أول امرأة تترأس مجلس إدارة جمعية المهندسين البحرينية.. حاصلة على أول رسالة دكتوراه من نوعها في الشبكات العصبونية، وعلى جائزة التميز في التدريس وعلى تكريم الأميرة سبيكة لرواد العمل الأكاديمي، وعلى تكريم الاتحاد الهندسي الخليجي لرواد العمل في الخليج.. معتمد برامج هندسية لدى مؤسسة «آى إي تي».. عضو مجلس الاعتماد الأكاديمي في مؤسسة «آي إي إي إى».. رائدة كاظم العلوي لـ«أخبار الخليج»:
يقول ستيف جونز مؤسس لشركة أبل: «أنا على قناعة بأن ما يفصل رواد الأعمال الناجحين عن غير الناجحين هو المثابرة الخالصة»!
نعم المثابرة، شرط وضرورة لتحقيق النجاح، وإذا غابت انتفى كل شيء، فطريق الريادة شاق ووعر ومليء بالمصاعب والتحديات، وإن لم تثابر في كل خطواتك انتهي أمرك، وتلك هي قناعة هذه المرأة التي تؤكد تجربتها أن الإلهام هو الشرارة التي تشعل الشغف، وتغذي الإبداع، وتدفعك إلى استكشاف حدودك، ومن ثم الوصول إلى أعلى مستويات ترك الأثر.
رائدة كاظم العلوي، اسم على مسمى، فهي رائدة بالفعل في مجالها، فقد كان الإلهام هو العنصر الأساسي وراء وقوفها جنبا إلى جنب في مصاف رواد الأعمال، ونظرا إلى إيمانها بأن النجاح لصيق الصلة بالشغف فقد تحولت قصتها إلى ملحمة تتجسد فيها أجمل معاني الشجاعة والصمود والكفاح في سبيل تحقيق الأهداف والأحلام.
لقد انتصرت بكل إصرار على كل التحديات التي واجهتها عبر رحلتها الريادية، فكانت أول امرأة بحرينية تترأس مجلس إدارة جمعية المهندسين البحرينية، وتحصل على أول رسالة دكتوراه من نوعها عن الشبكات العصبونية، وكان لحضورها القوي على الصعيد الوطني والدولي أثر كبير في عكس واقع المرأة البحرينية وما حققته من مكاسب وإنجازات وما بلغته من مكانة مرموقة حتى تحولت إلى مصدر إلهام للآخرين.
لا شك أن الريادة فن من الفنون التي يتمتع بها الشخص في تحفيز مجموعة من الناس لتحقيق هدف مشترك فيما بينهم، فإلى أي مدى تمتلك هذه المرأة مفاتيح ومهارات هذا الفن؟ وكيف كانت تفاصيل الرحلة؟
وأسئلة أخرى عديدة سوف يجيب عنها الحوار التالي:
حدثينا عن طفولتك؟
- لقد نشأت وسط عائلة كبيرة تضم 13 ابنا وابنة، والمعروف أن والدي كان تاجرا شهيرا، ورغم تعليمه المتواضع إلا أنه غرس فينا جميعا حب العلم والتعلم وقيمة العمل والكفاح وتحقيق الاستقلالية والمثابرة، وأذكر أنه كان يحرص على تقديم مكافآت لمن يتفوق في دراسته لتحفيزنا على التميز، وهو قدوتي في كل شيء، وأجمل ما منحنا إياه حرية الاختيار والقرار، ومنذ الصغر عشقت الرياضيات حتى أنني رأيت نفسي مهندسة عند الكبر، فضلا عن ممارسة الكثير من الهوايات كالزراعة والسباحة والقراءة.
كيف تحقق حلم الهندسة؟
- في المرحلة الثانوية تم حصولي على بعثة بجامعة الكويت لدراسة الهندسة الكهربائية، وكانت تجربة ثرية وممتعة، وكان عدد العناصر النسائية في هذا التخصص قليلا للغاية، وبعد التخرج عدت إلى البحرين لتبدأ أولى محطات مسيرتي المهنية وكان ذلك لدى شركة بتلكو كمبرمجة نظم، وكنت البحرينية الوحيدة في الشركة الحاصلة على بكالوريوس في تخصصي، وبسبب رغبتي في مواصلة دراساتي العليا التحقت بجامعة البحرين بقسم الفيزياء لتدريس مادة الإلكترونيات، وتم تعييني كمساعد بحث وتدريس، وبالفعل تم ابتعاثي إلى لندن للدراسة بجامعة «كنجز كولدج» للحصول على رسالة الماجستير في النظم الرقمية واستغرق ذلك حوالي عام تقريبا
وبعد الماجستير؟
- عقب حصولي على رسالة الماجستير رجعت إلى وطني، واستكملت مشواري الأكاديمي بالجامعة، ثم عدت إلى بريطانيا مرة أخرى بصحبة طفلتي الأولى التي لم يتعد عمرها حينئذ ستة أشهر لدراسة الدكتوراه في مجال الشبكات العصبونية وبالطبع كانت مرحلة صعبة للغاية.
أوجه الصعوبة؟
- الصعوبة كانت تكمن في مواصلة دراستي في وجود طفلة عمرها ستة أشهر وبمفردي، فقد كانت الموازنة بين رعايتي لبنتي والمواظبة على الدراسة أمر شاق للغاية، ولكن بالتصميم والمثابرة تمكنت من مواجهة أي تحديات واجهتني، وهنا يجب لفت الانتباه إلى أهمية قيام أي جهة دراسة أو عمل بتوفير احتياجا ت المرأة وفي مقدمتها الحضانات وهو ما وجدته هناك، حيث كنت لا أترك المختبر من الساعة الثامنة صباحا وحتى الرابعة عصرا موعد تسلم ابنتي من الحضانة، ولولا ذلك لما تمكنت من تحقيق هدفي، وقد حصلت على أول أطروحة دكتوراه من نوعها في مجال الشبكات العصبونية.
انطلاقا من رسالتك هل سيحل الذكاء الاصطناعي محل البشر؟
-الذكاء الاصطناعي لن يحل محل الكوادر البشرية، وليس هناك خطورة في ذلك كما يزعم أو يتوهم البعض، ولكن يجب أن يقترن استخدامه بالتحلي بالأخلاق وبالمحافظة على المبادئ والقيم التي نشأنا عليها وذلك حتى لا ينقلب ضدنا، وهنا فقط سوف يظل تحت سيطرتنا، الأمر الذي يمنحنا الشعور بالأمان تجاهه.
متى كان التقاعد؟
- بعد حصولي على رسالة الدكتوراه عدت إلى البحرين وواصلت عملي بالجامعة مدة ثلاثين عاما تقريبا، حيث تقاعدت وأنا في منصب أستاذ مشارك، ثم التحقت للعمل لدى إحدى الجامعات الخاصة حوالي ثلاث سنوات، عقب ذلك حدثت نقلة مهمة وجذرية في مشواري المهني حين انتقلت من العمل الأكاديمي إلى الصناعي من خلال شركة «بي اف جي إنترناشيونال الدولية» والتي تقلدت بها منصب مديرة التكنولوجيا لمشروع طموح وضخم، وتم ترشيحي لرئاسة مجلس إدارة جمعية المهندسين البحرينية وفزت كأول بحرينية تحقق هذا الإنجاز، فضلا عن مواصلتي لعملي الاجتماعي.
تجربتك مع العمل التطوعي؟
- عملي التطوعي جزء من تكويني وشخصيتي وقد مارسته باحترافية من خلال عضويتي بالمعهد العالمي لمهندسي الكهرباء والإلكترونيات «آي إي إي إي» وحتى اليوم، هذا إلى جانب عضويتي في معهد الهندسة والتكنولوجيا ببريطانيا، ومنه جاءت خطوة الترشح لرئاسة الجمعية لخدمة المجتمع الهندسي البحريني والتي تعتبر من أهم وأنشط الجمعيات المهنية محليا بل وخليجيا، وهي عضو بالاتحاد الهندسي الخليجي واتحاد المهندسين العرب والاتحاد العالمي للمنظمات الهندسية، وكلي أمل في أن تترك الجمعية بصمة عالمية للقطاع الهندسي البحريني، وكم أنا فخورة بالمرأة البحرينية التي قطعت شوطا متقدما في المملكة سواء على صعيد القطاع الهندسي أو مختلف التخصصات الأخرى بفضل جهود ودعم المجلس الأعلى للمرأة.
أهم إنجاز؟
- من أهم الإنجازات التي حققتها عبر مسيرتي هو تركيزي على تربية أبنائي وصقل شخصياتهم وتعليمهم في أفضل المدارس والجامعات في العالم، ولا شك أن فاتورة ذلك كانت التضحية ببعض طموحاتي العملية التي تأخرت في تحقيقها بعض الشيء، ولكني سعيدة بذلك، لأن عائلتي تأتي دائما في مقدمة أولوياتي، ويكفيني فخرا حصولي على جائزة التميز في التدريس على مستوى جامعة البحرين بكلية الهندسة وعلى تكريم صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة لرواد العمل الأكاديمي واتحاد المهندسين الخليجي لرواد العمل الهندسي في الخليج، واليوم أعمل كمعتمد برامج هندسية لدى مؤسستي «إيه بي آي تي» و«آي إي تي» وكعضو مجلس الاعتماد الأكاديمي في مؤسسة (آي إي إي إي ) ومعتمد برامج في عمان، هذا فضلا عن إنجاز مهم أعتز به بشدة.
وما هو؟
- الإنجاز الذي أعتز به بشدة هو إدراج سيرتي ضمن الكتاب البريطاني «الصعود للقمة» الصادر عن الفيدرالية العالمية للمنظمات الهندسية وذلك في عدده الثاني، حيث تم من خلاله عرض شامل لمشواري المهني، ولا شك أنه من خلال حضوري ووجودي على الصعيد الدولي استطعت عكس صورة مشرفة لوطني وللنساء البحرينيات بشكل عام أمام العالم أجمع.
نقطة ضعفك؟
- يمكن القول إن نقطة ضعفي الوحيدة هي العائلة، التي أراها فوق وقبل كل شيء، ولن أنسى قط تشجيع زوجي لي في كل خطوة أخطوها عبر مشواري والذي كان وراء كل ما حققته اليوم، فالشريك الداعم هو أكبر نعمة من الخالق، وهو الدافع نحو تحقيق أي نجاحات تصبو إليها شريكته.
مبدأ تسيرين عليه؟
- مبدأي في الحياة هو النظرة الإيجابية في كل ما يتعلق بأمور حياتي ومن ثم عدم الاستسلام أمام أي صعوبات أو تحديات أو عثرات، أما الأمر الثاني الذي أحرص عليه دوما فهو مواصلة التعلم، انطلاقا من قناعتي بأن الإنسان يتعلم في كل يوم شيئا جديدا، وأن التعليم ليس مرتبطا بالعمر بل بالحياة نفسها وذلك لمواكبة كل ما يحدث حولنا من تطورات ومستجدات وهو ما يتطلبه طبيعة العصر الذي نعيشه اليوم لما يشهده من تغيرات متسارعة لابد من اللحاق بها.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك