العدد : ١٧٠٨١ - السبت ٢٨ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٧ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٨١ - السبت ٢٨ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٧ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

الكواليس

وفاء جناحي

waffajanahi@gmail.com

مكالمة من الماضي

تلقيت‭ ‬الأسبوع‭ ‬الماضي‭ ‬مكالمة‭ ‬من‭ ‬صديقة‭ ‬رجعتني‭ ‬إلى‭ ‬زمن‭ ‬الطيبين‭ ‬بكل‭ ‬معنى‭ ‬الكلمة،‭ ‬حيث‭ ‬إنها‭ ‬جارة‭ ‬الطفولة‭ ‬وزميلة‭ ‬المرحلة‭ ‬الإعدادية‭ ‬والثانوية،‭ ‬لتخبرني‭ ‬بأنها‭ ‬استطاعت‭ ‬الوصول‭ ‬وتكوين‭ ‬قروب‭ ‬جميل‭ ‬من‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬بنات‭ (‬زميلات‭) ‬المرحلة‭ ‬الإعدادية‭ ‬في‭ ‬مدرستنا‭ ‬الجميلة‭ (‬الرفاع‭ ‬الشرقي‭ ‬الابتدائية‭ ‬الإعدادية‭ ‬للبنات‭)‬،‭ ‬وبأنهن‭ ‬قررن‭ ‬أن‭ ‬يجتمعن‭ ‬بعد‭ ‬مرور‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬السنوات،‭ ‬وطلبت‭ ‬مني‭ ‬الحضور‭.‬

كان‭ ‬خبرا‭ ‬جميلا‭ ‬مليئا‭ ‬بالحماس‭ ‬والذكريات‭ ‬الجميلة‭ ‬ومقلقا‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه،‭ ‬حيث‭ ‬إنني‭ ‬أتذكر‭ ‬الوجوه‭ ‬ولكنني‭ ‬لا‭ ‬أتذكر‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأسماء‭ (‬وهذا‭ ‬عيبي‭ ‬الذي‭ ‬أكرهه‭) ‬والذي‭ ‬يحرجني‭ ‬كثيرا،‭ ‬حيث‭ ‬إنني‭ ‬أسلم‭ ‬على‭ ‬أشخاص‭ ‬ويسلمون‭ ‬عليّ‭ ‬بحرارة‭ ‬ولكنني‭ ‬لا‭ ‬أتذكر‭ ‬أسماءهم‭!‬

ولكن‭ ‬الحماس‭ ‬غلب‭ ‬أي‭ ‬توتر‭ ‬وخصوصا‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أرسلت‭ ‬لي‭ ‬بعض‭ ‬الصور‭ ‬القديمة‭ ‬لي‭ ‬مع‭ ‬البنات‭ ‬ونحن‭ ‬في‭ ‬المدرسة،‮ ‬فقررت‭ ‬حضور‭ ‬هذا‭ ‬التجمع‭ ‬واستعادة‭ ‬ذكريات‭ ‬الطفولة‭ ‬الجميلة‭.‬

ما‭ ‬أن‭ ‬دخلت‭ ‬على‭ ‬زميلات‭ ‬الإعدادي‭ ‬حتى‭ ‬شعرت‭ ‬بأنني‭ ‬دخلت‭ ‬آلة‭ ‬الزمن‭ ‬ورجعت‭ ‬40‭ ‬سنة‭ ‬للماضي،‭ ‬حيث‭ ‬أجمل‭ ‬وأطيب‭ ‬بنات‭ ‬لم‭ ‬يغير‭ ‬الزمن‭ ‬في‭ ‬أصلهم‭ ‬وطيبتهم‭ ‬وبساطتهم‭ ‬أبدا،‭ ‬نفس‭ ‬الناس‭ ‬الجميلة،‭ ‬كم‭ ‬سعدت‭ ‬بالترحيب‭ ‬الرائع‭ ‬والفرحة‭ ‬الحقيقية‭ ‬في‭ ‬قلوبهن‭ ‬وهن‭ ‬يرون‭ ‬زميلتهن‭ ‬القديمة‭.‬

يا‭ ‬إلهي‭ ‬نفس‭ ‬الطريقة‭ ‬في‭ ‬التعامل،‭ ‬ونفس‭ ‬البساطة،‭ ‬وعدم‭ ‬التكبر‭ ‬والتصنع‭ ‬في‭ ‬التعامل،‭ ‬ونفس‭ ‬الروح‭ ‬المرحة‭ ‬والغشمرة‭ ‬وحب‭ ‬الحياة‭ ‬والوناسة‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الزمن‭ ‬طحن‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬منهن‭ ‬إلا‭ ‬أنهن‭ ‬مازلن‭ ‬قويات‭ ‬ومرحات‭ ‬وما‭ ‬إن‭ ‬نسمع‭ ‬الأغاني‭ ‬حتى‭ ‬نسلم‭ ‬أنفسنا‭ ‬للإيقاعات‭ ‬الجميلة‭ ‬ونحاول‭ ‬أن‭ ‬ننسى‭ ‬أي‭ ‬حزن‭ ‬وقلق‭.‬

فعلا‭ ‬سعدت‭ ‬وأنا‭ ‬أرجع‭ ‬إلى‭ ‬زمن‭ ‬الطيبين‭ ‬مع‭ ‬زميلات‭ ‬الإعدادي‭ ‬وقضيت‭ ‬معهن‭ ‬أحلى‭ ‬ساعات‭ ‬عشتها‭ ‬مع‭ ‬أنقى‭ ‬وأطيب‭ ‬أرواح‭ ‬بعيدة‭ ‬عن‭ ‬التكلف‭ ‬والتصنع‭.‬

وبالرغم‭ ‬من‭ ‬أنني‭ ‬لم‭ ‬أقابلهن‭ ‬من‭ ‬40‭ ‬سنة‭ ‬فإنني‭ ‬شعرت‭ ‬بأنني‭ ‬كنت‭ ‬معهن‭ ‬بالأمس‭ ‬وهم‭ ‬ينادونني‭ ‬ويتكلمون‭ ‬معي‭ ‬بنفس‭ ‬الأسلوب‭ ‬والطريقة‭ ‬ونظرة‭ ‬الشيطانة‭ ‬والحب‭ ‬البعيدة‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬مصلحة‭.‬

الجميل‭ ‬أن‭ ‬الزمن‭ ‬بكل‭ ‬قسوته‭ ‬على‭ ‬بعضهن‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يستطع‭ ‬أن‭ ‬يغير‭ ‬إلا‭ ‬الشكل‭ ‬الخارجي‭ ‬فقط،‭ ‬حيث‭ ‬رسم‭ ‬بعض‭ ‬التجاعيد‭ ‬على‭ ‬وجهونا‭ ‬ولكنه‭ ‬وبالرغم‭ ‬أنه‭ ‬قسى‭ ‬وطحن‭ ‬وعذب‭ ‬الكثير‭ ‬منهن‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يستطع‭ ‬أن‭ ‬يغير‭ ‬من‭ ‬أرواحهن‭ ‬الجميلة‭ ‬الطيبة‭.‬

كانت‭ ‬أجمل‭ ‬مكالمة‭ ‬من‭ ‬الماضي‭ ‬رجعتني‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬40‭ ‬سنة‭ ‬في‭ ‬الزمن‭ ‬وأسعدت‭ ‬قلبي‭ ‬وروت‭ ‬روحي‭ ‬بأرواح‭ ‬نقية‭ ‬جميلة‭.‬

شكرا‭ ‬بنات‭ ‬الرفاع‭ ‬الشرقي‭ ‬الابتدائية‭ ‬الإعدادية‭ ‬للبنات‭ ‬لأنكن‭ ‬الصورة‭ ‬الحية‭ ‬والمثالية‭ ‬للأصالة‭ ‬والذهب‭ ‬الأصلي‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يتغير‭ ‬مع‭ ‬الزمن،‭ ‬شكرا‭ ‬لأنني‭ ‬شعرت‭ ‬وأنا‭ ‬معكم‭ ‬بالحب‭ ‬الحقيقي‭ ‬ولمست‭ ‬الطيبة‭ ‬وعدم‭ ‬التكبر‭ ‬والتصنع،‭ ‬شكرا‭ ‬لأنني‭ ‬مضيت‭ ‬أجمل‭ ‬ساعات‭ ‬معكن‭... ‬وأكيد‭ ‬أكيد‭ ‬لي‭ ‬موعد‭ ‬آخر‭ ‬مع‭ ‬أجمل‭ ‬بنات‭ ‬تحولن‭ ‬إلى‭ ‬جدات‭ ‬جميلات‭ ‬وقويات‭.‬

إقرأ أيضا لـ"وفاء جناحي"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا