‭ ‬إعادة‭ ‬إحياء‭ ‬مصانع‭ ‬الزيرة‭ ‬إلى‭ ‬زمن‭ ‬ازدهارها،‭ ‬وكم‭ ‬نحن‭ ‬سعداء‭ ‬بمواصلة‭ ‬مسيرة‭ ‬والدي‭ ‬وجدي‭ ‬اللذين‭ ‬تركا‭ ‬إرثا‭ ‬صناعيا‭ ‬بارزا‭ ‬ومتميزا‭ ‬على‭ ‬الساحة‭.‬

حلم‭ ‬ضاع‭ ‬وسط‭ ‬زحمة‭ ‬الحياة؟

كنت‭ ‬أتمنى‭ ‬أن‭ ‬أصبح‭ ‬أما‭ ‬في‭ ‬سن‭ ‬مبكرة،‭ ‬ولكن‭ ‬ظروف‭ ‬الحياة‭ ‬ومسؤوليتي‭ ‬العائلية‭ ‬وأهدافي‭ ‬العملية‭ ‬اضطرتني‭ ‬إلى‭ ‬تأجيل‭ ‬الزواج‭ ‬حتى‭ ‬عمر‭ ‬33‭ ‬عاما،‭ ‬ولله‭ ‬الحمد‭ ‬رزقت‭ ‬بزوج‭ ‬يعتبر‭ ‬أكبر‭ ‬داعم‭ ‬لي‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬خطوة،‭ ‬وهو‭ ‬يدرك‭ ‬جيدا‭ ‬أن‭ ‬مصنع‭ ‬والدي‭ ‬يتربع‭ ‬على‭ ‬قمة‭ ‬أولوياتي،‭ ‬وكم‭ ‬أنا‭ ‬فخورة‭ ‬بأنه‭ ‬يتمتع‭ ‬اليوم‭ ‬بقاعدة‭ ‬قوية‭ ‬وسط‭ ‬مصانع‭ ‬المملكة‭.‬

ما‭ ‬هي‭ ‬خطتك‭ ‬المستقبلية؟

أتمنى‭ ‬أن‭ ‬يأتي‭ ‬اليوم‭ ‬الذي‭ ‬أصل‭ ‬فيه‭ ‬بمنتجات‭ ‬مصنعنا‭ ‬إلى‭ ‬الأسواق‭ ‬الأوروبية،‭ ‬فهذا‭ ‬كان‭ ‬حلم‭ ‬والدي‭ ‬دوما،‭ ‬وكلي‭ ‬أمل‭ ‬في‭ ‬تحقيقه‭ ‬من‭ ‬أجله‭ ‬وفاء‭ ‬له،‭ ‬ولا‭ ‬شك‭ ‬أنني‭ ‬أستشعر‭ ‬حاليا‭ ‬مدى‭ ‬فخره‭ ‬بي،‭ ‬وبما‭ ‬حققته،‭ ‬فكم‭ ‬كان‭ ‬حزينا‭ ‬لما‭ ‬آلت‭ ‬إليه‭ ‬أوضاع‭ ‬مشروع‭ ‬عمره‭ ‬قبل‭ ‬وفاته،‭ ‬وأحمد‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬على‭ ‬نجاحي‭ ‬في‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬جهده‭ ‬وتعبه‭ ‬سنوات‭ ‬طوال،‭ ‬وعلى‭ ‬التمكن‭ ‬من‭ ‬الوقوف‭ ‬بكل‭ ‬قوة‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬ما‭ ‬تعرضنا‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬حروب‭ ‬وابتزاز‭ ‬حتى‭ ‬من‭ ‬أقرب‭ ‬الناس‭ ‬إلينا‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا