العدد : ١٧٠٨٢ - الأحد ٢٩ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٨ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٨٢ - الأحد ٢٩ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٨ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

اطلالة

هالة كمال الدين

halakamal99@hotmail.com

رهاب الامتحان

مؤخرا‭ ‬وفي‭ ‬واقعة‭ ‬غريبة‭ ‬شائنة‭ ‬تركت‭ ‬امرأة‭ ‬إيطالية‭ ‬ابنتها‭ ‬المراهقة‭ ‬على‭ ‬حافة‭ ‬طريق‭ ‬سريع‭ ‬في‭ ‬روما‭ ‬معرضة‭ ‬حياتها‭ ‬للخطر،‭ ‬والسبب‭ ‬أنها‭ ‬حصلت‭ ‬في‭ ‬مدرستها‭ ‬على‭ ‬درجات‭ ‬سيئة‭ ‬في‭ ‬مادة‭ ‬اللغة‭ ‬اللاتينية‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬أشعل‭ ‬مشاجرة‭ ‬حادة‭ ‬بينهما‭ ‬انتهت‭ ‬بإلقاء‭ ‬ابنتها‭ ‬على‭ ‬الرصيف‭ ‬بكل‭ ‬دم‭ ‬بارد‭.‬

‭ ‬فبحسب‭ ‬ما‭ ‬نشره‭ ‬موقع‭ ‬بارونز‭ ‬عثرت‭ ‬دورية‭ ‬للشرطة‭ ‬على‭ ‬فتاة‭ ‬بالغة‭ ‬من‭ ‬العمر‭ ‬16‭ ‬عاما‭ ‬وهي‭ ‬تسير‭ ‬على‭ ‬حافة‭ ‬أوتوستراد،‭ ‬وباستجوابها‭ ‬قالت‭ ‬إنها‭ ‬تشاجرت‭ ‬مع‭ ‬والدتها‭ ‬وأجبرتها‭ ‬على‭ ‬النزول‭ ‬من‭ ‬السيارة،‭ ‬لمجرد‭ ‬أنها‭ ‬حصلت‭ ‬علي‭ ‬علامة‭ ‬متدنية‭ ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬المقررات‭ ‬رغم‭ ‬تفوقها‭ ‬في‭ ‬باقي‭ ‬المواد‭ ‬الدراسية‭.‬

من‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬ظاهرة‭ ‬فوبيا‭ ‬الامتحانات‭ ‬التي‭ ‬تصيب‭ ‬الأهل‭ ‬قبل‭ ‬أبنائهم‭ ‬لا‭ ‬تقتصر‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬مجتمعاتنا‭ ‬العربية‭ ‬كما‭ ‬كنت‭ ‬أظن،‭ ‬بل‭ ‬توجد‭ ‬كذلك‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬يصفونها‭ ‬بالمتقدمة،‭ ‬فما‭ ‬إن‭ ‬تقترب‭ ‬فترة‭ ‬الاختبارات‭ ‬إلا‭ ‬وتعلن‭ ‬حالة‭ ‬طوارئ‭ ‬واستنفار‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬البيوت،‭ ‬بل‭ ‬وفي‭ ‬المجتمع‭ ‬بأكمله‭.‬

إحدى‭ ‬المعلمات‭ ‬قالت‭ ‬لي‭ ‬إنها‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬العاملين‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المهنة‭ ‬يعانون‭ ‬الأمرين‭ ‬من‭ ‬الطلاب‭ ‬والطالبات‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬وخلال‭ ‬الاختبارات‭ ‬النهائية،‭ ‬نظرا‭ ‬لتعرضهم‭ ‬إلى‭ ‬ضغوطات‭ ‬نفسية‭ ‬شديدة‭ ‬يتم‭ ‬التنفيس‭ ‬عنها‭ ‬في‭ ‬صورة‭ ‬سلوكيات‭ ‬غير‭ ‬سوية،‭ ‬وأحيانا‭ ‬عدوانية،‭ ‬بل‭ ‬وشائنة‭ ‬في‭ ‬أحيان‭ ‬أخرى،‭ ‬كالمشاجرات‭ ‬فيما‭ ‬بينهم،‭ ‬وعدم‭ ‬الانضباط‭ ‬أو‭ ‬الإنصات،‭ ‬وتجاهل‭ ‬اللوائح‭ ‬والتعليمات،‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الأمور،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تحمله‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭ ‬بحسب‭ ‬قولها‭. ‬

مؤخرا‭ ‬شاهدت‭ ‬مسلسلا‭ ‬تلفزيونيا‭ ‬يتحدث‭ ‬عن‭ ‬دوافع‭ ‬بعض‭ ‬الشباب‭ ‬لتناول‭ ‬المخدرات،‭ ‬وتم‭ ‬التطرق‭ ‬إلى‭ ‬حالة‭ ‬طالب‭ ‬لجأ‭ ‬إليها‭ ‬خوفا‭ ‬وقلقا‭ ‬من‭ ‬عدم‭   ‬إمكانية‭ ‬تحقيق‭ ‬توقعات‭ ‬الوالدين‭ ‬منه‭ ‬نظرا‭ ‬إلى‭ ‬اعتيادهما‭ ‬على‭ ‬تفوقه‭ ‬دراسيا،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬أوقعه‭ ‬تحت‭ ‬ضغوطات‭ ‬نفسية‭ ‬شديدة‭ ‬لم‭ ‬يتحملها،‭ ‬فاختار‭ ‬الغرق‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬يغيب‭ ‬فيه‭ ‬العقل‭ ‬وتذهب‭ ‬معه‭ ‬أي‭ ‬مشاعر‭ ‬سلبية‭.‬

ليت‭ ‬الأهالي‭ ‬يعون‭ ‬أنهم‭ ‬المسؤولون‭ ‬بالدرجة‭ ‬الأولى‭ ‬عن‭ ‬إصابة‭ ‬أبنائهم‭ ‬الطلاب‭ ‬بالتوتر‭ ‬والقلق‭ ‬والشعور‭ ‬بالضغط‭ ‬العصبي‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬فقدان‭ ‬التركيز‭ ‬مع‭ ‬اقتراب‭ ‬فترة‭ ‬الامتحانات،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يؤثر‭ ‬في‭ ‬أدائهم‭ ‬في‭ ‬الامتحانات،‭ ‬بل‭ ‬وتعرضهم‭ ‬إلى‭ ‬تغيرات‭ ‬حادة‭ ‬ومزمنة‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬معينة‭ ‬في‭ ‬الدماغ‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تسبب‭ ‬تلفا‭ ‬طويل‭ ‬الأمد‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬إضعاف‭ ‬الاسترجاع‭ ‬للذاكرة‭ ‬وذلك‭ ‬بحسب‭ ‬ما‭ ‬يؤكده‭ ‬المختصون‭ ‬في‭ ‬علم‭ ‬النفس‭. ‬

من‭ ‬هنا‭ ‬يجب‭ ‬تأكيد‭ ‬دور‭ ‬الآباء‭ ‬في‭ ‬مساعدة‭ ‬أبنائهم‭ ‬علي‭ ‬المرور‭ ‬بسلام‭ ‬من‭ ‬فترة‭ ‬الامتحانات‭ ‬بتمتعهم‭ ‬بالهدوء‭ ‬وبضبط‭ ‬الأعصاب،‭ ‬وبتقديم‭ ‬الدعم‭ ‬النفسي‭ ‬اللازم‭ ‬لهم‭ ‬خلال‭ ‬هذه‭ ‬الفترة‭ ‬الصعبة‭ ‬والحرجة،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬نقطة‭ ‬أخري‭ ‬غاية‭ ‬في‭ ‬الأهمية‭ ‬ألا‭ ‬وهي‭ ‬ضرورة‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬إعادة‭ ‬هيكلة‭ ‬نظام‭ ‬التعليم‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬بمشاركة‭ ‬أخصائيين‭ ‬نفسيين‭.‬

لقد‭ ‬آن‭ ‬الأوان‭ ‬للتخلص‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬النظريات‭ ‬التي‭ ‬نشأنا‭ ‬على‭ ‬ترديدها‭ ‬وحفظها‭ ‬والكفيلة‭ ‬بترهيب‭ ‬الطالب‭ ‬خلال‭ ‬فترة‭ ‬الامتحانات،‭ ‬منها‭ ‬مبدأ‭ ‬‮«‬عند‭ ‬الامتحان‭ ‬يكرم‭ ‬المرء‭ ‬أو‭ ‬يهان‮»‬‭ ‬أو‭ ‬‮«‬ما‭ ‬فرح‭ ‬مكلل‭ ‬بنجاح‭ ‬أو‭ ‬رسوب‭ ‬تنكس‭ ‬له‭ ‬الرؤوس‮»‬،‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬المقولات‭ ‬المحبطة‭ ‬المميتة‭ ‬نفسيا‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الأحيان،‭ ‬فلم‭ ‬يعد‭ ‬العصر‭ ‬كسابقه‭ ‬،‭ ‬ولم‭ ‬يعد‭ ‬طلابه‭ ‬كما‭ ‬كنا‭ ‬نحن‭!!‬

إقرأ أيضا لـ"هالة كمال الدين"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا