العدد : ١٧٠٨١ - السبت ٢٨ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٧ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٨١ - السبت ٢٨ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٧ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

حقائق صادمة عن التجارة في «سوق الكربون الدولي»

بقلم: د. إسماعيل محمد المدني

الأربعاء ١١ ديسمبر ٢٠٢٤ - 02:00

أثار‭ ‬انتباهي‭ ‬كثيراً‭ ‬القرار‭ ‬السريع‭ ‬جداً‭ ‬الذي‭ ‬اتخذه‭ ‬الاجتماع‭ ‬رقم‭ (‬29‭) ‬للدول‭ ‬الأطراف‭ ‬في‭ ‬اتفاقية‭ ‬التغير‭ ‬المناخي،‭ ‬الذي‭ ‬عُقد‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬11‭ ‬إلى‭ ‬22‭ ‬نوفمبر‭ ‬2024‭ ‬في‭ ‬باكو‭ ‬في‭ ‬أذربيجان‭.‬

فهذا‭ ‬القرار‭ ‬بالإجماع‭ ‬اتخذ‭ ‬في‭ ‬اليوم‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬الاجتماع‭ ‬المناخي،‭ ‬وفي‭ ‬الساعات‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬عقد‭ ‬الاجتماع،‭ ‬وبسرعة‭ ‬تفوق‭ ‬اتخاذ‭ ‬القرارات‭ ‬في‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الاجتماعات‭ ‬الأممية،‭ ‬وبدون‭ ‬عراقيل‭ ‬أو‭ ‬قيود،‭ ‬علماً‭ ‬بأن‭ ‬النمط‭ ‬العام‭ ‬والسائد‭ ‬لاتخاذ‭ ‬القرار‭ ‬في‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الاجتماعات‭ ‬يكون‭ ‬في‭ ‬معظم‭ ‬الحالات‭ ‬بطيئاً‭ ‬جداً‭ ‬وصعباً،‭ ‬ويحتاج‭ ‬إلى‭ ‬مفاوضات‭ ‬ماراثونية‭ ‬عقيمة‭ ‬وشاقة،‭ ‬ومخاض‭ ‬عسير‭ ‬وبطيء‭ ‬حتى‭ ‬تصل‭ ‬الوفود‭ ‬وفي‭ ‬الساعات‭ ‬الأخيرة‭ ‬ومن‭ ‬آخر‭ ‬يوم‭ ‬من‭ ‬الاجتماع‭ ‬إلى‭ ‬صيغة‭ ‬وسطية‭ ‬معتدلة‭ ‬تحظى‭ ‬بإجماع‭ ‬كافة‭ ‬ممثلي‭ ‬الدول،‭ ‬التي‭ ‬يبلغ‭ ‬عددها‭ ‬عادة‭ ‬زهاء‭ ‬200‭ ‬دولة‭.‬

فهذه‭ ‬العجالة‭ ‬غير‭ ‬المعهودة،‭ ‬وغير‭ ‬الطبيعية‭ ‬في‭ ‬اتخاذ‭ ‬هذا‭ ‬القرار‭ ‬في‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الاجتماعات‭ ‬التي‭ ‬تشارك‭ ‬فيها‭ ‬معظم‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬الغنية‭ ‬والفقيرة،‭ ‬المتقدمة‭ ‬والنامية،‭ ‬جعلتني‭ ‬أشكُ‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬ستستفيد‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬القرار،‭ ‬وانتابني‭ ‬شعور‭ ‬بأن‭ ‬هذا‭ ‬القرار‭ ‬لا‭ ‬شك‭ ‬أنه‭ ‬سيصب‭ ‬في‭ ‬مصلحة‭ ‬الدول‭ ‬الصناعية‭ ‬الغنية‭ ‬الكبرى‭ ‬المتنفذة‭ ‬والمهيمنة‭ ‬على‭ ‬القرارات‭ ‬الأممية‭ ‬والتي‭ ‬تُسيِّر‭ ‬عجلة‭ ‬هذه‭ ‬الاجتماعات،‭ ‬وتحرك‭ ‬دفتها‭ ‬نحو‭ ‬مصالحها‭ ‬القومية،‭ ‬ومصالح‭ ‬شركاتها‭ ‬الاقتصادية‭ ‬بشكلٍ‭ ‬خاص‭.‬

فهذا‭ ‬القرار‭ ‬هو‭ ‬الموافقة‭ ‬على‭ ‬وضع‭ ‬أنظمة‭ ‬واشتراطات‭ ‬ومعايير‭ ‬ونظام‭ ‬عام‭ ‬لما‭ ‬يُطلق‭ ‬عليه‭ ‬بعدة‭ ‬مصطلحات‭ ‬منها‭ ‬‮«‬أرصدة‭ ‬المناخ‮»‬‭ ‬(climate credit)،‭ ‬أو‭ ‬ائتمان‭ ‬الكربون‭ (‬carbon credits)،‭ ‬أو‭ ‬‮«‬الاتجار‭ ‬في‭ ‬أرصدة‭ ‬الكربون‮»‬،‭ ‬أو‭ ‬‮«‬سوق‭ ‬الكربون‮»‬‭. ‬

فهذا‭ ‬القرار‭ ‬يعطي‭ ‬الحرية‭ ‬المطلقة‭ ‬والمرونة‭ ‬المطلوبة‭ ‬للدول‭ ‬العظمى‭ ‬الصناعية،‭ ‬وشركاتها‭ ‬العملاقة‭ ‬متعددة‭ ‬الجنسيات‭ ‬في‭ ‬اتخاذ‭ ‬الإجراءات‭ ‬اللازمة‭ ‬والمناسبة‭ ‬لها‭ ‬ولمصالحها‭ ‬لخفض‭ ‬انبعاثاتها‭ ‬من‭ ‬الغازات‭ ‬المتهمة‭ ‬بالتغير‭ ‬المناخي‭ ‬ورفع‭ ‬سخونة‭ ‬الأرض،‭ ‬ولكن‭ ‬ليس‭ ‬بالضرورة‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬هذه‭ ‬الإجراءات‭ ‬في‭ ‬الدولة‭ ‬نفسها،‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬المصنع‭ ‬نفسه‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬البلاد،‭ ‬وإنما‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬إجراءات‭ ‬الخفض‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬شراء‭ ‬أرصدة‭ ‬الكربون‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬تفي‭ ‬بالتزاماتها‭ ‬من‭ ‬نسبة‭ ‬الانبعاث‭ ‬التي‭ ‬تَصْدر‭ ‬منها‭. ‬فمثل‭ ‬هذا‭ ‬القرار‭ ‬الأممي‭ ‬يرفع‭ ‬أي‭ ‬قيود‭ ‬قد‭ ‬تُوضع‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الشركات‭ ‬المتنفذة‭ ‬الملوثة‭ ‬للبيئة،‭ ‬فلا‭ ‬يُحملها‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬تطيق،‭ ‬ولا‭ ‬يضيق‭ ‬الخناق‭ ‬عليها،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬القرار‭ ‬الأممي‭ ‬المناخي‭ ‬لا‭ ‬يقيد‭ ‬حركة‭ ‬ونمو‭ ‬شركات‭ ‬الدول‭ ‬المتقدمة،‭ ‬ولا‭ ‬يؤثر‭ ‬قيد‭ ‬أنملة‭ ‬على‭ ‬أعمالها‭ ‬التشغيلية‭ ‬اليومية‭ ‬ولا‭ ‬على‭ ‬أرباحها‭ ‬السنوية‭.‬

فهذا‭ ‬القرار‭ ‬يمهد‭ ‬الطريق‭ ‬للدول‭ ‬الغنية‭ ‬المتقدمة‭ ‬في‭ ‬خفض‭ ‬انبعاثاتها‭ ‬وتحقيق‭ ‬انجاز‭ ‬صوري‭ ‬وسطحي‭ ‬وبطرقٍ‭ ‬رخيصة‭ ‬وغير‭ ‬مكلفة،‭ ‬ولا‭ ‬تُحدث‭ ‬أي‭ ‬ضرر‭ ‬اقتصادي‭ ‬ملموس‭ ‬لها‭. ‬فبدلاً‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تقوم‭ ‬هذه‭ ‬المصانع‭ ‬الموجودة‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬العظمى‭ ‬بإرهاق‭ ‬ميزانياتها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬وضع‭ ‬أجهزة‭ ‬ومعدات‭ ‬غالية‭ ‬الثمن‭ ‬للتحكم‭ ‬في‭ ‬الانبعاثات‭ ‬الملوثة‭ ‬للهواء‭ ‬والمسببة‭ ‬للتغير‭ ‬المناخي،‭ ‬تقوم‭ ‬بتخصيص‭ ‬مبلغٍ‭ ‬زهيد‭ ‬من‭ ‬المال‭ ‬للدول‭ ‬النامية‭ ‬والفقيرة‭ ‬لحماية‭ ‬غاباتها‭ ‬وصيانتها‭ ‬والحفاظ‭ ‬عليها‭ ‬من‭ ‬أعمال‭ ‬القطع‭ ‬والتجريف،‭ ‬فهذه‭ ‬الغابات‭ ‬تقوم‭ ‬بامتصاص‭ ‬الملوثات‭ ‬عامة،‭ ‬وبالتحديد‭ ‬غاز‭ ‬ثاني‭ ‬أكسيد‭ ‬الكربون‭ ‬المسبب‭ ‬للاحتباس‭ ‬الحراري‭ ‬من‭ ‬الهواء‭ ‬الجوي‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬القرار‭ ‬ييسر‭ ‬على‭ ‬مصانع‭ ‬الدول‭ ‬المتقدمة‭ ‬التقيد‭ ‬بخفض‭ ‬انبعاثاتها‭ ‬بأرخص‭ ‬الأثمان،‭ ‬فبدلاً‭ ‬من‭ ‬إنفاق‭ ‬مئات‭ ‬الملايين‭ ‬من‭ ‬الدولارات‭ ‬على‭ ‬إحداث‭ ‬تغييرات‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬العمليات‭ ‬الصناعية‭ ‬داخل‭ ‬المصانع،‭ ‬فإنها‭ ‬تتبنى‭ ‬برامج‭ ‬وأنشطة‭ ‬زهيدة‭ ‬الثمن‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬الفقيرة،‭ ‬كالقيام‭ ‬بعمليات‭ ‬التشجير‭ ‬وزيادة‭ ‬وتوسعة‭ ‬الرقعة‭ ‬الخضراء‭ ‬التي‭ ‬تسهم‭ ‬في‭ ‬خفض‭ ‬مستويات‭ ‬غاز‭ ‬ثاني‭ ‬أكسيد‭ ‬الكربون‭ ‬في‭ ‬الغلاف‭ ‬الجوي‭. ‬وعلاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬فمثل‭ ‬هذا‭ ‬القرار‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف‭ ‬لا‭ ‬يشجع‭ ‬الدول‭ ‬والمصانع‭ ‬الكبيرة،‭ ‬سواء‭ ‬التي‭ ‬تولد‭ ‬الطاقة‭ ‬باستخدام‭ ‬أحد‭ ‬أنواع‭ ‬الوقود‭ ‬الأحفوري،‭ ‬أو‭ ‬التي‭ ‬تستخدم‭ ‬هذه‭ ‬الأنواع‭ ‬من‭ ‬الوقود‭ ‬لتشغيل‭ ‬مصانعها‭ ‬ووسائل‭ ‬المواصلات‭ ‬عندها‭ ‬من‭ ‬الانتقال‭ ‬سريعاً‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬الوقود‭ ‬إلى‭ ‬الأنواع‭ ‬النظيفة‭ ‬والمتجددة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تنبعث‭ ‬منها‭ ‬الملوثات‭ ‬المتهمة‭ ‬برفع‭ ‬حرارة‭ ‬الأرض‭ ‬وارتفاع‭ ‬مستوى‭ ‬سطح‭ ‬البحر‭. ‬فهذا‭ ‬القرار‭ ‬إذن‭ ‬يساعد‭ ‬الدول‭ ‬الصناعية‭ ‬الكبرى‭ ‬ومصانعها‭ ‬الملوثة‭ ‬على‭ ‬التحايل‭ ‬والالتفاف‭ ‬على‭ ‬مسؤولياتها‭ ‬التاريخية‭ ‬في‭ ‬خفض‭ ‬الانبعاث‭ ‬من‭ ‬مصادر‭ ‬الانبعاث‭ ‬ووضع‭ ‬حدود‭ ‬معينة‭ ‬تلتزم‭ ‬بها‭ ‬سنوياً،‭ ‬بل‭ ‬يسمح‭ ‬لها‭ ‬هذا‭ ‬القرار‭ ‬بصفة‭ ‬قانونية‭ ‬دولية‭ ‬بتلويث‭ ‬الهواء‭ ‬الجوي‭ ‬بالملوثات‭ ‬المسببة‭ ‬للتغير‭ ‬المناخي،‭ ‬ومن‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬عندها‭ ‬الحافز‭ ‬والدافع‭ ‬القوي‭ ‬والضغوط‭ ‬الدولية‭ ‬لخفض‭ ‬الانبعاث‭ ‬من‭ ‬المصدر‭ ‬نفسه‭.‬

فمثل‭ ‬هذه‭ ‬العمليات‭ ‬والتداولات‭ ‬الكربونية‭ ‬المناخية‭ ‬يُطلق‭ ‬عليها‭ ‬بـ«سوق‭ ‬الكربون‭ ‬الدولي‮»‬،‭ ‬أو‭ ‬تجارة‭ ‬الكربون‭ ‬الذي‭ ‬سيعمل‭ ‬تحت‭ ‬اشراف‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭. ‬فالهدف‭ ‬الرئيسي‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬السوق‭ ‬هو‭ ‬تبادل‭ ‬أرصدة‭ ‬الكربون‭ ‬بين‭ ‬الشركات‭ ‬والدول‭ ‬حول‭ ‬العالم،‭ ‬ومساعدة‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬تنبعث‭ ‬منها‭ ‬ملوثات‭ ‬بأحجام‭ ‬ومستويات‭ ‬عالية‭ ‬جداً‭ ‬ولا‭ ‬تستطيع‭ ‬خفض‭ ‬انبعاثاتها،‭ ‬فتقوم‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬تعد‭ ‬انبعاثاتها‭ ‬أقل‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬المسموح‭ ‬لها‭ ‬وتشتري‭ ‬جزءاً‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الرصيد‭ ‬الكربوني‭ ‬المناخي‭. ‬وبعبارة‭ ‬أخرى‭ ‬فالدول‭ ‬التي‭ ‬تكون‭ ‬انبعاثاتها‭ ‬مرتفعة‭ ‬جداً‭ ‬ولا‭ ‬تستطيع‭ ‬خفض‭ ‬انبعاثاتها‭ ‬بمستويات‭ ‬محددة‭ ‬لأي‭ ‬سبب‭ ‬من‭ ‬الأسباب‭ ‬فإنها‭ ‬تتمكن‭ ‬من‭ ‬شراء‭ ‬حصة‭ ‬الدول‭ ‬الأخرى‭ ‬التي‭ ‬تكون‭ ‬مستويات‭ ‬الانبعاث‭ ‬فيها‭ ‬منخفضة‭ ‬ومقبولة‭ ‬دولياً،‭ ‬مما‭ ‬يجعلها‭ ‬تحقق‭ ‬أهدافها‭ ‬المناخية‭ ‬التي‭ ‬التزمت‭ ‬بها‭ ‬ضمن‭ ‬خطتها‭ ‬القومية‭.‬

وهذا‭ ‬المقترح‭ ‬ليس‭ ‬جديداً‭ ‬على‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬وعمره‭ ‬قرابة‭ ‬ثلاثين‭ ‬عاماً،‭ ‬فهو‭ ‬يقع‭ ‬ضمن‭ ‬المواضيع‭ ‬الموجودة‭ ‬في‭ ‬جدول‭ ‬أعمال‭ ‬الاجتماعات‭ ‬المناخية‭ ‬السابقة،‭ ‬ولكن‭ ‬لم‭ ‬تنجح‭ ‬الدول‭ ‬كالعادة‭ ‬في‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الاجتماعات‭ ‬في‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬صيغة‭ ‬جماعية‭ ‬مشتركة،‭ ‬وتصور‭ ‬دولي‭ ‬واحد‭ ‬يرضي‭ ‬معظم‭ ‬دول‭ ‬العالم‭. ‬فهذه‭ ‬الفكرة‭ ‬تم‭ ‬التفاوض‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1997‭ ‬في‭ ‬اجتماع‭ ‬كيوتو‭ ‬في‭ ‬اليابان،‭ ‬حيث‭ ‬وردت‭ ‬في‭ ‬أحد‭ ‬بنود‭ ‬بروتوكول‭ ‬كيوتو‭ ‬تحت‭ ‬مسمى‭ ‬‮«‬آلية‭ ‬التنمية‭ ‬النظيفة‮»‬ (Clean Development Mechanism)‭. ‬

وربما‭ ‬أحد‭ ‬أسباب‭ ‬فشل‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬السوق‭ ‬الكربونية‭ ‬المناخية‭ ‬والتأخر‭ ‬في‭ ‬تفعيلها‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الدولي‭ ‬هو‭ ‬أنها‭ ‬عُرضة‭ ‬للاستغلال‭ ‬غير‭ ‬المشروع‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬بعض‭ ‬المحتالين‭ ‬للكسب‭ ‬الحرام‭ ‬السريع‭ ‬والوفير‭ ‬في‭ ‬التسويق‭ ‬لمشاريع‭ ‬وهمية‭ ‬لا‭ ‬وجود‭ ‬لها،‭ ‬أو‭ ‬تضخيم‭ ‬قدرة‭ ‬وإمكانات‭ ‬المشروع‭ ‬في‭ ‬نسبة‭ ‬خفض‭ ‬انبعاث‭ ‬الملوثات‭. ‬وهذا‭ ‬بالفعل‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬لرجل‭ ‬الأعمال‭ ‬الأمريكي‭ ‬‮«‬كينيث‭ ‬نيوكومب‮»‬‭ ‬(Kenneth Newcombe)‭ ‬الذي‭ ‬أُدين‭ ‬في‭ ‬محاكم‭ ‬نيويورك‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬بتهم‭ ‬الاحتيال‭ ‬والتلاعب‭ ‬في‭ ‬أرصدة‭ ‬الكربون‭ ‬في‭ ‬4‭ ‬أكتوبر‭ ‬2024‭ ‬في‭ ‬إفريقيا‭ ‬وآسيا،‭ ‬حسب‭ ‬المنشور‭ ‬من‭ ‬‮«‬وكالة‭ ‬بلومبيرج‮»‬،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬المقال‭ ‬المنشور‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬يابان‭ ‬تايمز‮»‬‭ ‬اليابانية‭ ‬في‭ ‬19‭ ‬نوفمبر‭ ‬2024،‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭: ‬‮«‬هل‭ ‬ينجح‭ ‬اجتماع‭ ‬الدول‭ ‬الأطراف‭ ‬في‭ ‬اتفاقية‭ ‬التغير‭ ‬المناخي‭ ‬في‭ ‬إبعاد‭ ‬الشبهات‭ ‬عن‭ ‬فضائح‭ ‬تعويضات‭ ‬الكربون؟‮»‬،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬البحث‭ ‬المنشور‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬‭(‬Nature‭ ‬Communications‭)‬‭ ‬في‭ ‬14‭ ‬نوفمبر‭ ‬2024‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭: ‬‮«‬تقييم‭ ‬منهجي‭ ‬لإنجازات‭ ‬خفض‭ ‬الانبعاث‭ ‬من‭ ‬مشاريع‭ ‬أرصدة‭ ‬الكربون‮»‬‭.‬

ولذلك‭ ‬فمن‭ ‬الواضح‭ ‬في‭ ‬تقديري‭ ‬أن‭ ‬سوق‭ ‬الكربون‭ ‬الدولي‭ ‬هي‭ ‬أداة‭ ‬احتيال‭ ‬غربية‭ ‬بحتة،‭ ‬وآلية‭ ‬تستخدمها‭ ‬الدول‭ ‬الغنية‭ ‬المتقدمة‭ ‬وشركاتها‭ ‬الملوثة‭ ‬للبيئة‭ ‬منذ‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬200‭ ‬عام‭ ‬للالتفاف‭ ‬على‭ ‬مسؤولياتها‭ ‬التاريخية‭ ‬في‭ ‬خفض‭ ‬الانبعاث‭ ‬والملوثات‭ ‬من‭ ‬مصادرها‭ ‬في‭ ‬دولهم،‭ ‬وبالتالي‭ ‬توفير‭ ‬مبالغ‭ ‬مالية‭ ‬كبيرة‭ ‬تسمح‭ ‬لهم‭ ‬بمواصلة‭ ‬النمو‭ ‬وتحقيق‭ ‬الازدهار‭ ‬الاقتصادي‭ ‬مثل‭ ‬العقود‭ ‬الماضية،‭ ‬وكأن‭ ‬شيئاً‭ ‬لم‭ ‬يتغير‭ ‬عليهم‭.‬

 

ismail‭.‬almadany@gmail‭.‬com

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا