أول بحرينية تطلق موقعا إلكترونيا تربويا لتعليم اللغة الإنجليزية ويتم اختيارها لشرح دروس متلفزة أثناء جائحة كورونا.. المصرفية التربوية إلهام رضا البحار لأخبار الخليج:
يقول الشاعر محمود درويش عن فقدان الشغف: أنا لا شيء يعجبني.. أريد أن أبكي!
نعم، فقدان الشغف هو أن تموت وأنت على قيد الحياة، وحين يدرك الإنسان شغفه الحقيقي تتحول حياته إلى عالم من المتعة والسعادة والأمل والتفاؤل، ومن الممكن أن يصبح شغفك الصغير نجاحا كبيرا، لأنه باختصار قوة كامنة في أعماقنا تحركنا باتجاه إنجاز ما نحبه.
إلهام رضا البحار، تربوية متألقة، ظل شغفها باللغة الإنجليزية يراودها سنوات طوال، حتى قررت أن تضحي من أجله بوظيفتها المصرفية المرموقة، لتترك بصمة خاصة بها بين النساء المتميزات في عالم التربية والتعليم.
هي تؤمن بالابتكار وعدم التكرار، ومن ثم أطلقت منصتها الإلكترونية المجانية الأولى من نوعها لتعليم مهارات اللغة الإنجليزية، وكانت أول من تم ترشيحها لشرح الدروس التعليمية على شاشة تلفزيون البحرين أثناء جائحة كورونا.
لقد دفعها شغفها الذي تراه أقوى سلاح على وجه الأرض إلى التضحية بل والمخاطرة، وإلى المضي قدما نحو تأدية رسالتها في الحياة وتحقيق أهدافها التي رسمتها لنفسها، وذلك بكل قوة وحماس، وقررت أن تمارسه عبر استراتيجيات مستحدثة، وأساليب مغايرة، الأمر الذي أضاء لها الطريق، وأضفى مذاقا خاصا على حياتها، لتسطر أجمل قصة كفاح حتي النجاح.
حول هذه التجربة المثمرة كان الحوار التالي:
حلم الطفولة؟
كان حلمي منذ طفولتي أن أصبح إعلامية أو معلمة في المستقبل، وقد دعمني أخي طارق البحار كثيرا في تحقيق طموحاتي، خاصة فيما يتعلق بالظهور على السوشيال ميديا، حيث قام بتصميم اللوجو الخاص بي وباختيار المايكروفون وكل ما يتعلق بهذا الشأن لخبراته الواسعة في هذا المجال، وقد عرف عني منذ الصغر تمتعي بالمهارة في توصيل المعلومات، وأقبلت على دراسة الأدب الإنجليزي في مرحلة الجامعة كي أحقق ما كنت أتمناه وأصبحت معلمة.
ولماذا اللغة الإنجليزية؟
أنا عاشقة للغة الإنجليزية منذ الصغر، وكثيرا ما كنت أستمع إلى الأغاني الأجنبية، واستمتع بشدة بمتابعة كافة البرامج على القنوات الأجنبية، الأمر الذي يحقق لي تطوير واتقان النطق بها، وقد صدمت في بداية المرحلة الجامعية لصعوبة دراسة تخصص الأدب الإنجليزي والتي تتطلب قراءات وتحليلات ونقدا وغيرها من الأمور، ولكن مع الوقت أصبحت أمتلك كافة المهارات اللازمة، وخاصة في ظل قراءاتي الواسعة لمختلف الروايات.
أول محطة عملية؟
أول محطة في مشواري العملي كانت مبكرة وتحديدا خلال العام الثاني من مرحلة الجامعة وذلك في القطاع المصرفي بقسم الاتصالات، وهي وظيفة تتطلب التمتع بمهارة كيفية التعامل مع العملاء، وخاصة لغير الناطقين باللغة العربية، وبالفعل اكتسبت خبرة واسعة في هذا المجال، وبعد التخرج في الجامعة قدمت للعمل لدى وزارة التربية والتعليم، حيث وصلت خبرتي إلى الآن حوالي 12 عاما وأشغل حاليا منصب منسق قسم اللغة الإنجليزية.
إلى أي مدى وصل الاهتمام باللغة الانجليزية؟
في الواقع هناك تطور واهتمام كبيرين باللغة الإنجليزية في المدارس اليوم مقارنة بالسابق، وهذا ما يحسب لوزير التربية والتعليم الحالي الذي حرص بشدة منذ أن تولى منصبه على ذلك، حيث تم استحداث مقررات لجميع المراحل التعليمية لتهيئة الطلاب لمرحلة الجامعة ومن بعدها الانخراط في سوق العمل.
نصائح للطلاب من أجل إتقانها؟
أنصح الطلاب هنا ببذل جهد إضافي في مجال كثافة القراءة باللغة الإنجليزية، للإلمام بها واتقانها منذ الصغر، وبالطبع لأولياء الأمور دور كبير في ذلك الشأن، ويمكن تحقيق ذلك بعيدا عن القراءة التقليدية التي تراجعت في هذا العصر من خلال القراءة الالكترونية، فضلا عن أهمية استحداث أساليب تعليمية خاصة ومميزة من قبل المعلمين تعمل على الترغيب في هذه اللغة وتسهل من تعلمها.
وما هو أسلوبك الخاص؟
لقد سعيت إلى تطبيق استراتيجيات مستحدثة لتدريس اللغة الإنجليزية، وإلى استخدام الأدوات الرقمية والألعاب التعليمية والذكاء الاصطناعي والفيديوهات والتصوير وغيرها، وقد ساعدني على ذلك مدارسنا الذكية، الأمر الذي وفرته عبر حسابي التعليمي التربوي الخاص على الانستجرام الذي يعتبر الأول من نوعه لتعليم مهارات اللغة الإنجليزية، الامر الذي أدى الى اختياري لشرح الدروس المتلفزة على شاشة تلفزيون البحرين وتقديم مراجعات بث مباشر لجميع المدارس الثانوية أثناء جائحة كورونا وكنت أول بحرينية تقوم بهذا العمل.
ما مدى الاستفادة من هذا الحساب؟
حسابي عبر الانستجرام يقدم مراجعات مجانية لجميع مقررات اللغة الإنجليزية لكافة المراحل الثانوية، حيث يخدم موقعي 21 الف طالب وطالبة، وقد أطلقته لاستشعاري بمدى الحاجة إليه في ظل فقر اللغة الإنجليزية الذي نعاني منه، ولا شك أننا نعاني اليوم نفس الفقر فيما يتعلق باللغة العربية، وشخصيا أقر وأعترف بأنني ارتكبت خطأ كبيرا في حق ابنتي حين رحت أركز معها على اتقان اللغة الإنجليزية منذ نعومة أظافرها، وذلك على حساب تعلمها اللغة الأم، لذلك تفاديت تكرار هذا الخطأ مع ابني ولله الحمد، وهذه رسالتي لكثير من الآباء الذين يفعلون نفس الشيء منعا لشعورهم بالندم لاحقا، فليس هناك أجمل وأهم من لغتنا الجميلة، كما أن هناك رسالة أخرى مهمة.
وما هي؟
أقول للآباء الذين يعانون من تعثر الطفل دراسيا في أي مرحلة لسبب ما ألا يشعروا بالقلق أو يمارسوا أي شكل من أشكال العنف في هذه الحالة، فشخصيا عانيت من أزمة في مادة الرياضيات، وواجهت مشكلة كبيرة أدت إلى تراجعي الدراسي بها بل وفي باقي المواد الأخرى، ولكن على الأم والأب هنا أن يحفزا الابن ويشجعانه على تجاوز ما يواجهه من صعوبات والخروج منها بسلام وبهدوء والتركيز علي جوانب أخرى مهمة في حياته، وهذا ما فعلته معي والدتي حتى عبرت تلك الازمة ولله الحمد.
ماذا وراء نجاحك؟
أهم شيء لتحقيق النجاح لأي إنسان هو تحديده الهدف الذي يرغب في تحقيقه، وتمتعه بالعزيمة على بلوغه مهما واجه من عثرات، على أن يكون ذلك في إطار شغفه، وهذا ما حدث معي شخصيا حين قررت ترك العمل المصرفي من أجل شغفي بالتدريس، وكم أنا سعيدة بما فعلته وحققته، كذلك من الأمور المهمة هو التزام الصبر حتى ينال الشخص ما يصبو إليه، وضرورة الابتكار وعدم التكرار، فاليوم وللأسف الشديد نعيش ظاهرة التقليد بشكل عام المتفشية بشدة على السوشيال ميديا، وهذا خطأ كبير يقع فيه البعض، ويمكن التأكيد أن وراء كل نجاح امرأة، وأن والدتي هي سر ما وصلت إليه اليوم بتشجيعها وبدعواتها، كذلك لن أنسي دعم زوجي الكبير لي أيضا عبر مسيرتي، وسعادته بأي إنجاز أقوم به.
أهم إنجاز؟
أهم إنجاز أفخر به هو تركي بصمة تربوية مميزة على مواقع التواصل الاجتماعي، وتحقيقي سمعة طيبة في مجالي، فكم تسعدني كلمات الشكر والامتنان الموجهة لي وخاصة من أولياء الأمور، وفي المقابل هناك من يتنمر عليّ ببعض التعليقات المحبطة التي لا أتوقف عندها وأتجاهلها تماما، نظرا إلى قناعتي بأن أصحابها غير أسوياء نفسيا.
كيف يمكن التصدي للتنمر داخل المدارس؟
التنمر ظاهرة بتنا نعاني منها جميعا، وهي موجودة بالمدارس بقدر ما، الأمر الذي يتطلب وقفة جادة، وإشرافا قويا من الإدارة والكوادر التعليمية بشكل عام، وأنا أرى أن دور المدرسة التربوي هو أسلوب حياة، ومازال له أهميته الكبرى في تشكيل وصقل شخصية الطالب، وخاصة مع بداية المرحلة الثانوية التي تمثل فترة حرجة في عمر أي طفل، ولا شك أن الاسرة هنا تلعب الدور الأهم في غرس قيمة احترام الآخر وتقديره وعدم الإساءة إليه داخل نفوس الأطفال منذ نعومة أظافرهم.
ما القيم التي يجب غرسها في الجيل الجديد؟
أهم قيمة حرصت على غرسها في نفوس أبنائي ومن ثم طلابي هي التزام الصدق حتى في حالة ارتكاب أي خطأ، والمصارحة به، وعدم الخوف من رد الفعل، هذا فضلا عن أهمية احترام الوقت وتقدير قيمته، وللأسف أجد البعض من هذا الجيل غير مسؤول ومتسرع حتى درجة الاندفاع بصورة كبيرة، فضلا عن سهولة تعرضه للإحباط وافتقاده إلى الحافز والصبر والسعي الجاد للوصول، ولعل أحد المخارج الأساسية للتصدي لهذه الصفات السلبية هو وجود القدوة التي يسيرون على نهجها.
حلم ضائع؟
حلمي الضائع هو المواصلة بهدف الحصول على رسالة الماجستير في مجال التنمية المستدامة، والذي لم أتمكن من تحقيقه بسبب انشغالي بالعمل والزواج والأمومة، وهو ما سأسعي له في المرحلة القادمة إلى جانب التركيز على تطوير منصتي على الانستجرام، ولعل الطموح الأكبر يتمثل في امتلاكي أكاديمية خاصة بعد التقاعد لتعليم مهارات اللغة الإنجليزية تحت اسم «ميس إلهام» لمعالجة نقاط الضعف اللغوية لدى أبنائنا وللتصدي للأخطاء الشائعة في هذا الصدد.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك