العدد : ١٧٠٨١ - السبت ٢٨ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٧ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٨١ - السبت ٢٨ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٧ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

الحاجة إلى حل إشكالية سكن العمالة الوافدة

بقلم: د. نبيل العسومي

الثلاثاء ١٩ نوفمبر ٢٠٢٤ - 02:00

حتى‭ ‬منتصف‭ ‬سبعينيات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬كانت‭ ‬البحرين‭ ‬تعتمد‭ ‬اعتمادا‭ ‬كبيرا‭ ‬على‭ ‬العمالية‭ ‬الوطنية‭ ‬المحلية‭ ‬وعمالة‭ ‬الجاليات‭ ‬العربية‭ ‬والأجنبية‭ ‬الموجودة‭ ‬في‭ ‬البلاد‭ ‬إن‭ ‬صح‭ ‬التعبير‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬أعمال‭ ‬البناء‭ ‬والتشييد‭ ‬والترميم‭ ‬البسيطة‭ ‬تحديدا‭ ‬وفي‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأحيان‭ ‬كانت‭ ‬تتم‭ ‬بمساعدة‭ ‬أبناء‭ ‬المنطقة‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬مناطق‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬القرى‭ ‬والمدن‭ ‬دون‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬العمالة‭ ‬الموجودة‭ ‬في‭ ‬البلاد،‭  ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬الأسر‭ ‬والعائلات‭ ‬البحرينية‭ ‬ما‭ ‬كانت‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬العمالة‭ ‬المنزلية‭ ‬فكل‭ ‬أسرة‭ ‬كانت‭ ‬تتولى‭ ‬بنفسها‭ ‬تدبير‭ ‬أمور‭ ‬البيت‭ ‬والعيال‭ ‬من‭ ‬طبخ‭ ‬وغسيل‭ ‬وتنظيف‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الأمور‭ ‬الحياتية‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬غنى‭ ‬لأي‭ ‬أسرة‭ ‬عنها‭ ‬وذلك‭ ‬يعود‭ ‬إلى‭ ‬نمط‭ ‬الحياة‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭ ‬وتواضع‭ ‬دخل‭ ‬رب‭ ‬الأسرة‭ ‬الذي‭ ‬بالكاد‭ ‬يغطي‭ ‬الحاجات‭ ‬الأساسية‭ ‬للعائلة‭ ‬ونمط‭ ‬الحياة‭ ‬للمجتمع‭ ‬البحريني‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭ ‬القائم‭ ‬على‭ ‬البساطة‭ ‬والتعاون‭ ‬والتكاتف‭ ‬ومساعدة‭ ‬الناس‭ ‬لبعضهم‭ ‬البعض‭.‬

إلا‭ ‬أنه‭ ‬مع‭ ‬بداية‭ ‬النصف‭ ‬الثاني‭ ‬من‭ ‬سبعينيات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬وارتفاع‭ ‬أسعار‭ ‬النفط‭ ‬حدث‭ ‬تغيرات‭ ‬دراماتيكية‭ ‬وتطورات‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬لدول‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬ومنها‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬التي‭ ‬استفادت‭ ‬من‭ ‬ارتفاع‭ ‬أسعار‭ ‬النفط‭ ‬لتحسين‭ ‬مستوى‭ ‬عيش‭ ‬المواطنين‭ ‬واستكمال‭ ‬متطلبات‭ ‬تطوير‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬لدول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭.‬

رافقت‭ ‬هذه‭ ‬التطورات‭ ‬الإيجابية‭ ‬سعي‭ ‬الدولة‭ ‬إلى‭ ‬توفير‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الوحدات‭ ‬السكنية‭ ‬للمواطنين‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬وزارة‭ ‬الإسكان‭ ‬التي‭ ‬أنشئت‭ ‬مع‭ ‬الطفرة‭ ‬النفطية‭ ‬وبناء‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬المدن‭ ‬الحديثة‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬أرجاء‭ ‬البحرين‭ ‬لمواجهة‭ ‬الزيادة‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬السكان‭ ‬ورغبة‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬المواطنين‭ ‬في‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬الوحدات‭ ‬السكنية‭ ‬التي‭ ‬توفرها‭ ‬الدولة‭ ‬والانتقال‭ ‬إلى‭ ‬مساكن‭ ‬جديدة‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬بيوتهم‭ ‬القديمة‭ ‬الموجودة‭ ‬في‭ ‬الأحياء‭ ‬الشعبية‭.‬

في‭ ‬هذه‭ ‬الأثناء‭ ‬حدث‭  ‬تدفق‭ ‬للآلاف‭ ‬بل‭ ‬مئات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬العمالة‭ ‬الوافدة‭ ‬على‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬لسد‭ ‬النقص‭ ‬في‭ ‬العمالة‭ ‬المحلية‭ ‬ولتتماشى‭ ‬مع‭ ‬وتيرة‭ ‬المشاريع‭ ‬التي‭ ‬أقرتها‭ ‬الدولة‭ ‬لاستكمال‭ ‬عملية‭ ‬تحديث‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬خصوصا‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬البناء‭ ‬والإنشاءات‭ ‬فكان‭ ‬من‭ ‬الطبيعي‭ ‬أن‭ ‬تبحث‭ ‬هذه‭ ‬العمالة‭ ‬عن‭ ‬مساكن‭ ‬تؤويها‭ ‬فوجدت‭ ‬ضالتها‭ ‬في‭ ‬البيوت‭ ‬القديمة‭ ‬بالأحياء‭ ‬الشعبية‭ ‬التي‭ ‬هجرها‭ ‬أهلها‭ ‬إلى‭ ‬مناطق‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬البلاد‭ ‬بسبب‭ ‬رخص‭ ‬إيجارها‭ ‬حيث‭ ‬تكدست‭ ‬فيها‭ ‬وبأعداد‭ ‬كبيرة‭ ‬وفي‭ ‬ظروف‭ ‬غير‭ ‬صحية‭ ‬للغاية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬توفير‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬الراتب‭ ‬المتواضع‭ ‬وإرساله‭ ‬إلى‭ ‬أهلهم‭ ‬لمواجهة‭ ‬متطلبات‭ ‬الحياة‭.‬

ومع‭ ‬مرور‭ ‬الوقت‭ ‬بسبب‭ ‬التكدس‭ ‬العشوائي‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬البيوت‭ ‬القديمة‭ ‬التي‭ ‬تفتقر‭ ‬إلى‭ ‬أبسط‭ ‬مقومات‭ ‬العيش‭ ‬حدث‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الحوادث‭ ‬والمشاكل‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والحرائق‭ ‬راح‭ ‬ضحيتها‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الوافدين‭ ‬وعانى‭ ‬منها‭ ‬المواطنون‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬دعا‭ ‬عددا‭ ‬من‭ ‬النواب‭ ‬إلى‭ ‬طرح‭ ‬هذه‭ ‬المشكلة‭ ‬في‭ ‬البرلمان‭ ‬لإيجاد‭ ‬حل‭ ‬لهذا‭ ‬الوضع‭ ‬ولتخليص‭ ‬المواطنين‭ ‬من‭ ‬مشكلة‭ ‬مساكن‭ ‬العزاب‭ ‬في‭ ‬مناطقهم‭ ‬وإيجاد‭ ‬مساكن‭ ‬تتوفر‭ ‬فيها‭ ‬مقومات‭ ‬العيش‭ ‬للعمالة‭ ‬الوافدة‭ ‬بحضور‭ ‬الجهات‭ ‬المعنية‭ ‬بهذا‭ ‬الأمر‭ ‬في‭ ‬الدولة‭ ‬الذين‭ ‬أكدوا‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الموضوع‭ ‬محل‭ ‬اهتمامهم‭ ‬ومتابعتهم‭.‬

إن‭ ‬مسألة‭ ‬تنظيم‭ ‬عملية‭ ‬استخدام‭ ‬العمالة‭ ‬الوافدة‭ ‬للمساكن‭ ‬ضرورة‭ ‬ملحة‭ ‬خصوصا‭ ‬سكن‭ ‬العزاب‭ ‬منها‭ ‬حيث‭ ‬يشكل‭ ‬وجودهم‭ ‬في‭ ‬الأحياء‭ ‬الشعبية‭ ‬مشاكل‭ ‬اجتماعية‭ ‬وعليه‭ ‬يجب‭ ‬عدم‭ ‬السماح‭ ‬بتأجير‭ ‬المساكن‭ ‬لهم‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المناطق‭ ‬وإيجاد‭ ‬مناطق‭ ‬بعيدة‭ ‬لهم‭ ‬بشرط‭ ‬توفر‭ ‬مقومات‭ ‬العيش‭ ‬فيها‭ ‬كما‭ ‬أسلفنا‭ ‬وسن‭ ‬قانون‭ ‬يمنع‭ ‬تأجير‭ ‬المساكن‭ ‬للعزاب‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الأحياء‭ ‬وتقديم‭ ‬المخالفين‭ ‬للمحاكمة‭ ‬لأن‭ ‬ترك‭ ‬الموضوع‭ ‬دون‭ ‬ضوابط‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬أن‭ ‬يؤثر‭ ‬سلبا‭ ‬في‭ ‬سلامة‭ ‬المواطنين‭ ‬المقيمين‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المناطق‭ ‬والذين‭ ‬فضلوا‭ ‬البقاء‭ ‬فيها‭ ‬وعدم‭ ‬مغادرة‭ ‬هذه‭ ‬المناطق‭  ‬التي‭ ‬احتضنت‭ ‬آباءهم‭ ‬وأجدادهم‭ ‬خصوصا‭ ‬وإن‭ ‬التجربة‭ ‬أثبت‭ ‬أن‭ ‬وجود‭ ‬العمالة‭ ‬الوافدة‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المناطق‭ ‬له‭ ‬جوانب‭ ‬سلبية‭ ‬على‭ ‬المقيمين‭ ‬وعلى‭ ‬العمالة‭ ‬نفسها‭  ‬على‭ ‬حد‭ ‬سواء‭.‬

فحسنا‭ ‬فعل‭ ‬الأخوة‭ ‬النواب‭ ‬الذين‭ ‬طرحوا‭ ‬هذه‭ ‬المسألة‭ ‬ومطلوب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬لها‭ ‬حل‭ ‬جذري‭ ‬وسريع‭ ‬ونهائي‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬نعود‭ ‬إليها‭ ‬مرة‭ ‬ثانية‭ ‬حفاظا‭ ‬على‭ ‬أمن‭ ‬واستقرار‭ ‬المجتمع‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا