العدد : ١٧٠٨١ - السبت ٢٨ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٧ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٨١ - السبت ٢٨ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٧ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

الكواليس

وفاء جناحي

waffajanahi@gmail.com

نصائح غريبة في زمن أغرب

لا‭ ‬تخلصوا‭ ‬كثيرا‭ ‬في‭ ‬عملكم،‭ ‬لا‭ ‬تتفانوا‭ ‬في‭ ‬حب‭ ‬الأصدقاء‭ ‬والأهل،‭ ‬لا‭ ‬ترفعوا‭ ‬سقف‭ ‬توقعاتك‭ ‬بحب‭ ‬أو‭ ‬تعامل‭ ‬أي‭ ‬إنسان‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬درجة‭ ‬قربه‭ ‬منك،‭ ‬لأن‭ ‬خيبة‭ ‬الأمل‭ ‬الشديدة‭ ‬تؤدي‭ ‬إلى‭ ‬أنك‭ ‬تفقد‭ ‬أهم‭ ‬شيء‭ ‬وهو‭ ‬صحتك‭ ‬أو‭ ‬حياتك‭ ‬كلها‭.‬

أخت‭ ‬صديقتي،‭ ‬إنسانة‭ ‬جميلة‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬الأربعين‭ ‬من‭ ‬عمرها،‭ ‬أحبت‭ ‬زوجها‭ ‬منذ‭ ‬الصغر‭ ‬وحددت‭ ‬ورسمت‭ ‬لنفسها‭ ‬منذ‭ ‬الصغر‭ ‬أن‭ ‬سعادتها‭ ‬الوحيدة‭ ‬في‭ ‬أسرتها‭ ‬الصغيرة‭ ‬زوجها‭ ‬الذي‭ ‬تعشقه‭ ‬وأولادها‭ ‬الثلاثة،‭ ‬أخلصت‭ ‬لهذا‭ ‬الهدف‭ ‬الوحيد‭ ‬وأفنت‭ ‬عمرها‭ ‬كله‭ ‬وروحها‭ ‬لهم،‭ ‬ولم‭ ‬تفكر‭ ‬ولو‭ ‬لحظة‭ ‬واحدة‭ ‬بأن‭ ‬الدنيا‭ ‬غدارة‭ ‬وأن‭ ‬مملكتها‭ ‬الصغيرة‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬تنهار‭ ‬في‭ ‬لحظة‭ ‬واحدة‭ ‬لأي‭ ‬سبب‭ ‬كان‭ ‬بسيطا‭ ‬أو‭ ‬كبيرا‭. ‬لذلك‭ ‬عندما‭ ‬سمعت‭ ‬بخيانة‭ ‬زوجها‭ ‬لم‭ ‬تصدق‭ ‬وحاولت‭ ‬أن‭ ‬تنكر‭ ‬وتقفل‭ ‬أذنها‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬الكلام‭ ‬الذي‭ ‬يصلها،‭ ‬ولكنه‭ ‬اعترف‭ ‬لها‭ ‬بكل‭ ‬وقاحة‭ ‬بأنه‭ ‬لن‭ ‬يستطيع‭ ‬أن‭ ‬يخدعها‭ ‬أكثر‭ ‬وأنه‭ ‬قرر‭ ‬أن‭ ‬يتزوج‭ ‬عليها،‭ ‬انهار‭ ‬كل‭ ‬عالمها‭ ‬الجميل‭ ‬في‭ ‬لحظة‭ ‬ولم‭ ‬تستطع‭ ‬ان‭ ‬تستوعب‭ ‬أن‭ ‬حب‭ ‬حياتها‭ ‬ومصدر‭ ‬سعادتها‭ ‬الوحيد‭ ‬أصبح‭ ‬أو‭ ‬سيصبح‭ ‬لغيرها،‭ ‬صعقت،‭ ‬ذبلت‭ ‬مرضت‭ ‬المسكينة‭.‬

فوجئت‭ ‬منذ‭ ‬أيام‭ ‬بصديقتي‭ ‬تخبرني‭ ‬بأنها‭ ‬ستسافر‭ ‬مع‭ ‬أختها‭ ‬للعلاج‭ ‬ولفترة‭ ‬طويلة‭ ‬فسألتها‭ ‬باستغراب‭ ‬وهبل‭ ‬لماذا؟‭ ‬قالت‭ ‬لقد‭ ‬أصابها‭ ‬المرض‭ ‬الخبيث‭ ‬ويقول‭ ‬الأطباء‭ ‬إنه‭ ‬من‭ ‬النوع‭ ‬الشرس‭ ‬الذي‭ ‬يأكلها‭ ‬من‭ ‬الداخل‭ ‬بسبب‭ ‬نفسيتها‭ ‬السيئة‭ ‬وانه‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬علاج‭ ‬كيماوي‭ ‬مكثف‭ ‬لإيقاف‭ ‬انتشاره‭!! ‬

لن‭ ‬أنكر‭ ‬أنني‭ ‬صعقت‭ ‬كيف‭ ‬حدث‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬غضون‭ ‬أشهر‭ ‬قليلة،‭ ‬حيث‭ ‬انني‭ ‬التقيت‭ ‬بأختها‭ ‬منذ‭ ‬4‭ ‬أشهر‭ ‬فقط‭ ‬وكانت‭ ‬في‭ ‬غاية‭ ‬الجمال‭ ‬والحيوية‭ ‬والنشاط‭ ‬مليئة‭ ‬بالحب‭ ‬والأمل؟‭ ‬لماذا‭ ‬انطفأ‭ ‬حب‭ ‬الحياة‭ ‬في‭ ‬روحها‭ ‬لهذه‭ ‬الدرجة؟‭ ‬لمن‭ ‬ستترك‭ ‬أولادها‭ ‬المراهقين؟‭ ‬ولماذا‭ ‬يكون‭ ‬زوجها‭ ‬هو‭ ‬الهدف‭ ‬أو‭ ‬المصدر‭ ‬الوحيد‭ ‬لسعادتها؟؟‭ ‬لماذا‭ ‬تسمح‭ ‬لإنسان‭ ‬خائن‭ ‬أن‭ ‬يدمرها‭ ‬لهذه‭ ‬الدرجة؟

نفس‭ ‬الصدمة‭ ‬حدثت‭ ‬لي‭ ‬عندما‭ ‬سمعت‭ ‬عن‭ ‬صديق‭ ‬عزيز‭ ‬وإنسان‭ ‬جدا‭ ‬محترم‭ ‬تعرض‭ ‬مؤخرا‭ ‬لوعكة‭ ‬صحية‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬إصابته‭ ‬بجلطة‭ ‬وغيبوبة‭ ‬ويقولون‭ ‬ان‭ ‬السبب‭ ‬هو‭ ‬استغناء‭ ‬جهة‭ ‬عمله‭ ‬عنه‭ ‬مع‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬مخلصاً‭ ‬ومتفانياً‭ ‬في‭ ‬عمله‭ ‬جدا‭.‬

المشكلة‭ ‬أننا‭ ‬أصبحنا‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬كريه،‭ ‬وأصبحت‭ ‬نصائحنا‭ ‬غريبة،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬الإخلاص‭ ‬والحب‭ ‬والتفاني‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬لا‭ ‬يقدر‭ ‬أبدا،‭ ‬لذلك‭ ‬يجب‭ ‬ألا‭ ‬نتوقع‭ ‬ولا‭ ‬نزعل‭ ‬عندما‭ ‬نعمل‭ ‬في‭ ‬وزارة‭ ‬او‭ ‬شركة‭ ‬مدة‭ ‬تزيد‭ ‬على‭ ‬30‭ ‬سنة‭ ‬ثم‭ ‬نخرج‭ ‬منها‭ ‬بكل‭ ‬سهولة‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬كلمة‭ ‬تقدير‭ ‬واحدة،‭ ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬نتوقع‭ ‬أنه‭ ‬مهما‭ ‬عملنا‭ ‬واحببنا‭ ‬وأخلصنا‭ ‬فمن‭ ‬الممكن‭ ‬الاستغناء‭ ‬عنا‭ ‬بكل‭ ‬سهولة‭ ‬لمصلحة‭ ‬العمل‭ ‬أو‭ ‬لأي‭ ‬مصلحة‭ ‬شخصية‭.‬

لذلك‭ ‬أنصحكم‭ ‬وكلي‭ ‬أسف،‭ ‬ألا‭ ‬تخلصوا‭ ‬كثيرا‭ ‬في‭ ‬حبكم‭ ‬لأصدقائكم‭ ‬أو‭ ‬أعمالكم‭ ‬ولا‭ ‬تتوقعوا‭ ‬التقدير‭ ‬الجميل،‭ ‬وضعوا‭ ‬لأنفسكم‭ ‬أهدافا‭ ‬أخرى‭ ‬للسعادة‭ ‬كي‭ ‬لا‭ ‬تفقدوا‭ ‬صحتكم‭ ‬وحياتكم‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬حب‭ ‬ممكن‭ ‬أن‭ ‬يتغير‭ ‬عبر‭ ‬الزمن‭. ‬فالقهر‭ ‬من‭ ‬الخذلان‭ ‬أمر‭ ‬بشع،‭ ‬لذلك‭ ‬أكرر‭.. ‬لا‭ ‬ترفعوا‭ ‬سقف‭ ‬توقعاتكم‭ ‬لأي‭ ‬شخص‭ ‬مهما‭ ‬كان‭.‬

إقرأ أيضا لـ"وفاء جناحي"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا