العدد : ١٧٠٨١ - السبت ٢٨ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٧ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٨١ - السبت ٢٨ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٧ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

الكواليس

وفاء جناحي

waffajanahi@gmail.com

عودة للمسلسلات الخربوطة

عودة‭ ‬للمسلسلات‭ ‬الخليجية‭ ‬ذات‭ ‬الأفكار‭ (‬الخربوطة‭)‬،‭ ‬ومحاولة‭ ‬غرس‭ ‬أفكار‭ ‬بالية‭ ‬ومستهلكة‭ ‬لمجتمع‭ ‬ذكوري‭ ‬بحت‭.‬

شاهدت‭ ‬بعض‭ ‬اللقطات‭ ‬من‭ ‬مسلسل‭ (‬يازعم‭) ‬مكسر‭ ‬الدنيا‭ ‬حاليا‭ ‬في‭ ‬السوشيال‭ ‬ميديا،‭ (‬لن‭ ‬أذكر‭ ‬اسمه‭ ‬لأنه‭ ‬لا‭ ‬يستاهل‭) ‬كل‭ ‬الأبطال‭ ‬الرجال‭ ‬فيه‭ ‬خونة‭ ‬وأنذال‭ ‬ولعب‭ ‬وشرب‭ ‬وعربدة‭ ‬وكأن‭ ‬هذه‭ ‬الشخصية‭ ‬العادية‭ ‬والطبيعية‭ ‬لكل‭ ‬الرجال،‭ ‬والنساء‭ ‬المفروض‭ ‬أنهن عصماوات‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬خطأ‭ ‬طول‭ ‬العمر‭.‬

البطلة‭ ‬لها‭ ‬ماض‭ ‬واحد‭ ‬أسود،‭ ‬حبت‭ ‬واحد‭ ‬واستغلها‭ ‬وصورها‭ ‬لكنها‭ ‬بعد‭ ‬ان‭ ‬تزوجت‭ ‬أحبت‭ ‬زوجها‭ ‬وصانته‭ ‬وصانت‭ ‬بيته‭ ‬وعرضه‭ ‬وربت‭ ‬ابنته‭ ‬على‭ ‬الصراط‭ ‬المستقيم‭ ‬وأصبحت‭ ‬نعم‭ ‬الزوجة‭ ‬والأم‭ ‬أما‭ ‬زوجها‭ ‬الدكتور‭ ‬فهو‭ ‬راعي‭ ‬ماض‭ ‬أسود‭ (‬عادي‭ ‬الريال‭ ‬ما‭ ‬يعيبه‭ ‬شيء‭) ‬والمصيبة‭ ‬أنه‭ ‬راعي‭ ‬حاضر‭ ‬حالك‭ ‬السواد‭ ‬فحم،‭ ‬ويعيش‭ ‬قصة‭ ‬حب‭ ‬جديدة‭ ‬مع‭ ‬زميلته‭ ‬في‭ ‬العيادة،‭ ‬لكنه‭ ‬لما‭ ‬اكتشف‭ ‬ماضي‭ ‬زوجته‭ ‬وغلطتها‭ ‬الوحيدة‭ ‬هاج‭ ‬وغار‭ ‬وغضب‭ ‬ولم‭ ‬يسامحها‭ ‬على‭ ‬غلطتها‭ ‬الشنيعة،‭ ‬وحتى‭ ‬عندما‭ ‬حاول‭ ‬أن‭ ‬يسامحها‭ ‬أخذ‭ ‬يذلها‭ ‬ويهينها‭ ‬ويكسرها‭ ‬دوما‭ ‬ويعاقبها‭ ‬بكل‭ ‬وسائل‭ ‬التعذيب‭ ‬النفسي‭ ‬ويعايرها‭ ‬بغلطتها‭ ‬الوحيدة‭ ‬وكأنه‭ ‬ملاك‭ ‬منزل‭ ‬من‭ ‬السماء‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬أغلاط‭.‬

الكارثة‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬النوعية‭ ‬السخيفة‭ ‬من‭ ‬المسلسلات‭ ‬تحاول‭ ‬دوما‭ ‬غرس‭ ‬أفكار‭ ‬قديمة‭ ‬وخاطئة‭ ‬في‭ ‬عقول‭ ‬الناس‭ ‬بأن‭ ‬من‭ ‬حق‭ ‬الرجل‭ ‬أن‭ ‬يفعل‭ ‬كل‭ ‬أنواع‭ ‬الغلط‭ ‬بلا‭ ‬أي‭ ‬حسيب‭ ‬أو‭ ‬رقيب‭ ‬ومن‭ ‬دون‭ ‬تقديم‭ ‬أي‭ ‬مبررات‭ ‬لأنه‭ ‬رجل‭ ‬ماضيه‭ ‬الأسود‭ ‬يستطيع‭ ‬أن‭ ‬يعلنه،‭ ‬بل‭ ‬يفتخر‭ ‬به‭ ‬أمام‭ ‬كل‭ ‬الناس‭ ‬بمن‭ ‬فيهم‭ ‬زوجته‭ ‬وليس‭ ‬لها‭ ‬الحق‭ ‬أن‭ ‬تغار‭ ‬أو‭ ‬تلومه‭ ‬فهو‭ ‬رجل‭ ‬ماضيه‭ ‬فخره‭ ‬وملك‭ ‬له‭ ‬وحاضره‭ ‬أي‭ ‬خطأ‭ ‬فيه‭ ‬فهو‭ ‬نزوة‭ ‬وعلى‭ ‬الزوجة‭ ‬أن‭ ‬تسامحه‭ ‬عليه‭ ‬لتحافظ‭ ‬على‭ ‬بيتها،‭ ‬أما‭ ‬المرأة‭ ‬فلو‭ ‬أخطأت‭ ‬في‭ ‬الماضي‭ ‬أو‭ ‬الحاضر‭ ‬فقد‭ ‬حكمت‭ ‬على‭ ‬نفسها‭ ‬بالإعدام‭ ‬شنقا‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬رحمة‭.‬

الكارثة‭ ‬أننا‭ ‬كنا‭ ‬نناقش‭ ‬هذا‭ ‬الموضوع‭ ‬مع‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الصديقات‭ ‬وقالت‭ ‬إحداهن‭: ‬صج‭ ‬الرجل‭ ‬مسكين‭ ‬ما‭ ‬يقدر‭ ‬ينسى‭ ‬غلطة‭ ‬الزوجة‭ ‬كرامته‭ ‬ما‭ ‬تسمح‭ ‬له‭ ‬أصلا‭ ‬يسامحها‭ ‬لازم‭ ‬يطلقها‭! ‬فشعرت‭ ‬بغصة‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬قلبي‭ ‬كيف‭ ‬لامرأة‭ ‬مثقفة‭ ‬وأم‭ ‬تقول‭ ‬هذا‭ ‬الكلام‭ ‬وهي‭ ‬مقتنعة‭ ‬به‭ ‬وستربي‭ ‬جيلا‭ ‬بهذه‭ ‬الأفكار؟‭ ‬لماذا‭ ‬لا‭ ‬يستطيع‭ ‬حبيبتي‭ ‬هل‭ ‬الإنسان‭ ‬معصوم‭ ‬من‭ ‬الخطأ؟‭ ‬هل‭ ‬الرجل‭ ‬له‭ ‬كرامة‭ ‬والمرأة‭ ‬ليس‭ ‬لديها‭ ‬كرامة‭ ‬لتسامح‭ ‬الرجل‭ ‬على‭ ‬أخطائه؟‭ ‬هل‭ ‬الرجل‭ ‬لديه‭ ‬مشاعر‭ ‬غير‭ ‬المرأة؟‭ ‬كيف‭ ‬نبرر‭ ‬للرجل‭ ‬الخيانة‭ ‬بنزوة‭ ‬ونعاقب‭ ‬المرأة‭ ‬عليها‭ ‬بالعار‭ ‬والموت؟‭ ‬

المرأة‭ ‬أو‭ ‬الأم‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬تربي‭ ‬الرجل‭ ‬الخائن‭ ‬أو‭ ‬المخلص‭ ‬عندما‭ ‬تغرس‭ ‬فيه‭ ‬من‭ ‬طفولته‭ ‬المبادئ‭ ‬والإخلاص‭ ‬والأمانة‭ ‬وعندما‭ ‬تغرس‭ ‬الأنانية‭ ‬وحب‭ ‬الذات‭ ‬فيه‭ ‬من‭ ‬طفولته‭ ‬عندما‭ ‬تفرق‭ ‬بينه‭ ‬وبين‭ ‬أخواته‭ ‬البنات‭ ‬وتبرر‭ ‬أخطاءه‭ ‬وتشجعه‭ ‬على‭ ‬الخطأ‭ (‬والمغازل‭) ‬منذ‭ ‬الصغر‭ ‬وبأنه‭ ‬من‭ ‬حقه‭ ‬أن‭ ‬يدخل‭ ‬علاقات‭ ‬محرمة‭ ‬قبل‭ ‬الزواج‭ ‬لأنه‭ ‬ببساطة‭ (‬رجل‭).. ‬ثم‭ ‬تنتج‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬رجلا‭ ‬أنانيا‭ ‬وبنات‭ ‬متقبلات‭ ‬لفكرة‭ ‬خيانة‭ ‬الرجل‭ ‬مع‭ ‬الاسف‭ ‬الشديد‭ ‬بل‭ ‬والدفاع‭ ‬عنه‭ ‬وهذه‭ ‬هي‭ ‬الكارثة‭ ‬الحقيقية‭. ‬

رب‭ ‬العالمين‭ ‬عاقب‭ ‬الزاني‭ ‬والزانية‭ ‬بنفس‭ ‬العقاب،‭ ‬فلماذا‭ ‬نفرق‭ ‬نحن‭ ‬البشر‭ ‬بينهما؟‭ ‬رب‭ ‬العالمين‭ ‬أعطى‭ ‬نفس‭ ‬المشاعر‭ ‬للرجل‭ ‬والمرأة‭ ‬لماذا‭ ‬نفرق‭ ‬نحن‭ ‬البشر‭ ‬بينهما؟‭ ‬

رب‭ ‬العالمين‭ ‬أعطى‭ ‬للرجل‭ ‬نفس‭ ‬حقوق‭ ‬المرأة‭ ‬لماذا‭ ‬نحن‭ ‬البشر‭ ‬نفرق‭ ‬بينهما؟

إقرأ أيضا لـ"وفاء جناحي"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا